8 نوفمبر، 2024 7:02 ص
Search
Close this search box.

“تمور المجهول” الفلسطينية .. تقف حجر عثرة في طريق الهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية !

“تمور المجهول” الفلسطينية .. تقف حجر عثرة في طريق الهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية !

وكالات – كتابات :

تسعى “إسرائيل” إلى فرض الهيمنة الاقتصادية حول العالم من خلال استغلال الأراضي الفلسطينية المحتلة و”هضبة الجولان”، في أحد أهم المشاريع الاستيطانية، متمثلًا في الزراعة، من خلال التركيز على عدد من المنتجات التي يُحاول الاحتلال غزو العالم بها، مثل زراعة “تمور المجهول” وأشجار “الأراك” و”اللبان”، ونجده اليوم يسعى لاستغلال “هضبة الجولان” في مشروع زراعة “الزعفران” لضرب المنتج الإيراني الشهير، ما يضعنا أمام حقيقة العولمة الاقتصادية الاحتلالية، التي تقف أمامها “التمور الفلسطينية”؛ وربما يلحق بها “الزعفران” الإيراني أيضًا.

“الأغوار” و”الجولان” محط أطماع الاحتلال منذ النكسة..

تُعد منطقة “الأغوار” الفلسطينية؛ منطقة زراعية بالدرجة الأولى، حيث تمتد على طول “الضفة الغربية” بمقربة من الحدود الأردنية مشكّلة ما يقرب من: 30% من مساحة “الضفة الغربية”، مناخها الدافيء على مدار العام جعل منها منطقة زراعية ذات اهتمام بالغ، وأهّلها أن تكون منطقة غنية بزراعة “التمور” بالدرجة الأولى علاوة على “العنب والتوابل”.

تُشكل “منطقة الأغوار” امتداد جغرافي حدودي جعلها محط أنظار الاحتلال الإسرائيلي؛ لطبيعتها المكانية الحدودية مع “الأردن”، علاوة على خصوبة التربة، وتوفر مصادر مياه هائلة، وهو ما دفع الاحتلال إلى تحويلها منطقة عسكرية للسيطرة على كافة المقدرات الزراعية الإنتاجية وتحقيق العزل الجغرافي بين “فلسطين” والمنطقة العربية.

وبالعودة إلى تاريخ “الأغوار”؛ التي تشهد صراعًا منذ حرب 1967، جراء قيام الاحتلال بفرض جملة من القيود العسكرية لإحداث متغيرات على أنماط الإنتاج الزراعي في “الأغوار”، كان أخطر السياسات هو تقليص المساحات المزروعة بالحمضيات والتحكم في مصادر المياه.

بدأت الخطوات الإسرائيلية في تأسيس المشروع الزراعي الاستيطاني الذي أنشيء على نطاقه: 37 مستوطنة زراعية لغزو المنتجات الإسرائيلية السوق الفلسطيني والعربي، مما خلق تبعية زراعية فلسطينية إلى الاقتصاد الزراعي الإسرائيلي، لتكون “التمور” محور صراع حقيقي جراء الاهتمام الإسرائيلي بـ”تمور المجهول”، بالإضافة إلى زراعة أشجار “الأراك”.

عندما احتلت القوات الإسرائيلية؛ “هضبة الجولان” السوري؛ عام 1967، بدأت خطواتها الاحتلالية في المنطقة بإنشاء قرابة: 30 مستوطنة، يستوطنها قرابة: 22 ألف مستوطن، في وقت يسكن قرابة: 27 ألف سوري الهضبة في خمسة قرى تشمل: 5% من مساحة “الجولان”، مشكلاً عام 1981 استكمال السيطرة على “الجولان”، لتبقى التعددية السكانية معضلة أمام الاحتلال، ما دفعه إلى المضي نحو مخطط استعماري آخر، قائم على تحويل “الجولان” إلى منطقة استثمارية اقتصادية تدعم المشاريع الاستيطانية واحتياجات المستوطنين داخل الأراضي المحتلة.

وتظهر معالم المخطط الاستيطاني الإسرائيلي في “الجولان”؛ عبر تعزيز الدور الزراعي، مستغلين طبيعته البركانية التي تمتاز بخصوبة التربة، ما عزز ارتفاع معدلات استغلال الأراضي في ظل السعي إلى بلوغ عدد المستوطنات إلى: 250 ألف مستوطنة؛ مع حلول عام 2048. في وقت يستغل الاحتلال؛ “الجولان”، موردًا رئيسًا للمياه التي يُغذي بها المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لتبلغ المساحة المحتلة حاليًّا ما يتجاوز: 1150 كم2 من “الجولان” البالغ مساحته: 1860 كم2، للوقوف من وراء تلك السيطرة والهيمنة على مقدرات الهضبة على تدشين مشروع اقتصادي قائم على زراعة “الزعفران” لمنافسة “الزعفران” الإيراني !

برغم معوقات الاحتلال.. التمور الفلسطينية تصل إلى 40 دولة..

شكل عام 2009؛ صحوة فلسطينية في استغلال الأراضي الخاضعة للإدارة الفلسطينية بـ”الأغوار” لزراعة التمور الفلسطينية المعروفة: بـ”المجهول”، لتصير هذه الخطوة نواة حقبة زراعية فلسطينية جديدة، تعمل على تحويل “الأغوار” إلى كنز اقتصادي ثمين، يُساعد في تشغيل أيدي عاملة فلسطينية، بالإضافة إلى رفع معدل الإيرادات الزراعية الفلسطينية، إذ مرت العملية بخطوات متطورة لتُسجل – خلال الأعوام الأخيرة – ارتفاعًا ملموسًا لإعداد الأشجار المزروعة.

يرى “أمين أبوعيشة”؛ خبير في السياسات الاقتصادية، أن: “إنتاج التمور الفلسطينية شكل تحديًا كبيرًا أمام منتَج المستوطنات، في ظل توفر الدعم الكلي للمنتج الإسرائيلي من قبل وزارة الزراعة الإسرائيلية نقدًا وعينيًا، ما يعني انخفاض تكلفة الإنتاج وبالتالي انخفاض أسعاره مقارنة بالمنتج الفلسطيني”.

في السياق ذاته؛ يقول “أشرف بركات”، مدير عام زراعة “أريحا” و”الأغوار” الفلسطينية: “أن الاحتلال دشن سلسلة تضييقات على المنتج، منها رفع تكلفة نقل التمور الفلسطينية وتصديرها، عبر رفع رسوم الحواجز الأمنية على الطرقات التي تُكلف قرابة ألف دولار لكل: 20 طنًّا من التمور”، هذا بالإضافة إلى العمل على إغراق الأسواق الفلسطينية بمنتجات المستوطنات من خلال عملية التهريب، والتي يقوم بها عدد من التجار الإسرائيليين والفلسطينيين، والعمل على استقطاب الأيدي العاملة الفلسطينية العاملة داخل المزارع الفلسطينية للعمل في المستوطنات الزراعية.

ناهيك عن المنافسة القائمة في السوق العالمي جراء انتشار تصدير المنتج الفلسطيني إلى: 40 دولة، الأمر الذي يُعد انتشارًا واسعًا للمنتج في ظل انحصار المنتج الإسرائيلي الذي أظهرت الفحوصات تواجد تلوث “ميكروبيولوجي” في ثماره نتيجة ري محاصيل التمور بالمستوطنات بالمياه العادمة.

محاصيل التمور الفلسطينية كنز اقتصادي..

يوضح “أشرف بركات”؛ أن معدلات إنتاج التمور الفلسطينية في ارتفاع متزايد نتيجة الاهتمام من الحكومة والمزارعين لتطوير هذا القطاع، إذ بلغ إجمالي تعداد أشجار النخيل في منطقة “الأغوار”: 311 ألف شجرة نخيل، محتلًا صنف “نخيل المجهول” النسبة الأعلى بواقع: 307 ألف شجرة منها: 254 ألف شجرة مثمرة؛ و53 ألف شجرة غير مثمرة، بينما بلغ عدد أشجار صنفي: “برحي” و”دجلة نور”؛ نحو: 40 ألف شجرة، وقدر إنتاج التمور للموسم 2021؛ بحوالي: 11.400 طن من “تمور المجهول”، فيما تتطلع الحكومة إلى رفع القدرة الإنتاجية خلال الأعوام الخمسة المقبلة لمعدلات أعلى.

وبحسب إحصائيات “وزارة الاقتصاد الوطني” الفلسطيني، فإن الكميات المصدرة شهدت تصاعدًا ملموسًا من حيث الكمية لتبلغ؛ خلال عام 2019، حوالي: 5730 طنًا، وفي خلال عام 2020؛ جرى تصدير حوالي: 5570 طنًا، وخلال عام 2021؛ جرى تصدير حوالي: 8700 طن، لتُظهر البيانات تصاعد معدلات الكميات المصدرة، في وقت تسعى الجهود الفلسطينية فيه إلى توسيع الرقعة الخاصة بمحاصيل النخيل لمجابهة المنتج الإسرائيلي.

“الزعفران” فريسة أخرى سياسية..

صدرت النسخة الاقتصادية السياسية الإسرائيلية؛ التي نشرتها قناة (الكنيست)؛ 22 كانون أول/ديسمبر 2021، وتضمنت الحديث حول استثمار “هضبة الجولان” المحتلة في زراعة “الزعفران”، تحت خطة لتقليص امتداد الإنتاج الإيراني حول العالم؛ والذي يُغطي: 90% من الاحتياج العالمي، في وقت بدأ (الكنيست) الإسرائيلي في مخططاته الفعلية في ضرب منتج “الزعفران” الإيراني تحت مبررات بأن أموال “الزعفران” تُستخدم لتمويل “الإرهاب” في المنطقة.

وقال عضو (الكنيست)؛ “تسفي هاوزر”، في تصريحات عبر قناة (الكنيست) التلفزيونية، إن زراعة التوابل في مرتفعات “الجولان” ستوقف تمويل “إيران” ودعمها للإرهاب، كاشفًا أنه: “في مرتفعات الجولان، جرى إجراء تجربة لمحاولة اختراق عالمي لزراعة الزعفران، والذي ربما يكون أغلى أنواع التوابل في العالم، والذي يُعد الإيرانيون من أهم مزارعيه”.

وقال “هاوزر”: “سنُحرر العالم من أيدي الإيرانيين، الذين يعتمدون على الزعفران، وسنسمح للعالم الحر بالتمتع بالزعفران دون تمويل الإرهاب”.

هيمنة “الزعفران الإيراني” معادلة معقدة..

“أليف الصباغ”؛ محلل سياسي مختصّ بالشأن الإسرائيلي يقول إن: “مخطط الاحتلال يهدف إلى استغلال أراضي الجولان الغنية وزيادة عدد المستوطنين، ليجعل من زراعة الزعفران؛ غالي الثمن، وسيلة لاستقطاب اليهود للعيش في الجولان”.

مشيرًا إلى أن هذا المشروع يُديره مستثمران يهوديان من أصل “فرنسي/مغربي”، حصلا على تسهيلات ومساعدات من الاحتلال للمضي في المشروع، ويُضيف “الصباغ”: “لكن بتأمل مشهد المنافسة مع إيران فمن المستبعد أن تُحقق كمية الزعفران التي يمكن إنتاجها في الجولان المنافسة الكمية للمنتج الإيراني، وذلك في حال استطاعت إسرائيل استغلال الدعاية التسويقية وغزو الأسواق الأميركية”.

مضيفًا أن: “الاحتلال لا يستطيع غزو الأسواق الأوروبية التي تُقاطع البضائع المنتجة في المناطق المحتلة، لتبقى ساحة وحيدة أمام الاحتلال لتسويق منتجها، وهي دول الخليج التي تحظى بعلاقات التطبيع المتقدمة مع الاحتلال”.

يقول “حسن مرهج”؛ الخبير الفلسطيني في الشؤون الشرق أوسطية، إن “إسرائيل” تسعى بشتى الوسائل، لتعزيز تواجدها في “هضبة الجولان”، بما يتناسب مع رؤيتها الإستراتيجية في السياسة والاقتصاد، لذلك، فإن المؤشرات في السياسة العامة لـ”إسرائيل”؛ سواء السياسية أو الاقتصادية أو القانونية أو الأمنية، لا تقيس المصاريف الاقتصادية على المستوطنات من باب الربح والخسارة، وإنما تُقاس الاستثمارات الإسرائيلية بأوجهها كافة، من باب تحقيق المصالح السياسية والقومية العُليا، أي تعميق الاستيطان؛ من خلال دعمه بكل الوسائل وخاصة الاقتصادية.

ويُتابع “مرهج” القول: “بالإطلاع على شكل الاتفاقيات القائمة في المنطقة العربية؛ نجد أن اتفاقيات التطبيع التي حدثت بين عدد من الدول الخليجية وإسرائيل، قد يُعزز الأهداف الاقتصادية لإسرائيل، وتحديدًا قد يؤدي اتفاق التطبيع (الإماراتي-الإسرائيلي) إلى منافسة اقتصادية مباشرة بين تجار إيرانيين وآخرين إسرائيليين في الدولة الخليجية الثرية، أو حتى إلى خلق فرص لأعمال مشتركة مع التركيز على المنافع الاقتصادية بدل السياسة، ومن الممكن أن يفتح الاتفاق الباب واسعًا أمام شركات إسرائيلية للعمل على أعتاب الجمهورية الإسلامية”.

لكنه يستطرد: “رغم ذلك، لن يؤدي ذلك على الأرجح إلى إلحاق ضرر كبير بالروابط الاقتصادية (الإماراتية-الإيرانية)، وهذا مثال بسيط، وبالتالي، لا يمكن للسياسات الإسرائيلية أن تؤدي إلى تضرر الاقتصاد الإيراني، ولا يمكن لزعفران الجولان منافسة الزعفران الإيراني بمساحته الشاسعة، لاعتبارات عديدة، أولها وفي مقدمتها، أن إيران قوة اقتصادية لا تزال مطلوبة إقليميًا ودوليًا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة