خاص : ترجمة – محمد بناية :
إقترب موعد الانتخابات؛ وتسعى بعض التيارات السياسية للفوز على الخصوم والمنافسين بأي وسيلة. وتراهم أحيانًا يصفون المنافسين بـ”أعداء الثورة”، ويعزون أحيانًا أخرى كل المشكلات التي تعانيها “إيران” إلى فشل التيار المنافس.
يتحدثون عن المأزق الاقتصادي والمعيشي؛ في حين يلتزمون الصمت إزاء لوائح (FATF) و(CFT) ويتسببون في مشاكل للقطاع المصرفي الإيراني. ويواصلون الحديث عن تنمية الإنتاج المحلي والصادرات غير النفطية؛ ويؤكدون في الوقت نفسه قدرة البلاد، (تحت وطأة العقوبات)، على الاستمرار في المسار العادي.
كل هذا في حين لا يحق للبعض أساسًا، طبقاً للقانون ووصية مؤسس الثورة الرسمية، الترشح في الانتخابات والتدخل في الشأن السياسي للبلاد.
وقد تسببت المطالب التي طرحها، اللواء “محمد علي جعفري”، القائد العام السابق لـ”الحرس الثوري”، في إثارة غضب، “علي مطهري”، النائب عن “طهران” في البرلمان الإيراني. حيث تساءل مسؤول معسكر “بقية الله” (الثقافي-الاجتماعي)، في إطار شكواه من عملية فحص الصلاحية، عن أسباب عزوف “مجلس صيانة الدستور” عن التفتيش في “المعتقدات الفكرية” للمتقدمين، وأكد: “حتى في الدول التي هي مهد الديمقراطية، لابد من أن تتناغم رؤية الفرد مع الرؤية الحكومية، فلا يكفي أن يقول أحدهم أنا في الإطار ذاته”. وأدعى فحص جميع الدول، المعتقد الفكري للأفراد، ومن ثم يجب على “مجلس صيانة الدستور” عدم تأييد صلاحية من يميلون فكريًا لـ”العلوم الإنسانية الغربية” للترشح في الانتخابات. بحسب صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية الإصلاحية.
يكفي قبول الدستور..
يُدرج النائب البرلماني، “علي مطهري”، هكذا رؤية ضمن نزعة “التفتيش العقائدي في القرون الوسطى”؛ ويصفها بالمغايرة تمامًا لآراء السادة، “الخميني” و”علي خامنئي”. وكتب رسالة إلى، “جعفري”، جاء فيها: “عزيزي.. أولاً يُحظر على العسكريين دخول عالم السياسة، سواءً من الناحية العقلية أو من حيث توصيات آية الله الخميني المتكررة. ثانيًا يتعارض رأيكم مع موقف المرشد أيضًا”. وقد أكد مرارًا: ربما يختلف أحدهم معي في الرأي، ويجب أن تسمحوا لهم بالتعبير عن آرائهم. أو كما في اللقاء مع الطلاب: من يقول لا تنتقدوني، انتقدوني”.
وبحسب “مطهري”؛ يتعارض مطلب القائد العام السابق لـ”الحرس الثوري”، مع سيرة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم)؛ والآئمة الأطهار، وبخاصة الإمام علي (رضي الله عنه)، الذي قال: “انتقدوني في السر والعلن”، وهو الذي لم يقيد حرية رأي أكبر أعدائه، (الخوارج)، إلا حين رفعوا السلاح عليه.
وأضاف: “قلما تتفق الأسس الفكرية لإثنين في جميع الحوزات، والمرشد نفسه لا يتوقع هكذا أمر. لذلك يكفي الإقرار بالدستور في تأييد صلاحية المرشحين من المنظور الفكري”.
تبعات هذه الرؤية غير اللائقة..
في ظل الأجواء الخطيرة الراهنة التي تعيشها البلاد، يشدد الجميع على الحاجة لإقامة انتخابات تحظى بالحرية الكاملة؛ وبالتالي قبول شعبي واسع، والقضاء على بعض المخاوف القائمة وكذلك منح السلطة المزيد من الحرية في تخطيط السياسات الخارجية.
ولن يكون هذا ميسورًا حال سيادة الرؤية التي شبهها “مطهري”، بـ”محاكم التفتيش في القرون الوسطى”.
وسيادة هكذا رؤية؛ سوف يحول دون إقبال المواطنين على صناديق الإقتراع والمشاركة في عملية الديمقراطية، ومن جهة أخرى لن يتمتع الفائزون في الانتخابات، (حتى لو أقبل المواطنون على صناديق الإقتراع)، بالفاعلية اللازمة، وسوف تتكرر على أحسن الفروض تجربة البرلمان العاشر، حيث لجأ الإصلاحيون لبيان عوار نظام إقامة الانتخابات إلى تقديم قائمة من شخصيات مجهولة باعتبارها محسوبة على “التيار الإصلاحي” للحيلولة دون فوز المنافسين بعضوية البرلمان، وبهذا التكنيك فشل 30 مرشح أساس عن “التيار الأصولي” بـ”طهران” في دخول البرلمان.
وبالتالي لم يلبي البرلمان تطلعات الإصلاحيين ولا يحظى بقبول الأصوليين، وهو ما قد يضع البلاد، (إذا تكررت التجربة)، في هذه المرحلة الراهنة بمأزق كبير.