29 مارس، 2024 5:26 ص
Search
Close this search box.

تضحية تركيا بـ”هيئة تحرير الشام” .. تكتيك لتأجيل معركة “إدلب” وتشجيع المعارضة على التسوية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة من شأنها قلب الموازين تجاه معركة “إدلب”، التي يتم التحضير لها منذ ما يقارب الشهر، صنّفت “تركيا”، الجمعة 31 آب/أغسطس 2018، “هيئة تحرير الشام” منظمةً إرهابية.

جاء ذلك في مرسوم صدر عن الرئاسة التركية ونُشر في الجريدة الرسمية، ليتطابق مع قرار “الأمم المتحدة” الذي صدر في، حزيران/يونيو الماضي، بإضافة “هيئة تحرير الشام” إلى قائمة الأفراد والمنظمات التي ستجمد أرصدتهم؛ بسبب صلات بتنظيمي (القاعدة) و(داعش).

ويأتي المرسوم قبل هجوم متوقع للجيش السوري، بدعم من “روسيا”، على محافظة “إدلب”، شمال غرب البلاد، حيث يعيش نحو ثلاثة ملايين شخص على الحدود مع “تركيا”.

هيئة تحرير الشام”.. ما هي ؟

وتعتبر “هيئة تحرير الشام”، التي تضم الجماعة التي كانت تُعرف باسم “جبهة النصرة” والمرتبطة بـ (القاعدة)، أقوى تحالف للمتشددين في “إدلب”، آخر منطقة كبيرة تحت سيطرة المعارضة وخارج سيطرة الرئيس السوري، “بشار الأسد”.

وتسيطر “هيئة تحرير الشام”، على نحو ستين في المئة من أراضي المحافظة الواقعة شمال غرب “سوريا”، والمحاذية لـ”تركيا”.

تشكلت أواخر سنة 2011، خلال الأشهر الأولى من عمر “الأزمة السورية”، وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح أبرز قوى المعارضة المسلحة للدولة السورية لخبرة رجالها وتمرسهم على القتال. وتبنت الجبهة عدة هجمات انتحارية في “حلب” و”دمشق”.

وفي محاولة لنزع صفة الإرهاب، وفك الإرتباط مع (القاعدة)، أعلن زعيم الجبهة، “أبومحمد الجولاني”، في 28 تموز/يوليو 2016، من خلال تسجيل بث على قناة (الجزيرة) القطرية، إلغاء العمل باسم “جبهة النصرة” وإعادة تشكيل جماعة جديدة باسم “جبهة فتح الشام”، ليس لها علاقة بأي جهة خارجية، في إشارة إلى تنظيم (القاعدة).

وفي مطلع العام الفائت؛ أعلنت “جبهة فتح الشام”، و”حركة نورالدين زنكي”، وثلاث فصائل أخرى حل الفصائل المذكورة وتشكيل “هيئة تحرير الشام”.

من جانبها؛ قالت “روسيا”، إن الحكومة السورية لها كل الحق في طرد الإرهابيين من “إدلب”، مضيفة أن المحادثات جارية لإقامة ممرات إنسانية هناك.

الحل العسكري سيكون كارثيًا..

وكان وزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”، قد قال الأسبوع الماضي، إن السعي لحل عسكري في “إدلب” سيكون كارثيًا حتى رغم وجود متشددين هناك.

وتعارض “أنقرة” بشدة القيام بعمل عسكري في “إدلب”، التي يعيش فيها نحو ثلاثة ملايين شخص، بعضهم جاءوا إليها من مناطق المصالحات التي جرت بين المعارضة السورية المسلحة والنظام السوري في “الغوطة” و”القلمون” وجنوب البلاد.

قد يشجع المعارضة على الدخول في تسويات..

ومن المتوقع أن يشجع القرار التركي فصائل المعارضة المسلحة، “المعتدلة”، على الدخول في تسويات ومصالحات مماثلة مع النظام، مع الإشارة إلى أن “موسكو” و”دمشق” تفضلان هذا الخيار المتمثل في “نصر دون حرب”.

المحللون يرون أن تصنيف “تركيا” لـ”جبهة النصرة”، منظمة إرهابية، جاء بضغط روسي، في محاولة لعزل التنظيم “المتشدد” عن باقي التنظيمات “المعتدلة”، المتحالفة مع “تركيا”، والتي ستضطر إلى عقد مصالحات مع النظام السوري بدلًا من خوض “معارك خاسرة”.

تكتيك لتأجيل المعركة..

ويضيف المحللون أن القرار التركي هو نوع من “التكتيك” لشراء الوقت بهدف تأجيل توقيت المعركة، مشيرين إلى أن تخلي “تركيا” عن “الجبهة”، في هذه اللحظات الحاسمة، سيدفع الكثير من عناصرها إلى البحث عن فرصة للنجاة، وهو ما سيضعف التنظيم، الأكثر قوة في “إدلب”.

ويوضح المحللون أن مثل هذا السيناريو سيجعل المعارك محدودة، مما سيحول دون تدفق أعداد هائلة من اللاجئين نحو “تركيا”، التي أعربت مرارًا عن خشيتها من أن تؤدي المعارك في “إدلب” إلى كارثة إنسانية جديدة تغرقها بمزيد من اللاجئين، الذين يقدر عددهم، حاليًا، بنحو ثلاثة ملايين يعيشون على الأراضي التركية.

وفي حال فتحت “أنقرة” حدودها، أثناء المعارك المحتملة، فستكون هناك كارثة جديدة في “تركيا”، وإذا أغلقتها، فستكون الكارثة أسوأ، وفقًا لمصادر رسمية تركية.

ورغم العقيدة الجهادية “المتزمتة” لأتباع “جبهة النصرة”، المرتبطة بـ (القاعدة)، الذين تمرسوا في ساحات القتال في “العراق وأفغانستان والشيشان” وغيرها، إلا أن “الجبهة” طُعمت كذلك خلال الحرب السورية، بعناصر أقل خبرة من مقاتلين عرب وأتراك وأوزبك وشيشانيين وطاغيك وقلة من الأوروبيين.

ويرى المحللون؛ أن مثل هذا “الخليط البشري غير المتجانس”، سيربك صفوف الجبهة بفعل القرار التركي، مرجحين أن تشهد الجبهة انشقاقات بين عناصر سيرضون بالتسوية وتسليم أسلحتهم، وآخرون سيقاتلون بدافع عقائدي إيديولوجي، حتى الرمق الأخير.

أنقرة مضطرة للتقيد بقرارها..

ورغم بعض الشكوك التي تحيط بمدى جدية “تركيا في الإلتزام بالقرار الذي صدر عنها حيال “جبهة النصرة”، إلا أن المحللين يرون بأن “أنقرة” مضطرة للتقيد بفحوى قرارها، لا سيما في ظل علاقاتها المتوترة مع “واشنطن” و”الاتحاد الأوروبي”، لافتين إلى أن “تركيا” لن تجازف بإغضاب “روسيا”، كذلك.

ويضيف المحللون أن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، لن يجد أفضل من معركة “إدلب” لإثبات جدية تحالفه مع “روسيا”، في وقت يعيش فيه وضعًا حرجًا بسبب تهاوي عملة بلاده، وتراجع علاقاته مع “أميركا” و”أوروبا”، وهو ما قد يتسبب في إنهيار شعبيته.

وكانت تقارير سابقة أفادت أن “تركيا” طلبت من “روسيا” مهلة تمتد حتى الرابع من أيلول/سبتمبر 2018؛ ريثما تتمكن من إقناع “جبهة النصرة” بحل نفسها والإندماج مع باقي فصائل المعارضة المسلحة، الأمر الذي قد يمنع هجوم الروس والنظام السوري على “إدلب”، غير أن القرار التركي الأخير أظهر أن “أنقرة” عجزت عن تحقيق هذا الهدف.

اجتماعات تشاورية..

وكانت صحيفة (الوطن) السورية، الموالية للنظام، قد نقلت عن مصادر مقربة من فصائل مسلحة في “إدلب” قولها إن “أنقرة” كانت قد دعت قيادات “النصرة” إلى اجتماعات تشاورية في “تركيا”، عقدتها على مدار 3 أسابيع، لبحث مصير “إدلب”، مشيرة إلى أن “النصرة” رفضت حل نفسها والإنضمام إلى تنظيم “الهيئة الوطنية للتحرير”، المدعوم من “تركيا”، لعدد من الأسباب، أحدها خلاف إقليمي ودولي حول مصير مقاتليها الأجانب الذين ترفض دولهم الأم عودتهم إليها وتطالب بتصفيتهم في “إدلب”.

وأضافت المصادر، وفقًا لـ (الوطن)، أن “النصرة” تخشى استهدافها من قبل “تركيا” عبر الائتلاف الجديد، “الهيئة الوطنية للتحرير”، الذي تطالب بعض فصائله بتصفية “النصرة”، لافتة إلى أنها “لا تثق بنوايا” أنقرة.

وتشكلت “الهيئة الوطنية للتحرير”، قبل نحو شهرين، بدعم تركي وتتضمن نحو 12 فصيلًا معارضًا.

خطوة إيجابية إلا أنها غير كافية..

الخبير التركي في العلاقات الدولية، “كريم هاص”، قال أن تصنيف “تركيا” لـ”هيئة تحرير الشام”، (جبهة النصرة سابقًا)، كمنظمة إرهابية يعتبر خطوة إيجابية قبيل قيام “الجيش السوري” بإطلاق العملية العسكرية لتطهير “إدلب” من المنظمات الإرهابية، إلا أنها، برأيه، لا تكفي نظرًا لوجود منظمات أخرى في “إدلب” تعتبرها “روسيا” إرهابية.

وقال “هاص”: “كانت أنقرة تبذل جهودًا هامة من أجل نزع السلاح من هيئة تحرير الشام وحل نفسها، وقيامها بتصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية يدل على أنها فشلت في تحقيق ذلك”.

وأضاف: “يبدو أن أنقرة لم تضغط على هيئة تحرير الشام من أجل التفاهم معها وإجبارها على إلقاء السلاح وحل نفسها”.

ولفت إلى أن “الجيش السوري” يستعد لشن عملية عسكرية، بدعم من “روسيا”، لتطهير محافظة “إدلب” من المنظمات الإرهابية المتطرفة وعلى رأسها “هيئة تحرير الشام”، ويعتبر تصنيف “أنقرة” لـ”هيئة تحرير الشام” كمنظمة إرهابية خطوة هامة قبيل بدء العملية العسكرية، إلا أنها غير كافية، حيث أن هناك منظمات مسلحة أخرى في “إدلب” تعتبرهم “روسيا” منظمات إرهابية.

واستطرد “هاص” قائلاً: “لا نعلم ما إذا كانت العملية العسكرية ستقتصر على هيئة تحرير الشام فقط؛ أم ستطال المجموعات المسلحة الأخرى أيضًا، وهذا ما سيظهر لاحقًا”.

وأعرب الخبير التركي عن اعتقاده بأن روسيا “لا ترغب في رؤية مسلحين في محافظة إدلب، إذ يوجد هناك مجموعات معارضة مسلحة مثل تنظيم أحرار الشام وهي مدعومة من تركيا، كما أن هذه المجموعات هي من بين المجموعات التي ترغب روسيا بعد فترة بتطهير إدلب منها”.

وتابع “هاص”: “قد تبذل تركيا جهدًا من أجل جلوس المجموعات المسلحة المعارضة، مثل تنظيم أحرار الشام، على طاولة المفاوضات مع الحكومة السورية، وإلا فإنها ستدرجهم على قائمة المنظمات الإرهابية بعد فترة ولو أنه ما زال احتمالاً بعيدًا”.

ترغب في حصر المعركة مع “هيئة تحرير الشام”..

وأوضح: “أن الجيش السوري وروسيا سيقومان بتنفيذ عملية ضد تنظيم تحرير الشام الإرهابي في إدلب بالوقت الحالي، لذا من الطبيعي أن تقوم تركيا بفك إرتباطها مع هذا التنظيم وتصنيفه كتنظيم إرهابي قبيل العملية العسكرية المرتقبة، رغم أن خطة أنقرة جاءت متأخرة وكان عليها إتخاذ هذه الخطوة منذ زمن بعيد”.

وأشار إلى أن “تركيا” لا تريد تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في “إدلب”، مؤكدًا على أن خطوة “أنقرة” هذه، والتي جاءت قبيل القمة الثلاثية بين “روسيا وإيران وتركيا” المرتقبة، في 7 أيلول/سبتمبر الجاري، في “إيران”، تأتي في إطار رغبتها بجعل العملية العسكرية المرتقبة في “إدلب” تقتصر على “هيئة تحرير الشام” دون أن تطال المجموعات المعارضة المسلحة الأخرى التي تدعمها، إلا أن هذا لا يتوافق مع موقف “روسيا” التي ترغب في تطهير المحافظة بشكل كامل من المنظمات المسلحة.

تنتهج إستراتيجية جديدة..

وفي هذا السياق؛ يرى أستاذ العلوم السياسية التركي، “سمير صالحة”، أن “تركيا”، بهذا الإعلان، تسير على خطى قرارات “الأمم المتحدة” و”مجلس الأمن القومي التركي”، وتريد أن توجه رسالة للتنظيمات الإرهابية في “إدلب” مفادها أن “أنقرة” سوف تنتهج إستراتيجية جديدة حيالها؛ إذا ما تمسكت بمواقفها بعدم الإستجابة للمطالب التركية في إطار مساعي الحل السياسي تجنبًا لما سينتج من التدخل العسكري.

وأشار “صالحة” إلى أن الإعلان التركي الأخير لا يعني فشل “أنقرة” في حل هذا التنظيم، مؤكدًا على أن المفاوضات التركية مع هذه التنظيمات لا تزال مستمرة لإيجاد مخرج سياسي، رغم أن المؤشرات الأخيرة، حسب قوله، تتجه نحو سيطرة الحل العسكري في “إدلب”.

فك الإرتباط بالتنظيمات المسلحة في “إدلب”..

وهو ما ذهب إليه الخبير الأمني، “هشام جابر”، في حديثه؛ مؤكدًا على أن “تركيا” تعني بهذا الإعلان فك الإرتباط بكل التنظيمات المسلحة في “إدلب”.

وأضاف “جابر”؛ أن هناك تنسيقًا “تركيًا-سوريًا” حول العملية العسكرية في “إدلب”، ولكن عن طريق “موسكو”، مؤكدًا أن “أنقرة” ستصبح أكثر مرونة الفترة القادمة في التعامل مع “موسكو” و”طهران” فيما يتعلق بالأوضاع في “إدلب”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب