16 نوفمبر، 2024 6:34 م
Search
Close this search box.

تصعيد المواجهات بين إسرائيل و”حزب الله” .. هل ينذر بجبهة جديدة تتحول لحرب إقليمية ؟

تصعيد المواجهات بين إسرائيل و”حزب الله” .. هل ينذر بجبهة جديدة تتحول لحرب إقليمية ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

تطورات ميدانية متسّارعة شهدتها جبهة “جنوب لبنان” وشمال “إسرائيل” خلال الأيام الأخيرة، حيث قصف الجيش الإسرائيلي؛ الجنوب اللبناني، واستهدف أعضاء بـ (حزب الله)، بينما كثف الأخير هجماته بالمُسيّرات على قرى في الشمال الإسرائيلي مما أدى إلى اشتعال نيران في الغابات.

وبدأ (حزب الله) تبادل إطلاق النار مع “إسرائيل”؛ في الثامن من تشرين أول/أكتوبر 2023، أي في اليوم التالي للهجوم الذي شنّته حركة (حماس) على مستوطنات إسرائيلية في “غلاف غزة”، فيما عرف بعملية (طوفان الأقصى) التي نفذتها “المقاومة الفلسطينية” ردًا على استفزازات مستوطنين صهاينة.

ويقول (حزب الله) إن الهدف من هجماته هو دعم الفلسطينيين الذين يتعرضون للقصف الإسرائيلي في القطاع.

وتبادل إطلاق النار بين الحزب و”إسرائيل”؛ جزء من التداعيات الإقليمية التي ترتبت على “حرب غزة”.

وسبق وأن خاضت “إسرائيل” و(حزب الله) حروبًا عديدة، كان آخرها في عام 2006.

ولطالما اعتبر “الكيان الصهوني”؛ (حزب الله)، أكبر تهديد على حدوده، ويشُّعر بقلقٍ شديد من ترسانته المتزايدة.

تأثير الصراع..

أثر الصراع سّلبًا بالفعل على كلا الجانبين؛ فقد اضطر عشرات الآلاف من السكان إلى الفِرار من منازلهم على جانبي الحدود، واستهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مناطق ينشط فيها (حزب الله)؛ في “جنوب لبنان” وقصفت “سهل البقاع”؛ بالقرب من الحدود السورية.

كما شنّت “إسرائيل” هجمات في بعض الأحيان على أماكن أخرى، أدت إلى مقتل قيادي كبير في (حماس) في العاصمة؛ “بيروت”، في الثاني من كانون ثان/يناير 2024.

وأسّفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل نحو: (300) من مقاتلي (حزب الله)؛ في “لبنان”، وهو ما يزيد عما فقده عام 2006؛ وفقًا لإحصاء لـ (رويترز)، كما يُظهر إحصاءٍ آخر أن نحو: (80) مدنيًا قُتلوا.

وتقول “إسرائيل” إن الهجمات من “لبنان” أسّفرت عن مقتل: (18) جنديًا إسرائيليًا و(10) مدنيين.

وفي “إسرائيل”؛ يُشّكل نزوح عدد كبير من السكان قضية سياسية كبيرة، ويأمل المسؤولون أن يتمكن هؤلاء من العودة إلى منازلهم قبل العام الدراسي الذي يبدأ في الأول من أيلول/سبتمبر المقبل.

تهديدات متبادلة..

قد يتدهور الوضع كثيرًا؛ لكن رُغم ضراوة الأعمال القتالية لاتزال المواجهة قابلة نسّبيًا للاحتواء.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، الأربعاء، إن “إسرائيل” مسّتعدة للقيام بعمل قوي في الشمال، كما حذر في كانون أول/ديسمبر 2023، من أن “بيروت” ستتحول: “إلى غزة” إذا بدأ (حزب الله) حربًا شاملة.

في المقابل؛ ذكر “نعيم قاسم”، نائب الأمين العام لـ (حزب الله)، الثلاثاء، أن الجماعة لا تسّعى إلى توسيّع دائرة الصراع؛ لكنها مسّتعدة أيضًا لخوض أي حرب تُفرض عليها.

ولحقت أضرار جسّيمة بالجانبين في الحروب الماضية. وسوت الضربات الإسرائيلية في عام 2006؛ مناطق واسعة من الضواحي التي يسُّيطر عليها (حزب الله)؛ في “جنوب بيروت”، بالأرض، ودمرت “مطار بيروت”، وقصفت طرقًا وجسورًا وغير ذلك من مرافق البُنية التحتية، وفّر ما يقرب من مليون شخص من منازلهم في “لبنان”.

كما فّر (300) ألف شخص في “إسرائيل” من منازلهم هربًا من صواريخ (حزب الله)، ودُمر حوالي ألفي منزل.

احتواء التصّعيد..

وقال المتحدث باسم “وزارة الخارجية” الأميركية؛ “ماثيو ميلر”، الثلاثاء: “سمعنا زعماء إسرائيليين يقولون إنهم يفضلون الحل الدبلوماسي. وهو بالطبع الحل الذي نفُضله نحن أيضًا ونسّعى إلى تحقيقه”. وتصُّنف “الولايات المتحدة”؛ (حزب الله)، جماعة إرهابية.

وأشارت الجماعة إلى انفتاحها على الوصول إلى اتفاق يعود بالنفع على “لبنان”، لكنها ذكرت أن المناقشات لا يمكن البدء فيها قبل أن توقف “إسرائيل” هجومها على “قطاع غزة”، وهو ما لم يتمكن الوسّطاء من تحقيقه حتى الآن.

وأشارت “إسرائيل” أيضًا إلى انفتاحها على تسّوية دبلوماسية تُّعيد الأمن إلى الشمال، وذلك في الوقت الذي تجري فيه استعداداتها لهجوم عسكري لتحقيق الهدف ذاته.

وقال “نتانياهو”، الأربعاء: “من يظن أن بإمكانه إيذاءنا وأننا سنقف مكتوفي الأيدي يرتكب خطأ فادحًا. سنُّعيد الأمن إلى الشمال بطريقة أو بأخرى”.

وتوسّط المسؤول الأميركي؛ “آموس هوكشتاين”، في اتفاق دبلوماسي صعب المنال بين “لبنان” و”إسرائيل”؛ في 2022، حول حدودهما البحرية المتنازع عليها.

وقال “هوكشتاين”؛ في 30 آيار/مايو الماضي، إنه لا يتوقع تحقيق سلام بين (حزب الله) و”إسرائيل”، لكن مجموعة من التفاهمات بإمكانها تسّوية بعض من مسُّببات الصراع وقد تُفضي إلى ترسّيم حدود معترف بها بين “لبنان” و”إسرائيل”.

وتضمن اقتراح فرنسي قدم لـ”بيروت”؛ في شباط/فبراير، انسّحاب وحدة (النُّخبة)؛ التابعة لـ (حزب الله)، لمسافة (10) كيلومترات من الحدود، وإجراء مفاوضات تهدف إلى تسّوية النزاعات حول الحدود البرية.

استهداف كامل لأراضي “إسرائيل”..

التصّعيد الأخير؛ أثار الكثير من التساؤلات حول ما يمكن أن تؤول إليه الأمور مستقبلاً بين الطرفين، فتقول الباحثة؛ “تال بيري”، رئيسة قسم الأبحاث في معهد (ألما)، لصحيفة (معاريف): “في حالة اندلاع حرب شاملة، ستمتص الجبهة الإسرائيلية حجمًا من النيران لم تشهده من قبل، بما في ذلك ما شهدناه في عام 2006”.

وأضافت: “إن القوة النارية الرئيسة لـ (حزب الله) هي الصواريخ والقذائف، هذه القوة قادرة على استهداف كامل أراضي دولة إسرائيل بشكلٍ دقيق، والمنطقة التي ستكون تحت النيران الكثيفة ستكون المنطقة الشمالية بأكملها حتى حيفا، وفي هذه المنطقة، سيكون الجزء الأكبر من النيران صادر عن صواريخ قصيرة المدى، وبالتالي في الأسبوع الأول أو الثاني من الحرب، سيكون من المستحيل تقريبًا أن يعيش المرء حياة طبيعية”.

وفقًا للتقديرات؛ يمتلك (حزب الله): (150) ألف قذيفة (هاون)، و(65) ألف صاروخ بمدى يصل إلى: (80) كيلومترًا، و(05) آلاف صاروخ؛ وقذيفة بمدى يتراوح بين: (80 و200) كيلومتر، و(05) آلاف صاروخ بمدى: (200) كيلومتر أو أكثر، و(2500) طائرة بدون طيار، ومئات الصواريخ المتُّقدمة، مثل الصواريخ المضادة للطائرات أو الصواريخ المُّجنحة.

وتابعت “بيري”: “منطقة غوش دان؛ (تتكون من منطقتي تل أبيب والوسطى، وجزءًا صغيرًا من المنطقة الجنوبية)، ستكون في مرمى بصر (حزب الله)، غوش دان ذات قيمة وسيُّركزون هناك، إطلاق النار عليها هو صورة للنصر، سيتم إطلاق النار على هذه المنطقة باستخدام الصواريخ، بعضها دقيق، صواريخ (باليستية) بشكلٍ أساس، بما في ذلك صواريخ (فاتح-110) التي يمكن إطلاقها حتى: (300) كيلومتر”.

وأكملت: “صواريخ (فاتح-110) دقيقة للغاية، وكل صاروخ يحمل: (500) كيلوغرام من المواد المتفجرة، هذه هي قوة صاروخ (بركان) الذي يمكن أن ينفجر في فضاء غوش دان”.

وقالت “بيري”: “وعلاوة على ذلك، في سيناريو الحرب الشامل، أتوقع أن يُحاول (حزب الله) تنفيذ هجوم في الجليل، وإن لم يكن على نطاق الآلاف من مقاتليه؛ كما حصل في هجوم (حماس) يوم 07 تشرين أول/أكتوبر، لكنه سيُحاول بالتأكيد التسّلل باستخدام العشرات إن لم يكن المئات من العملاء، في منطقة مسُّتهدفة. وحدة (رضوان) قادرة على القيام بذلك، يحتاجون فقط إلى إعطائهم التعليمات والأوامر”.

قصف مُّركز على “بيروت”..

من جهته؛ يقول الخبير العسكري “هشام جابر”، في تصريحات لـ (سكاي نيوز عربية)، إنه إذا نشٌّبت الحرب، سيعتمد الجيش الإسرائيلي في تخطيّطه العسكري على القصف المُركز على “بيروت” والضاحية الجنوبية.

وأشار “جابر” إلى أن الجيش الإسرائيلي لديه بنك أهداف أساس، يتضمن قصف البُنية التحتية في “لبنان” وأماكن تمّركز عناصر (حزب الله) قبل البدء بالهجوم البري.

وحال مضُّي “إسرائيل” في الهجوم البري؛ سيكون ذلك عبر محورين، الأول: محور (الساحل/ الناقورة)، والثاني محور (القطاع الشرقي/ حاصبيا)، حيث سيُحاول التقدم لتحقيق أهدافه، وفق “جابر”.

وشّدد على أن الجيش الإسرائيلي من الصعب للغاية أن يظل في مواقعه داخل “لبنان”؛ حال اختراقه عبر تلك المحاور، إذ سيُجري استهدافه من (حزب الله).

مشيرًا إلى أن (حزب الله) لن يبقى صامتًا، إذ سيقوم بالرد على “إسرائيل” مسُّتخدمًا الصواريخ الدقيقة على “حيفا” و”تل أبيب”، وعلى مدارج هبوط الطائرات، وعلى البُنية التحتية في المناطق التي تصّلها صواريخه.

عملية برية..

كما يرى الخبير العسكري والاستراتيجي؛ “ناجي ملاعب”، في حديثه لموقع (سكاي نيوز عربية)، إنه إذا جرى توسيّع نطاق الحرب، فمن المتوقع أن يسّعى الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عملية برية بالداخل اللبناني، خاصة أنه حاول منذ شهرين دخول الأراضي اللبنانية وبدأ تدريباته على ذلك.

وأضاف: “الولايات المتحدة أقرت مساعدات عسكرية سريعة لإسرائيل منذ أيام، منها ما يُقدر: بـ (700) مليون دولار قذائف دبابات، وبالتالي هذه المساعدات ليست لغزة بل للقتال في الأماكن الوعرة؛ وقد يكون لتجهيز الجيش الإسرائيلي لعملية برية في الجنوب اللبناني”.

وأوضح أن الجيش الإسرائيلي سيُحاول؛ خلال الأيام المقبلة، استهداف مراكز مباشرة لـ (حزب الله)، للتخفيف من قوته وحدة عملياته، مسّتعينًا في ذلك بالمعلومات التي توفرها الفرقة (8002) باستخدام “الذكاء الاصطناعي”، بما يعني إرباك عناصر (حزب الله).

وأشار لوجود تقديرات بأن تصل كُلفة الحرب؛ حال نشّوبها في “لبنان”، إلى (30) ألفًا من الضحايا، فضلًا عن التبعات الاقتصادية والأمنية الواسعة.

اختبار “القبة الحديدية”..

يرى الخبير العسكري أن المعادلة الراهنة على الجبهة اللبنانية تتمثل في كون “إسرائيل” لن تقبل ببقاء هذا التهديد من الشمال؛ لكنها غير مسّتعدة له حاليًا في حين تجهز لإنهائه، بينما (حزب الله) لم يستعمل من قوته سوى القليل، لكنه لا يرغب في تطوير العمليات أو دخول حرب، لكنه مسُّتعدٍ لها.

وأشار إلى أنه إذا جرى تطوير الهجوم؛ فمن المتوقع أن يسّتغل (حزب الله) إمكاناته العسكرية حيث يستطيع رشّقات صاروخية مكثفة تتضمن: (2500) صاروخ باليوم الواحد، باتجاه الأراضي الإسرائيلية.

وأكد أن لدى الحزب: “بنك أهداف” على كامل الأراضي الإسرائيلية، معتبرًا أن “تل أبيب” ستكون أمام تحدٍ حقيقي في إمكانية صمود (القبة الحديدية) أمام هذا العدد الكبير من الصواريخ.

وقد يلجأ (حزب الله)؛ في تلك المرحلة، إلى استخدام صواريخ أقل دقة وصواريخ بعيدة المدى دقيقة.

ومن حينٍ لآخر؛ سيُركز (حزب الله) جهوده، ويُطلق وابلاً من الصواريخ باتجاه منطقة مسُّتهدفة على غرار القواعد الإسرائيلية، أو المناطق المتكدسة بالسكان، في حين سيكون أمامه هدف رئيس لتدمير أنظمة الدفاع الجوي التابعة للجيش الإسرائيلي، عبر استخدام الذخائر الموجهة بدقة والأسلحة منخفضة التأثير، مثل الطائرات بدون طيار وصواريخ المواجهة، وفق التقديرات العسكرية.

بداية لحرب إقليمية واسعة..

ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي والمختص بالأمن القومي؛ “محمود محيي الدين”، إن تطوير العمليات العسكرية على الجبهة بين “إسرائيل” و(حزب الله): “قد يُفجر المنطقة بأكملها، وقد تكون بداية لفكرة الحرب الإقليمية الموسّعة التي حذرت منها كافة الأطراف تزامنًا مع حرب غزة”.

من جانب (حزب الله)، أوضح “محيي الدين” أن هناك نشاطًا غير عادي لعناصر (حزب الله)؛ خلال هذا الأسبوع، من خلال استخدام أسلحة جديدة ودقيقة، واستهداف معسكرات لها تأثير على الأداء العملياتي للجيش الإسرائيلي، وخاصة قاعدة (مارون) العسكرية، بالإضافة إلى تمّدد ضربات الحزب لتصل إلى مناطق على بُعد (35) كم في عُمق الشمال الإسرائيلي.

وحدد الخبير العسكري؛ التكتيكات التي سيعمل عليها (حزب الله) حال اندلاع الحرب:

أولًا: استهداف المعسكرات الإسرائيلية ذات التأثير في مهام العمليات المستقبلية.

ثانيًا: ضرب التجمعات السُّكانية والقرى الإسرائيلية والمسُّتوطنات المتاخمة للمنطقة الحدودية؛ لإحداث تأثير سّلبي ومعنوي داخل “إسرائيل”.

ويتوقع أن يعتمد (حزب الله) ترسانته الضخمة من الصواريخ التي يُقدر عددها بما يصل إلى: (150) ألف صاروخ وقذيفة متباينة النوع والمدى، جنبًا إلى جنب مع القذائف الدقيقة والطائرات المُسيّرة والصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات وللسفن.

توقع “محيي الدين” أيضًا؛ أن يقوم (حزب الله) بدفع قوات (الرضوان) لعبور الحدود إلى “الجليل الأعلى” والغربي، ويمكن أن يستعمل الصواريخ (أرض-بحر)، مضيفًا: “الحزب لم يكشف حتى الآن عن (15) بالمئة من الأسلحة التي يملكها”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة