خاص : كتبت – نشوى الحفني :
لأول مرة منذ عقود، شهدت العاصمة الأميركية، “واشنطن”، حدثًا فريدًا وغير مسبوق بتنظيم أول “مظاهرة مليونية” تدعو: لـ”ردع ومعاقبة إسرائيل”، وهو الحدث الأكبر في “واشنطن”، الذي تنظمه الجاليات العربية والإسلامية بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني في “الولايات المتحدة الأميركية”، والمؤسسات العربية والإسلامية والفلسطينية والأميركية العاملة في “الولايات المتحدة”، بجانب الناشطين والمدافعين عن الحق الفلسطيني في المجتمع الأميركي، تحت عنوان: “معاقبة وردع إسرائيل”، وذلك تنديدًا بجرائم الاحتلال المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، والتي كان آخرها العدوان على “قطاع غزة”.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، (وفا)؛ بأن المظاهرة إنطلقت من أمام نصب “لينكولن” التذكاري وصولاً إلى الساحة المطلة على “البيت الأبيض”.
وأشارت الوكالة إلى أن: “المؤسسات دعت، أبناء الجاليات، للمشاركة بقوة في المظاهرة، لإيصال رسالة الشعب الفلسطيني للرأي العام الأميركي وصناع القرار في البيت، الأبيض ومجلسي الشيوخ والنواب، بضرورة لجم سلطات الاحتلال العنصرية والعدوان المتواصل ضد شعبنا”.
وأضافت أن: “المشاركين رفعوا العلم الفلسطيني في المسيرة، بصورة تُظهر لحمة الشعب في الداخل والشتات ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلي العنصرية، مطالبين الإدارة الأميركية بوقف دعم حكومة الاحتلال لقتل أبناء شعبنا، في الضفة والقدس وغزة، وضرورة إنهاء أطول احتلال في التاريخ المعاصر”.
تتويج للمظاهرات السابقة..
وتم الحشد الجماهيري للتظاهرة المليونية، في العاصمة الأميركية، بعد النجاح الكبير في حشد عشرات الآلاف خلال المظاهرات، التي نظمت إبان العدوان الإسرائيلي على “قطاع غزة”، وعنف وإرهاب سلطات الاحتلال في “القدس” المحتلة، واقتحامات “المسجد الأقصى”، في العديد من المدن الأميركية؛ أبرزها في: “نيويورك، وشيكاغو، وديربورن، وتكساس، وسان فرانسيسكو”.
أحد المنظمين للمظاهرة، وهو من ولاية “تكساس”، قال إن التحضيرات؛ كانت مستمرة ومكثفة لحشد أكبر تجمع تشهده العاصمة الأميركية، “واشنطن”، لصالح “القضية الفلسطينية”، للتنديد بجرائم الاحتلال، وإيصال رسالة للإدارة الأميركية بأن “القدس” و”المسجد الأقصى” خط أحمر لكل العرب والمسلمين، وضرورة إيقاف المساعدات العسكرية الأميركية عن دولة الاحتلال التي تستخدمها في جرائمها ضد أبناء الشعب الفلسطيني، لتوطيد نظام “الابرتهايد” التوسعي الاستيطاني على حساب حقوق الفلسطينيين.
وأوضح، أن الدعوات: لـ”التظاهرة المليونية”، وجهت عبر المؤسسات المحلية، في الولايات والمدن الرئيسة الأميركية، لتسيير حافلات لنقل المشاركين من مراكز المدن باتجاه العاصمة، “واشنطن”، لتكون المظاهرة تتويجًا للمظاهرات الضخمة غير المسبوقة التي نظمت، الأسبوع الماضي، في معظم المدن الأميركية.
تحول كبير في توجه الرأي العام الأميركي..
وفي تعليق على ذلك، يؤكد الباحث الأميركي، “غيرالد ماسون”، أن التظاهرة المليونية التي شهدتها العاصمة، “واشنطن”، يوم السبت، تُعبر عن تحول كبير في توجه الرأي العام الأميركي، وحيث ترتفع شعارات الإدانة لـ”إسرائيل”، مقابل الدعم للفلسطينيين وقضيتهم التاريخية.. وقال الباحث الأميركي، إن “واشنطن”؛ هي المحطة الأخيرة والكبرى للتظاهرات الأميركية التي شهدتها ولايات ومدن أميركية أعلنت رفضها لسلوك وممارسات الاحتلال في آخر: “جيب استعماري” من زمن المستعمرات والاحتلال.
ويضيف “غيرالد ماسون”: إن المظاهرة المليونية دفاعًا عن الفلسطينيين وقضيتهم، تمثل تغييرًا لافتًا في “الولايات المتحدة” لإعلاء حقوق الإنسان الفلسطيني وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولتهم المستقلة بجوار “إسرائيل”.. وحيث لم يُعد مقبولاً صمت المجتمع الدولي و”الولايات المتحدة” على ما يعانيه الشعب الفلسطيني من ظلم وعنف وإرهاب.
حالة مستجدة تجاه الإدارة الأميركية الجديدة..
من جانبه، قال المحلل السياسي “ناجي شكري الظاظا”، إن: “العدوان الأخير والثورة التي حدثت مؤخرًا، أظهرت مدى عنصرية الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما تحدث عنه أعضاء في الحزب الديمقراطي”، لافتًا إلى أن هذه المظاهرات تُعبر عن حالة مستجدة تجاه الإدارة الأميركية.
ولفت “الظاظا” إلى أنها: “مظاهرات تلقائية من قبل منظمات مدنية في الداخل الأميركي، وبدون تنسيق مسبق مع أي جهة رسمية أو غير رسمية في الداخل”، مؤكدًا أن رسالة هذه المظاهرات تقول إن على “الولايات المتحدة” أن تراجع سياساتها تجاه هذه القضية.
تشكيل واقع جديد تجاه الملف الفلسطيني..
فيما أشار الدكتور “إدموند غريب”، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “جورج تاون”، فأشار إلى أن: “هذه المؤسسات لها تأثير ما، خاصة عندما أنضم إليها، كما حدث في المظاهرات الأخيرة، مؤسسات وأفراد آخرين ينتمون لجهات ومؤسسات أخرى؛ مثل الأفارقة السود وأفراد من اللوبي اللاتيني، ويهود أرثوذكس معارضون لإسرائيل”.
مضيفًا أن: “الوضع في المنطقة العربية يؤثر سلبًا على مثل هذه التحركات، مثل التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، وكذلك الانقسام العربي والفلسطيني”.
وقال إنه: “ليس معنى هذا أن أميركا ستغير موقفها حالاً، تجاه إسرائيل، وستتخلى عن دعمها لها، وإنما يشير هذا إلى أن واقعًا جديدًا بدأ يتشكل تجاه هذا الملف، وهو ما سيحدث تأثيرًا في القرار الأميركي”.