خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
نشر (المركز المقدسي للشؤون العامة والدولة في إسرائيل) مقالاً للخبير الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الفلسطينية والعربية، “يوني بن مناحم”، مقالاً تحليليًا؛ تناول فيه استمرار الخلافات بين حركتي “فتح” و”حماس”، مؤكدًا على أن رئيس السلطة الفلسطينية، “محمود عباس”، قد أدخل “السلطة الفلسطينية” في عزلة سياسية بعدما قاطع “مفاوضات القاهرة” ورفض مقابلة مدير المخابرات المصرية اللواء، “عباس كامل”.
“عباس” يتخلف عن الركب..
يقول “بن مناحم” إن رئيس “السلطة الفلسطينية” يواجه أزمة حقيقية؛ حيث يشعر بأنه يتخلف عن ركب الحراك السياسي وأن خصمه اللدود المتمثل في “حركة حماس” بات، لأول مرة، قاب قوسين أو أدنى من إبرام اتفاقية تهدئة طويلة الأمد مع “إسرائيل” من دون مشاركة “منظمة التحرير الفلسطينية”، وهو الأمر الذي سيضر كثيرًا بشرعية “منظمة التحرير”؛ باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
عقوبات “عباس” لم تؤتي ثمارها..
جدير بالذكر أن العقوبات التي فرضها “عباس” على “قطاع غزة”، منذ أكثر من عام، لم تنجح في إجبار قيادة “حماس” على قبول مطالبه. كما لم ينجح “عباس” في تحريض أهالي “غزة” على سلطة “حماس” أو خلق أجواء تشبه ظاهرة “الربيع العربي” في القطاع.
والأدهى من ذلك أن العقوبات، التي فرضها “عباس”، عادت عليه بالوبال وهو الآن يهدد مرة أخرى بفرض عقوبات جديدة على القطاع وعلى “حركة حماس”.
ويقول “عباس” للمقربين منه: “إن السلطة الفلسطينية ليست ماكينة الصراف الآلي لقطاع غزة، فإذا أبرمت حماس اتفاقيات بدلاً من منظمة التحرير الفلسطينية، فعليها أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن قطاع غزة”.
وفي أعقاب المفاوضات المتسارعة مع ممثلي الفصائل الفلسطينية حول اتفاق الهدنة واتفاق المصالحة برعاية مصرية، قرر “عباس” رفض الاجتماع بمدير المخابرات العامة المصرية، “عباس كامل”، خلال زيارته لإسرائيل، الأسبوع الماضي، بل إنه منع وفد “حركة فتح” من التوجه إلى “القاهرة” للمشاركة في المفاوضات.
التوتر بين القاهرة ورام الله..
يرى “بن مناحم” أن هناك توتر شديد بين “السلطة الفلسطينية” و”مصر”، حيث يشعر رئيس “السلطة الفلسطينية” بالغضب الشديد بسبب التقارب الملحوظ بين “مصر” و”حركة حماس”، وكذلك بسبب الإجراءات التي إتخذتها “مصر” – مثل فتح “معبر رفح” وإدخال السولار إلى “قطاع غزة” من أجل تشغيل محطة توليد الكهرباء – وهو ما أدى إلى إبطال مفعول العقوبات التي فرضتها “السلطة الفلسطينية” على “قطاع غزة”، من أجل الضغط على قيادة “حماس”.
والآن يهدد “عباس” بوقف المساعدات الشهرية التي ترسلها “السلطة الفلسطينية” إلى “قطاع غزة”، والتي تبلغ قيمتها 96 مليون دولار، إذا لم يُشرف هو شخصيًا على مفاوضات اتفاق التهدئة مع “إسرائيل” ويوقع عليه باسم “منظمة التحرير الفلسطينية”.
ومعنى ذلك التهديد هو أن “السلطة الفلسطينية” ستقطع كل صلة لها بـ”قطاع غزة”، بعد إنقضاء 12 عامًا على سيطرة “حماس” بالقوة على القطاع، وبالتالي سيتحول “قطاع غزة” إلى كيان سياسي واقتصادي مستقل.
هدوء حذر..
يضيف “بن مناحم”؛ أنه من غير الواضح حتى الآن إن كانت الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق تهدئة بين “إسرائيل” و”حماس” ستُكلل بالنجاح أم لا، في ضوء الوضع الميداني الهش، الذي يشهد وقف لإطلاق النار قد ينهار في أي لحظة.
إذ تواصل “حركة حماس” تنظيم المظاهرات بطول السياج الأمني مع “إسرائيل”، بالإضافة إلى ممارسة الإرهاب وإشعال الحرائق، ومن المحتمل أيضًا أن تفشل المفاوضات بشكل كامل فتقرر “حماس” الدخول في مواجهة عسكرية كبرى ضد “إسرائيل”، ولن تعود حينئذ إلى طاولة المفاوضات إلا بشروط أفضل من وجهة نظرها.
حماس لا تُلقي بالاً بتهديدات “عباس”..
كما تبدو الأمور الآن؛ فإن “حركة حماس” لا تُلقي بالاً بتهديدات “عباس”، حيث تقول مصادر حمساوية إن “عباس” يهدد “بمُسدس فارغ من الطلقات”، فإذا قطع المساعدات الشهرية عن “قطاع غزة” بمجرد التوصل إلى اتفاق تهدئة مع “إسرائيل”، فإن الدول العربية والأمم المتحدة ستقدمان تعويضات للقطاع عن كل الأضرار الاقتصادية التي سببها “عباس” جراء ما فرض من عقوبات.
لذلك؛ تعتزم “حركة حماس” مواصلة المفاوضات في “القاهرة”، بعد إنتهاء إجازة عيد الأضحى، حتى لو لم يشارك وفد “حركة فتح”، ومن المعلوم أن المصريين يعطون الأولوية للتوصل إلى اتفاق سلام مع “إسرائيل”؛ قبل إحراز اتفاق المصالحة بين “فتح” و”حماس”، وسيقرر “عباس” ما إذا كان يشارك في تلك اللعبة أم سيحاول إفشالها.
“عباس” يواجه عزلة سياسية..
بحسب المحلل الإسرائيلي؛ فإن “عباس” مُنشغل الآن بشن حملة تشويه ضد خصومه، حيث يتهم “حركة حماس” بالخيانة، مُدعيًا أنها تساعد “الولايات المتحدة” و”إسرائيل” على تنفيذ المرحلة الأولى من “صفقة القرن” والمعروفة باسم “غزة أولاً”.
وهنا يتجاهل رئيس “السلطة الفلسطينية” الإجراءات التي إتخذتها الإدارة الأميركية بالفعل لتنفيذ “صفقة القرن”، وهي إعلان “القدس” عاصمة لإسرائيل، ونقل مبنى السفارة الأميركية من “تل أبيب” إلى “القدس”، وتخفيض ميزانية “الأونروا”، (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين).
ولقد وضع رئيس “السلطة الفلسطينية” نفسه في عزلة سياسية عندما رفض مقابلة مدير المخابرات المصرية، ورفض أيضًا إرسال وفد من “حركة فتح” للمشاركة في المفاوضات التي تستضيفها “القاهرة”.
الانقسام أم الوحدة..
ختامًا يشير “بن مناحم”؛ إلى أن “إسرائيل” و”مصر” و”الولايات المتحدة” و”حماس”، وباقي الفصائل الفلسطينية، ترى أن “عباس” يحاول إفشال اتفاقيتي التهدئة والمصالحة، وما يؤكد عزلته السياسية أنه عقد اجتماعًا للمجلس المركزي لـ”منظمة التحرير الفلسطينية” في نهاية الأسبوع الماضي دون مشاركة الفصائل الفلسطينية.
ويقول مسؤولون في “منظمة التحرير الفلسطينية” إنه من غير المعقول أن تقود الفصائل، التي ليس لها ثقل سياسي حقيقي، مفاوضات التهدئة من دون “حركة فتح”. لكن “حركة حماس” قد استطاعت أن تتجاوز “عباس” وتسبقه إلى خوض لعبة الشطرنج السياسية. ومن ثم سيتعين على “رئيس السلطة الفلسطينية” أن يقرر إلى أين سيقود الشعب الفلسطيني، هل إلى الانقسام أم إلى الوحدة.