خاص: كتبت- نشوى الحفني:
ما بين التهديدات وفرض العقوبات؛ واستباقًا للمحادثات “الأميركية-الإيرانية” التي تستّضيفها “سلطنة عُمان”، والتي ستتناول النزاع الطويل بين “إيران” والغرب بشأن برنامج “طهران” النووي، هدّد الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، الخميس، مجددًا باستخدام القوة العسكرية ضد “إيران”، حال فشلت المحادثات في التوصل إلى اتفاق.
وأكد “ترمب”؛ في تصريحات صحافية، أن: “العمل العسكري ضد إيران ممكن تمامًا؛ حال فشلت المحادثات في التوصل إلى اتفاق”.
وأشار إلى أنه: “ليس هناك متسَّعٍ من الوقت للتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني”، مشددًا على أنه: “لا يمكن السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي”.
وأضاف: “إذا تطلب الأمر تدخلًا عسكريًا، فسيكون هناك تدخل عسكري. وإسرائيل، بطبيعة الحال، ستكون مشاركة بقوة في ذلك، وفي مركز القيادة”.
عقوبات أميركية جديدة..
وكانت “واشنطن” قد فرضت عقوبات جديدة، الأربعاء، على “إيران” بسبب ملفها النووي، مستَّبقة بذلك المفاوضات المَّقررة بين الجانبين، السبت المقبل.
وأعلنت “وزارة الخزانة” الأميركية فرض العقوبات على “إيران”، بعد يومين من إعلان الرئيس؛ “ترمب”، عزم “الولايات المتحدة” إجراء محادثات مباشرة مع “طهران” بشأن برنامجها النووي.
وقالت الوزارة، في بيان؛ إن العقوبات تستهدف خمس كيانات، إضافة إلى شخصٍ واحد في “إيران”، لدعمهم البرنامج النووي لـ”طهران”، مؤكدة أن العقوبات تهدف إلى منع “طهران” من امتلاك سلاح نووي.
وأوضحت أن الكيانات المستَّهدفة تشمل “منظمة الطاقة الذرية الإيرانية” وشركة تكنولوجيا الطرد المركزي التابعة لها.
أما الشخص المستَّهدف بالعقوبات الجديدة، فهو: “مجيد مسلط”، العضو المنتدب لشركة (أتبين إيستا) للتكنولوجيا والهندسة، التي ذكرت “وزارة الخزانة” الأميركية أنها تُساعد شركة تكنولوجيا الطرد المركزي في الحصول على مكونات من موردين أجانب.
وقال وزير الخزانة الأميركي؛ “سكوت بيسنت”، في البيان: “سعي النظام الإيراني المحموم لامتلاك أسلحة نووية لا يزال يُشكل تهديدًا خطيرًا للولايات المتحدة، وتهديدًا للاستقرار الإقليمي والأمن العالمي”.
وتأتي هذه العقوبات بعد تعليقات مفاجئة لـ”ترمب”، يوم الإثنين الماضي، أعلن خلالها أن “الولايات المتحدة” و”إيران” ستُجريان محادثات مباشرة بشأن البرنامج النووي الإيراني، يوم السبت المقبل، في “سلطنة عُمان”، لكن وزير الخارجية الإيراني قال؛ في وقتٍ لاحق، إن المناقشات في “عُمان” ستكون غير مباشرة.
ارتفاع الريال والبورصة الإيرانية..
وفي تقرير لـ (رويترز)، تحدثت خلاله مع مواطنين إيرانيين عبر الهاتف، ظلوا متشائمين بشأن المستقبل. لكن حتى الفرصة الضئيلة السانحة للتوصل إلى اتفاق مع رئيس أميركي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، والذي كثيرًا ما تفاخر بمهاراته التفاوضية، أعطت بعضهم القليل من التفاؤل.
ومع إعلان “ترمب” المحادثات؛ يوم الإثنين، وبحلول الأربعاء، ارتفعت قيمة الريال الإيراني، الذي هبط إلى مستوى قياسي منخفض بلغ (1.050.000) مقابل الدولار، والذي غالبًا ما تتأثر قيمته بالتحولات الجيوسياسية في “إيران”، ارتفاعًا طفيفًا إلى (999.000) مقابل الدولار.
كما ارتفعت “بورصة طهران” بنسبة: (2.16%)، الثلاثاء، وهو أفضل أداء منذ كانون ثان/يناير الماضي، مع تحول المستثمرين من الملاذات الآمنة في الذهب والعُملات الأجنبية إلى الأسهم المحلية. وارتفعت السوق بنسبة: (1.1%) أخرى في التعاملات المبكرة أمس الأربعاء.
قال “أمير حميديان”؛ وهو موظف حكومي متقاعد في “طهران”: “عانينا لسنوات من هذا النزاع. حان الوقت لإنهاء هذه المواجهة. نُريد أن نعيش حياة طبيعية دون عداوات ودون ضغوط اقتصادية على وجه الخصوص”.
وأضاف “حميديان”؛ وهو أب لثلاثة يُعادل راتبه الشهري نحو (120) دولارًا: “لا أريد أن تتعرض بلادي للقصف… الحياة مكلفة للغاية بالفعل. قوتي الشرائية تتقلص كل يوم”.
قال أربعة مسؤولين إيرانيين؛ لـ (رويترز)، في آذار/مارس الماضي، إنه على الرُغم من خطابها المتشدَّد، تشعر المؤسسة الدينية في “إيران” بأنها مضطرة للموافقة على المحادثات بسبب مخاوف من أن يؤدي الغضب من تدهور الاقتصاد إلى اندلاع احتجاجات.
تشّكيك في نتائج المحادثات..
يُشّكك العديد من المواطنين الإيرانيين في أن تأتي المحادثات بنتائج بعدما شهدوا جهودًا متكررة غير مثمرة لحل الأزمة بين الحكومة والغرب.
عبرت “مينو”؛ (32 عامًا)، وهي ربة منزل وأم لطفلين من مدينة “أصفهان” بوسط البلاد، عن تشاؤمها.
وقالت: “لن يكون هناك اتفاق. هناك فجوة كبيرة بين الجانبين. ترمب سيقصفنا. ماذا نفعل ؟ إلى أين نذهب ؟ سحبت كل مدخراتي من البنك ليكون معي بعض النقود في المنزل إذا هاجمت الولايات المتحدة أو إسرائيل إيران”.
المشكلات الاقتصادية أصعب..
أعلن “ترمب” أنه سيتبع مجددًا سياسة “أقصى الضغوط” مع “إيران”، وهي سياسة أسهمت خلال ولايته الأولى بين عامي (2017 و2021) في وضع الاقتصاد الإيراني على شفا الانهيار عن طريق فرض عقوبات على صادرات النفط، رُغم أن “طهران” وجدت طرقًا للتهرب من الحظر.
أقر الرئيس الإيراني؛ “مسعود بزشكيان”، في وقتٍ سابق، بأن العقوبات جعلت مشكلات البلاد الاقتصادية أصعب مما كانت عليه خلال الحرب “الإيرانية-العراقية” في ثمانينيات القرن الماضي.
ويُنظم إيرانيون مظاهرات بين فترة وأخرى منذ 2017؛ احتجاجًا على تدني مستويات المعيشة وللمطالبة “بتغيير النظام”.
تنازلات كبيرة من جانب “طهران”..
ويعتقد الخبراء أن أي اتفاق جديد مع “الولايات المتحدة” قد ينطوي على تنازلات كبيرة من “طهران”، قد يجدها بعض المتشدّدين ثقيلة.
ويرى الخبراء أن موقف “إيران”؛ اليوم، بات مختلفًا عن السابق، فهي تُعاني من انتكاسات كبيرة بسبب خسائر الأشهر الأخيرة المتمثلة في ضعف ميليشياتها بسبب الحرب مع “إسرائيل”، والإطاحة بحليفها الإقليمي؛ “بشار الأسد”، مما جعل بعض المتشدّدين في “طهران” ينادون بضرورة تسريع الردع النووي.
وتلك الرغبة لن تصَّمد أمام تهديد “الولايات المتحدة”؛ التي أوضحت رغبتها في التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك الوقف التام لأي تخصّيب لـ (اليورانيوم)، بالإضافة إلى وقف دعم (حزب الله) في “لبنان” و(الحوثيين) في “اليمن”.
ويقول الخبراء إن قبول تلك المطالب قد يُشكل عبئًا ثقيلًا على “إيران”، فلطالما اعتُبر الحظر الكامل لأي تخصّيب نووي – حتى للأغراض المدنية – خطًا أحمر بالنسبة لـ”طهران”.
كما أن هناك مشكلة الخبرة التكنولوجية الإيرانية؛ فعلماؤها ببساطة يعرفون الآن عن كيفية صنع سلاح نووي أكثر مما كانوا يعرفونه قبل (10) سنوات، وتلك الجزئية تُشّكل عقبة دائمة أمام تحقيق طموحات “الولايات المتحدة”.
إذا فشلت المحادثات..
وفي حال فشل المحادثات بين الطرفين، يعتقد الخبراء بدخول “إسرائيل” على الخط بتنفيذ ضربات عسكرية لمحاولة تدمير القدرات النووية الإيرانية، لكن ذلك الخيار قد لا يكون ناجعًا بالمطلق، في ظل التحصينات الكبيرة للمفاعلات النووية الإيرانية الموجودة في مخابيء عميقة تحت الأرض.
ويقول محللون عسكريون إن “إسرائيل” لن تحتاج فقط إلى مساعدة أميركية لقصف “إيران”، بل قد تحتاج أيضًا إلى قوات خاصة على الأرض لضمان تدمير منشآتها النووية، وهذا يعني أن العمل العسكري سيكون محفوفًا بالمخاطر، ونجاحه غير مضمون بأي حال من الأحوال.
وكما تعهد “ترمب”، الذي افتتح عهده الثاني، بشعار عدم إشعال المزيد من “الحروب الأبدية”، قد يتحول التوتر الأميركي مع “إيران” إلى صراع إقليمي شامل، وهذا جعل “ترمب” يتمسك بالحل الدبلوماسي رغم معارضة “إسرائيل”، التي قد تُجبّر على قبوله كأمر واقع، بغض النظر عن بنوده.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، قد قال الثلاثاء، إنه يجب اللجوء للخيار العسكري ضد “إيران” إذا طالت المفاوضات معها على برنامجها النووي، وأن أي اتفاق يجب أن يتضمن تفجير منشآتها النووية.
ولكن إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في غضون شهرين كما يطمح “ترمب”، فإنه يحتفظ بحق استخدام القوة، الأمر الذي قد تكون عواقبه وخيمة.
ويُشيّر المحللون إلى أن تلك المدة غير كافية، وعلى “ترمب” النظر للخلف قليلًا لإدراك حقيقة أن الاتفاق الشامل مع “إيران” استغرق من المفاوضين عامين كاملين.