خاص : ترجمة – بوسي محمد :
بعد اتهامها بنشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة بجانب تورطها في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، أعلنت شركة الـ (فيس بوك) عن استعدادها لإنتهاج خطة جديدة للقضاء على الأخبار المزيفة والخطيرة.
وكانت (فيس بوك) قد تعرضت لموجة من العنف الشديدة في “الهند” و”سريلانكا” و”ميانمار”، وهو الأمر الذي دفع الشبكة الاجتماعية إلى تغيير سياسي غير محسوب.
وفقًا لصحيقة (واشنطن بوست) الأميركية، تتعامل الـ (فيس بوك) مع المعلومات المضللة من خلال جعلها أقل بروزًا في خلاصات الأشخاص بدلاً من القضاء عليها، وهو الأمر الذي تعرضت بشأنه للعديد من الانتقادات الحادة، حيثُ هدد عدد كبير من عملائها بإلغاء حساباتهم من الشبكة، وهو الأمر الذي يكاد أن يهدد عرشها في سوق “العصر الرقمي”، وربما يكون هذا سببًا في أعلانها عن اعتزامها في حذف المعلومات غير الدقيقة أو المضللة التي تم إنشاؤها أو مشاركتها بغرض المساهمة في العنف أو الأذى الجسدي أو تفاقمه.
خطة الـ”فيس بوك” الجديدة معقدة ومبهمة..
قال الخبراء التقنيين؛ أن الخطة الجديدة التي تنتهجها الـ (فيس بوك) للقضاء على المعلومات المضللة، تبدو في ظاهر الأمر، وكأنها سياسة معقولة وجيدة النية، لكن عندما تتمعن في تفاصيلها جيدًا تشعر أنها مهمة معقدة ومثيرة للذهول. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تقويض أي نجاح من خلال حقيقة أن الكثير من المعلومات المضللة في “جنوب آسيا” تنتشر من خلال منصة الـ (واتس آب) التابعة لـشركة الـ (فيس بوك)، ما يجعل عملية تشفير المحتوى أمرًا مستحيلاً.
وكشفت الـ (فيس بوك) أن سياسة التغيير سيتم تطبيقها في “سريلانكا” أولاً، باعتبارها أكثر دولة هاجمت الـ”فيس بوك” بعد أن تسببت في نشر أعمال الشغب والضرب وتدمير المساجد والمسلمين، بسبب المعلومات المزيفة التي تم نشرها عبر منصتها، التي كانت تفيد بأن المسلمين كانوا يضعون حبوب التعقيم في الغذاء المخصص للأغلبية “السنهالية” في البلاد، وهذا غير حقيقي، وبناءً عليه منعت الحكومة السريلانكية، بشكل مؤقت، خدمات الـ”فيس بوك” في آذار/مارس الماضي.
الـ”فيس بوك” تحاول إسترجاع ثقة المستخدمين..
قالت شركة الـ (فيس بوك) إنها تعمل مع مجموعات المجتمع المدني المحلية لتحديد المحتوى الذي قد يساهم في إلحاق الأذى الجسدي والنفسي. وبمجرد أن تتحقق الشركة من أن المعلومات خاطئة؛ ويمكن أن تكون عاملاً مساهماً في العنف، ستقوم بحذفها على الفور.
وكانت الشركة قد أزالت المحتوى الذي زعم فيه البعض بأن المسلمين كانوا يسممون الطعام بسبب حالات الشغب التي تسببتها تلك المنشورات.
يبدو أن إعلان السياسة قد تم طرحه لتقديم بعض “الأخبار” لعشرات الصحافيين غير الأميركيين الذين نقلهم موقع “فيس بوك” من “أوروبا” و”آسيا” و”أميركا اللاتينية” لحضور حدث إعلامي لمدة يوم واحد في مقر الشركة في “مينلو بارك”.
وقد يفسر ذلك سبب عدم قدرة ممثلي (Facebook) على الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بخصائص السياسة، والتي تخطط الشركة لطرحها خلال الأشهر القادمة.
وبعيدًا عن الجوانب العملية لتنفيذ السياسة، يبدو أن أحد التحديات الأكثر وضوحًا هو كيف سيعرف موقع “فيس بوك” إذا كانت أفعاله تساعد حقًا في التخفيف من حدة العنف ؟
وفي هذا السياق؛ قالت “جوان دونوفان”، من “داتا أند سوسايتي”، أن شركة الـ (فيس بوك) لن تحدد نوعية الضرر الذي ستمنعه.
وأضافت قائلة: “ولكن مع ذلك، حتى في شكلها الفوضوي، كان التحديث موضع ترحيب من قبل أولئك الذين أصيبوا بالإحباط بسبب تقاعس (فيس بوك) باسم حرية التعبير”.
ومن جانبها أشادت “كلير واردل”، وهي زميلة أبحاث في مركز “شورينستاين” للإعلام والسياسة العامة في جامعة “هارفارد”، بخطوة الـ (فيس بوك) بشأن حماية مستخدميها، معتبرة أن الـ (فيس بوك) إتخذت خطوة إيجابية إلى الأمام، وقالت أنها دعوة للإستيقاظ في الأشهر الستة الأخيرة، بعد أن لمسنا كيف تتحول الإشاعات إلى عنف.
وأضافت: “لا يمكن أن نعتبر أن الأمر سهلاً، فالعملية معقدة بشكل كبير وآمل أن تعمل بشكل وثيق مع مجموعات المجتمع المدني المحلية وتوظف موظفي الإعتدال من الناس الذين يتحدثون اللغات المحلية، في حين يمكن لمجموعات المجتمع المدني تحديد المحتوى الذي قد يحرض على العنف، إلا أنه لا يستطيع الوصول إلى الرسم البياني الاجتماعي على الـ (فيس بوك)”.
وقالت “دونوفان”: “يعرف الـ (فيس بوك) الطرق التي يسلكها هذا التضليل، فهو يحتاج إلى استخدام بياناته الخاصة والاستثمار في تلك المجموعات التي يمكن أن تساعدهم على فهم سياق بياناتهم لتحديد التلاعب الفعلي وإحباط هذه الحسابات”.
الـ”واتس آب” عقبة في طريق الـ”فيس بوك”..
وأشارت “دونوفان” إلى أن الـ (فيس بوك) إذا نجح في كشف المعلومات الخاطئة على برنامجه الرئيس، فإنه يواجه مشكلة أكثر تعقيدًا بسبب الـ”واتس آب”، لافتة إلى أن أخطر الإشاعات المنتشرة في “جنوب آسيا” تأتي للمواطنين عن طريق رسائل عبر الـ”واتس آب”، والأخطر في المشكلة أن الـ”فيس بوك” لا يمكنه رؤية أو تعديل محتواه بسبب التشفير.
وأوضحت؛ في أماكن مثل “سريلانكا” و”الهند”، يستخدم الأشخاص تطبيق المراسلة بشكل مختلف عن الأميركي العادي.
وأضافت؛ سوف ينضم المستخدمون إلى مجموعات تضم أكثر من 100 مشارك “مجموعات الواتس آب”، وتستخدم لبث ومناقشة القضايا المحلية والمعلومات المضللة.
واستطردت قائلة: “الشبكات أشبه بقرص العسل، مع وجود عملاء سياسيين في جميع المجموعات المختلفة، فحتمًا سيشعلون حريقًا في كل من هذه المجموعات، ثم يرسل نشطاء سياسيون آخرون الرسالة إلى مجموعات أخرى”.
وقالت: “بما أن المفتاح ليس خوارزميًا وإنما إنسانيًا، فهذا يعني أن الـ (فيس بوك) في الواقع تحاول التحكم في السلوك البشري”.
وفي سياق متصل؛ قال “بانكاغ غاين”، الذي يدير موقع التحقق الهندي “SM Smax Slayer” المكرس لنشر أخبار مزيفة على الإنترنت، إن الـ”واتس آب” أسوأ من الـ”فيس بوك” بشأن نشر المعلومات المضللة. ويرجع هذا إلى سهولة استخدامه، بجانب ميزة الخصوصية التي يتمته بها تطبيق المراسلة الـ”واتس آب”.
وتابع: “يدرك الأشخاص الذين ينشئون أخبارًا مزيفة وينشرونها؛ أنه لا يمكن تتبعها عبر الواتس آب، لذا يكون هو خيارهم الأول لنشر الأخبار المزيفة”.
واتفق معه “هارش بودار”، وهو مسؤول كبير بالشرطة في مدينة “ماليغاون” بولاية “ماهاراشترا” الهندية، والذي تعامل مع عنف الغوغاء بسبب مخاوف لا أساس لها من الصحة بشأن خطف الأطفال. لكنه أشار إلى أن سياسة الـ (فيس بوك) الجديدة قد تكون مفيدة في القضاء على بعض مقاطع الفيديو والمذكرات التي يتم مشاركتها من خلال الـ”واتس آب”.
ويأمل “بودار” أن يستجيب الـ”فيس بوك” للطلبات الواردة من تطبيق القانون المحلي للمساعدة في تحديد المخالفين المعتادين على الـ”واتس آب”.
ووصف المتحدث باسم الـ”واتس آب”، “كارل ووغ”، متحدثًا في الحدث الإعلامي على الـ”فيس بوك”، العنف في “سريلانكا” و”الهند” بأنه “مروع”.
وأضاف: “كانت الشركة تعرض إعلانات في وسائل الإعلام الهندية وتعمل مع مجموعات المجتمع المدني لإدارة دورات تدريبية حول المعلومات المضللة ومحو الأمية الرقمية، قدم التطبيق أيضًا تصنيفًا جديدًا للرسائل التي تم إعادة توجيهها، مما يبرز أن عنصر المحتوى لم يتكون في الأصل من قِبل المرسل”.
وتابع: “بدون الوصول إلى محتوى رسائل الـ (واتس آب)، يجب أن يركز الـ (فيس بوك) على البيانات الوصفية، بما في ذلك المعرفات الهاتفية وعناوين (IP)، وكيفية تدفق الرسائل بين أعضاء المجموعات المختلفة ومن هم المؤثرون”.