9 أبريل، 2024 12:21 م
Search
Close this search box.

تغيير التكتيكات والانسحاب الجزئي .. هل تُخطط “إسرائيل” لحرب استنزاف أم إشارة لتوسيع نطاق الحرب ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

رُغم التصريحات المتلاحقة لرئيس وزراء الاحتلال؛ “بنيامين نتانياهو”، وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، بأن الحرب على “غزة” ستستمر طويلًا حتى تحقيق أهدافها في تصفية قدرات (حماس) على الحكم وعلى القتال، وأن الجيش يحتاج إلى أسابيع كثيرة وربما لشهور حتى ينتقل من المرحلة الثانية إلى المرحلة الثالثة للحرب، فقد بات واضحًا أن القيادتين السياسية والعسكرية، رضختا للإرادة وللإدارة الأميركية، وباشرتا بشكلٍ فعلي عملية تقصّير الحرب وتقليص حجمها ووقتها ومداها.

وكان رئيس الأركان الإسرائيلي؛ “هرتسي هليفي”، قال الثلاثاء الماضي؛ أن الحرب التي اندلعت قبل أكثر من: (80 يومًا) ضد حركة (حماس) في “غزة”، “ستستمر عدة أشهر أخرى”.

وقال “هليفي”؛ في مؤتمر صحافي بعد تفقده جنودًا في القطاع إن: “أهداف الحرب ليس من السّهل تحقيقها. الحرب ستستمر عدة أشهر أخرى وسنعمل بأساليب مختلفة حتى يتم الحفاظ على الإنجاز لفترة طويلة”.

إقامة منطقة عازلة..

وبحسّب صحيفة (الشرق الأوسط)؛ يستعد الجيش الإسرائيلي لإقامة منطقة عازلة داخل “قطاع غزة”، ضمن المرحلة الثالثة من الحرب، في خطوة ستسّتند كليًا على القوات النظامية بعد تسّريح جنود الاحتياط.

وقالت القناة (12) الإسرائيلية؛ إن الجيش الإسرائيلي يسّتعد لتغيّير خطته في “غزة” لإدراكه أن حركة (حماس) لن تُهزم إلا بحرب استنزاف طويلة، ولذلك سيقوم بإنشاء منطقة عازلة غرب السّياج الفاصل بين القطاع و”إسرائيل”.

وجاء هذا التوجه مع وصول وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي؛ “رون ديرمر”، إلى “واشنطن”؛ الثلاثاء الماضي، لعقد اجتماعات في “البيت الأبيض” و”وزارة الخارجية” حول خطط “إسرائيل” لتقليص الحرب والانتقال إلى عملية منخفضة الشدة في “غزة”.

نقل القوات الإسرائيلية خارج “قطاع غزة”..

في السياق؛ ذكرت مجلة (نيوزويك) الأميركية في تقرير، الاثنين، أن الجيش الإسرائيلي قام بنقل قواته إلى خارج “قطاع غزة”، ربما استعدادًا لحرب إقليمية أوسع نطاقًا في الأسابيع والأشهر المقبلة.

وأوضحت المجلة أن الجيش الإسرائيلي أعلن عن هذا القرار؛ الاثنين الماضي، مشيرًا إلى أنه ستتم إعادة انتشار آلاف الجنود، وأن بعض جنود الاحتياط من لواءين على الأقل سيعودون إلى ديارهم وعائلاتهم ووظائفهم في أقرب وقتٍ هذا الأسبوع.

تعديلات عسكرية..

وفي حديثه عن سّحب القوات؛ قال الجيش الإسرائيلي للمجلة: “من المتوقع أن تُخفف هذه الخطوة بشكلٍ كبير الأعباء الاقتصادية، وتُمكننّا من تجميع القوة للأنشطة القادمة في العام المقبل، حيث سيسّتمر القتال وستظل هناك حاجة إلى خدمات الجنود”.

وأضاف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي؛ “دانييل هاغاري”: “تهدف هذه التعديلات إلى ضمان التخطيط والتحضير الفعالين لاستمرار العمليات في عام 2024″، موضحًا أن الجيش الإسرائيلي يُدرك الحاجة إلى التخطيط للمستقبل، وتوقع المهام الإضافية والحروب على مدار العام.

ووفقًا للمجلة؛ يُشير سّحب القوات أيضًا إلى مسّار عسكري مختلف يتجاوز (حماس) و”غزة”، مما قد يؤدي إلى تعزيز الحدود الشمالية لـ”إسرائيل” في حالة تصاعد الحرب، لتشمل ميليشيا (حزب الله)؛ المدعومة من “إيران”.

انكماش الاقتصاد الإسرائيلي..

وبيّن التقرير أنه من المحتمل أن تكون: “الأعباء الاقتصادية” التي وصفها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إشارة إلى الأخبار الاقتصادية المحلية السلبية التي ظهرت مؤخرًا.

وأفاد مركز (تاوب) لدراسات السياسة الاجتماعية؛ وهو مركز أبحاث غير حزبي في “إسرائيل”، في أواخر كانون أول/ديسمبر الماضي؛ أن الاقتصاد الإسرائيلي كان على وشك الانكماش بنسّبة: (2%) هذا الربع، بسبب ترك جنود الاحتياط وظائفهم للقتال في الحرب وغيرها من الآثار السلبية، وفقًا لصحيفة (نيويورك تايمز).

واختفت حوالي: (20%) من القوى العاملة في البلاد – أي بزيادة قدرها حوالي: (17%) منذ هجمات (حماس) – من سوق العمل في تشرين أول/أكتوبر الماضي، حيث تم استدعاء حوالي: (09) آلاف فرد للقتال، في حين بقي الآخرون في منازلهم لرعاية الأطفال، أو قاموا بالنزوح بسبب الأضرار المادية التي أثرت على أماكن العمل.

مكاسب معرضة للخطر..

من جهته؛ قال عضو (الكنيست) وسفير إسرائيل السابق لدى الأمم المتحدة؛ “داني دانون”، لزملائه أعضاء حزب (الليكود)، إن: “الولايات المتحدة؛ يجب أن تتحمل بعض اللوم عن الانتشار العسكري المعلن عنه حديثًا”.

وأضاف للمجلة: “إن مكاسّب إسرائيل من الحرب تتعرض للخطر بسبب الضغوط الأميركية، الاستسلام لهذا الضغط لا يؤدي إلى تحقيق أهداف الحرب، فهو لن يضمن إطلاق سراح رهائننا ولا هزيمة (حماس). وإذا أدركت (حماس) أن إسرائيل ستوقف عملياتها بغض النظر عن ذلك، فما هو الحافز الذي لديهم للتفاوض ؟”.

وتابع: “لقد قمتم بقيادة البلاد في بداية الحرب بإصرار ووضوح وقوة، وكانت النتائج ملموسة. يجب أن نحافظ على هذا الزخم”، لافتًا إلى أن الرسالة التي يتم نقلها حاليًا إلى زعيم حركة (حماس)؛ “يحيى السنوار”، حول انسّحاب القوات الإسرائيلية:  “أمر إيجابي للغاية”.

وعّدلت إدارة “بايدن” نهجها تجاه “إسرائيل” ولا تزال تقدم الدعم، ولكنها أصبحت أكثر جرأة بشأن الحاجة إلى وقف إطلاق النار في “غزة” بسبب ارتفاع عدد القتلى المدنيّين. وقد أدت الضغوط الداخلية، بما في ذلك من بعض أعضاء “الكونغرس”، إلى تغيّير رسائل الإدارة.

إعادة استخدام القوة..

ووفق تقرير لصحيفة (وول ستريت جورنال)؛ قال أحد المسؤولين الأميركيين إن قرار “إسرائيل” بتغييّر تشكيل قواتها في “غزة” يبدو أنه يتماشى مع التحول الأوسع الذي تدعو إليه إدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، نحو الاستخدام الدقيق للقوة من جانب الجيش الإسرائيلي.

وقال المسؤول: “يبدو أن هذه هي بداية التحول التدريجي إلى عمليات أقل كثافة في الشمال؛ والتي كنا نشجعها، وهو ما يعكس النجاح الذي حققه الجيش الإسرائيلي في تفكيك القدرات العسكرية لـ (حماس) هناك”، وفق الصحيفة.

وكان مسؤولون غربيون قالوا إن هناك حاجة لمزيد من الوقت لمعرفة كيف ستتطور المرحلة التالية من الحملة العسكرية الإسرائيلية، وأكد المسؤولون الأميركيون مرارًا وتكرارًا أنه من الضروري هزيمة (حماس)، ولكن يتعين على القوات الإسرائيلية أن تُظهر المزيد من الاهتمام لتقليل الخسائر في صفوف المدنييّن.

وقالت “الأمم المتحدة”؛ يوم الأحد الماضي، إن: (40%) من سكان “غزة” معرضون لخطر المجاعة، وأن جميع الأطفال دون سن الخامسة – أو ما مجموعه حوالي: (335.000) طفل – معّرضون بشدة لخطر سوء التغذية الحاد. وأدت الحرب إلى نزوح: (85%) من السكان ودفعت جميع سكان “غزة” تقريبًا إلى الفقر، وفقًا لـ”الأمم المتحدة”، وسط صراع يومي للعثور على الطعام وتجنب الضربات الجوية الإسرائيلية.

الانتقال إلى جهود الدمج العسكري..

وقال المحلل العسكري في معهد “تل أبيب” لدراست الأمن القومي؛ “عوفر شيلح”: “إن إخراج الألوية من شمال غزة يُشير إلى أن إسرائيل قد انتقلت إلى حدٍ كبير من الهجوم إلى جهود الدمج العسكري”.

وأضاف: “بمجرد أن تتوقف إسرائيل عن التقدم وتتولى السّيطرة أو تقوم بتدمير ما يكفي من البُنية التحتية، فإن البقاء هناك مع هذا العدد الكبير من الجنود هو ما تُريده (حماس) في حرب العصابات”.

ورُغم أن بعض المسؤولين والمحللين الغربيين يتساءلون عما إذا كانت “إسرائيل” قادرة على النجاح في تحقيق هدفها المتمثل في القضاء على (حماس)، فإن الخطط العسكرية الجديدة تعكس تصميم “إسرائيل” على الاستمرار في ملاحقة هذا الهدف.

التحول لحرب استنزاف..

فيما قال المحلل السياسي؛ “أشرف أبو الهول”، إن “إسرائيل” سوف تنتقل للمرحلة الثالثة من العدوان على “غزة”، وهي مرحلة سّحب القوات والآليات من قلب المدن والمناطق السكنية والتمركز في المناطق الأمنية والحدود داخل القطاع؛ مما يعني إطالة أمد الحرب لفترة طويلة قد تمتد لأكثر من شهور.

وأضاف “أبو الهول”؛ لموقع (24) الإماراتي، أن الصراع سوف يتحول إلى حرب استنزاف لتكون القوات الإسرائيلية في حالة اشتباك دائم؛ ومن هناك تبدأ في استخدام المدفعية في قصف بعض المناطق التي بها تحركات وتُطلق مُسّيرات في أماكن محددة.

وحذر المحلل السياسي؛ “أبو الهول”، من خطورة هذه المرحلة التي يكون فيها العدوان الإسرائيلي مستمرًا دون وضع نهاية له، مما يؤثر على منع دخول الكميات الكافية من المساعدات إلى “قطاع غزة”.

وفيما يخص المبادرة المصرية ومقترح (حماس) لإنهاء الحرب؛ قال “أبو الهول” إن المبادرة المصرية ملامحها كانت تستهدف إنهاء هذا العدوان تمامًا وسّحب القوات وإيجاد حكومة تُدير “قطاع غزة” والقضية يجب لا أن تتوقف لتهدئة وتيرة العدوان فقط والدخول في مرحلة إعادة إعمار وإطلاق سُبل الحياة مرة أخرى، ولكن يبدو أن هناك تعثرًا وتضاربًا في الشروط والطلبات من أطراف متعددة؛ والحديث يدور عن اقتراح جديد لـ (حماس) حول تبادل الأسرى على مدى طويل، ولكن “إسرائيل” ترفضه أيضًا.

دعم غير مسّبوق في التاريخ..

وبحسّب جريدة (الشرق الأوسط)؛ فإن المصادر المطلعة أشارت إلى أن “إسرائيل” كانت بحاجة إلى هذا الضغط حتى تغيّر اتجاه الحرب، فـ”الولايات المتحدة”: “ليست أخًا كبيرًا فحسّب”، بل هي قدمت لـ”إسرائيل” دعمًا لم يسّبق أن حصل في التاريخ لدولة صديقة في حربها، حيث شمل تعويضًا ماليًا بقيمة: (14.3) مليار دولار؛ (حوالي ثُلث تكاليف الحرب)، وتعويضًا عن الذخائر والعتاد والأسلحة التي خسّرتها؛ (قطار جوي شمل: 230 طائرة شحن، و30 سفينة شحن حملت عشرات ألوف الأطنان من الذخائر والعتاد والأسلحة)، إضافة لدعم سياسي (الفيتو في مجلس الأمن وتجنيد دول الغرب)، وإعلامي وقضائي (لمنع محاكمة جنرالات إسرائيل وقادتها السياسيين أمام المحكمة الدولية والمحاكم المحلية في دول الغرب، بتهمة ارتكاب جرائم حرب).

ويقولون في “تل أبيب”، إن من يقدم مثل هذا الدعم غير المسّبوق، لا يقال له لا إزاء أي طلب، خصوصًا وأن “واشنطن” ما زالت تؤيد “إسرائيل” في هدفها بشأن تصفية قدرات (حماس) على الحكم، وتصفية قدراتها مع غيرها من التنظيمات الفلسطينية المسلحة على القتال؛ ولكنها طلبت فعل ذلك: بـ”عمليات جراحية” تبُعد الخطر عن المدنييّن وتقصد بذلك انسّحاب القوات الإسرائيلية من “قطاع غزة” إلى مواقع خارج الحدود، والقيام من هناك بعمليات ضد أهداف عينّية وموضعية لتصفية العناصر المسلحة أو قادة عسكريين.

وقال الأميركيون إن على “إسرائيل” أن توقّف غاراتها وقصفها من بعيد، جوًا وبحرًا وبرًا، التي أدت إلى استشهاد عدد كبير من المدنييّن الفلسطينيين، ودمار جزئي أو شامل لغالبية المباني في “قطاع غزة”، وإن اغتيال قادة (حماس) لا يحتاج إلى تدمير بقية ما تبقى من أبنية في “غزة”؛ وإن “واشنطن”، تقدم هذه النصائح لخدمة “إسرائيل”، إذ إنها لم تُعد قادرة على تجنيد العالم إلى جانبها، بل إن “الولايات المتحدة” نفسها أصبحت: “وحيدة ومعزولة” في دعم عمليات “إسرائيل” الحربية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب