22 سبتمبر، 2024 12:37 ص
Search
Close this search box.

تغيير اللهجة الأميركية والألمانية تجاه إسرائيل .. هل يساعد في تراجع نتانياهو عن استكمال جرائمه برفح ؟

تغيير اللهجة الأميركية والألمانية تجاه إسرائيل .. هل يساعد في تراجع نتانياهو عن استكمال جرائمه برفح ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

في تغييّر لافت للنهج الأميركي والألماني تجاه الحرب الإسرائيلية على “غزة”؛ بسبب تعنّتها المستمر وتصميمها على اقتحام “رفح” بحجة القضاء على (04) كتائب متبقية لـ (حماس)، رأت صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية؛ أن صبر الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، على الأعمال العسكرية الإسرائيلية في “قطاع غزة” بدأ ينفد.

فبعد أيام فقط من وصف سلوك الرد الإسرائيلي على هجمات (حماس)؛ في 07 تشرين أول/أكتوبر الماضي، بأنه: “مبالغ فيه”، قدّم “بايدن” طلبًا محددًا وفوريًا؛ الاثنين الماضي، لحكومة رئيس الوزراء؛ “بنيامين نتانياهو”.

اعتراض غير صارخ..

وحسّب تقرير للصحيفة البريطانية؛ قال الرئيس الأميركي إن: “العملية العسكرية المخطط لها في رفح، المدينة الواقعة على طول الحدود مع مصر، والتي لجأ إليها: (1.5) مليون شخص – أكثر من نصف سكان غزة – بحثًا عن ملاذٍ بعد أن أجبروا على ترك منازلهم، لا ينبغي أن تستمر، دون خطة ذات مصداقية لضمان عدم تعرض الأشخاص هناك للأذى”.

ولم يذكر الرئيس الأميركي تفاصيل العواقب؛ ولم يُدن الهجوم المحتمل على “رفح” بعبارات صارخة؛ كما فعل بعض حلفاء “الولايات المتحدة” مثل: “أستراليا وكندا ونيوزيلندا”، الذين أصدر قادتهم بيانًا مشتركًا هذا الأسبوع، حذروا فيه من أن العملية ستكون: “كارثية”.

ولكن “بايدن” أوضح، الجمعة الماضية، أن: “توقّعه هو أن الإسرائيليين لن يقوموا بأي غزو بري واسع النطاق”، بينما كانت المفاوضات بشأن وقف مؤقت لإطلاق النار للسّماح بالإفراج عن الرهائن، الذين تحتجزهم (حماس) مستمرة.

نقطة تحول محتملة..

وكشفت الصحيفة أن هذه التصريحات الفظة؛ تُشير إلى مصير “رفح”: كـ”نقطة تحول” محتملة في العلاقة بين “واشنطن” و”تل أبيب”، والصراع في الشرق الأوسط.

وضغطت “الولايات المتحدة”؛ في الأسابيع الأخيرة، على “إسرائيل” للسّماح بدخول المزيد من المساعدات إلى “غزة”، والعمل مع “السلطة الفلسطينية” لصياغة خطة ما بعد الحرب، ومعالجة الاضطرابات المتفاقمة في “الضفة الغربية”، ولكن دون نجاح.

وكانت “واشنطن” تأمل وتتوقع أيضًا أن تكون “إسرائيل” قد حولت عملياتها الآن إلى استراتيجية أقل كثافة لمكافحة الإرهاب، ولكن فيما يتعلق بـ”رفح” يبدو أنها تُخطط لعكس ذلك تمامًا.

ولفت تقرير الصحيفة البريطاينية إلى أنه إذا تجاهلت “إسرائيل” تحذير “بايدن”، وواصلت هجومًا بريًا شديد الوطأة في المدينة، غير مبالية بحياة المدنييّن، فإن ذلك سيُضر بالجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، والمحاولات الدبلوماسية للتوسط في تسّوية أوسع للصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني”، الذي طال أمده.

وأضافت أنه قد يؤدي أيضًا إلى وصول العلاقة المتوترة بين “بايدن” و”نتانياهو” إلى: “نقطة الانهيار”، ويُهدد برد فعل عنيف أوسع من الديمقراطيين في “الكونغرس”، حيث يأمل الرئيس الأميركي في تعزيز دعم الحزب، قبل محاولته إعادة انتخابه في تشرين ثان/نوفمبر المقبل.

وأوضحت أن الأسوأ من ذلك؛ أن تحدي “إسرائيل” المستمر – وإحجام “الولايات المتحدة” عن الاستفادة من نفوذها الذي لا مثيل له على البلاد – يُغذي الشكوك حول مدى النفوذ الحقيقي الذي تتمتع به “الولايات المتحدة” في المنطقة، كما يُزيد من تشّويه مكانتها لدى العالمين العربي والإسلامي.

يُهدد الأمن القومي الأميركي في المنطقة..

ويتصاعد القلق في “واشنطن” من احتمال انتقال الهجوم الإسرائيلي إلى “رفح”. وقال “جيسون كرو”؛ عضو “الكونغرس” الديمقراطي من “كولورادو”: “لقد أذهلني بصراحة هذا النهج. لا أعرف ما الذي يُحاولون تحقيقه”.

وأضاف: “إذا لم تحم المدنييّن؛ وإذا لم تكن أكثر دقة في عملياتك العسكرية، فإن ذلك يخلق مشاكل أكثر مما تحله. وما نراه هنا الآن هو رد فعل سلبي هائل ضد إسرائيل، وهو ما لا يجعلها أكثر أمانًا”. وأشار “كرو”؛ وهو عضو في لجنتي الشؤون الخارجية والاستخبارات بـ”مجلس النواب”، إلى أن “بايدن” بحاجة إلى أن يكون أكثر حزمًا مع “نتانياهو”.

وتابع: “لقد حان الوقت لنكون واضحين للغاية، الولايات المتحدة لن تدعم هجومًا بريًا في رفح. سيؤدي ذلك إلى عرقلة فرص السلام. وسوف يُعرقل فرصنا في تأمين صفقة الرهائن. وسيكون الأمر صعبًا للغاية بالنسبة للأمن القومي الأميركي في المنطقة”.

حجم التكلفة السياسية..

وعلى الرُغم من إحباطهم المتزايد؛ لا يرى مسؤولو إدارة “بايدن” أي بديل فوري للعمل مع “نتانياهو”، ويدركون أنه ربما يكون محاورهم الوحيد إذا كانوا يُريدون إنهاء الحرب عاجلاً وليس آجلاً.

وقال “مارتن إنديك”؛ سفير “الولايات المتحدة” السابق لدى “إسرائيل”: “نتانياهو؛ هو رئيس الوزراء الإسرائيلي، وعلى الرُغم من كل الحديث عن إسقاط حكومته، فإن هذا لا يبدو في الأفق”.

ووفق الصحيفة البريطانية؛ فإن السؤال الذي يتردد في ذهن “بايدن” هو ما هي التكلفة السياسية، التي قد تترتب على الحفاظ على الوضع الراهن مع “إسرائيل”، بينما يتجه إلى معركة صعبة لإعادة انتخابه هذا الخريف، ربما ضد الرئيس السابق؛ “دونالد ترامب”.

وما يُزيد الأمور تعقيدًا بالنسبة لـ”بايدن”؛ أن المجتمعات “العربية-الأميركية” التي تُصّوت تقليديًا للديمقراطيين في الولايات المتأرجحة الرئيسة مثل: “ميشيغان”، يمكن أن تُعاني من انخفاض نسّبة الإقبال أو تشهد حصة أكبر من الأصوات لمرشحي الطرف الثالث، حيث يسّعى السكان للاحتجاج على السياسة الأميركية.

تغييّر لهجة “ألمانيا” !

وعلى الجانب الألماني؛ تقول مجلة (بوليتيكو)، أنه لا يختلف اثنان على متانة الدعم الألماني لـ”إسرائيل”، وبعد هجوم 07 تشرين أول/أكتوبر الماضي، وصل لحدوده القصوى، وزار المستشار “أولاف شولتس”، الدولة العبرية للتأكيد على اهتمام بلاده الخاص بأمنها ووجودها، لكن التصعيد والعنف الواضحين في الحرب الإسرائيلية المستمرة على “قطاع غزة”، غيّرا لهجة “برلين”، ودفعاها إلى انتقاد حليفتها علنًا، في تحول غير مسّبوق.

وتقول المجلة في تقريرٍ لها، أمس؛ إن: “أمن إسرائيل بالنسبة للقادة الألمان هو السبب في استمرار وجود الجمهورية الألمانية”، مشيرة إلى تصريح “شولتس”؛ خلال زيارته “تل أبيب” عقب هجوم (حماس)، في السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، وقوله حينها، إن: “مسؤولية ألمانيا التاريخية عن المحرقة؛ (الهولوكوست)، يجعل من واجبها الدفاع عن وجود وأمن دولة إسرائيل”.

لكن؛ وبعد (05) أشهر من الحرب المسّتعرة ضد “قطاع غزة”، تحدثت وزيرة الخارجية الألمانية؛ “أنالينا بيربوك”، بنبرة مختلفة خلال زيارتها الأخيرة إلى “القدس”، وقالت للصحافيين، إن: “أمن شعب إسرائيل لا يقل أهمية عن حياة الفلسطينيين”.

ومن وجهة نظر الخبراء؛ فإن هذا التغيّر في الخطاب السياسي لو كان صادرًا عن بلد آخر فلن يُثير أي جدل، لكن وبكونه صادر عن مسؤولين ألمان، كانوا مترددين على الدوام في انتقاد السياسات الإسرائيلية علنًا، فإنه يُشير إلى بداية تحول محتمل، مع ذلك فهو لا يُعد تغييرًا جذريًا في العلاقة الراسّخة والتاريخية بين البلدين، ولا تزال “بيربوك” تدعم حق “إسرائيل”: “المطلق” في الدفاع عن نفسها، ضد ما تسّميه: بـ”الإرهابيين الذين يختبئون مثل الجبناء خلف المدنيين”، على حد تعبيرها في “القدس”. وما دفع قادة “ألمانيا” إلى تبّني تغيّير جديد في خطابهم السياسي مع “تل أبيب”، هو التلويح الإسرائيلي بشّن هجوم جديد على “رفح”، المنطقة المكتظة بقرابة: (1.5) مليون نازح، وتصاعد الإنذار الدولي من حمام دم جديد فيها.

تحذير من كارثة إنسانية..

وقالت “بيربوك”؛ خلال زيارتها لـ”إسرائيل”: “إذا بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية موسّعة في رفح، فستحل كارثة إنسانية حقيقية”، في نهج يتوافق إلى حدٍ ما مع بقية قادة الاتحاد الأوروبي، وسبّقها ماكرون إلى انتقاد الهجوم المحتمل، وأعلن بصراحة: “معارضة فرنسا الصارمة للهجوم الإسرائيلي على رفح، والذي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى كارثة إنسانية جديدة”.

وتُضيف المجلة؛ أن التحول في الخطاب الألماني يحدث على خلفية تزايد الشكوك في نهج الدعم الألماني لـ”إسرائيل”، مقارنة ببقية دول العالم، بما في ذلك “الاتحاد الأوروبي”، حيث كان رؤساء الحكومات أكثر صراحة في انتقادهم للحملة العسكرية الإسرائيلية، وهذا الأسبوع، أرسل رئيس الوزراء الإسباني؛ “بيدرو سانشيز”، ونظيره الأيرلندي؛ “ليو فارادكار”، رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية؛ “أورسولا فون دير لاين”، يدعوان فيها إلى: “مراجعة عاجلة” لاتفاقية الشراكة بين “الاتحاد الأوروبي” و”إسرائيل”، التي تحكم علاقاتهما التجارية.

وفي حين أن تأييد ودعم “إسرائيل” لا يزال مرتفعًا على المستوى الشعبي في “ألمانيا”، مقارنة ببقية الدول الأوروبية الأخرى، إلا أنه شهد تراجعًا ملحوظًا على مدار الحرب، كما تُظهر استطلاعات الرأي.

التأثير على السياسة الإسرائيلية..

وفي ظل هذا التغير؛ فإن السؤال الأصح، هل يستطيع قادة “ألمانيا”، وعلى رأسهم وزيرة الخارجية؛ “بيربوك”، اجتراح أي تأثير على السياسة الإسرائيلية، خاصة وأن قادة “الولايات المتحدة”، أقوى حليف لـ”إسرائيل”، ضغطوا من أجل التأثير على القادة الإسرائيليين وانتقدوا سلوكهم في الحرب بشكلٍ أكبر بكثير.

وأثارت زيارة “بيربوك” الأخيرة؛ إلى “القدس”، وهي الخامسة منذ هجوم 07 تشرين أول/أكتوبر، انتقادات داخل “ألمانيا” وتحديدًا من قبل المحافظين، الذين زعموا أنها لم تُنجز شيئًا باستثناء لفت انتباه الصحافة المحلية إليها.

وتُحاول “بيربوك” ترسّيخ مكانة “ألمانيا” كوسّيط رئيس في المنطقة، على الرُغم من إدراكها أن تلك الجهود لن تؤدي إلى نتائج ملموسّة، وخلال زيارتها لـ”إسرائيل”، التقت برئيس الوزراء؛ “بنيامين نتانياهو”، للمرة الأولى منذ بدء الحرب، وحثّته بعد محادثات استمرت (90) دقيقة، على الانخراط في عملية سلام: “يُشّكك فيها بطبيعته”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة