18 أبريل، 2024 9:10 م
Search
Close this search box.

تصعيد “إيراني-أميركي”، تظاهرات واغتيالات .. “عراق 2020” يضطرب فوق فوهة بركان !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مع بداية عام 2020 استيقظ العراق والعالم كله، وبالتحديد يوم 3 كانون ثان/يناير؛ على غارة جوية أميركية استهدفت قائد (فيلق القدس) في الحرس الثوري الإيراني، “قاسم سليماني”، ومعه القيادي في (الحشد الشعبي) العراقي، “أبومهدي المهندس”، فلقيا مصرعهما قرب “مطار بغداد”.

وردًا على اغتيالهم، أطلق (الحرس الثوري) الإيراني رشقات من الصواريخ (الباليستية)، على قاعدتي “عين الأسد” و”أربيل” العسكريتين الأميركيتين في العراق، ليكون بمثابة “ثأر” من تلك الضربة.

ثم قام عدد من مؤيدي (الحشد الشعبي) بمحاصرة السفارة الأميركية في العاصمة، “بغداد”، وحاولوا اقتحامها، وهو ما أنذر بتحويل “العراق” إلى ساحة مواجهة “إيرانية-أميركية”.

ومنذ هذا الحادث؛ وعلى مدار العام، تبادل الطرفان الردود عبر “العراق”، فظلت ميليشيات (الحشد الشعبي) العراقية، الموالية لـ”إيران”، تقصف السفارة والمصالح الأميركية في “العراق” من وقت لآخر، بما في ذلك القواعد العسكرية الأميركية، حتى التي ضمن “إقليم كُردستان العراق” منها.

في مقابل ذلك، واصلت الطائرات الأميركية جولات متقطعة من القصف على مواقع هذه الميليشيات، لاسيما المتمركزة منها على الحدود “العراقية-السورية”.

وعلى هذا المنوال استمر التصعيد “الأميركي-الإيراني” على الأراضي العراقية، طوال التسعة شهور الأولى من العام، حتى مالت “إيران” للتهدئة في الربع الأخير من العام.

اندلاع التظاهرات في الذكرى الأولى لثورة “تشرين”..

بالتزامن مع ذلك، اندلعت ثورة شعبية في العاصمة، “بغداد”، والمناطق الجنوبية من البلاد في الذكر الأولى لثورة تشرين، وحاولت الأحزاب المناوئة لـ”إيران” التصدي لها، لكنها لم تنجح في ذلك، فاستمرت التظاهرات بزخم أكبر بعد أسابيع قليلة من حصار السفارة الأميركية في العاصمة، “بغداد”.

تقرير “المفوضية العليا لحقوق الإنسان” في العراق، أشار إلى أن أعداد ضحايا التظاهرات قد قارب 500 مع بداية هذا العام، وبعد مرور شهرين فقط على بدء التظاهرات، قاربت أعداد الجرحى 27 ألفًا، بينما وصلت حصيلة المعتقلين إلى ثلاثة آلاف، وتزايدت هذه الأعداد طيلة العام الحالي، دون أن تتمكن الحكومة العراقية من وضع حدٍ لذلك، بالرغم من وعودها الكثيرة في ذلك الاتجاه.

اغتيالات سياسية..

أثناء احتجاجات العاصمة، “بغداد”، والمدن الجنوبية، شهد العراق موجة من عمليات الاغتيال السياسي طالت الناشطين المدنيين العراقيين البارزين، ومنهم مقربون من رئيس الوزراء العراقي الحالي، “مصطفى الكاظمي”، مثل الباحث والكاتب، “هشام الهاشمي”، الذي اُغتيل أمام منزله، في السادس من شهر تموز/يوليو من هذا العام.

ووصلت أعداد الضحايا من الناشطين المدنيين إلى العشرات، دون أن تتمكن الحكومة العراقية من اعتقال أي من المنفذين، بالرغم من تبعيتهم المعروفة لفصائل من (الحشد الشعبي) العراقية.

اندلاع مظاهرات “السليمانية” بسبب تأخر الرواتب..

وعلى الجانب الآخر، اندلعت تظاهرات احتجاجية مماثلة في “إقليم كُردستان العراق”، خاصة في محافظتي “السليمانية” و”حلبجة”، حيث خرج آلاف المتظاهرين في مدن وبلدات هذه المحافظات، خلال شهر تشرين ثان/نوفمبر الماضي، اعتراضًا على تأخر حكومة الإقليم في دفع رواتبهم الشهرية.

وهو ما جعل حكومة “إقليم كُردستان العراق” تُحمل الحكومة المركزية مسؤولية ما يحدث في مدنها، معتبرة أن إمتناع الحكومة المركزية عن دفع حصة “إقليم كُردستان” من الميزانية العامة للبلاد هو سبب الأزمة المالية التي يعانيها الإقليم.

بينما كانت الحكومة المركزية تتهم الإقليم بعدم الإلتزام بما تعهدت به من قبل مع الحكومة المركزية، لاسيما من حيث تسليم كمية متفق عليها من “النفط” المستخرج من “إقليم كُردستان” إلى المؤسسة الوطنية لاستخراج وتصدير النفط، (سومو)، والتي تقُدر بحوالي 250 ألف برميل نفط في اليوم.

وبسبب هذا، دخل الطرفان في مفاوضات ماراثونية طوال شهور العام، تناقشت فيه اللجان الفنية النفطية والمالية لكل منهما حول الطريقة التي تمكنهما من التوصل إلى اتفاق يُرضي القوى السياسية الممثلة في البرلمانين المركزي والإقليمي.

وكانت الحكومة المركزية العراقية، منذ شهر آب/أغسطس الماضي، قد قطعت المدفوعات الشهرية التي كانت تسددها لحكومة “إقليم كُردستان”، وكانت حكومة رئيس الوزراء العراقي الأسبق، “عادل عبدالمهدي”، قد تعهدت بمنحها للإقليم إلى حين التوصل لاتفاق دائم بين الطرفين. وفعلت الحكومة المركزية العراقية ذلك كأداة للضغط على المفاوضين من “إقليم كُردستان”.

التوصل لاتفاق يضمن حصة الإقليم..

وبعد مفاوضات مطولة، توصل الطرفان، خلال الشهر الجاري، إلى أتفاق مبدئي فيما بينهما، بطريقة تضمن تدفق حصة “إقليم كُردستان” من الميزانية المركزية طيلة العام القادم، بحسب مشروع الميزانية العامة للبلاد.

ومن حيث المبدأ، يجب أن يحصل الإقليم على نسبة 12.67 من الميزانية العامة، على أن تحسم منها النفقات السيادية العراقية، وقيمة 250 ألف برميل نفطي يوميًا، إلى جانب نصف واردات المنافذ الحدودية التي تعود لـ”إقليم كُردستان”. إذ تشير التقديرات الأولية إلى أن المبلغ الذي يتوقع أن تدفعه الحكومة المركزية شهريًا لـ”إقليم كُردستان” يصل إلى 250 مليون دولار.

اختيار “الكاظمي” رئيسًا للحكومة..

ومع بداية 2020، كان العراق بلا حكومة، حيث استقال رئيس الوزراء الأسبق، “عادل عبدالمهدي”، كان قد قدم استقالته، في بداية شهر كانون أول/ديسمبر من العام الماضي، بسبب ضغط التظاهرات الشعبية التي اجتاحت العاصمة، “بغداد”، والمناطق الجنوبية.

وفشلت القوى السياسية الداخلية والدول الإقليمية والنفوذ الدولي لمدة ستة أشهر، من الاتفاق على مرشح متوافق عليه لشغل منصب رئيس الوزراء، حيث فشل المرشح التكنوقراطي، “محمد توفيق علاوي”، في تشكيل حكومة جديدة، كما لم يتمكن المحافظ السابق، “عدنان الزرفي”، من نيل موافقة القوى السياسية الشيعية، التي تشغل أغلب مقاعد البرلمان، إلى أن توافقت الكتل السياسية ومعها القوى الإقليمية والدولية على تكليف رئيس جهاز الاستخبارات، “مصطفى الكاظمي”، لتشكيل الحكومة المركزية.

إلى أن نالت الحكومة، التي شكلها “مصطفى الكاظمي”، في السادس من شهر أيار/مايو الماضي، ثقة “البرلمان العراقي”، بعدما رشح وزراء شبه مستقلين، إلى جانب شخصيات ذات خلفية مهنية، لكن مع ترشيح ورضا من القوى السياسية العراقية الممثلة في البرلمان.

أربعة مهام أساسية بلا خطة إستراتيجية..

واعتمدت حكومة “الكاظمي”، في برنامجها الانتخابي، على أربعة مهام أساسية، وكونها حكومة مؤقتة جاءت عقب اندلاع انتفاضة شعبية اجتاحت البلاد.

فتعهدت بالحد من سيطرة الميليشيات المسلحة على المفاصل الحيوية من البلاد، من خلال ضبط سلاحها المنفلت، ومنعها من التصرف كقوة متجاوزة لصلاحيات الحكومة المركزية والجيش والقوى الأمنية.

كما ركزت الحكومة على إعادة السيطرة على بعض المنافذ الحدودية غير النظامية، لأن الفصائل المسلحة من ميليشيات (الحشد الشعبي) أظهرت نفوذًا وقوة تتجاوز التي أظهرتها الحكومة المركزية. خصوصًا وأنها استمرت في قصف “المنطقة الخضراء”، حيث السفارة الأميركية، ولم تلتزم بتوجهات رئيس الوزراء الأمنية.

وكان أيضًا من ضمن برنامج “الكاظمي”، مكافحة الفساد والنهب العام، الذي كان يجتاح جميع مفاصل البلاد، وقامت الثورة الشعبية أساسًا لأجل مناهضته.

فيما لم تتمكن حكومة “الكاظمي” من وضع خطة إستراتيجية لتنفيذ ذلك، ولم ينجح تحويل أكثر من مائتي ملف واضح للفساد إلى المحاكم الاختصاصية.

وحملت حكومة “الكاظمي” على عاتقها إرث السياسات المالية التي مارستها الحكومات العراقية السابقة. فمع الثلث الأخير من هذا العام، صارت الحكومة العراقية تواجه أزمة مالية حقيقة لدفع رواتب موظفيها، وصارت مجبرة على خيار واحد من بين إثنين، فإما الاستدانة أو تخفيض قيمة العُملة المحلية، فلجأت إلى الخيار الثاني، الذي أفرز تضخمًا استثنائيًا وتراجعًا في القدرات الشرائية للمواطن العراقي.

الحفاظ على التوازن الإقليمي..

إقليميًا، أظهرت حكومة “الكاظمي” ميولاً لخلق توازن في العلاقات الإقليمية، بين كل من “إيران” و”تركيا” من طرف، ودول العالم العربي من طرف آخر.

كما حاولت حكومة “الكاظمي” أن تحافظ على نوع من التوازن في العلاقة معها، بحيث تخوض مفاوضات إستراتيجية معها بغية إخراج الجيش الأميركي من العراق، إرضاءً لفصائل (الحشد الشعبي) وقواها السياسية الراعية، وفي الوقت نفسه التعاون مع “الولايات المتحدة” كحليف إستراتيجي لمواجهة الإرهاب.

بينما تمكنت حكومة “الكاظمي” من تحقيق هدف وحيد، وهو تحديده موعد مبكر لإجراء الانتخابات العامة في البلاد، في شهر حزيران/يونيو من العام المقبل، إلا أن المراقبين للمشهد العراقي أكدوا بأن ذلك الامتحان بالنسبة لـ”الكاظمي” لن يتأكد نجاحه قبل إجراء انتخابات نزيهة في ذلك الموعد، دون تدخل وتأثير من السلاح والمال السياسي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب