خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
ينطوي القطب الشمالي على احتياطيات هائلة من المواد المعدنية والفلزات القيمة والأحجار النفيسة، بخلاف اكتشاف آبار النفط والغاز والتي تناهز؛ وفق المعطيات حوالي: 61% من مساحة القطب الشمالي، منها: 43% بدولة “روسيا”، و11% بـ”كندا”، و6% بـ”آلاسكا”، و1% بـ”النرويج”.
وتقع دول: “كندا، والدانمارك، وفنلاندا، وأيسلندا، والنرويج، وروسيا، والسويد، والولايات المتحدة”؛ في منطقة القطب الشمالي، وتدعي “روسيا، والولايات المتحدة، والنرويج، والدنمارك، وكندا ملطية”؛ أجزاء من القطب الشمالي.
لكن تسبب رفع العلم الروسي في عمق القطب الشمالي، في احتدام المنافسات؛ بحيث أوفدت “الدنمارك” مجموعة من المستكشفين إلى عمق مياه القطب الشمالي المتجمدة ورفع خريطة عن العمق المائي تدعم الإدعاءات الدنماركية في ملكية أجزاء من هذه المنطقة، وذلك بعد 10 أيام فقط على إرسال البعثة الروسية. بحسب “مريم وريج كاظمي”؛ في تقريره على موقع (مركز دراسات السلام الدولي) الإيراني.
ذوبان الثلوج..
مع هذا؛ فسوف تحتدم المنافسات الشديدة في هذه المنطقة بذوبان الثلوج القطبية، علمًا أن التغيرات الإقليمية التي ساهمت في انحسار الثلوج القطبية قد تُزيد من الاضطرابات في القطب الشمالي، وتُفضي إلى الصراع على المسارات “التجارية-البحرية” وإدعاء ملكية الاحتياطات غير المستكشفة، لاسيما في المناطق مجهولة الحدود.
في الإطار ذاته، المناقشات حول المحافظة على الحدود المائية للدول، وإدارة الملاحة وجهود تقنين الصيد غير القانوني؛ من جملة النزاعات المستقبلية التي قد تندلع في هذه المنطقة. وسوف يرتبط الحافظ على الحقول النفطية والغازية بالقوى البحرية والحدودية القوية على نحو متزايد.
وبالتالي من غير المستبعد أن تندلع الصراعات بين دول المنطقة القطبية للسيطرة على مصادر الطاقة.
منافسة “روسية-أميركية”..
ويعكس مجموع هذه التحركات؛ بلورة مشهد عملياتي في إطار المنافسة القوية بين “روسيا” وباقي الدول المطلة على “المحيط الشمالي” المتجمد للسيطرة على الاحتياطيات النفطية والغازية.
من ثم تتبنى “الولايات المتحدة” سياسة في المياه الشمالية تراعي الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية. وتحرص “الولايات المتحدة” على توطيد الصلات “العسكرية-الاقتصادية” مع دول القطبية: كـ”النرويج وكندا” وتنفيذ مناورات عسكرية سنوية مع هذه الدول، وتعمل من جهة أخرى على مراقبة التحركات الروسية في هذه المنطقة.
وفضلًا عن الوجود العسكري الروسي والأميركي في القطب الشمالي، تنشط قوات “حلف شمال الأطلسي”؛ في هذه المنطقة أيضًا. والجزء الرئيس من منشآت الـ (ناتو) تتركز في “النرويج”؛ بينما تتوزع باقي المنشآت وعددها محدود بين: “آيسلندا وآلاسكا”.
وعلى المدى المتوسط والطويل تستطيع “الولايات المتحدة”، بالدرجة الأولى؛ رفع مستوى وجودها في المنطقة بشكل ملفت. ولو اتخذت القيادة الأميركية قرار تدعيم وتقوية أسطول تحطيم الثلوج، فسيكون من السهل بناء قواعد وتوفير الدعم في جزر القطب الشمالي الكندي، بل إن الـ (ناتو) يستطيع في الوقت الراهن تعزيز قواته ومعداته العسكرية عن طريق القوات الجوية الموجودة بالمنطقة.
وهناك مقدمات تهدف إلى زيادة عدد القوات البحرية، وسوف يتشكل عماد هذه القوات من الأسطول الثاني التابع للبحرية الأميركية، بعد إحياءه، في العام 2018م، للقيام بمهام شمالي المحيط الأطلسي ومنها القطب الشمالي.
“الصين” حاضرة..
وبالنسبة للتجهيزات العسكرية الروسية الجديدة في القطب الشمالي؛ يمكن الإشارة إلى الاستقرار المحتمل لحاملات الأسلحة النووية.
وفي ظل الأجواء الراهنة؛ وبالنظر إلى أهمية المعلومات في اتخاذ بعض القرارات السياسية والعسكرية. والحقيقة أن الأخبار المتعلقة باحتمال توطين أجزاء من القوة النووية الإستراتيجية الروسية في القطب الشمالي؛ قد تؤدي إلى خلفية سياسية محددة تسهل الطرق على قيادات الـ (ناتو) وتبرير نشاطها العسكري في المنطقة وتوسيع نطاق هذه الأنشطة.
و”الصين”؛ من جملة أطراف الصراع في القطب الشمالي. ووفق سياسات هذا البلد المعلنة، في العام 2018م، فهي تُدرج نفسها ضمن مجموعة الدول المهتمة بمنطقة القطب الشمالي بسبب القرب الجغرافي.
ورغم أنها دولة غير قطبية؛ لكنها تنشط بشكل كبير في منطقة القطب الشمالي. من ناحية أخرى، وبخلاف تطوير الحقول النفطية والغازية، تحرص “الصين” على تتبع المصادر المعدنية وغيرها من الطاقات غير الأحفورية، ومصايد الأسماك، والسياحة في منطقة القطب الشمالي.
وعليه فإن مبادرة “الحزام” الصيني التي تهدف إلى وصل “الصين” بـ”أوروبا والشرق الأوسط”؛ إنما تعكس رغبة صينية للقيام بدور قيادي عالمي بارز.