خاص: كتبت- نشوى الحفني:
في ظل تصاعد التوتر في الشرق الأوسط؛ كشف رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية في إيران؛ “كمال خرازي”، أمس، عن آخر تطورات سعي “إيران” لامتلاك القنبلة النووية.
وأكد “خرازي”؛ أن “إيران” تمتلك القدرات الفنية اللازمة لإنتاج السلاح النووي، وفتوى قائد الثورة الإيرانية؛ “علي خامنئي”، هي فقط ما يمنع ذلك.
وأشار المسؤول الإيراني؛ في حوار مع قناة (الميادين) اللبنانية، إلى أن: “تغييّر العقيدة النووية ما زال مطروحًا؛ في حال تعرضت إيران لتهديد وجودي”.
وأوضح رئيس “المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية في إيران”، أن: “قدراتنا الصاروخية اتضحت للجميع، والكل يؤمن بها، وقد أثبتنا ذلك خلال عملياتنا”، مضيفًا أن: “الموضوع المطروح حاليًا هو مدى تلك الصواريخ التي نلاحظ حتى اليوم هواجس الدول الغربية بشأنها”.
وقال إن: “ما قام به الإسرائيليون في مقابل هجومنا الصاروخي بإطلاق: (200) صاروخ على الكيان الإسرائيلي كان في الحقيقة غير متكافيء”.
ولفت إلى أن: “أنظمة الدفاع الجوي الإيراني كانت أحد أهم العوامل التي تصدّت لهم”، مضيفًا: “داخل الكيان كانوا يتوقعون أكثر من هذه الخطوة الإسرائيلية، وما قاموا به كان أقل مما كان متوقعًا”.
رد قاسٍ من جانب “طهران”..
وفي وقتٍ سابق؛ توعد “محمد كلبيكاني”، مدير مكتب المرشد الأعلى الإيراني، بردٍ “قاس” على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف منشآت عسكرية إيرانية؛ الأسبوع الماضي، وفقًا لما أفادت به وسائل الإعلام الإيرانية.
وأكد “كلبيكاني”؛ أن: “هجوم الاحتلال الإسرائيلي على منشآت عسكرية إيرانية هو تصرف يائس، وسيُواجه بردٍ قاس من جانب طهران”، وفقًا لوكالة أنباء (تسنيم).
الانسحاب من “معاهدة حظر الانتشار النووي”..
كما سبق وأن قال نائب إيراني؛ إن بلاده: “يجب أن تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي؛ من أجل تحقيق أقصى الردع”، مشددًا على أنها يمكنها الوصول إلى السلاح النووي في أقل من (06) أشهر.
ودعا النائب البرلماني؛ “منان رئيسي”، إلى اتخاذ التدابير التي تضمن لـ”طهران” الردع ضد “إسرائيل”. وقال في حديث لموقع (إيران أوبزرفر): “لا بد من تغيير العقيدة النووية لتحقيق ردع أقصى”.
وأضاف: “حاليًا، لا نبتعد كثيرًا عن صناعة السلاح النووي، ولحسن الحظ، حققنا تقدمًا ملحوظًا في المجال النووي خلال العام الماضي، ونتوقع أن نتمكن من تحقيق هذه القدرة في أقل من (06) أشهر”.
وتخصّب “إيران” (اليورانيوم) بنسِب تتراوح بين: (20) و(60) في المئة منذ نحو (04) سنوات، في منشأتي (نطنز) وسط البلاد، و(فوردو) الواقعة تحت جبال مدينة “قم”؛ جنوب “طهران”.
وأظهرت تقديرات “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”؛ أن مخزون “إيران” من (اليورانيوم) المخصُّب بنسبة: (60) في المئة، يكفي لإنتاج (03) قنابل نووية إذا ما أرادت رفع التخصّيب إلى: (90) في المئة. ومخزونها المخصُّب بنسبة: (20) في المئة يكفي لنحو (10) قنابل نووية.
وأعربت “إيران”؛ قبل مدة قصيرة، عن رغبتها في العودة إلى التفاوض لإحياء الاتفاق حول برنامجها النووي المُّبرم في 2015 مع القوى الغربية، الذي انسحبت منه “الولايات المتحدة” من جانبٍ واحد في عهد الرئيس الأميركي السابق؛ “دونالد ترمب”. لكن “طهران” ترفض حتى الساعة عودة مفتشي “الوكالة” لتفقد مواقعها النووية.
طلب لإعادة النظر..
ومع تفاقم التوترات بين “إيران” و”إسرائيل”، قدم نحو (40) نائبًا؛ من بينهم “رئيسي”، طلبًا خطيًا إلى “مجلس الأمن القومي” لإعادة النظر في العقيدة النووية، وتغييّر فتوى المرشد الإيراني؛ “علي خامنئي”، بشأن تحريم صناعة هذه الأسلحة.
وقال النائب في هذا الصدد؛ إن: “الفقه الشيعي ديناميكي، مما يعني أنه يمكن إعادة النظر في فتوى المرشد بشأن تحريم تصنيع السلاح النووي”، مضيفًا أن: “إسرائيل لا تلتزم بالمعاهدات الدولية، فيجب على إيران ألا تلتزم بها كذلك، ويجب أن تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي”. وأضاف: “هذا الإجراء يمكن أن يحقق التوازن في الساحتين الإقليمية والدولية”.
ويرى “رئيسي”؛ أن: “الوصول السريع إلى القدرة النووية العسكرية يصب في مصلحة إيران، خصوصًا في ظل التهديدات الإسرائيلية، ويمكن أن يُعزز أمن البلاد وسلامتها”.
عقيدة “إيران” النووية..
وكان المرشد الإيراني؛ “علي خامنئي”، قد حظر تطوير الأسلحة النووية، في فتوى في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وأكد “خامنئي”؛ موقفه عام 2019، قائلاً إن: “بناء وتخزين القنابل النووية أمر خاطيء واستخدامها حرام”.
وأضاف: “رُغم امتلاكنا للتكنولوجيا النووية، فإن إيران تجنبتها بشدة”.
في تشرين أول/أكتوبر الماضي؛ حذر قائد كبير في (الحرس الثوري) الإيراني من أن “طهران” قد تُغيّر سياستها النووية من الأغراض السلمية إلى العسكرية، إذا تعرضت لضغوط من التهديدات الإسرائيلية.
في أعقاب تصاعد التوترات مع “إسرائيل”، قال قائد وحدات (الحرس الثوري) المسؤول عن الأمن النووي؛ “أحمد حقطلب”، إن: “التهديدات الإسرائيلية قد تدفع طهران إلى مراجعة عقيدتها النووية والانحراف عن اعتباراتها السابقة”.
البرلمان على خطى الأزمة..
وفي الثامن من تشرين أول/أكتوبر، أعلن “البرلمان الإيراني” تلقيه مشروع قانون لـ”توسيع الصناعة النووية الإيرانية” من أجل مناقشته.
ولم تُعرف بعد طبيعة هذا التوسع؛ ومن غير الواضح ما إذا كان سيشمل برنامجًا عسكريًا، لكن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها مسؤولون إيرانيون تُشير إلى أن “طهران” تُريد بعث رسائل استباقية.
يُجبرها على شن هجمات مستمرة..
وفي تقريرٍ سابق لصحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية؛ حذر “جيمس أكتون”، المدير المشارك في مؤسسة (كارنيغي) للسلام الدولي، من أن الهجوم الإسرائيلي على “إيران” قد تُزيد من إصرار “طهران” بدلاً من ردعها.
ويتساءل الخبراء عما إذا كانت “إسرائيل” تمتلك القدرة الفعلية على تدمير البرنامج النووي الإيراني؛ وما إذا كان مثل هذا الهجوم سيُحقق النتائج المرجوة.
ويوضح “أكتون” أن “إيران” تعتمد على أجهزة طرد مركزي لتخصّيب (اليورانيوم)، على عكس المفاعلات النووية التي استهدفتها “إسرائيل” في “العراق” عام 1981؛ و”سورية” عام 2007، ولدى “طهران”: منشأة (نطنز): تضم حوالي (50.000) جهاز طرد مركزي، ومنشأة (فوردو): تقع تحت جبل، ويُعتقد أنها محصنة على عمق يتراوح بين (60) و(80) مترًا، مما يجعل تدميرها بالقنابل التقليدية أمرًا صعبًا للغاية.
يشرح “أكتون” أن “إيران” قد تستجيب لأي هجوم بنقل منشآتها إلى مواقع أكثر عمقًا تحت الأرض أو توزيع أجهزة الطرد المركزي في منشآت صناعية عادية، مما يصعّب من تعقبها. وهذا سيُجبر “إسرائيل” على شن هجمات مستمرة كل عام أو عامين للحفاظ على تفوقها.
دعم أميركي..
يُشير “أكتون” إلى أن “إسرائيل” قد تحتاج إلى القنبلة الخارقة للتحصّينات؛ (MOP)، التي طورتها “الولايات المتحدة” لاستهداف منشآت مثل (فوردو). ومع ذلك، حتى لو وافقت “الولايات المتحدة” على توفير هذه القنبلة، فإن استخدامها سيتطلب دعمًا أميركيًا لوجستيًا وعسكريًا.
وحذر الخبراء من أن الهجوم قد يؤدي إلى اتخاذ “إيران” قرارًا نهائيًا بإنتاج سلاح نووي. يقول “أكتون”: “القيام بهذا الهجوم يجعل من المحتمل جدًا أن تتخذ إيران قرار إنتاج السلاح النووي”.
وأضاف أن حصول “إيران” على سلاح نووي سيُعزز جرأتها في مهاجمة “إسرائيل” أو استهداف المدنيين بالصواريخ، وقد يجعلها أكثر انفتاحًا في دعم وكلائها الإقليميين مثل (حزب الله).
الدبلوماسية كبديل..
يتفق كل من “أكتون”؛ والبروفيسور “هوشانغ أمير أحمدي”، رئيس “المجلس الأميركي-الإيراني”، على أن الدبلوماسية هي الخيار الأفضل. ويفضل المسؤولون الأميركيون هذا المسّار لتجنب التصعيد العسكري.
وصرح وزير الخارجية الأميركي؛ “أنتوني بلينكن”، في حزيران/يونيو 2024، أن “إيران” قد تنتج ما يكفي من المواد الانشطارية في غضون؛ أسبوع أو أسبوعين. ومع ذلك، تحتاج “إيران” إلى خطوات إضافية لتحويل هذه المواد إلى سلاح نووي فعلي.
مستقبل “الاتفاق النووي”..
رُغم انسحاب “الولايات المتحدة” من “الاتفاق النووي”؛ (JCPOA)، في عام 2018، يرى “أكتون” إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد، ولو كان أقل شمولاً من الاتفاق السابق.
ويُحذر “أكتون” من أن التخلي عن الدبلوماسية قد يكون مرجحًا إذا عاد؛ “دونالد ترمب”، إلى السلطة. وفي المقابل، يعتقد أن “كامالا هاريس”، إذا أصبحت رئيسة، ستكون أكثر ميلاً للتوصل إلى اتفاق، لكن من غير المُرجّح أن يكون ذلك أولوية بالنسبة لها.