خاص : كتبت – نشوى الحفني :
ما هي إلا أيام قليلة، وبدأت تتكشف تفاصيل العملية الأميركية التي أسفرت عن مقتل القيادي الإيراني البارز، “قاسم سليماني”، زعيم (فيلق القدس)؛ في “الحرس الثوري”، وآخرها الدور الإسرائيلي في العملية، ومقر القيادة من العاصمة القطرية، “الدوحة”.
سلطت شبكة (إن. بي. سي. نيوز) الأميركية؛ الضوء على الدور الإسرائيلي في العملية، من خلال حديثها مع مصدرين وصفتمها بالمطلعين على العملية كاملة، بالإضافة إلى مسؤولين أميركيين آخرين.
وكان القائد الإيراني البارز قد قُتل برفقة قيادات من (الحشد الشعبي) العراقي، الموالي لـ”طهران”، في غارة أميركية، قرب “مطار بغداد”، أوائل الشهر الجاري.
مصادر المعلومات..
وبحسب التقرير؛ فإن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، (سي. آي. إيه)، حصلت على معلومات من مخبرين في مطار العاصمة السورية، “دمشق”، حول موعد إقلاع طائرة قائد (فيلق القدس)، وموعد وصولها إلى “مطار بغداد الدولي”، ثم تواصلت مع الاستخبارات الإسرائيلية التي أكدت صحة المعلومات التي حصلت عليها (سي. آي. إيه)، دون شرح مزيد من المعلومات عن دور “تل أبيب” في مقتل القيادي الإيراني البارز.
“نتانياهو” الحليف الوحيد لواشنطن..
أما صحيفة (نيويورك تايمز) فقد ذكرت في تقرير لها، الأحد الماضي، إنه من المحتمل أن يكون رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية، “بنيامين نتانياهو”، هو الحليف الوحيد لـ”واشنطن”؛ الذي كان لديه علم مسبق بالعملية، وفقًا لاتصال هاتفي مع “مايك بومبيو”، وزير الخارجية الأميركية.
وهو ما جعل “أفيغدور ليبرمان”، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يُعلق على تقرير (نيويورك تايمز)؛ قائلًا في تصريحات نقلها موقع (تايمز أوف إسرائيل): إن تقرير الصحيفة الأميركية أستند إلى مصادر إسرائيلية، متابعًا أنه من الأفضل عدم الحديث عن الأمر، فالغموض والصمت هما أفضل شيء في الوقت الحالي لـ”تل أبيب”.
والأسبوع الماضي، أعلن وزير الخارجية الأميركية، “مايك بومبيو”، عن تحدثه مع “نتانياهو” 3 مرات، خلال الأسبوع المنصرم، موجهًا الشكر لـ”تل أبيب” على مساهمتها في مكافحة الإرهاب في العالم.
تلميحات “نتانياهو” عن حدوث العملية..
وبحسب القناة (12) الإسرائيلية، فإن إلغاء زيارة “إسبر” إلى “تل أبيب”، التي كانت مقررة قبل يوم واحد فقط من مقتل “سليماني”، تشير إلى أن “واشنطن” أطلعت “إسرائيل” على تطورات جديدة جدية مقبلة في المنطقة.
وكان “نتانياهو” قد تحدث مع الصحافيين قبل مغادرة “آثينا”، صباح يوم العملية، وألمح إلى أن أشياء كبيرة ومثيرة سوف تحدث في الشرق الأوسط، وأنه على اتصال دائم بحليفتهم وصديقتهم “واشنطن”، وبعد ساعات فقط قُتل “سليماني” وعددًا من قيادات (الحشد الشعبي)، الموالي لـ”طهران”.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية محلية، في اليوم التالي للعملية، أن وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، أطلع رئيس الوزراء، “بنيامين نتانياهو”، في وقت مبكر على الخطط الأميركية لاغتيال “سليماني”.
ويقول مسؤولون أميركيون، للشبكة الإخبارية، إنهم كانوا يتابعون تحركات زعيم (فيلق القدس)، في المنطقة على مدى أيام قبل عملية اغتياله.
وأوضح أحدهم، أنه فور هبوط الطائرة التي تقل “سليماني”، من طراز (آير باص A320)، التابعة لشركة “أجنحة الشام للطيران”، في “مطار بغداد الدولي”، فجر 3 كانون ثان/يناير الجاري، تواصل عملاء أميركيون في المطار مع الإدارة الأميركية وأبلغوهم بوصول “سليماني” إلى الأراضي العراقية.
ويشير التقرير، إلى أن “جينا هاسبل”، مديرة (سي. آي. أيه)؛ تابعت سير العملية من مقر الوكالة في ولاية “فيرغينيا”، فيما تابعها وزير الدفاع الأميركي، “مارك إسبر”، من موقع آخر، كما تابع مسؤولون أميركيون رفيعي المستوى سير العملية فور وصول “سليماني” لـ”مطار بغداد”، عبر شاشات عملاقة من مقرات مختلفة.
وأشار التقرير إلى أن سيارتين كانتا تقلان “سليماني” و”المهندس” ومرافقين لهما دمرتا، بواسطة ثلاث طائرات مُسيرة كانت كل منها مزودة بأربعة صواريخ (هيلفاير)، مؤكدًا أن العملية أديرت من مقر القيادة المركزية للجيش الأميركي في “قطر”.
وكشفت معلومات عن وجود غرفة عمليات لإدارة الغارة الجوية في “قطر”، بمشاركة استخباراتية إسرائيلية، من خلال مقر القيادة المركزية الأميركية، (سنتكوم)، في “الدوحة”، حسبما قالت المصادر المطلعة للشبكة الإخبارية.
وبحسب الشبكة الإخبارية؛ فإن السيارتين اللاتين كانتا تقلان “سليماني” وقيادات بـ (الحشد الشعبي)، دمرتا بثلاثة صواريخ من طائرات مُسيرة كانت كل منها مزودة بأربعة صواريخ من طراز (هيلفاير).
إسرائيل تتجنب العدوان المباشر مع إيران..
وفي رد على ذلك التقرير، كتب “يونا غيريمي بوب”، الصحافي في صحيفة (جيروزالم بوست) الإسرائيلية، تحليلاً، ذكر فيه أن هذا كله يخرج فقط من وسائل الإعلام الأميركية، ويبدو أنه في الغالب من مصادر أميركية، وكان زعيم حزب (إسرائيل بيتنا)، “أفيغدور ليبرمان”، قد رد فقط على هذه التقارير وانتقد أي إسرائيلي يشارك في الترويج لهذه التقارير. كما أعطى رئيس الوزراء، “بنيامين نتنياهو”، تعليمات صريحة لمجلس الوزراء الأمني، بعد وقوع الحادث، لإبقاء رؤوسهم منخفضة.
وتساءل كاتب المقالة أنه: “إذا كانت إسرائيل قد ساعدت الولايات المتحدة في مواجهة أسوأ إرهابي حي على هذا الكوكب، متورط بدماء عدد لا يحصى من الإسرائيليين على يديه على مدى عقود من الإرهاب، فلماذا لا تحظى إسرائيل بالفخر ؟”. وقال إن الجواب هو أن: “إسرائيل تأمل في تجنب العدوان الإيراني المباشر عليها – وذلك بسبب الفارق بين المواقف الجيوسياسية لإسرائيل وتلك للولايات المتحدة، والأهم من ذلك هو النجاح الذي حققته إسرائيل في الحفاظ على موقف مستتر عندما دمرت المفاعل النووي السوري في عام 2007”.
وأضاف أن: “إسرائيل هي دائمًا أكثر حرصًا من الولايات المتحدة – خاصة في عهد إدارة ترامب – بشأن تبني عمليات الاغتيال أو الأعمال العسكرية خارج حدودها. وكانت هناك سنوات من الضربات الإسرائيلية لمنع إيران من نقل أسلحة متطورة إلى ميليشيات في سوريا أو إلى حزب الله في لبنان قبل أن يعترف نتانياهو واللفتنانت جنرال، غادي أيزنكوت، في النهاية ببعض هذه الضربات”.
ورأى الكاتب أنه: “إلى جانب أية مخاوف قانونية، فمن المحتمل أن إسرائيل لا تريد أن تفقد إيران أو سوريا أو حزب الله ماء وجهها أو تشعر بالحاجة إلى الرد”.
تستخدم تكتيك مختلف في الاغتيالات..
وأضاف أن وكالة التجسس الإسرائيلية تحاول عادة تصفية شخص واحد فقط في المرة الواحدة، وإجراءاتها المعتادة هي القيام بذلك في مكان أقل عمومية، مما يجعل الاغتيال في مستوى مستتر قدر الإمكان. وفي كثير من الأحيان، تستغرق التقارير حول اغتيال “الموساد” المزعوم بعض الوقت حتى تصل إلى المجال العام، وباستثناء الكشف فجأة عن جثة المقتول، فلا أحد يعرف ما حدث ومتى.
وتابعت المقالة؛ أنه: “على الرغم من أن الولايات المتحدة قد تتصرف سرًا في بعض الأحيان، إلا أن إدارة ترامب أرادت بوضوح قتل، سليماني، بأكثر طريقة مدوية ممكنة لردع (الجمهورية الإسلامية) عن أي عدوان في المستقبل. وهذا هو السبب في أن نتانياهو، وغيره من المسؤولين الإسرائيليين؛ سيبذلون قصارى جهدهم لتجنب تأكيد إسرائيل لتورطها، وفقًا لتقرير شبكة (إن. بي. سي)”.
في المقابل؛ يُعرف “ترامب” وبعض أعضاء فريقه؛ بأنهم من بين أكثر الإدارات انفتاحًا في التاريخ للتفاخر بالنجاحات العسكرية.
للحصول على أقصى تغطية للقصة..
ورأت الصحيفة أنه بقدر ما جاء إدعاء تورط “إسرائيل” المزعوم، من مسؤولي “ترامب”، لم يكن ذلك بالضرورة يأخذ في الاعتبار رغبات “إسرائيل” بقدر ما كان يعطي قصة كاملة وشاملة لشبكة (إن. بي. سي-NBC) وغيرها من وسائل الإعلام للحصول على أقصى تغطية إعلامية للقصة الشاملة. فإذا كانت “إسرائيل” ضالعة في اغتيال “سليماني”، كما تقول المصادر لتقرير شبكة (إن. بي. سي)، وكما يدعي “ليبرمان”، فإنهم ما زالوا يواجهون صعوبة في كشف تورط “إسرائيل” المزعوم بشكل مجهول لوسائل الإعلام الأجنبية لتغطية مساراتهم جزئيًا.
ورأت (جيروزاليم بوست) أن ذلك قد يكون “محاولة للحصول على بعض الفضل، بعد تسعة أيام من وقوع الحادث؛ وبطريقة ملتوية وكافية لتقليل خطر انتقام إيران من إسرائيل.. فإذا كان الهجوم على المفاعل النووي السوري مثالاً، فقد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً قبل الكشف عن المدى الحقيقي لتورط إسرائيل”.
أعلنت حالة التأهب..
وكانت “إسرائيل” قد أعلنت عن حالة التأهب، يوم الجمعة 3 كانون ثان/يناير 2020، تخوفًا من توعدات “إيران” بالانتقام لمقتل قائد (فيلق القدس)، في “الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، في غارة أميركية في “بغداد”، وكانت “إسرائيل” تتهمه بالتخطيط لشن هجمات ضدها.
وكان “نتانياهو” أول من أعلن تأييده للضربة الأميركية التي قتلت “قاسم سليماني”؛ وقطع زيارته الرسمية لـ”اليونان” وعاد لـ”إسرائيل” بشكل عاجل بعد الضربة التي أثارت مخاوف من تصعيد آخر في الشرق الأوسط.
وقال عند مغادرته “اليونان”: “مثلما يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها؛ يحق للولايات المتحدة الدفاع عن نفسها، قاسم سليماني مسؤول عن مقتل مواطنين أميركيين وغيرهم من الأبرياء وكان يخطط لهجمات جديدة”.
وأشاد بقرار الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، التصرف “بسرعة وبقوة وبحزم”؛ عبر شن ضربة أدت إلى مقتل “سليماني” في “العراق”.
وفي أعقاب مقتل “سليماني” أغلق الجيش الإسرائيلي منتجعًا للتزلج في “الجولان”؛ تخوفًا من هجوم لمجموعات موالية لـ”إيران” في “سوريا” و”لبنان”.
وشوهدت تحركات الدبابات والجنود الإسرائيليين تسد الطريق وتنتشر على سفح “جبل الشيخ”، في “الجولان” المحتل، وحيث نصبت صواريخ (القبة الحديدية) المضادة للصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية.
وعقد وزير الدفاع الإسرائيلي، “نفتالي بنيت”، حينها، اجتماعًا لتقييم الوضع في “وزارة الدفاع”، في “تل أبيب”، مع رئيس الأركان الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي ورئيس “الموساد”؛ وغيرهم من كبار مسؤولي الأجهزة الأمنية، وفقًا لبيان صدر عن مكتبه.