خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يلجأ العراقيون، بموازاة احتجاجاتهم المستمرة ضد الطبقة الحاكمة والنفوذ الإيراني؛ إلى سلاح “المقاطعة” في تأكيد رفض الشارع لاستغلال النظام الإيراني لبلادهم سياسيًا واقتصاديًا.
وأطلق ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي، (فيس بوك)، حملة (صنع في العراق)؛ مخصصة لدعم المنتجات العراقية، الغاية من ذلك، بحسب القائمين على الحملة، هو توعية المواطنين بأهمية دعم المنتجات الوطنية بجميع المجالات وفتح المجال أمامها ودعمها وعدم إقتناء أي منتج غير محلي.
مسؤولة بريطانية تشجع المنتج العراقي..
وتناقل ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي، أمس الإثنين، صورًا لممثلة “المجلس البريطاني” في العراق، “فيكتوريا لايندسي”، وهي تتبضع منتوجات عراقية من أحد مراكز التسوق، في “بغداد”، لتنضم لحملة دعم المنتج الوطني.
ونالت الصور إعجاب وتفاعل المئات من العراقيين المتابعين عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
كما تداول نشطاء على (تويتر) فيديوهات توثق عمليات احتيال من بعض أصحاب مصانع المنتجات الإيرانية؛ الذين لجأوا إلى تدليس مغلفات بضائعهم عبر كتابة (صنع في العراق) حتى لا يتم مقاطعتها.
الصادرات جارية دون إنقطاع وانخفاضها في الجنوب..
والسبت الماضي، أعلن رئيس غرفة التجارة الإيرانية العراقية المشتركة؛ أن صادرات السلع للسوق العراقية جارية دون إنقطاع ولا قلق يعتريها في ظل الأحداث التي يشهدها البلد الجار.
وأوضح “يحيى آل إسحاق”، في تصريح لوكالة أنباء (فارس)؛ أن العلاقات التجارية البينية متنامية، بالرغم من الاضطرابات الداخلية القائمة، غير أن الشعب العراقي يرفض بطبيعته هذه الأوضاع التي تتجه نحو التهدئة.
وأشار إلى أن صادرات السلع الإيرانية في الظروف التي يشهدها “العراق”، لم تنخفض بشكل ملحوظ، وعملية التدفق السلع بين الجانبين جارية على قدم وساق، وبشكل عام لا قلق بهذا الشأن.
ونوه “آل إسحاق” إلى أن الصادرات السلعية الإيرانية لـ”العراق” سجلت 13 مليار دولار في السنة المالية المنتهية، 20 آذار/مارس 2019، مؤكدًا على إمكانية تحقيق المستوى المستهدف للحجم التجاري البالغ 20 مليار دولار.
فيما أعلن عن انخفاض حجم صادرات السلع لمناطق جنوب “العراق” إلى ثمانية مليارات دولار خلال تسعة أشهر.
ولفت “آل إسحاق”، إلى أن حجم الصادرات لمناطق جنوب “العراق” يشهد انخفاضًا حاليًا، في مقابل ارتفاع بسيط لـ”إقليم كُردستان”.
لن تتأثر التجارة بين البلدين..
وعن العلاقات الاقتصادية بين “العراق” و”إيران”؛ في ظل الظروف التي يشهدها “العراق”، يقول الخبير الاقتصادي، “صالح الهماشي”: “لا أعتقد أن تجارة العراق مع إيران ستتأثر بشكل كبير بالأوضاع الجارية في البلاد، ذلك أنه لا توجد بدائل كثيرة للسلع الإيرانية، ربما يقتصر موضوع البدائل على السلع الغذائية فقط وبعض المنتجات الزراعية”.
وأضاف “الهماشي”: “عندما رفع شعار تشجيع الصناعة الوطنية، لم يكن المقصود فيها تشجيع الصناعة البديلة عن المنتجات الإيرانية، وكذلك لم يكن للترويج لصناعات أخرى تركية أو ما شابه، وتشجيع الصناعة الوطنية يؤثر بشكل أو بآخر على مسألة المواد الغذائية المستوردة بشكل عام، ومنها الإيرانية، كما أن نسبة استيراد المواد الغذائية من إيران لا تتجاوز العشرة بالمئة من مجموع استيراد العراق من هذا البلد، ولا تتجاوز نسبتها العشرين بالمئة من مجموع الاستيراد من باقي دول العالم، يضاف إلى ذلك أن بعض المحاصيل الزراعية لا تتوفر في العراق، على اعتبار أن الزراعة في العراق موسمية”.
وأوضح أن: “هناك بعض السلع الإيرانية التي يستوردها العراق لا توجد لها بدائل، كصناعة السيارات والأدوات الاحتياطية، فقط الذي يتأثر بهذا الموضوع الصناعات الغذائية والمنتجات الزراعية، ذلك لوجود بدائل، أما قطاع الكماليات والإنشائيات والميكانيكي والكهربائي، فسوف لن يتأثر كثيرًا، إلا إذا تدخلت الحكومة بقرارات معينة”.
لن يكون الأمر سهلًا إن لم يوجد استبدال للمنتجات..
من جهته؛ يقول الباحث في معهد الدراسات الإقليمية والدولية في السليمانية بشمال العراق، “أحمد الطبقجلي”: “نحن كبلد نستورد كل شيء تقريبًا. لدينا إنتاج محلي، ولكنه إما صناعات صغيرة، أو غير مربحة”.
ويضيف: “مشكلتنا أنه ليس لدينا قطاعنا الخاص لتلبية احتياجاتنا الأساسية التي تبدأ من المواد الغذائية وصعودًا”.
ويعتبر “الطبقجلي”، أنه: “وإن كان ممكنًا استبدال منتجات دول أخرى بالمنتجات الإيرانية في الأسواق مثلاً، فإن الأمر لن يكون سهلاً. فتركيا على سبيل المثال تستطيع تلبية الاحتياجات اليومية من ألبان وأجبان للعراق، أو الأردن، أو السعودية، لكن المطلب بأن يكون البديل عراقيًا، أمر صعب ضمن فترة قصيرة. وهناك أيضًا مسألة الأسعار، لأن المنتج المحلي ليس بأسعار تنافسية، بل أعلى وأحيانًا بأضعاف من المنتجات المستوردة، الإيرانية وغيرها”.
ويلفت “الطبقجلي” إلى أن “العراق” لا يمكنه طرح أسعار تنافس الدول المصدرة، إذ إن “إيران” و”تركيا” خصوصًا، لديهما تدهور في العُملة.
أسباب تردي الصناعة والمنتج المحلي..
وفي مقال لـ”بشار العايد”، في موقع (صوت العراق)؛ ذكر أن مجمل أسباب تردي الصناعة والمنتج الداخلي، والذي يمكن إيجاد حلول واقعية للنهوض به وحل الكثير من المشكلات في “العراق”؛ هي :
- إهمال إعادة وتأهيل المصانع والمعامل، والتي من خلالها يمكن خلق فرص عمل وطرح الإنتاج الوطني داخليًا وخارجيًا.
- إعتماد الدولة على الصادرات النفطية فقط.
- عدم إيجاد حلول لواقع تزويد المعامل والمصانع بالطاقة الكهربائية.
- عدم إيجاد ترشيد وخطط ناجحة للاستفادة من مناسيب مياه “دجلة” و”الفرات” للقطاع الزراعي.
- إختصار وضعف الإنتاج وقلة التمويل؛ لها السبب الأكبر لترك المعامل المحلية وإتجاه أصحابها إلى مهن أخرى.
- غياب الثروة الحيوانية والمزارع الصالحة للزراعة وتوفير بيئة صالحة للإنتاج الزراعي والحيواني؛ مما يساهم في تشجيع الأيادي العاملة وتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل.
- عدم دعم الإنتاج المحلي من قِبل المواطنين وشراء المنتج الأجنبي وكثرة الطلب عليه؛ يساعد في طلب استيراده.
- إهمال الجانب الاقتصادي من قِبل الحكومة المحلية، وعدم التسويق لمنتجاته المحلية وتطويرها من خلال شراء الآلات والمعدات التي تساهم في زيادة الإنتاج.
- عدم متابعة الأراضي الزراعية والإهتمام بها ومعالجتها بالمبيدات ولزيادة الإنتاج ومنع بيع الأراضي الزراعية المخصصة للزراعة.
كيفية المعالجة..
وأوضح “العايد” أن مجمل هذه الأسباب الرئيسة يمكن معالجتها وحلها وتقويم الحالة الاقتصادية بإصدار قرارات وطنية جريئة ووضع خطط مناسبة للنهوض بالواقع الاقتصادي ودعم المنتج المحلي، ومحاربة الاستيراد الخارجي في وضع قيود وقوانين تحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي حولت الدولة العراقية إلى أكبر مستهلك عالمي.
مضيفًا: “نحن اليوم في أمس الحاجة إلى حملة وطنية ثقافية وإعلامية تدعو إلى ثقافة، (صنع في العراق)، تلك الثقافة التي أفقدتنا هويتنا الحضارية والثقافية في العلم والمعرفة والإنتاج على كافة المستويات، والعراق هو مهد الرسالة والحضارة والإبداع”.