25 أبريل، 2024 8:11 ص
Search
Close this search box.

تريد مقعدًا وسط “الكبار” .. هل تكتسب إيران ورقة ضغط ونفوذ أمام الغرب بعضويتها في “منظمة شنغهاي” ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

ناقش الكاتب “فاردين افتخاري”، أكاديمي متخصص في شؤون الأمن القومي الإيراني وصنع السياسة الخارجية، ما وراء حرص “إيران” على الإنضمام لـ”منظمة شنغهاي للتعاون”، ومدى تحقيق تلك الخطوة لمكاسب حقيقية ملموسة لـ”طهران”، وذلك في مقال نشرته مجلة (ذا دبلومات) الأميركية.

يقول الكاتب في مطلع مقاله: إن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الروس والإيرانيين تُشير إلى أن “إيران” باتت قاب قوسين أو أدنى من الحصول على العضوية الكاملة في “منظمة شنغهاي للتعاون”، وهي المنتدى الإقليمي الذي أطلقته: “الصين، وروسيا، وجمهوريات آسيا الوسطى”، عام 2001، (باستثناء تُركمانستان)؛ لمكافحة ما يسمى: بـ”الشرور الثلاثة”، وهي على وجه التحديد: “الإرهاب، والنزعة الانفصالية، والتطرف”.

وقد انتظرت “إيران” هذه اللحظة منذ أن أصبحت عضوًا مراقبًا في “منظمة شنغهاي للتعاون”، عام 2005. وبعد التوقيع على معاهدة إستراتيجية متعددة الأبعاد مدتها: 25 عامًا مع “الصين”، والاستعداد لعقد صفقة مماثلة مع “روسيا” في الأمد القريب، يمكن أن نرى إنضمام “إيران” إلى “منظمة شنغهاي للتعاون” بمثابة الخطوة الحاسمة الثالثة في اتجاه “طهران” القوي نحو الشرق.

ورقة ضغط لا يُعرف استعمالها..

وأوضح “افتخاري”؛ أن الرئيس الإيراني الجديد، “إبراهيم رئيسي”، لم يكن شخصية بارزة في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية الإيرانية. ولهذا السبب، وعلى عكس سلفه، لم يُحدد بعد أبعاد إستراتيجية سياسته الخارجية، أو يُحدد كذلك الأهداف التي يريد تحقيقها في الخارج. وعلى الرغم من ذلك فهو مُحاط بشخصيات كانت تنتقد “خطة العمل الشاملة المشتركة”.

وقد انتقدت هذه الأصوات نفسها إدارة “روحاني”؛ لأنها لم تُولي الاهتمام الكافي للعلاقات مع “روسيا” و”الصين”، ولم تستخدم العلاقات الموسَّعة المفترضة مع: “موسكو” و”بكين”؛ بوصفها وسيلة ضغط في المفاوضات مع “الولايات المتحدة” و”أوروبا”. وعلى الرغم من أن هذا المعسكر لم يوضح قط كيف سيُدفَع الغرب بالضبط لرفع العقوبات، أو قبول مطالب “إيران” الأخرى من خلال العلاقات الوثيقة المفترضة لـ”إيران”، مع “روسيا” و”الصين”، فقد حصلوا على أوراق اعتماد جديدة من أكبر صانع للقرار في البلاد.

وفي اجتماع قصير أخير مع “روحاني” ومجلس وزرائه؛ انتقد المرشد الأعلى، آية الله “علي خامنئي”، الرئيس “روحاني”، مرةً أخرى: لـ”ثقته” في الغرب؛ الأمر الذي يُنذر باستمرار الجمود في “مفاوضات فيينا” بشأن إحياء “خطة العمل الشاملة المشتركة”.

ومن الجدير بالذكر أن مكتب المرشد الأعلى أصدر بعد ذلك؛ ملفَ فيديو قصيرًا يظهر فيه آية الله “خامنئي”؛ خلال اجتماع خاص، عام 2012، مع رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، آنذاك، آية الله “هاشمي رفسنجاني”، وهو ينتقد إصرار “رفسنجاني” على إقامة علاقة مع “الولايات المتحدة”.

ولفت “افتخاري” إلى أن المرشد الأعلى حدد الملامح المركزية للمرحلة القادمة من السياسة الخارجية لـ”الجمهورية الإسلامية”، والاتجاه الذي يجب أن يتبعه، “رئيسي”، وهو التخلي عن “خطة العمل الشاملة المشتركة”، باعتبارها نقطة محورية في السياسة الخارجية الإيرانية. وتتمثل مهمة “رئيسي” وفريقه في تعزيز العلاقات مع الدول غير الغربية، بما في ذلك: “الصين” و”روسيا”.

وعلى هامش مراسم تصديق، آية الله “خامنئي”، على رئاسة، “رئيسي”، أكد مستشار المرشد الأعلى في الشؤون الدولية، “علي أكبر ولايتي”، أن أولوية حكومة “رئيسي”؛ يجب أن تكون: “التطلع إلى الشرق” و”التعاون، والعلاقات الإستراتيجية مع الصين، والهند، وروسيا”، والتي يمكن أن: “تساعد اقتصادنا في إحراز تقدم”، على حد قوله.

“منظمة شنغهاي للتعاون” لن تقدم لإيران ما تحتاجه..

واستدرك “فاردين افتخاري” قائلًا: بيد أن “منظمة شنغهاي للتعاون” ليست تجمعًا إقليميًّا فاعلًا في مجالي التجارة والاقتصاد، لكنها في الأساس منصة لـ”روسيا” و”الصين” لإدارة بيئتهما الأمنية المحيطة، وتحييد التهديدات المشتركة لأمنهما القومي، وسلامتهما الإقليمية الناشئة عن: “الشرور الثلاثة” المتصورة. ومنذ أن أنضمت “باكستان” و”الهند”، إلى “منظمة شنغهاي للتعاون”، عام 2017، أصبحت المنظمة تضم أربع قوى نووية ذات برامج وأهداف أمنية مختلفة.

وفي الأساس لا تُشارك “إيران” الاهتمامات الأساسية لهذه القوى الأربع. وتختلف العضوية الكاملة في “منظمة شنغهاي للتعاون”؛ اختلافًا بيِّنًا عن حصولها على صفة: “عضو مراقب”؛ إذ يتعين على “إيران” أن تتعهد بإلتزامات، وتتخذ مواقفَ رسمية خلال عمليات صنع القرار. وقد يكون لزامًا على “طهران”، بوصفها عضوًا كاملًا في “منظمة شنغهاي للتعاون”؛ أن تُعرب عن موقفها تجاه النزاعات الإقليمية بين: “الهند والصين وباكستان”، على سبيل المثال، وهي القضية التي لا تأتي ضمن الاهتمامات المباشرة لـ”إيران”. وسيكون للشريكين الاقتصاديين الرئيسَيْن لـ”إيران”: (بكين ونيودلهي)، توقعات متباينة من “طهران”.

وفي حين تفرض العضوية الكاملة إلتزامات إضافية، فإن الفوائد التي يمكن أن تُجنيها “طهران” محل نقاش؛ وآية ذلك أن “منظمة شنغهاي للتعاون” لن تزود “إيران” بالقدرة على متابعة أجندتها وعلاج مخاوفها الأمنية في الشرق الأوسط، ولن تعمل الهيئة بوصفها أداة لـ”إيران” للهروب من العزلة الإقليمية. بل على العكس من ذلك، قد يؤدي اكتساب بطاقة عضوية كاملة، في “منظمة شنغهاي للتعاون”؛ إلى تضخيم الانقسامات والعداء بين “إيران” والحلفاء العرب لـ”الولايات المتحدة” في الشرق الأوسط؛ من خلال تصوير “إيران” على أنها: “دُمية” في أيدي “الصين” و”روسيا”.

وعلى الرغم من أن “منظمة شنغهاي للتعاون”؛ ليست منظمة أمنية جماعية، فإنها تعتقد أن التطرف الإسلامي السُني تهديدًا مشتركًا ينبغي كبحه. ولن يظل نهج “إيران”، الشيعي، في التعامل مع هذا الموضوع في “منظمة شنغهاي” بلا حساسيات، وخاصة في “آسيا الوسطى”.

الدخول وسط الكبار لن يغير الوضع كثيرًا..

وعلى الرغم من الجوانب اللطيفة الأخرى للتعاون المتعدد الأطراف؛ التي تزعم المنظمة أنها تغطيها، مثل التجارة أو الأعمال المصرفية أو المساعدات الطارئة، فإن تاريخ المنظمة يكشف عن ميل إلى تعزيز الأجندة الأمنية المشتركة وتجاهل قضايا الخلاف. على سبيل المثال، بسبب المخاوف بشأن فقدان نفوذها، تُعارِض “روسيا” المقترحات الصينية بإنشاء منطقة تجارة حرة بين أعضاء “منظمة شنغهاي للتعاون”. ومن الواضح أن “إيران” لا تستطيع وضع أجندة غير متوافقة في هذا السياق.

وعمومًا؛ يحجب تعزيز سياسات الأمن الخارجي في السياسة الخارجية لـ”الجمهورية الإسلامية” بالفعل، الدبلوماسية الاقتصادية أو الفرص التجارية الجديدة. وفي ضوء هذا السياق من شأن إقامة روابط مؤسسية مع “منظمة شنغهاي للتعاون”؛ باعتبارها عضوًا كامل العضوية أن يعزز هذا المسار غير المثمر لاقتصاد “إيران” وتجارتها.

وحتى إذا قررت “إيران” إعطاء الأولوية لتعددية الأطراف الأمنية على قضايا أخرى، فمن الطبيعي أن تُعطي “طهران” الأولوية للشرق الأوسط، وإعادة تأهيل العلاقات المقطوعة مع أعضاء “مجلس التعاون الخليجي”، من خلال الحوار الإقليمي. ولن تساعد “منظمة شنغهاي للتعاون”، في هذا الصدد.

ونوَّه الكاتب إلى أن الشرق الأوسط المضطرب والعداء المستمر بين: “إيران” و”الولايات المتحدة” والدول العربية؛ يخدم في المقام الأول النفوذ، والمصالح الروسية، والصينية. وعلى النقيض من خطاباتهما وإيماءاتهما الدبلوماسية الحميدة، (والجوفاء)، لم تَسْعَ “موسكو” ولا “بكين” مطلقًا إلى تشجيع “إيران” والمنطقة على إطلاق اتجاه حميد لأقلمة وحوار شامل من أجل إحلال السلام والاستقرار الدائمين.

وكان أحد الأسباب الرئيسة لإبقاء “إيران” خارج “منظمة شنغهاي للتعاون”، على الرغم من طلباتها المتكررة لقبول عضويتها منذ عام 2005، هو إنخراط “الجمهورية الإسلامية” مع الغرب؛ وأمل “طهران” في الانفتاح الاقتصادي والسياسي مع “الولايات المتحدة” و”أوروبا” في مراحل تاريخية مختلفة.

ولم تكن “روسيا” ولا “الصين” راغبتين في منح عضوية “منظمة شنغهاي” إلى بلد يتبنَّى سياسة خارجية موجهة نحو الغرب. ومن شأن العضوية الكاملة أن تُعطي قدرًا كبيرًا من النفوذ وورقة مساومة في المنظمة.

ويبدو أن بروز الجمود الإستراتيجي بين “إيران” والغرب؛ بشأن المسألة النووية، واستمرار “طهران” في رفض المفاوضات بشأن القضايا غير النووية، (مثل أنشطتها الإقليمية، وبرنامجها الصاروخي)، أدَّى إلى إيجاد قوة دفع كافية لـ”روسيا” و”الصين”؛ لكي يدركا أنه: “لم تُعد هناك عقبة في طريق عضوية إيران الكاملة في المنظمة”.

المفهوم الخاطيء لـ”إيران” حول الإقليمية الأوروآسيوية..

وتطرَّق “افتخاري” إلى أن “إيران” حاولت دومًا استخدام علاقاتها مع “الصين” و”روسيا”، خلال سنوات التوتر مع “الولايات المتحدة” والقوى الأوروبية؛ بوصفها وسيلة ضغط ضد العواصم الغربية؛ الأمر الذي يُساعدها في تلقي الدعم الدبلوماسي ومدِّها بشريان الحياة الاقتصادي، والمعدات الدفاعية من: “موسكو” و”بكين”.

ونجحت إستراتيجية “طهران”، إلى حدٍ ما، وساعدتها، على سبيل المثال، في النجاة من العقوبات المعوقة. ومع ذلك تمكَّنت “إيران” من عدم الإنحراف بشدة عن شعارها الأساس في مجال السياسة الخارجية، “لا الشرق ولا الغرب”. ولكن يبدو أن “الجمهورية الإسلامية” تُغير مسارها بالاستعاضة عن الأعمال الرمزية بسياسات ملموسة. وهذا بدوره سيجلب مجموعة متنوعة من العواقب على السياسات الاقتصادية والخارجية والأمنية للبلاد.

وأضاف الكاتب أن “إيران” تسعى إلى تحقيق مشاركة هادفة في المؤسسات الاقتصادية والأمنية “الأوروبية-الآسيوية” على أمل الحد من الضغوط التي تفرضها العقوبات الغربية، وربما لإحداث جلبة جديدة من أجل: “المواجهة الدبلوماسية”؛ ضد الغرب. ومع ذلك، تفتقر هذه العقلية إلى إستراتيجية محددة وسياسة متماسكة، وتتناقض في بعض الأحيان مع خطاب السياسة الخارجية الإيراني، الذي يُعطي الأولوية للشرق الأوسط وتطوير العلاقات مع الجيران.

مبادرات غير فعالة..

ويلفت “افتخاري”؛ إلى أن هناك تصورًا خاطئًا في السياسة الخارجية الإيرانية؛ مفاده أن مجرد كونها جزءًا من الكيانات الإقليمية المختلفة في المناطق المجاورة، بما في ذلك “أوراسيا”، فمن الممكن أن تكسر تلقائيًّا: “جدار العقوبات” وأن يؤدي ذلك إلى علاقات خارجية مثمرة ومتنوعة. ومن الصعب تصور أي إنجازات حقيقية ذات مغزى سوف تنتج عن منصات متعددة الأطراف مثل: “منظمة شنغهاي للتعاون”، و”الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي”، أو “مبادرة الحزام والطريق”، عوضًا عن العلاقات الثنائية بين “إيران” و”روسيا” و”الصين”.

وبدلًا عن ذلك، فإن إصرار “إيران” على الحصول على مقعد في المنظمة؛ لا يؤدي إلا إلى توليد المزيد من النفوذ لـ”موسكو” و”بكين” لتعزيز اعتماد البلاد المفرط على الشرق.

ويعتقد الكاتب أن الجهود الرامية إلى الحصول على مقعد في هذه المبادرات، غير الفعَّالة، إلى حد كبير؛ لا تؤدي إلا إلى إهدار الموارد الدبلوماسية المحدودة للبلاد، وذلك لأن “روسيا” و”الصين” هما أصحاب المصلحة المهيمنين في تلك المبادرات؛ ويكاد يكون من المستحيل على “طهران” السعي لتحقيق أهداف ملموسة وقابلة للتحقيق.

وعلى صعيد التجارة والاقتصاد، وهو الأمر الأكثر أهمية لـ”إيران”، فإن المبادرات الأوروبية الآسيوية الكبرى مثل: “الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي”، الذي تقوده “روسيا”، و”مبادرة الحزام والطريق” الصينية؛ لم تُحْدِث حتى تطورًا ذا شأن في العلاقات الثنائية بين: “بكين” و”موسكو”، أو حتى التنسيق المؤسسي الإقليمي بين المبادرتين، على الرغم من الخُطَب الرنانة في هذا الصدد.

ويُشدد الكاتب، في ختام مقاله؛ على أن “مبادرة الحزام والطريق” و”الاتحاد الاقتصادي الأوراسي”؛ لا يعدوان كونهما مشروعين جيوسياسيين لحماية: “مناطق نفوذ”، “الصين” و”روسيا”؛ تحت مظلة نظام عالمي متعدد الأقطاب. وبسبب التشابكات الإقليمية والدولية لـ”إيران”، سوف تعمل “روسيا” و”الصين”، بوصفهما قوتين انتهازيتين، وبدافع من طموحاتهما العالمية، على رعاية علاقة ناجحة مع “إيران”، بصرف النظر عن وجود “طهران” في المحافل المتعددة الأطراف.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب