تمديد “الطواريء” وعدم الرحيل .. رغبة أميركية لإثبات الوجود أم محاولة للتنصل من إعادة إعمار العراق ؟

تمديد “الطواريء” وعدم الرحيل .. رغبة أميركية لإثبات الوجود أم محاولة للتنصل من إعادة إعمار العراق ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في تصريحات متتالية؛ ظهرت نية “الولايات المتحدة الأميركية” تجاه البقاء في “العراق” من عدمه، حيث وقع الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، الثلاثاء الماضي، مرسومًا يُمّدد من خلاله حالة الطواريء الوطنية، المتعلقة بالأوضاع في “العراق”.

وقال بيان لـ”بايدن” نشره موقع “البيت الأبيض”: “لا تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق”.

وأضاف أن هذه العقبات؛ تُشكل تهديدًا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية لـ”العراق” و”الولايات المتحدة الأميركية” أيضًا. لذلك، قررت أنه من الضروري استمرار حالة الطواريء الوطنية المُعّلنة بموجب الأمر التنفيذي (13303) فيما يخص استقرار “العراق”.

وصُدر قرار (13303) الخاص بـ”العراق” في عام 2003، خلال عهد الرئيس الأميركي؛ “جورج بوش” الابن، ويقضي بحظر تصدير بعض السّلع الخاصة، بالإضافة إلى معاقبة شخصيات وكيانات.

لن ترحل عن المنطقة..

وبالتزامن مع ذلك؛ قالت السفيرة الأميركية في بغداد؛ “آلينا رومانوسكي”، إن العراقيين لا يريدون دولة تُسّيطر عليها “ميليشيات” وأن “الولايات المتحدة”: “لن ترحل عن المنطقة، كما أشارت إلى أن العراق يُمثل أهمية استراتيجية كبيرة لدى واشنطن”.

وأضافت “رومانوسكي”؛ في مقابلة مع قناة (سكاي نيوز عربية): “قبل نحو عام، وبالضبط في حزيران/يونيو الماضي، زار الرئيس الأميركي؛ جو بايدن، السعودية، والتقى بزعماء المنطقة، وأوضح بشكلٍ جليّ أن الولايات المتحدة لن ترحل عن المنطقة، فهي تعتبرها ذات أهمية استراتيجية، وتربطنا علاقات قديمة وطويلة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم”.

وتابعت: “عملنا مع شركائنا في المنطقة لوقتٍ طويل من أجل مواجهة عدد من التحديات، خصوصًا لوضع حد لمختلف الأزمات في المنطقة”.

واضح إذًا أن “الولايات المتحدة” ستظل موجودة بالمنطقة وستبقى مهتمة بتعميق شراكاتها مع دولها، خصوصًا مع “العراق”.

وفيما يتعلق بالوضع في “العراق”، ورغبة الشعب في الاستقرار، قالت: إنه “عندما أخرج وأتحدث إلى العراقيين، يتبّين ليّ بوضوح شديد أنهم لا يُريدون دولة تُسيّطر عليها الميليشيات، بل يُريدون نزع السلاح من أيدي الميليشيات وإعادتها للدولة”.

وشدّدت على أنه: “لذلك؛ مهما تكن طبيعة علاقة رئيس الوزراء مع هذه الجماعات المسّلحة والفصائل، فإن الهدف يجب أن يبقى منصبًا على ضمان تمتع العراق بالاستقرار والأمن، وهو هدف منوط تحقيقه برئيس الوزراء”.

وبينّت أن: “هذا الاستقرار ستسّتفيد منه حتمًا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.. جميعنا لا يمكننا جلب الأعمال والانخراط على نطاق أوسع إذا لم يكن هناك استقرار وأمن في العراق”.

وتابعت أن: “كل ما عليَّ فعله هو النظر عبر نوافذ مبنى مجمع سفارتنا لنرى الحجم الضخم للمباني التي يجري تشيّيدها.. وأرى أن شركاتنا تزدهر، وهناك الكثير من رجال وسيدات الأعمال العراقيين الذين يرغبون في رؤية المزيد من الشركات تُستّثمر في العراق”.

قرار مجحف بحق العراقيين..

ردًا على قرار “بايدن”؛ اعتبرت “لجنة الأمن والدفاع” النيابية في “مجلس النواب” العراقي، قرار الرئيس الأميركي بتمّديد حالة الطواريء في بلادهم: بـ”المجحف”.

وقال عضو اللجنة؛ النائب “وعد القدو”، إن: “إعلان بايدن مجحف بحق الشعب العراقي والحكومة المنفتحة على جميع أصدقائها”.

مضيفًا “القدو”؛ في تصريحات صحافية، أن: “القرار ولد ميتًا ولا تأثير له على وضع العراق”، موضحًا أنه: “يدل على نية واشنطن منح جنودها فتح النار بشكلٍ عشوائي ومنفلت من دون الرجوع للأنظمة المعمول بها داخل بلادنا”.

واعتبر أن: “القرار الأميركي لن يُطبق على أرض الواقع؛ بل محاولة للضغط على الحكومة العراقية”، داعيًا “بغداد” إلى: “تغييّر وجهتها نحو الصين وروسيا”.

توحيد القرار الداخلي والتوافق السياسي..

بينما قدم عضو ائتلاف (دولة القانون)؛ “عباس المالكي”، حلاً لإخراج القوات الأميركية من “العراق”، لكنه تمسّك بأن إعلان “بايدن” حالة الطواريء ليس جديدًا، إذ إن لـ”واشنطن” مصالح كبيرة داخل البلد العربي.

وأقر “المالكي”؛ في تصريح صحافي، بأن: “الولايات المتحدة تعتمد سياسة اللعب على التناقضات، حيث سبق وعملت على تخويف منطقة الخليج العربي من إيران للبقاء فترة طويلة”، موضحًا أن: “الأميركيون قالوا سابقًا إنهم لن يغادروا المنطقة، ما يُفسّر تدخل واشنطن بشكلٍ كبير في الشأن العراقي وسياسة الدولة”.

ويبني السياسي العراقي حله لإخراج “الولايات المتحدة” من “العراق” على: “توحيد القرار الداخلي واتفاق كل القوى السياسية”، موضحًا أن: “العلاقة بين بغداد وواشنطن غير متوازنة منذ 2003”.

لافتًا إلى أن: “أميركا تعتمد على الجانب العسكري بسبب فشل مشاريعها السياسية”، مشيرًا إلى أن: “واشنطن دخلت من الشباك مجددًا إلى العراق عن طريق مؤامرة (داعش)”، في إشارة منه إلى عدم دخول البيت من بابه.

استمرار الوصاية المالية والاقتصادية والعسكرية..

من جهته؛ يعتقد المحلل السياسي؛ “مجاشع محمد علي”، أن توقيع الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، على مرسوم يُمّدد من خلاله حالة الطواريء الوطنية المتعلقة بالأوضاع في “العراق”: “مهم جدًا” لحماية الأموال العراقية، إضافة إلى استمرار وصاية “واشنطن” على “بغداد” في المجالات كلها، خصوصًا المالية والاقتصادية والعسكرية.

ولا تزال هناك عقبات؛ في رأي “مجاشع”، تعترض إعادة الإعمار المنظم بـ”العراق”، واستعادة السلام والأمن في “بلاد الرافدين” والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية، بخاصة مع اكتسّاب المئات الدرجة القطعية.

منوهًا أن العقبات التي يواجهها “العراق” تُشكل تهديدًا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية لـ”بغداد” و”واشنطن” لأن “الولايات المتحدة” تعتبر الشرق الأوسط جزءًا من أمنها الوطني؛ بحسّب “مبدأ كارتر”.

رغبة أميركية بإثبات الوجود..

من جهته؛ وصف المتخصص في الشأن العراقي، قرار “بايدن”، بأنه: “روتيني” ومجرد تجديد للمرسوم الصادر منذ 2003، حيث جرى تجديده طيلة الفترة السابقة؛ لكن بالتأكيد هناك رسائل يُراد إيصالها من تمّديد الطواريء الوطنية.

ونوه بأن القرار يعكس رغبة أميركية بإثبات الوجود؛ وأن “واشنطن” لا تزال مهتمة بالملفات الدولية و”العراق” جزء من التزاماتها الدولية، بحسّب ما يرى “البيت الأبيض”، خصوصًا بعد تزايد الحديث عن تراجع المكانة الدولية لـ”الولايات المتحدة” في ما يتعلق بقيادة العالم وانسحابها التدريجي من الشرق الأوسط.

ورجح أن يكون توقيع المرسوم الأميركي مجرد محاولة من “بايدن” للضغط على حكومة؛ “محمد شيّاع السوداني”، لمواجهة المخاطر التي تُهدد مصالح “الولايات المتحدة”، ومطالبة “بغداد” بالعمل أكثر من أجل هذه المصالح، لكنه اعتبر الخطوة: “تنصلاً أميركيًا” من مسؤولية مسّاعدة “العراق” في إعادة الإعمار والبناء، وإلقاء الكرة في ملعب العراقيين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة