خاص : كتبت – نشوى الحفني :
لازالت التقارير الإعلامية ترصد مسببات اندلاع الصراع “الفلسطيني-الإسرائيلي”، وتداعياته وتتطوراته، فكان للصحف الأجنبية نصيب كبير من تلك التحليلات.
حول هذا قالت؛ صحيفة (التايمز)، في مقال تحليلي لمراسلها في الشرق الأوسط، “ريتشارد سبنسر”، بعنوان: “آمال وتوقعات لكن لا ضمانات بعد مكالمة بايدن مع نتانياهو”.
ويقول “سبنسر”؛ إنّ الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، قد يرغب في تحويل إنتباهه بعيدًا عن الشرق الأوسط، ولكن كما هو الحال مع أسلافه، الذين كان لديهم نفس الفكرة، أجبرته الأحداث الأخيرة، بين “إسرائيل” والفلسطينيين على: “إجراء المكالمة المنتظرة”، الليلة الماضية.
ويضيف أنه لم يعرف بالضبط ما قيل، لكن “بايدن” قال، بعد إنتهاء المكالمة؛ إنه: “يأمل ويتوقع” أن يتم: “وقف تبادل إطلاق النار الحالي، بين إسرائيل وغزة عاجلاً”. إلا أنه من الصعب معرفة ما إذا كان جزء “التوقع” هذا مستمدًا من تأكيدات محددة حصل عليها، أو ما إذا كانت هي الرسالة التي أرسلها هو بنفسه إلى “نتانياهو”.
الحرب البرية إلهاء لا يريده “بايدن” !
ويُشير إلى أنه من الواضح أن: “الحرب البرية هي إلهاء لا يريده “بايدن”، في وقت مبكر من ولايته، لأنه يحاول تقدير سياساته بشأن الشرق الأوسط، بما في ذلك المفاوضات النووية مع إيران”. ويضيف: “حقيقة أنه ليس لديه سفير في إسرائيل أو مبعوث مخصص للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية؛ تشير إلى أين تكمن أولوياته”.
اختبار لوزن “بايدن” عند إسرائيل..
ويرى “سبنسر”؛ أنه إذا كانت رسالة “نتانياهو”، خلال المكالمة، هي خفض التصعيد، فسيكون “بايدن” ممتنًا. ومع ذلك، إذا كانت التوقعات بالكامل من جانب “بايدن”، فستكون المحادثة الهاتفية بمثابة اختبار لمدى الوزن الذي يتمتع به الرئيس المنتخب حديثًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي بدا من مواقف سابقة أنه لا يعجب “بايدن”.
ويختم الكاتب تحليله بالقول؛ إنّ جميع الرؤساء الأميركيين لا يهددون أبدًا بإنهاء الدعم العسكري والدبلوماسي لـ”إسرائيل”. ويرى أنه من المؤكد أن “بايدن” سوف يحذو حذو أسلافه.
ويقول “سبنسر” أنه في هذه الحالة، قد يشعر “نتانياهو”؛ أن: “من مصلحته السعي لتحقيق أهدافه السياسية الخاصة، بدلاً من الاستماع إلى واشنطن”.
يخدم أهداف “إردوغان” و”خامنئي”..
وفي تحليل لـ (DW)؛ يقول أنه من الواضح أن ما يحدث يخدم أهدفًا أخرى: إذ يحاول “إردوغان” و”خامنئي”؛ جعل بلديهما قوة إقليمية رائدة جديدة في الشرق الأوسط. ومن أجل ذلك يستغلان الوضع الراهن لـ”السعودية”، الدولة السُنية الأكثر أهمية في العالم العربي، والتي حسنت علاقاتها مع “إسرائيل” بتكتم، ولكن بنجاح. وبهذا تُفسح “السعودية” المجال لكل هؤلاء الذين يحاولون ترسيخ أنفسهم كقوى رائدة جديدة في المنطقة من خلال انتهاجهم سياسة معاكسة أي بمعارضة “إسرائيل” أو حتى معاداتها.
وهكذا يُصبح الوضع أصعب بالنسبة، لـ”الإمارات” والدول الثلاث الأخرى، التي تُريد بعد عقود من العداء، إقامة علاقات والسلام مع “إسرائيل”؛ والاستفادة من ذلك اقتصاديًا أيضًا. وتوضح ذلك، “كرستين مولر”، سكرتيرة وزارة الخارجية سابقًا وكبيرة الباحثين في “الجمعية الألمانية للسياسات الخارجية”، في حوار مع (DW)؛ هناك الأمر يتعلق بمواضيع أخرى، مثل العلاقات الاقتصادية وبناء تحالف مشترك ضد “إيران”. فالاتفاق ليس له أي علاقة بالصراع “الفلسطيني-الإسرائيلي”.
وبما أن العلاقات الجديدة مع “إسرائيل” لا تحظى بالتأييد، لدى جزء من شعوب تلك الدول والدول العربية الأخرى، فقد حاول حكامها تبرير توقيعهم للاتفاقيات مع “إسرائيل”، بمحاولة نزع فتيل الصراع في الشرق الأوسط. وهكذا قال ولي عهد “أبوظبي”، الشيخ “محمد بن زايد آل نهيان”، بمناسبة توقيعه على اتفاقية التطبيع، إنه تحدث هاتفيًا مع الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، واتفق معهما على وقف “إسرائيل” إقتطاع أجزاء جديدة من الأراضي الفلسطينية.
استغلال “يوم القدس” للاستفزاز..
في المقابل صادف، يوم الإثنين، “يوم القدس” السنوي، والذي تحتفل فيه “إسرائيل” بسيطرتها على “القدس الشرقية”، في حرب حزيران عام 1967، وكان من الواضح أنه مناسبة لمزيد من التصعيد. والمشكلة الأساسية، حسب “كرستين مولر”: “أن منظمات المستوطنين الراديكالية تستغل هذا اليوم بتنظيم مسيرات احتجاجية تجوب الأحياء العربية، في القدس الشرقية، بهدف الاستفزاز. وقد تم التصعيد هذه المرة؛ ويمكن أن يؤدي لاندلاع حريق”.
الشركاء الجدد في حرج !
وفي عواصم الدول الشريكة الجديدة لـ”إسرائيل”، ينبغي على المرء أن يُدرك آثار التوتر الأخير، في ضوء المزاج العام المؤيد للفلسطينيين في تلك الدول أيضًا؛ والضغوط التي تتعرض لها حكوماتها بسبب ذلك. ويجب النظر بقلق، ليس إلى التعليقات المعادية لـ”إسرائيل” في مواقع التواصل الاجتماعي، بل وإلى التعليقات في وسائل الإعلام الموجهة إلى العالم العربي بأسره، فمثلاً كتبت صحيفة (العربي الجديد)، التي يمولها قطريون، لقد: “سقطت كل الأوهام”، ووصفت بشكل غير مباشر كل: “الذين يجعلون التطبيع مع العدو واجبًا”، بالخائن. وهذا الكلام موجه لهؤلاء الذين وقعوا اتفاقيات مع “إسرائيل”، بدفع من “ترامب”، إلى جانب إغراءات اقتصادية.
ولهذا سارعت هذه الدول إلى التحرك، حيث أدان وزير الخارجية الإماراتي اقتحام الشرطة الإسرائيلية، لـ”المسجد الأقصى”، وطالب “إسرائيل” بوقف التصعيد. في حين وصف وزير الخارجية السوداني، تصرف “إسرائيل”، بالقمعي، كما أعرب “المغرب” عن قلقه: “العميق” من التصعيد والعنف.
تعرض مصالح إسرائيل للخطر..
على الحكومة الإسرائيلية الآن تهدئة الوضع في “القدس الشرقية”، حسب رأي الباحثة السياسية، “كرستين مولر”، التي تقول إذا استمر التوتر ستتعرض مصالح “إسرائيل” للخطر، ومنها: “مساعي التطبيع مع العالم العربي”.
لكن ما مدى إمكانية انعكاس ذلك على “إسرائيل” ومصالحها ؟.. الخبيرة في العلاقات الدولية، “سينزيه بيانكو”، تجيب على ذلك بأن مصالح “الإمارات”، مع “إسرائيل”، إستراتيجية أكثر منها تكتيكية، و”يعني ذلك أنه ليس من المحتمل تراجع عملية التطبيع”. ولكن “بيانكو”؛ ترى أنه وارد جدًا تجميد المشاريع القائمة مادام التوتر شديدًا. وهي تعني بذلك أن: “الإمارات تبقى يقظة للوضع والمزاج العام في الشارع العربي. ولكنها لن تترك ذلك يملي عليها سياستها الإقليمية”.
الغرب يتجاهل القضية لحين خروج الأمور عن السيطرة !
وفي مقال لـ”دونالد كاينتاير”، بصحيفة (الإندبندنت)؛ تناول فيه تجاهل الغرب للصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني”، حتى خروج الأمور عن السيطرة بشكل تام وحدوث تصعيد دموي للنزاع.
واعتبر “كاينتاير” أن التصعيد الأخير؛ كان من الممكن تفاديه ومنعه.
وقال إنّ الزعماء الغربيين لم يعلقوا على تسارع وتيرة التعدي الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، التي حددتها كل الحكومات الديمقراطية الأجنبية، تقريبًا، على أنها أراضٍ لدولة فلسطينية مستقبلية، في تحدٍ للقانون الدولي.
ويضيف: “هذا لا يعني إطلاقًا التغاضي عن، أو تبرير، استخدام (حماس) للصواريخ، خلال التصعيد الحالي”. لكنه بمثابة: “تذكير بأن العالم يتجاهل الصراع، (الإسرائيلي-الفلسطيني)، حتى تخرج الأمور عن السيطرة بالكامل”.
واعتبر؛ أنّ هناك حاجة ملحة لوقف الأضرار التي خلفتها سنوات الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، في المنطقة، قائلاً إن: “هناك سببًا عاجلاً، للرئيس الأميركي، جو بايدن، والقادة الأوروبيين للتدخل الآن”.
وقال: “بالعودة إلى عام 1995، لاحظ الغزاوي، حيدر عبدالشافي، الذي ربما يكون الأعظم، وبالتأكيد الأكثر استقلالية، بين جميع القادة السياسيين الفلسطينيين، أنّ (حماس) لم تكن تصل إلى ما وصلت إليه لو بُذلت جهود جادة لإنهاء القتال”. وأضاف: “في الواقع، لن يكون لدى (حماس) أبدًا القدرة على تعطيل عملية سلام ذات مصداقية”.
وأنهى مقاله بالقول انّه: “يتعيّن على المجتمع الدولي أن يتحمل نصيبه العادل من اللوم بسبب الفشل في إنهاء المآسي المتزايدة المفروضة على الفلسطينيين وغياب عملية السلام”.