8 أبريل، 2024 1:36 ص
Search
Close this search box.

تستفيد ولا تمنح .. دور إيران في إعمار العراق !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

لفت تنصل إيران من تقديم المساعدات المالية للعراق في “مؤتمر إعادة إعمار العراق” الذي عقد في الكويت، إنتباه الحاضرين في المؤتمر، حيث إمتنع وزير خارجيتها، “جواد ظريف”، عن إعلان أي إلتزام بمساعدة العراق، وهو ما يتناقض مع التصريحات الإيرانية المتوالية بشأن مساعدة بغداد.

فيما إلتزمت دول عدة، منها عربية وخليجية ومؤسسات مالية واقتصادية واجتماعية، بتخصيص نحو 30 مليار دولار لدعم النهوض بالعراق في مؤتمر إعادة إعماره.

مؤتمر “إعادة إعمار العراق” شهد مشاركة ممثلين عن دول ومؤسسات وهيئات دولية، من بينها الأمم المتحدة.

الغائب الأكبر..

على حد تعبير مراقبين، كان الغائب الأكبر، هو إيران ووزير خارجيتها “ظريف”، الذي حضر، لكنه لم يقدم أي مساهمة مالية في إعادة إعمار العراق، كما أن “ظريف”، الذي حضر الاجتماع والتقى عدداً من المسؤولين على هامشه، غاب عن الصورة الجماعية.

وأكتفت إيران، على لسان “ظريف” وعدد من المسؤولين، بتصريحات غامضة بشأن مساعدة العراق من خلال الشركات التي تعمل على أراضيه في قطاعات مختلفة. وقال مراراً إن طهران ساعدت العراق في هزيمة الإرهاب.

تغليب روح التعاون على المنافسة..

خلال المؤتمر، دعا وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، إلى تغليب روح التعاون على المنافسة في ما يتعلق بموضوع إعادة إعمار العراق، معرباً عن سعادته لتشكيل هذا المؤتمر، مثمناً دور الكويت في إنعقاد هذا المؤتمر.

وقال “ظريف” أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي أول بلد لبى دعوة العراق لوقف تمدد تنظيم “داعش” الإرهابي، مؤكداً على أن إيران تحترم سيادة العراق وأنها سوف تواصل دعمها ومساندتها للشعب والحكومة العراقية.

وفي ما يتعلق بموضوع إعادة إعمار العراق؛ دعا وزير الخارجية الإيرانية أن تتخلى بعض الدول والأطراف عن غاياتها السياسية وأن تركز على الغاية الكبرى التي تنتهي في صالح الجميع واستقرار المنطقة.

قدمت مساعدات في مؤتمر 2003..

قال “ظريف” أن إيران، خلال المؤتمر الأول لإعادة إعمار العراق المنعقد في “مدريد” عام 2003، وعدت بتقديم المساعدات للعراق في مجال الغاز والكهرباء، وقد وفت بكافة إلتزاماتها بشكل كامل، وأن الحكومة الإيرانية عملت على تشجيع القطاع الخاص الإيراني لاستمرار التعاون مع العراق على الرغم من الظروف الأمنية والمالية الصعبة في هذا البلد، وأن النشطاء الإيرانيين في القطاع الخاص لا زالوا مستعدين للتعاون مع العراق في قطاع الطاقة والبنى التحتية على صعيد تقديم الخدمات ونقل المعرفة التقنية والخبرات الإيرانية في هذا المجال.

وأضاف “ظريف” أن تقديم التدريبات التقنية والمهنية وفتح الطرق الترانزيتية الإيرانية ووضعها في خدمة إعادة إعمار العراق؛ وكذلك تعزيز التعاون مع العراق عبر تنشيط موانيء “آبادان وخرمشهر والبصرة” وربط خطوط سكك الحديد للبلدين عن طريق إحداث خط “شلمجة-البصرة” لسكك الحديد؛ وربط شبكات الكهرباء للبلدين والاستثمار في الحقول النفطية المشتركة، والإرتقاء بطاقات خطوط النفط والغاز، تعد من المشاريع التي تعلن إيران إستعدادها على الصعيدين الحكومي والأهلي للمساعدة في تنفيذها. وأن العراق من شأنه أن يشكل جسراً لتعزيز التواصل بين الأطراف المشاركة في إعادة إعماره، ولهذا فإنه من الضروري الإجتناب من تحويل العراق إلى ساحة للتنافس السلبي، كما نؤكد ضرورة التخلي عن الأهداف السياسية النابعة عن رؤى ضيقة الأفق والدوافع والشروط الجيوسياسية المسبقة في مضمار إعادة إعمار العراق لأن هذا العمل العظيم سيسهم بالتأكيد في تحقيق الإستقرار في المنطقة.

وتناولت الصحف العربية، الموقف الإيراني من مؤتمر إعادة إعمار العراق، وأنتقد عدد من المعلقين العرب غياب إيران عن المؤتمر، متهمين طهران بالمسؤولية عن “خراب” العراق.

العراق بحاجة لمن يخلصه من الفساد..

في مقال نشره موقع (بغداد بوست) العراقي، يقول “موفق الخطاب”: “لم أتوقع أن أرى يوماً يتم حمل اسم العراق من قبل حفنة من الفاسدين والسراق المتسلطين، ليستجدوا باسمه وتاريخه وإرثه العظيم وهو منكسر، ويطوفوا به البلدان توسلاً وتسولاً، ويجعلوه محط عطف لمن فقدوا المروءة والرحمة والإنسانية”.

ويضيف “الخطاب”: “العراق بحاجة لوقفة دولية، ولمؤتمرات عالمية، لكن ليس من أجل جمع الأموال له، لأنها بالنتيجة ستُبلع من قِبل حيتان الفساد، بل هو بحاجة إلى الوقوف مع شعبه وتخليصه من أفسد طبقة يشهدها التاريخ القديم والحديث”.

تحولت لدولة فاشلة بسبب إيران..

أما “أحمد بودستور” في (الوطن) الكويتية، فينتقد غياب إيران عن المؤتمر، مؤكداً على أن العراق وغيره من دول المنطقة قد “تحولت إلى دول فاشلة بسبب استنزاف ثرواتها على مغامرات إيران العسكرية”.

ويقول “بودستور”: “هناك تساؤل حول هذا التجاهل الإيراني لأكبر مؤتمر يساهم في إعادة العراق، الذي يعيث فيه النظام الإيراني فساداً، فهو يصرف المليارات على المليشيات الإرهابية مثل الحشد الشعبي وحزب الله العراقي وغيرها الكثير، وذلك لإثارة الفتنة بين الشيعة والسنة، وممارسة سياسة التطهير العرقي، فقط لشطب المكون السني من المعادلة السياسية في العراق، وتحويل العراق إلى محافظة إيرانية”.

وأضاف: “نأمل أن يكون مؤتمر إعادة إعمار العراق هو نقطة تحول في السياسة العراقية، ورسم مستقبل مشرق للعراق بعيداً عن النظام الإيراني، الذي نهب واستنزف ثروات وخيرات العراق، ونشر فيها الخراب والدمار، ولم يساهم في عملية إعادة الإعمار”.

الخوف من السيطرة الإيرانية على أرض الواقع..

كما يقول “عبدالناصر سلامة”، في صحيفة (المصري اليوم) القاهرية: “المشكلة الآن في الداخل العراقي ليست في النزاعات الطائفية وإستشراء الفساد فقط، بقدر ما هي السيطرة الإيرانية سياسياً على أرض الواقع، أصبح الكويت رهناً بالتوسع العراقي والإيراني في آن واحد”.

إيران مسؤولة عن خراب العراق..

في صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية، يقول “عبدالرحمن الراشد”: “الدولة الوحيدة التي غابت عن مساعدة العراقيين هي إيران !.. وهي أكثر دولة مسؤولة عن خرابه، ومسؤولة عن إفشال سلطته المركزية. فالنظام في طهران قام بتفكيك مؤسسات الدولة العراقية من أجل السيطرة عليها، وأقام جيشاً موازياً سماه «الحشد الشعبي»، يماثل «حزب الله» في لبنان، ويقوم بالمهمة نفسها”.

ويتساءل “الراشد”: “كيف يمكن للعراقيين بناء بلدهم، والميليشيات الدينية المسلحة تتحكم فيه مع الحرس الثوري الإيراني ؟”

السوق العراقية من أهم أسواق إيران..

طرح التصرف الإيراني تساؤلاً كبيراً حول سبب عزوف إيران عن إعلان تعهد مالي للمشاركة في إعادة إعمار العراق، خاصة أنها الأكثر تدخلاً في شؤون جارتها الغربية من أي دولة أخرى في العالم، وقد رسمت لنفسها خطوط مصالح عريضة لا يمكن غض الطرف عنها.

وتعد الشركات الإيرانية من أنشط الشركات في مختلف مجالات الاقتصاد العراقي، فيما تعتبر إيران العراق من أهم أسواقها.

يبحث عن إيجاد نفوذ لتسيير مصالحه..

لكن، وبحسب سياساته في العقود الماضية، لا يبحث النظام الإيراني عن لعب دور في المنطقة أو العالم، بل يعمل على إيجاد نفوذ في الدول لتسيير مصالحه الإيديولوجية. في حين تعد سياسة “النفوذ” مكلفة للغاية وتتطلب بذخ مبالغ طائلة “لشراء” موالين وعملاء. وهذا ما فعلته إيران في العراق وفي بلدان أخرى، خاصة في الأعوام العشرة الأخيرة، حيث مولت أحزاباً وأنشأت حركات وميليشيات موالية.

السياسة الإيرانية أضرت باقتصاده..

هذه السياسة أضرت بالاقتصاد الإيراني بشكل كبير وقربت البلد من الإفلاس، ولولا الاتفاق النووي الذي حرر الكثير من الأموال الإيرانية المجمدة، لربما وصل النظام الحاكم في طهران إلى إفلاس كامل، الأمر الذي أثر على الوضع السياسي هناك.

لكن استمرار سیاسة “النفوذ” الإيراني وتوسعها بعد الاتفاق النووي، أدى لأزمة اقتصادية في البلاد، خاصة أن هذه السياسة تمارس من جهات أعلى من الحكومة، حيث أعلن الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، الشهر الماضي، أن الحكومة لا تسيطر سوى على ما يقارب ثلث الميزانية فقط.

وجاء حديث “روحاني” في أيام كانت تشهد فيها إيران احتجاجات عارمة؛ كانت بدايتها اقتصادية بسبب الوضع المعيشي السيئ، لكنها تحولت إلى احتجاجات ضد النظام تحمل شعارات لإسقاطه.

في تلك الاحتجاجات رفع المتظاهرون شعارات تدين تدخل إيران في دول المنطقة، فعلى سبيل المثال هتف المحتجون: “أترك سوريا وعالج مشاكلنا”. هذا الشعار وشعارات مشابهة رفعت خلال تجمعات احتجاجية عمالية شهدتها المدن الإيرانية خلال السنوات الأخيرة.

وضعها الاقتصادي السيئ جعلها تتنصل..

فربما الوضع الاقتصادي السيئ والإفلاس الذي تعاني منه إيران، من الأسباب التي أرغمت طهران على التنصل من إعلان تعهد مالي لإعادة إعمار العراق. ومن المؤكد أن الحكومة الإيرانية تخشى من ردة فعل الشارع في حال إعلانها مساهمة كبيرة في بلد آخر بعد الحوادث التي جرت في إيران الشهر الماضي.

مصالح اقتصادية..

لكن رغم ذلك؛ تبحث إيران عن مصالح اقتصادية في العراق، وهذا ما برز خلال لقاء “ظريف” برئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”، على هامش مؤتمر الكويت.

وبحسب البيان الذي أصدره المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، أبدى ظريف “دعم بلاده الكامل للعراق في مجال الإعمار بعد الإنتصار الذي تحقق على عصابات داعش الإرهابية وتوحيد البلد”، مبيناً أن “لدى الشركات الإيرانية رغبة كبيرة للعمل في العراق”.

فعلى سبيل المثال، إيران لها حصة كبيرة في سوق السيارات العراقية، ويمكن مشاهدة سيارات “برايد” و”بيجو” و”سمند” إيرانية الصنع في جميع الشوارع العراقية، خاصة المحافظات الجنوبية.

یأتي هذا في وقت كانت الحكومة العراقية قد أعفت الشركات الإيرانية الناشطة في العراق خلال عشرة أعوام. وهذا ما كان قد أعلن عنه محافظ الديوانية السابق، “حازم عمراني المهدي”، في العام 2008.

وبحسب المستشار التجاري الإيراني السابق في بغداد، فإن الشركات الإيرانية تنشط في مختلف المجالات ومنها الصرافة، ومواد البناء، والطب، والأجهزة الإلكترونية، والطباعة، والمواد البلاستيكية، والجوالات، والسيارات الثقيلة، ومضخات المياه، والمسابح، وتقنية المعلومات، وخطوط الإنترنت، والمقاولات، والتأمين، وتجهيز المصانع، والطيران، والموضة، والبنوك، والخدمات البحرية، وبناء المجمعات السكنية وغيرها.

وحصلت إيران، حتى الآن، على حصة الأسد في تسويق مواد البناء، والمواد الغذائية، والمحاصيل الزراعية، ومواد التنظيف والأدوية في العراق. وطموحات إيران الاقتصادية في العراق أكبر من ذلك، حيث قال مدير عام غرفة التجارة المشتركة الإيرانية – العراقية، “حميد حسيني”، إن إيران ليس لها حضور في الأسواق “يناسب حجم العلاقة بين البلدين”.

وثمة عدة تفاهمات في مجال العقارات بين العراق وشركات إيرانية، لذا يبدو أن إيران تنتظر حصتها من الـ 30 مليار دولار المتبرع بها للعراق من خلال حضور شركات المقاولات الإيرانية في مشاريع إعادة إعمار العراق.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب