تريليونا دولار تبخرت أمام عاصفة “طالبان” .. إنهيار “أفغانستان” يدفع ثمنه الأميركيون من جيوبهم !

تريليونا دولار تبخرت أمام عاصفة “طالبان” .. إنهيار “أفغانستان” يدفع ثمنه الأميركيون من جيوبهم !

وكالات – كتابات :

الدخول الهاديء والسلس لقوات حركة (طالبان) الأفغانية إلى العاصمة، “كابول”، يُشكل نهاية حقبة التدخل العسكري الأميركي، الذي استمر 20 سنة، ونهاية عقيمة لمئات مليارات الدولارات التي أنفقتها الإدارات الأميركية؛ منذ: “جورج بوش”؛ مرورًا بـ”باراك أوباما” و”دونالد ترامب” إلى “جو بايدن”.

إنهيار مؤسسات الدولة الأفغانية، التي بناها الأميركيون تدريجيًا، منذ 20 عامًا، بما في ذلك القصر الرئاسي والقوات المسلحة وحرس الحدود، والتي تُشكل رموزًا للدولة الجديدة بعد إسقاط: “دولة طالبان”، كان مفاجئًا ليس للأفغان وحدهم، وإنما للأميركيين الذين كانوا قبل أيام خلت، يتحدثون عن قدرة حكومة الرئيس، “أشرف غني”؛ والجيش الأفغاني، على الصمود وإحتواء التمدد الطالباني السريع.

وفي تقديرات أميركية أخرى، كان الحديث يدور عن حاجة (طالبان) إلى نحو ستة شهور للسيطرة على كامل البلاد.

أموال أميركية مقترضة تم هدرها في أفغانستان..

والسؤال هو؛ هل كانت هذه التقديرات الأميركية مبنية على أساس التمنيات فقط، أم على أساس الإطمئنان إلى أن أكثر تريليوني دولار أنفقتها “واشنطن”، خلال عقدين من الزمن، كانت كفيلة بإنشاء كيان دولة جديدة قابلة للحياة والصمود برغم تحديات (طالبان) وغيرها ؟

وذكرت وكالة (أسوشيتد برس) الأميركية، في تقرير لها؛ أنه مع إنتهاء المهمة القتالية الأميركية، (الموعد الرسمي لنهايتها، في 31 آب/أغسطس الحالي)، فإن “أفغانستان” تُشكل: “أطول حرب أميركية”، ومع ذلك فإن الأميركيين العاديين كانوا يميلون إلى نسيانها، كما أنها حظيت بإشراف أقل بشكل ملحوظ من جانب “الكونغرس”، مقارنة بحرب “فيتنام”، وذلك على الرغم من أن حصيلة القتلى وصلت إلى عشرات الآلاف، مشيرة أيضًا إلى أن “الولايات المتحدة” أقترضت معظم الأموال لتمويل الحرب، ولهذا، فإن أجيالاً من المواطنين الأميركيين ستثقل كاهلهم تكلفة سدادها.

“بايدن” يحدث “كارثة مأساوية”..

وذكرت صحيفة (ذا ديلي بيست) الأميركية، في تقرير؛ أن “بايدن”؛ ورث “أفغانستان” لا يتعرض فيها الأميركيون إلى إصابات كثيرة، وحيث تقوم قوة عسكرية صغيرة نسبيًا بالحفاظ على بعض النظام وتمنع تحول البلد مجددًا الى نقطة لشن هجمات للإرهاب العالمي ضد “الولايات المتحدة”، لكن “بايدن” بقراره الانسحاب؛ حول الوضع إلى: “كارثة مأساوية” تحدث أمام عيون الجميع.

ولفت الصحيفة إلى أن “بايدن” لم يفعل ذلك لوحده، وإنما سلفه، “ترامب”، يستحق أن يُلام أكثر من غيره، فيما يقول “بايدن”؛ أنه بتنفيذ الانسحاب فإنما هو يُطبق إلتزام سلفه، “ترامب”، مضيفة، لكن “بايدن” كان بإمكانه أن يقول بسهولة إن (طالبان) لم تلتزم بتعهداتها في الاتفاقات، لتكون كسبب كافٍ يجهض الاتفاق من الجانب الأميركي.

وتابعت أن “بايدن” لم يكن مقيدًا بخياراته للإلتزام بسياسة: “أميركا أولاً”، التي تفتقر إلى الحكمة، ثم إن “بايدن” يجب أن يُلام، مثله مثل “ترامب”؛ لهذا الوضع لأن سقوط “أفغانستان” يتم تحت ناظريه، مضيفة: “إذا لم تكن هذه فيتنام الخاصة به، فإنها سقوط سايغون الخاصة به”.

أرقام فلكية بين الهدر والاحتيال..

وبكل الأحوال، فإن الخسائر وكلفة الحرب لم تكن شيئًا صغيرًا. وبحسب مصادر رسمية أميركية؛ فقد أنفقت “وزارة الدفاع” الأميركية؛ ما مجموعه: 739 مليار دولار، وكلف تدريب وتسليح قوات الجيش والشرطة الأفغانية نحو: 88 مليار دولار، وأنفقت “واشنطن” أيضًا: 593 مليار دولار على تأهيل البنى التحتية وإعادة الإعمار.

وبالإضافة إلى ذلك، أنفقت “وزارة الخارجية” الأميركية و”الوكالة الدولي للتنمية”، (يو. إس. أيد): 59 مليار دولار، وأنفق أيضًا: 09 مليارات دولار على مكافحة المخدرات.

كما يُقدر حجم الفائدة على الأموال المقترضة لاستكمال نفقات وزراتي: “الدفاع” و”الخارجية”؛ بنحو: 530 مليار دولار. لكن بحلول العام 2050، ستكون قيمة هذه الفوائد قد وصلت إلى: 6.5 تريليون دولار.

وتُشير هذه الأرقام إلى أن حصيلة ما أنفقته “الولايات المتحدة”، حتى الآن، يصل إلى أكثر من: 02 تريليون دولار. وعلى سبيل المثال، تقول “هيئة الإذاعة البريطانية”، (بي. بي. سي)؛ أنه بين عامي: 2010 و2012، عندما كان لدى “الولايات المتحدة” أكثر من: 100 ألف جندي في البلاد، ارتفعت تكلفة الحرب إلى ما يقرب من: 100 مليار دولار سنويًا، وفقًا لأرقام الحكومة الأميركية. وبحلول العام 2018؛ بلغ الإنفاق السنوي نحو: 45 مليار دولار، بحسب ما قاله مسؤول كبير في (البنتاغون)، لـ”الكونغرس” الأميركي؛ في ذلك العام.

وتقول (بي. بي. سي)؛ أن بعض هذه الأموال ضاعت من خلال الهدر والاحتيال وسوء الاستخدام، على مر السنين، ففي تقرير لـ”الكونغرس”، في تشرين أول/أكتوبر من العام 2020، قدرت هيئة الرقابة المسؤولة عن الإشراف على جهود إعادة الإعمار في “أفغانستان”؛ أن حوالي: 19 مليار دولار؛ قد ضاعت بهذه الطريقة بين: آيار/مايو من العام 2009؛ و31 كانون أول/ديسمبر من العام 2019.

وبرغم ذلك، فإن هذه الحصيلة لا تشمل النفقات المستمرة المتمثلة بتعويض الجرحى ومعالجتهم ومخصصات مالية للمعاقين، والتي تشمل آلاف الجنود المصابين، والتي يُفترض أن تستمر لسنوات طويلة، ولم تحتسب ضمن الكلفة المقدرة حاليًا. وتسببت الحرب أيضًا بإصابة: 40 ألف أميركي، ومئات آلاف الأفغان.

خسائر بشرية بالآلاف بين الأميركيين..

وتُشير التقديرات إلى أن مئات آلاف الجنود الأميركيين شاركوا في الحرب الأفغانية، على مر السنوات العشرين. كما أن الحصيلة الإجمالية لا تشمل تقديرات لجهود مكافحة الإرهاب على الصعيد الداخلي الأميركي؛ من جانب “وزارة الأمن الداخلي”.

وبحسب (أسوشيتد برس)، فإنه خلال هذه الحرب، الأطول في تاريخ “أميركا”، هناك مواطن أميركي واحد ولد بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر، من بين كل أربعة أميركيين.

وتُشير بيانات من “ليندا بيلمز”، من كلية “كينيدي”، في جامعة “هارفارد”؛ ومن برنامج “كلفة الحرب” في جامعة “براون”، إلى أن عدد القتلى الأميركيين، خلال الخدمة العسكرية في “أفغانستان”، حتى نيسان/إبريل الماضي، بلغ: 2448، بينما قُتل: 3846 من العناصر “المتعاقدين”. كما قُتل: 1144 جنديًا من قوات حلف الـ (ناتو) والدول الحليفة. ولا تشمل هذه الإحصاءات عدد الجنود الأميركيين الذين لجأوا إلى الانتحار والمقدرين بالآلاف.

ويُقدر برنامج “كلفة الحرب”؛ أن: 241 ألف شخص قُتلوا في الحرب بالإجمال، بينهم: 66 ألف أفغاني من الجيش والشرطة، وأكثر من: 47 ألف أفغاني من المدنيين، وأكثر من: 51 ألف عنصر من حركة (طالبان)، وغيرها من الجماعات المسلحة. وإلى جانب هؤلاء، قُتل: 444 عامل إغاثة من جنسيات مختلفة، وقُتل: 72 صحافيًا.

وبرغم النفقات والخسائر البشرية الكبيرة، إلا أن (أسوشيتدبرس)؛ تلفت إلى أن رقابة “الكونغرس” كانت محدودة نسبيًا، وهو أكتفى بالتصويت على السماح للقوات الأميركية بملاحقة مرتكبي هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، في: 18 أيلول/سبتمبر، أي بعد أسبوع، لكنه لم يصوت على إعلان الحرب على “أفغانستان”.

وكان عدد المرات التي تناول فيها أعضاء “اللجنة الفرعية للدفاع”، في “مجلس الشيوخ”، تكاليف حرب “فيتنام”، خلال تلك الحرب: 42 مرة، في حين أن أعضاء اللجنة نفسها؛ لم يتناولوا تكاليف حربي: “أفغانستان” و”العراق”، سوى خمسة مرات حتى الآن.

كما أن عدد المرات التي ذكر فيها أعضاء “لجنة المالية”، في “مجلس الشيوخ”؛ تكاليف حربي: “أفغانستان” و”العراق”؛ منذ 11 أيلول/سبتمبر 2001؛ وحتى منتصف صيف 2021، لم يكن سوى مرة واحدة.

وفي سياق موازٍ، ذكرت الوكالة أن الرئيس الأسبق، “هاري ترومان”، رفع مؤقتًا أعلى معدلات الضرائب لدفع تكاليف الحرب الكورية، وذلك بنسبة: 92%. أما الرئيس الأسبق، “ليندون غونسون”؛ فقد رفع مؤقتًا أعلى معدلات الضرائب لدفع تكاليف حرب “فيتنام”؛ بنسبة: 77%.

وفي المقابل؛ فإن الرئيس الأسبق، “جورج بوش”، خفض معدلات الضرائب للأثرياء بدلاً من رفعها في بداية حربي: “أفغانستان” و”العراق”؛ وذلك بنسبة: 8% على الأقل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة