وقع العراق اليوم عقدا مع شركة تريفي الايطالية لصيانة سد الموصل خلال 18 شهرا بكلفة 273 يورو في مهمة تقضي بمنع انهياره.
وجاء توقيع العقد اثر مخاوف عراقية ودولية من انهيار السد بعد ان توقفت عملية التحشية والصيانة له خلال سيطرة تنظيم داعش على السد بعد سيطرته على مدينة الموصل في حزيران (يونيو) عام 2014 قبل ان تتمكن القوات العراقية من ابعاده عن السد في وقت لاحق.
ويوم أمس صادق مجلس الحكومة في جلسة برئاسة رئيسه حيدر العبادي على الاجراءات الاحتياطية المتخذة لصيانة سد الموصل وأكد ان الحكومة تقوم بمسؤوليتها وواجبها في اتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان سلامة المواطنين والتحسب لأي خطر محتمل مهما كانت درجة التوقع لحالة السد .
كما اصدرت في وقت سابق بياناً رسمياً يوضح الإرشادات اللازمة لتلافي مخاطر إنهيار السد مؤكدة أن المخاطر التي تشير الى أنهياره “ضعيفة للغاية ونادرة الحدوث “. ودعت سكان المناطق المحاذية لمجرى نهر دجلة الى تجنب خطر اندفاع مياه الفيضان الى مناطقهم.
التحسب لاي خطر محتمل
وكانت مشكلة سد الموصل قد بدأت بعد الانتهاء من إنشائه عام 1986 عندما بدأت عمليات تقوية الأسس عبر التحشية عن طريق الحقن بالكونكريت وبشكل يومي بسبب تآكل الأرضية التي أنشئ عليها والتي تعتبر غير صالحة لإنشاء السدود عليها حيث تعتبر عملية التحشية هي التي مكنت من المحافظة على جسم السد والمنشآت الملحقة به لغاية الآن.
وأنشئ سد الموصل من قبل شركة ألمانية إيطالية مشتركة على بعد 30 كم شمال غرب مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى (375 كم شمال بغداد) فيما قدرت الشركة عمر السد بنحو 80 عاما . ويقع سد الموصل على مجرى نهر دجلة ويبلغ طوله 3.2 كيلومتر وارتفاعه 131 مترا ويعتبر أكبر سد في العراق ورابع أكبر سد في منطقة الشرق الأوسط.
وتنطلق دعوات ملحة في العراق حاليا للاسراع بحسم ملف سد الموصل تزامناً مع ارتفاع مناسيب مياه نهر دجلة وقرب موسم الربيع اذ يتوقع ارتفاع مخزون السد الى 8 مليارات متر مكعب . وتتلكأ الحكومة العراقية بصرف مليار دينار عراقي (حوالي مليون دولار) شهرياً لأعمال الصيانة إضافة الى مخصصات مالية اخرى يتقاضاها فنيون وخبراء عراقيون يعملون في هذه المنشأة الحساسة.
أخطر سد في العالم
ويعاني سد الموصل الذي شيد في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين من مشكلة بنيوية دفعت المهندسين في الجيش الاميركي الى وصفه بانه اخطر سد في العالم في تقرير نشر عام 2007. ومنذ إنشائه يعاني سد الموصل من تشققات وصدوع بسبب إنشائه على أرض جبسية ما استلزم حقنه بشكل يومي بمادة اسمنتية خاصة لمعالجة التشققات والصدوع لكن أعمال الصيانة توقفت منذ احتلال “داعش” لمدينة الموصل في حزيران (يونيو) عام 2014 .
وفي تصريح له اواخر الشهر الماضي قال اللفتنانت جنرال شون ماكفرلاند قائد قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم داعش إن السلطات العراقية أدركت احتمال انهيار السد الذي تحتاج أساساته إلى حقن بانتظام للحفاظ على سلامة هيكله. وأضاف “ان احتمال انهيار السد شئ نحاول حسمه الآن وكل ما نعرفه إنه إذا انهار فسينهار بسرعة وهذا أمر سيء”.
وبدأ مسؤولون اميركيون في العراق الشهر الماضي بمعاينة السد لتحديد حالته وسط مخاوف من انهياره والتسبب بكارثة في مدينة الموصل. وقد سيطر تنظيم اداعش بعد هجوم شنه في حزيران (يونيو) عام 2014 على مساحات كبيرة من محافظة نينوى الشمالية ومركزها مدينة الموصل ووصل الى سدها الواقع قبل استعادته ولكن اعمال الصيانة ظلت متوقفة ما زاد الخشية من انهيار السد الضعيف اصلا.
ويشارك الاميركيون الحكومة العراقية المعلومات التي جمعوها ويعملون على وضع خطة لافراغ السد حيث كانت كوادر هندسية عسكرية قامت في وقت سابق بتثبيت اجهزة الاستشعار لكن عناصر داعش قاموا خلال سيطرتهم على السد بسرقة جميع المعدات ووطرد جميع العاملين على شؤون السد. ويحذر الاميركيون من خطر حدوث كارثة كبرى في حال انهيار السد الذي قد يسبب موجة من المياه ارتفاعها 20 مترا قد تغمر مدينة الموصل.
مخاطر كارثية لانهيار السد
ويؤكد مختصون ان انهيار السد يعني اختفاء مدينة الموصل بالكامل ثم يستمر السيل في جرف مدن عراقية وقرى وقصبات حيث يقدر ارتفاع الماء في بغداد لمستوى أربعة أمتار ونصف المتر في المناطق المنخفضة منها.. وهذا يعني ان حياة اكثر من خمسة ملايين إنسان مهددة بالخطر .
لكن وزير الموارد المائية محسن الشمري ينفي تعرض السد للانهيار ويقول إن خبراء متخصصين في وزارته أكدوا في تقارير حديثة أن وضع السد طبيعي وليس هناك ما يهدده مؤكدا أن أعمال صيانته تجري بشكل طبيعي.
ووفقا لتقديرات المختصين سيكون هناك حوالي خمسة ملايين عراقي بين غريق ومشرد خلال يومين فقط من انهيار السد اضافة الى تلف محاصيل زراعية واراض قد تشكل 15% من اراضي العراق الصالحة للزراعة. اما الدمار المادي فتقدر كلمته باكثر من 200 مليار دولار الى جانب اربع سنوات من العمل لازالة اثاره التدميرية.
وقال مصدر عراقي مطلع ان السفارة الاميركية في بغداد وضعت ثلاث خطط لاجلاء رعاياها وموظفيها اثر التحذيرات المتكررة من خبراء هندسيين وجيولوجيين تابعين للجيش الاميركي قاموا بالغوص اسفل السد وقدموا تقريراً ختاميا ورد فيه ان السد قد وصل الى مراحل متقدمة للغاية من التشققات و”على السفارة الاستعداد لأسوأ الاحتمالات”. واشار الى إن السفارة الأميركية تجري تدريبات على الإخلاء بمعدل مرة كل 10 أيام منذ ازدياد التحذيرات من انهيار سد الموصل فيما زادت عديد حمايتها للسد من 250 إلى 700 عسكري.