تعكس قلق واشنطن والعالم .. تفعيل “ست قنوات وساطة” بين إيران وأميركا !

تعكس قلق واشنطن والعالم .. تفعيل “ست قنوات وساطة” بين إيران وأميركا !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

الصراع بين “طهران” و”واشنطن”؛ مسألة ليست جديدة، لكن ارتفاع مستويات الصراع للحد الذي تصنف معه “الولايات المتحدة الأميركية”، جيش “الحرس الثوري”، كتنظيم إرهابي، وفي المقابل تُدرج “إيران”، “هيئة أركان القيادة المركزية الأميركية” ضمن قوائم الإرهاب، إنما ينم في ذاته عن مستوى من الصراع غير مسبوق، خلال العقود الأربعة الماضية.. في غضون ذلك؛ فإن رد الفعل الطبيعي للأطراف الثالثة إنما يُعرف بـ”الوساطة”، وهي أقدم، وفي الوقت نفسه، أكثر الحلول شيوعًا لحل الخلافات، حيث يقوم الطرف الثالث، أو الوسيط، يساعد طرفي النزاع على التوتر أو الاتفاق. بحسب “حسين علي زاده”؛ الدبلوماسي الإيراني السابق في “فنلندا”، في أحدث تحليلاته التي نشرها موقع (راديو الغد) الأميركي الناطق بالفارسية.

الأدلة والشواهد على تفعيل ست قنوات وساطة..

الوساطة، في الحقيقة، هي إنشاء قناة “مباحثات غير مباشرة” بين الأطراف المتنازعة. لذلك، وكما تتكسب المفاوضات صفة العلن والسرية، يمكن أن تأخذ الوساطة أيضًا شكل معلن أو سري.

وقد عبر وزير خارجية “عُمان” عن القلق البالغ من إندلاع مواجهات عسكرية بين “إيران” و”أميركا”؛ درجة يمكن معها تعقب “تفعيل” ست قنوات وساطة على الأقل؛ هي “عُمان”، و”اليابان”، و”ألمانيا”، و”السويد”، و”باكستان”، و”العراق”..

عُمان..

من بين الدول الست؛ أعلنت “عمان” و”اليابان”، رسميًا، الاستعداد للوساطة بين “إيران” و”أميركا”.

وقد أعربت “عُمان” عن رغبتها، عن طريق سفيرها في “واشنطن”، ذلك الإعلام الذي يحمل بين طياته معنًا ضمنيًا يؤكد على أن السفير العُماني قد أبلغ “واشنطن”، في البداية، كمندوب عن “عُمان” استعداد بلاده للوساطة، وبادر إلى إعلان الخبر من قلب “الولايات المتحدة”، بعد الحصول على الضوء الأخضر من “البيت الأبيض”.

وقد فتحت البلدان، (إيران وأميركا) بصمتهما، الطريق أمام مساعي “مسقط” الدبلوماسية. ونتيجة لذلك زار وزير خارجية عُمان، “يوسف بن علوي”، العاصمة “طهران”، بتاريخ 20 أيار/مايو الجاري.

ورغم إنكار، “محمود واعظي”، رئيس مكتب رئيس الجمهورية، أن يكون هدف الزيارة هو الوساطة بين “إيران” و”أميركا”، وكذلك إنكار “بن علوي”، لكن لا ننسى أن الوساطة لا يجب أن تكون معلنة.

وعليه لا يمكن بالأساس نفى عزيمة تفعيل الوساطة العُمانية، لا سيما في ضوء سوابق هذا البلد المشرقة في الوساطة بين “طهران” و”واشنطن”.

حسين علي زاده

اليابان..

لا يخفى على أحد إرتباط الاقتصاد الياباني الضخم بنبض قلب العالم النفطي في الخليج. والحقيقة أن قلق “اليابان” هو من نفس جنس قلق “بن علوي”، الذي قال: “لو لم يتم السيطرة على الأزمة؛ فسوف تتضر باقي الدنيا، (مثل اليابان)”.

الأمر الذي فرض على “اليابان” أن تعلن رسميًا، بتاريخ 10 أيار/مايو الجاري، استعدادها للوساطة بين “إيران” و”أميركا”، نظرًا لعلاقاتها الحسنة مع الطرفين.

جاء هذا الإعلان؛ بعد عزم “إيران” التحلل من بعض تعهداتها المنصوص عليها في “الاتفاق النووي” كرد فعل على الانسحاب الأميركي.

وقال مساعد سكرتير الحكومة الياباني: “بالنظر إلى عزم إيران الانسحاب من الاتفاق النووي، فإننا نعتزم استخدام علاقاتنا الحسنة القديمة مع إيران والمساهمة في إقرار السلام والاستقرار بالمنطقة”. وبعدها بستة أيام زار وزير الخارجية، “محمد جواد ظريف”، “طوكيو”، والتقي رئيس الوزراء كمؤشر على ترحيب “إيران” بالوساطة اليابانية.

ألمانيا..

كما الحال مع الغول الاقتصادي الياباني، يرتبط الغول الاقتصادي الألماني بالصادارت النفطية في الخليج.

مع هذا؛ لا يجب أن ننسى أن “اليابان” و”ألمانيا” من أهم الخيارات المرشحة للحصول على “العضوية الدائمة” بـ”مجلس الأمن”. ولذلك شاركت “ألمانيا”، بالإضافة إلى الدول الخمس دائمة العضوية في “مجلس الأمن” بمفاوضات “الاتفاق النووي”.

من ثم لو تنجح “اليابان” و”ألمانيا” في إنقاذ العالم من كارثة كبيرة؛ فقد أنقاذا اقتصادهما، وأثبتا جدارتهما للعضوية الدائمة في “مجلس الأمن”.

السويد وباكستان..

“السويد”، راعي المصالح الأميركية” في “إيران”، و”باكستان”؛ راعي المصالح الإيرانية في “أميركا”. وقد أضحت البلدان، بموجب المهمة الموكلة إلهما، قنوات اتصال غير مباشرة بين “إيران” و”أميركا”.

وبغض النظر عن استضافة “السويد”، (إلى جانب النمسا)، مفاوضات “الاتفاق النووي”، لكن تشير التقارير لاتصال، “دونالد ترامب”، الهاتفي مع مكتب رعابة المصالح الأميركية بـ”سفارة السويد” في “طهران”، وهو ما يعني قبول “أميركا” بوساطة “السويد” في الأزمة.

من جهة أخرى؛ كانت زيارة، “محمد جواد ظريف”، إلى “إسلام آباد”، بتاريخ 23 أيار/مايو الجاري، بمثابة موافقة على تفعيل وساطة “باكستان”، باعتبارها راعي المصالح الإيرانية في “أميركا”. كذلك تعلم “إسلام آباد” أن الحرب على “إيران” سوف تسري عليها بلا شك. لذلك زار “ظريف”، دولة “باكستان”، ثلاث مرات منذ انتخاب، “عمران خان”، رئيسًا للوزراء.

العراق..

إذا كان كل دول الجوار الإيراني تنُعم بفرصة أن تنأى بنفسها عن التعرض لإرتدادات الحرب “الإيرانية-الأميركية”، فـ”العراق” لا ينُعم، وكذلك “لبنان”، بتلك الفرصة.

ولم توقف قدرة “حزب الله” القتالية على الإنخراط في أي حرب لصالح “إيران” على موافقة حكومة “لبنان” المركزية، وكذلك لن تنتظر الميليشيات المحسوبة على “إيران”، في “العراق”، مثل “الحشد الشعبي”؛ موافقة “بغداد”.

ولا يخفى على أحد؛ الاستثمارات التاريخية والمادية والمعنوية والعسكرية الإيرانية في “العراق”، مثل “مراسم الأربعين” السنوية. ولذلك لم يكن مستغربًا أن يوجه، “مقتدى الصدر”، المرجع الشيعي المنفصل عن “إيران”، بخروج المسيرات في “العراق”؛ تعبيرًا عن رفض الحرب وتوريط “العراق” في هذه الحرب.

يستخلص الدبلوماسي الإيراني السابق، من كل تلك الاعتبارات، نتائج :

1 – تفعيل قنوات الوساطة الست يعكس إتساع دائرة القلق.

2 – عدم رفض، أيًا من الطرفين الإيراني والأميركي، للدول التي تبدي استعدادها للوساطة؛ إنما يعني أن باب الدبلوماسية مازال مفتوحًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة