12 أبريل، 2024 5:20 م
Search
Close this search box.

تفجيرات العراق الإرهابية .. ما أسبابها ودلالات توقيتها ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في حادث إرهابي لم يشهده “العراق” منذ عام ونصف العام، خلف عدد من الضحايا التي لم تشهدها العاصمة، “بغداد”، منذ ثلاث سنوات، قتل 32 شخصًا وأصيب 110 آخرون بجروح في تفجيرين انتحاريين، أمس الخميس، في وسط “بغداد”.

الحادث أدانته دول العالم واتخذت معه إجراءات عراقية متعددة، كما توالت عليه التعليقات المفسرة لحدوثه ودلالة توقيته، والتي اهتمت (كتابات) برصدها.

تداخل مجموعة من العوامل..

في موقع (سبوتنيك) الروسي، يقول المحلل السياسي العراقي، “كامل الكناني”؛ أنه: “لا يمكن اعتبار الصراع السياسي الداخلي هو المسبب لتفجيرات بغداد، وإنما هناك بشكل عام مجموعة من العوامل المؤثرة في الوضع الأمني العراقي، منها: ضعف الأجهزة الأمنية، وكذلك التدخلات الإقليمية، والداعمة للقوى الإرهابية، كما أن هناك أعداء للمشروع السياسي العراقي خارج العراق”.

ويُشير “الكناني” إلى أن: “القوات الأميركية تدعم، لحد الآن، الإرهابيين في مناطق الحدود (العراقية-السورية) في منطقة التنف، ووادي حوران وغيرها. كما تقوم القوات الأميركية بنقل (الدواعش)، من هذه الأماكن وتجميعيم وإدخالهم إلى العراق، والأجهزة الأمنية العراقية رصدت أكثر من مرة عمليات دعم لوجيستي وتسليحي للعصابات الإرهابية”.

وضع أمني مهدد وغير مستقر..

وفي موقع (مرصد مينا)؛ تعليقًا على التفجيرات، يعتبر المحلل الأمني، “سعود الجادري”؛ أن مكان التفجير يحمل دلالة كبيرة جدًا، ويهدف لإيصال رسالة بأن الوضع الأمني لا يزال مهددًا وغير مستقر، مشيرًا إلى وجود جهة مستفيدة من تلك الصورة والرسالة.

كما يوضح “الجادري”؛ أن: “تصاعد عمليات تنظيم (داعش) الإرهابية، خلال الفترة التي تلت تولي، الكاظمي، لرئاسة الحكومة بشكلٍ خاص، مما يؤكد وجود جهة تريد تثبيت عدم استقرار العراق أكثر من مجرد القيام بعملية إرهابية، وفي ظل الظروف الراهنة تتجه الأنظار إلى مصلحة الميليشيات، وتحديدًا (الحشد الشعبي)، الذي يتخذ من الوضع الأمني وتوتره، ذريعةً للإحتفاظ بسلاحه، خاصةً وأن حكومة الكاظمي تسعى للحد من ذلك السلاح”، مشيرًا إلى الميليشيات و”إيران” سبق لها وأن استعانت بالتنظيم لضرب الوضع الأمني، عام 2014، بحسب ما كشفه أحد الضباط السابقين في حكومة، “نوري المالكي”.

وكان ضابط أمن سابق في مكتب رئيس الحكومة العراقية الأسبق، “نوري المالكي”، قد كشف أن دخول تنظيم (داعش) إلى “الموصل”، عام 2014، تم بتواطؤ من قائد (فيلق القدس) السابق، “قاسم سليماني”، ورئيس الحكومة العراقية، “نوري المالكي”، والقيادي الميليشيوي، “قيس الخزعلي”.

يخدم النفوذ الإيراني والميليشيات..

ويتفق معه الباحث في شؤون الشرق الأوسط، “عامر النجيفي”، الذي يعتبر أن التصعيد الأمني في “العراق” يخدم بالدرجة الأولى النفوذ الإيراني والميليشيات المدعومة منه، مشيرًا إلى أن تبني تنظيم (داعش) للعملية يُزيد من احتماليات وجود تورط إيراني وليس العكس، خاصةً مع ما كشفه وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، عن تحول “إيران” إلى مقر للحركات الإرهابية بدلاً من “أفغانستان”، متهمًا النظام الإيراني توفير مظلة لتلك الحركات للعمل من أراضيها.

يُشار إلى أن “الولايات المتحدة” قد أعلنت، في وقت سابق، عن مقتل عدة قيادات تابعة لتنظيم (القاعدة) في عمليات استهدفتهم داخل “إيران”، كان بينهم: “حمزة بن لادن”، نجل زعيم التنظيم السابق، “أسامة بن لادن”.

إلى جانب ذلك، يشدد “النجيفي” على أن “إيران” لا تزال تملك قاعدة موالين لها داخل الأجهزة الأمنية العراقية، على الرغم من قرار رئيس الحكومة، “مصطفى الكاظمي”، بإقالة عدة شخصيات تابعة لـ”إيران”، معتبرًا أن تلك الولاءات تساعد “إيران” على تنفيذ خروقات أمنية تمكن منفذي الهجمات من الوصول إلى مناطق حساسة وحيوية في البلاد، مهما كانت الإجراءات الأمنية المتخذة.

استخدام العراق كورقة ضغط على المجتمع الدولي..

ويرى الباحث في العلاقات الدولية، “معتز بالله الأحمر”، أنه مع وصول الرئيس الأميركي الجديد إلى الحكم، وبعد الفترة الصعبة التي مرت بها “إيران”؛ خلال فترة حكم الرئيس السابق، “دونالد ترامب”، باتت “إيران” صاحبة المصلحة الأكبر في تأجيج التوتر في المنطقة، لفرض سياسة الأمر الوقع على الإدارة الجديدة، ومحاولة فرض رؤى محددة وظروف خاصة تناسب الطموحات الإيرانية، لا سيما في ملفي البرنامج النووي والصواريخ الإيرانية.

ويضيف أن: “إيران تريد أن تصيغ الاتفاق النووي مع الغرب بما يتوافق مع ميولها، وهنا تظهر أهمية ساحة العراق بالنسبة لإيران، كونها ملعبها الأكبر وتملك فيه عشرات الميليشيات، بالإضافة إلى ولاءات مئات المسؤولين، ما يمكنها من تنفيذ كامل أجنداتها في ذلك البلد، سواء على المستوى الداخلي العراقي أو السياسات الخارجية”، لافتًا إلى أن “العراق” بات ورقة ضغط بيد “إيران” على المجتمع الدولي ككل.

وكان وزير الخارجية الإيراني قد أقر، أمس، بدعم بلاده ماليًا لعشرات الميليشيات في منطقة الشرق الأوسط، ضمن ما أسماه: “دعم السياسة الخارجية الإيرانية”.

لتحويل الضوء تجاه تنظيم “القاعدة”..

وفي حديث لفضائية (الجزيرة) القطرية، يرى الباحث السياسي، “بسام القزويني”، وجود قراءات متعددة لهذا التفجير المزدوج، قائلاً إن عودة “العمليات الانتحارية” في العراق؛ بعد إنقطاع دام قرابة العام والنصف – ولا سيما مع اليوم الأول لـ”بايدن” في السلطة – يُبين وجود محاولة لنقل الضوء المسلط على الفصائل العراقية المسلحة تجاه تنظيم (القاعدة)، خصوصًا أن هذا النوع من العمليات هو من تخصص التنظيم من حيث الأسلوب.

مضيفًا أن: “من سهل ودفع الانتحاريين لتنفيذ العملية ليس بالضرورة أن يكون من (القاعدة) أو (داعش)”، مرجحًا وجود دوافع لخلق فوضى أمنية للتشكيك بقدرات الحكومة العراقية، والضغط في نفس الوقت على الإدارة الأميركية الجديدة للعمل على تغيير الحكومة العراقية.

وأكمل الباحث السياسي كلامه عن الخصوصية بتوقيت هذا التفجير المزدوج؛ بأن العملية الأخيرة – التي جاءت متزامنة مع مساعي الحكومة العراقية لحوار مع بعض الفصائل المسلحة – قد تهدف لإيقاف هذا الحوار.

للتأثير على قرارات “بايدن”..

من جهته، اعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، “علي الغانمي”، أن هذا التفجير المزدوج يختلف عن سابقاته، خاصة بعد أن مرت البلاد بفسحة استقرار ملحوظة في الأشهر الماضية، مبينًا أن “الجماعات الإرهابية” تعمل وفق مخططات مدروسة، وقد تحاول ربط هجماتها بأحداث عالمية، مثل وصول “جو بايدن” إلى السلطة.

مضيفًا، في حديث لـ (الجزيرة نت)؛ أن الإرهاب يعمل وفق دوافع متعددة، على رأسها السياسية والفكرية، مبينًا أن: “الرسائل من هذا التفجير المزدوج؛ قد تعمل على ترسيخ فكرة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الذي كان قد أصدر قرارات يتوقع أن يعمل بايدن على إلغائها، على غرار منع مواطني دول إسلامية من الدخول إلى الولايات المتحدة، كونهم مرتبطين بالأفكار المتطرفة”.

مشيرًا عضو لجنة الأمن والدفاع في “البرلمان العراقي”؛ إلى أن لجنته لطالما طالبت بالإطلاع على الجهد الاستخباري، ولكن في وقت تستمر الحكومة بإرسال رسائل الإطمئنان تقوم الجماعات الإرهابية بهذا التفجير المفاجيء، الأمر الذي يؤكد نشاط واستغلال الجماعات الإرهابية الأوضاع السياسية التي يمر بها البلد.

إفتقاد العراق للجهد الاستخباري..

بدوره، يقول الخبير الأمني، “محمد السعبري”، إن البعض يرى أن هذا التفجير المزودج هو هدية “جو بايدن” الأولى في المنطقة، وكانت في التفجير وسط “بغداد”؛ على خلفية الاتهامات الموجهة لـ”الحزب الديمقراطي” بشأن صناعة “تنظيم الدولة”، لكن الحديث يجب أن يكون بشأن الحاجة الملحة للجهد الاستخباري في الدولة العراقية، خاصة أن التفجير المزدوج يؤكد أن الجماعات الإرهابية تحاول تخفيف الضغط والملاحقة التي تمارسها القوات الأمنية في مناطق أخرى من “العراق”.

مضيفًا “السعبري”، لـ (الجزيرة نت)؛ أن اختيار المكان وتوقيت هذا التفجير المزدوج يأتي لعدة اعتبارات، لكون الخميس أولاً شبه عطلة في “العراق”، ولكون الساحات – وبينها “ساحة الطيران” وسط بغداد – تكتظ بالكسبة وأصحاب بسطات الملابس، فضلاً عن زخم المتبضعين ذوي الدخل المحدود على تلك الأسواق الشعبية في مثل هذه الأوقات.

وأكد الخبير الأمني؛ على أن “العراق” يفتقد للجهد الاستخباري، خاصة أن الحرب مع الإرهاب لم تُعد حرب مدافع وطائرات فحسب، بل هي حرب استخبارية بالدرجة الأولى، ويجب الإلتفات إلى مقاتلة “تنظيم الدولة” فكريًا بالتعاون مع الدول العربية، مبينًا أن بقاء “العراق” على هذا المستوى المتواضع من الإجراءات في الساحات والأسواق التي تمثل روح الدولة سيتبعه هدوء وقتي، تليه تفجيرات مستمرة بتوقيتات مختلفة.

تنبيه سريع لإدارة “بايدن” للإلتفات للعراق..

من جهته، يرى المحلل السياسي، “أحمد السهيل”؛ أن لهذا التفجير المزدوج عدة دلالات، أهمها أنه يأتي في وقت تتحدث فيه الحكومة عن إمكاناتها في ضبط الأمن في البلاد، معتبرًا أنه سيضيف أعباء أخرى على الدولة في ضبط الأمن والسيطرة على السلاح.

مضيفًا أن الخطر الأكبر يتعلق بإمكانية تزايد الخروقات الأمنية في الأيام المقبلة، الأمر الذي سينعكس سلبًا على مستوى تحضيرات الحكومة لانتخابات آمنة، فضلاً عن إمكانية مساهمة الخروقات في تحفيز واستعادة الخطابات الطائفية.

وأشار إلى أن توقيت هذا التفجير المزدوج، بالتزامن مع وصول “جو بايدن” إلى السلطة في “أميركا”، ربما يمثل تنبيها لإدارة “بايدن” من أجل الإلتفات سريعًا إلى ملف “العراق”، مع إمكانية أن تعمل أي خروقات مستقبلية على تقويض التوصل إلى حلول مع الفصائل المسلحة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب