وكالات – كتابات :
شهد العقد الماضي؛ زيادة غير مسبوقة في الدين العام، في المنطقة العربيّة، حيث بلغ: 1.4 تريليون دولار، في عام 2020، وحتى في دول “مجلس التعاون الخليجي”، ذات الدخل المرتفع، تضاعف إجمالي الدين العام خمس مرات تقريبًا، من نحو: 117 مليار دولار، في عام 2008؛ إلى حوالي: 576 مليار دولار، في عام 2020.
وتأتي هذه الأرقام في دراسة جديدة أطلقتها، اليوم؛ “لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا”، (الإسكوا)؛ تحت عنوان: “نقص السيولة وارتفاع الدين: عقبات على مسار التعافي في المنطقة العربية”.
نصف ديون المنطقة تقع على كاهل البلدان المتوسطة الدخل..
وتُقدم الدراسة لمحة عامة عن إجمالي الدين العام في المنطقة العربيّة، وخاصة عن الزيادات التي سجّلها على إثر جائحة (كوفيد-19)، كما تُحلّل التغيّرات في الدين العام الخارجي للدول، وتشرح الأسباب الهيكليّة لتراكمه، خلال السنوات الماضية. وتقدّم توصيات وتطرح تدابير على مستوى السياسات لتعزيز قدرة الدول على تحمّل هذه الديون وأعبائها، بهدف التخفيف من تأثيرها على السيولة والقدرة على الاستثمار في الخدمات العامة، كالخدمات الصحية والتعليمية.
وتُشير الأرقام إلى أن نصف الديون العامة في المنطقة تقريبًا يقع على كاهل البلدان المتوسطة الدخل، حيث ارتفع إجمالي الدين العام من: 250 مليار دولار تقريبًا؛ إلى: 658 مليار دولار؛ بين عامي: 2008 و2020.
وفي هذا الإطار، يشرح “نيرانغان سارانغي”، المشرف على فريق إعداد الدراسة، أن جائحة (كوفيد-19) فاقمت احتياجات البلدان في الحصول على السيولة، فعلى سبيل المثال، أستدان كل من: “الأردن وتونس ومصر”، في عام 2020، ما مجموعه: 10 مليارات دولار، في إطار آليات “صندوق النقد الدولي” للإقتراض القصير والمتوسط الأجل؛ لسدّ حاجاتها المُلحّة للسيولة، أما في البلدان المتضررة من الصراعات، مثل: “العراق وليبيا واليمن”، فقد وصل الدين العام إلى: 190 مليار دولار، في عام 2020، أي ما يُقارب: 90% من ناتجها المحلي.
من فائض إلى سلبي !
وبحسب الدراسة، لا تزال السياسات المالية والنقدية المتبعة عاجزة عن بناء القدرة على تحمل الديون في مختلف أنحاء المنطقة، ففي المتوسط، تحولت موازنات بلدان “مجلس التعاون الخليجي”، في ما يتعلق بالميزان الأولي بعد انخفاض عائدات “النفط”، منذ عام 2014، من “فائض” إلى “سلبي”.
وتفاقم العجز في الموازنات، في عام 2020؛ بسبب (كوفيد-19)، ليصل إلى: 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين ظلت الموازين الأولية في البلدان المتوسطة الدخل وأقل البلدان نموًا سلبيًا على مدى العقد الماضي، حيث بلغت في عام 2020؛ بالترتيب نسبة: 3- المئة و11- في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأدى الميزان الأولي السلبي إلى زيادة الإقتراض لتمويل الديون، وإلى تمديد الديون غير المسددة.
تمديد فترة الإعفاء إلى أواخر 2022..
ودعت (الإسكوا)، في الدراسة؛ الجهات الدائنة إلى تمديد فترة الإعفاء من سداد خدمة الديون، حتى أواخر عام 2022، وذلك في إطار مبادرة تعليق سداد خدمة الدين التي أطلقتها “مجموعة العشرين”، نظرًا للآثار الممتدة للجائحة، على أن يشمل ذلك البلدان النامية المُثقلة بالديون.
وأكّدت على أنه من أجل البناء على نحو أفضل بعد جائحة (كوفيد-19)، من الضروري أن تعمل الحكومات على تحسين الاتساق بين السياسات المالية والسياسات النقدية، وتفعيل أدوات مبتكرة لتخفيف عبء الديون؛ مثل مبادرة مقايضة الديون مقابل العمل المناخي التي أطلقتها (الإسكوا)، لتعزيز تمويل العمل المناخي والإسراع في تحقيق الأهداف العالمية.
وتستند الدراسة إلى بيانات مستخرجة من أداة تتبّع الحزم التحفيزية المنفّذة، استجابةً لـ (كوفيد-19)، التي طوّرتها (الإسكوا)، في تموز/يوليو 2021، لإلقاء الضوء على ما قدّمته البلدان للحد من الخسائر الناتجة عن الجائحة على مستوى الدخل والوظائف، والمبلغ الذي تحتاجه المنطقة لتحقيق تعافٍ مستدام وسريع، وهو ما يناهز: 460 مليار دولار.