28 سبتمبر، 2024 11:20 م
Search
Close this search box.

ترويض “الوحش” .. وصايا “فورين بوليسي” لـ”بايدن” نحو احتواء الصين !

ترويض “الوحش” .. وصايا “فورين بوليسي” لـ”بايدن” نحو احتواء الصين !

وكالات – كتابات :

تُحاول “بكين” علاج نقاط الضعف الاقتصادية خوفًا من الاحتواء الأميركي، وذلك حسب ما جاء في مقالٍ للكاتب؛ “دنغوان جوي ليو”، نشرته مجلة (فورين بوليسي) الأميركية.

يُلفت الكاتب في مطلع مقاله؛ إلى القناعة المترسِّخة لدى صانعي السياسة الصينيين بأن “الولايات المتحدة” مصمِّمة على تنفيذ إستراتيجية كاملة لاحتواء “الصين”، مشيرًا إلى أن “بكين” تَعُد مبادرة الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين: “الهندي” و”الهاديء” للازدهار؛ بمثابة المرآة الاقتصادية للحوار الأمني الرباعي واتفاقية (أوكوس)، وهما اتفاقيتان أمنيتان تقودهما “الولايات المتحدة” وتعُدُّهما “بكين” بمثابة تحالفات مناهضة لـ”الصين”. ويتحدث المسؤولون والأكاديميون الصينيون كثيرًا عن الاعتماد على الذات ويستعدون للانفصال القسري عن “الولايات المتحدة”.

مسارات بديلة..

ويتابع الكاتب: وفي حين أن جزءًا من الرد الصيني المحتمل على “واشنطن” سيتمثل في زيادة تعزيز الجيش الصيني، فإن دولة الحزب الواحد سيكون لديها أيضًا طرق اقتصادية لاستجابة ناجحة، والتي تتمثل في مضاعفة إتباع إستراتيجية الاعتماد على الذات الموجودة مسبقًا وحماية الاقتصاد الصيني من العقوبات مع تعزيز قدراتها الجيو-اقتصادية الهجومية من خلال تعزيز موقع “الصين” الإستراتيجي في سلاسل التوريد العالمية وتوسيع نفوذها في الممرات البحرية التجارية الدولية.

وأشار الكاتب إلى أن “الحزب الشيوعي الصيني” جعل: “الاستقلالية والاعتماد على الذات”، محور قراره التاريخي لعام 2021. وذكَّرت العقوبات القاسية التي فرضها الغرب مؤخرًا على “روسيا”؛ القادةَ الصينيين، بالحاجة إلى تعزيز الاستقلالية الاقتصادية. وفي 25 شباط/فبراير، اليوم الذي أعقب الغزو الروسي لـ”أوكرانيا”، جادلت افتتاحية صحيفة (الشعب) اليومية بأن: “الاستقلالية والاعتماد على الذات يضمنان استمرار قضية الحزب والشعب في الانتقال من نصر إلى نصر”. وتعهدت الحكومة مؤخرًا بتحسين الاعتماد على الذات من خلال بناء: “سوق وطنية موحَّدة”.

وأشار الكاتب إلى أن هذه المخاوف ليست جديدة؛ فقد دعا صانعو السياسة الصينيون إلى إصلاح النظام المالي العالمي مباشرةً بعد الأزمة المالية الآسيوية في نهاية التسعينيات، في محاولة للتحوط من هيمنة “الدولار الأميركي”.

إستراتيجية “بكين” المضادة..

وأوضح الكاتب أن أحد المكونات الرئيسة لإستراتيجية “الصين” الدفاعية ضد الاحتواء الغربي المتصور يتمثل في بناء نظام تداول عالمي للسلع الأساسية يعتمد على “اليوان”، في محاولة لتحسين قوة تسعير “اليوان”، وتقليل ضعف “الصين” في تجارة الموارد العالمية، وتعزيز الوضع المالي العالمي لـ”الصين”.

ويقبَل الآن مورِّدو “النفط” الصينيون الرئيسون، مثل: “روسيا، وأنغولا، وفنزويلا، وإيران، ونيجيريا”، التعامل بـ”اليوان” في تجارة “النفط” مع “الصين”. وأطلقت “بورصة شنغهاي الدولية للطاقة”؛ عقود “شنغهاي” الآجلة لـ”النفط الخام” القائمة على “اليوان”؛ في عام 2018، وفي نيسان/إبريل 2021، بلغ إجمالي حجم التجارة للعقود الآجلة لـ”النفط” المقوَّمة بـ”اليوان”: 44 تريليون يوان (6.7 تريليون دولار أميركي)، مع عملاء من: 23 دولة ومنطقة. ويمكن لمصدِّري “النفط” تحويل عائداتهم النفطية بـ”اليوان” إلى “ذهب” في بورصات “الذهب” في “شنغهاي” و”هونغ كونغ”.

وتُشير قابلية التحويل البيني هذه إلى أن “الصين”، أكبر مستورد لـ”النفط” في العالم، لديها بنية تحتية محلية كاملة لتجارة “النفط” على نحو غير مباشر باستخدام “الذهب”. وهذا يُمثل بداية بدائل التسعير لسلعة عالمية رئيسة.

ويمكن لـ”الصين” الاستفادة من التحول الحالي للطاقة لرعاية “الغازيوان”؛ (اعتماد اليوان عُملة أساسية لتجارة الغاز)، لمحاكاة “البترودولار”. ومثلما تعتمد الدول المُنتجة لـ”النفط” على عائدات “الدولار” التي لا يمكن إنفاقها بحرية في أماكن أخرى، يمكن أن تعتمد البلدان المُنتِجة لـ”الغاز”؛ مثل “روسيا” و”إيران” على “اليوان”.

وألمح الكاتب إلى أن “روسيا وإيران والصين” يُنتجون مجتمعين غازًا طبيعيًّا مُسالًا أكثر من “الولايات المتحدة”، ولديهم جميعًا بنية تحتية مالية فاعلة غير دولارية، لافتًا إلى أنه يمكن القول إن القوة الجيو-اقتصادية الجماعية لـ”الصين وروسيا وإيران” أقوى بكثير من قوة منظمة (أوبك).

وأضاف الكاتب أن ارتفاع الطلب العالمي على “الغاز الطبيعي”؛ بوصفه وقودًا انتقاليًّا في التحرك نحو صافي الانبعاثات الصفرية وفصل أسعار “الغاز” عن أسعار “النفط” يوفر أيضًا حالة كلية حميدة لظهور “الغازيوان”. ومع ذلك لن يكون من السهل على “اليوان” أن يُحقق وضع العُملة المهيمنة سريعًا، ومن ثم يُشكل تهديدًا حقيقيًّا لهيمنة “الدولار”؛ وذلك لأن الإفتقار إلى الأصول الجذابة المقوَّمة بـ”اليوان”، ونقص السلع والخدمات العالية القيمة المرغوبة المصدَّرة من “الصين” يحول دون ظهور “البترويوان” – أو “الغازيوان” – في أي وقت قريب؛ على حد مزاعم الكاتب.

نظام مالي جديد..

وتطرَّق الكاتب إلى عنصر آخر من النظام المالي الذي بدأته “الصين”، وهو نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود؛ (سيبس)، التابع لـ”بنك الشعب الصيني”، مدعومًا بـ”اليوان” الرقمي. وقد أطلقت “الصين” هذا النظام في عام 2015، وأصبح بمثابة بنية تحتية مالية يمكن أن تسمح للكيانات الخاضعة للعقوبات بالدخول إلى الأسواق العالمية، على الرغم من أن التهرب من العقوبات لم يكن الدافع الأصلي لإدخالها.

ويجمع نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود بين خدمات الرسائل المالية وأدوار التسوية في منصة واحدة. وهو بديل “الصين” لمزيج (سويفت + تشيبس “نظام المقاصة بين المصارف”)، الذي ينقل “الدولار” عبر مؤسسات مختلفة على مستوى العالم. ويمكن أن يؤدي إرسال الرسائل المالية باستخدام نظام (سيبس) واستكمال التسويات داخليًّا إلى القضاء على خطر كشف المعلومات الخاصة بالمعاملات لـ”الولايات المتحدة”.

إجراءات إضافية..

وتابع الكاتب قائلًا إن هذه الإجراءات دفاعية على نحو فعال، وتتطلع إلى عزل “الصين” عن عواقب إستراتيجية الاحتواء الأميركية. ولكن في أسوأ سيناريو لحرب مالية قد يُثيرها حدث متطرف، مثل صِدام عسكري حول “تايوان”، يمكن لـ”بكين” أن تنشر إجراءين انتقاميين هجوميين: تعطيل سلاسل التوريد العالمية وتقييد الوصول الأجنبي إلى الموانيء التجارية التي تُسيطر عليها “بكين”.

ويمكن أن تأتي الاضطرابات المتعمدة في سلسلة التوريد في شكلين على الأقل: فرض الإطار التنظيمي المناهض للعقوبات لتقييد الوصول إلى السوق الصينية وفرض ضوابط على الصادرات على المواد الحيوية.

وأقرت “الصين”؛ خمسة تشريعات رئيسة تهدف إلى منع تأثير “العقوبات الأميركية؛ منذ عام 2018: القانون الدولي للمساعدة القضائية الجنائية، وأحكام قائمة الكيانات غير الموثوقة، والقواعد الخارجية، وقانون مكافحة العقوبات الأجنبية، وقانون مراقبة الصادرات، وهو أول قانون صيني يُنشيء نظامًا شاملًا ومتكاملًا لتنظيم مراقبة الصادرات، بالإضافة إلى الكتاب الأبيض لمجلس الدولة حول مراقبة الصادرات الصينية.

ومع التطبيق الفعلي لهذه القوانين، يمكن للحكومة الصينية إجبار الشركات الأجنبية على اختيار السوق الصينية أو السوق الغربية وردع التعاون مع الإجراءات الأجنبية التي يُنظر إليها على أنها تُهدد الأعمال التجارية والمصالح الوطنية الصينية ومعاقبة ذلك.

وعلى وجه الخصوص، يُظهر قانون مراقبة الصادرات والكتاب الأبيض أن صانعي السياسة الصينيين لديهم رؤية واضحة لكيفية الاستفادة إستراتيجيًّا من هيمنة “الصين” في سلاسل التوريد العالمية للرد على القيود الأجنبية وحماية المصالح الوطنية لـ”الصين”.

وقد يمنح إطار قانون الرقابة على الصادرات الحكومة الصينية فرصة جديدة لتقييد صادرات العناصر المعدنية النادرة بموجب استثناء للأمن القومي لقواعد “منظمة التجارة العالمية” ضد القيود المفروضة على التجارة الحرة.

ويمكن أن يوفر قانون الرقابة على الصادرات أساسًا قانونيًّا لـ”الصين” لاستخدام مخاوف الأمن القومي لتقييد صادرات العناصر المعدنية النادرة الضرورية لتصنيع الإلكترونيات الاستهلاكية العالية التقنية والأسلحة الأميركية المتطورة، بما في ذلك الطائرات المقاتلة (إف-35)، إلى “الولايات المتحدة” وحلفائها للرد على الاحتواء الغربي. وقدمت “الصين”: 80% من واردات “الولايات المتحدة” من العناصر النادرة بين عامي: 2014 و2017.

مصدر آخر للنفوذ..

ولفت الكاتب إلى أن بروز “الصين”؛ باعتبارها قوة بحرية تجارية رائدة، يوفر مصدرًا آخرَ لنفوذ “بكين” في أوقات الحرب الاقتصادية، وذلك لأن عمليات الاستحواذ الصينية على الموانيء تمنح “الصين” سيطرة أكبر على تدفقات الشحن العالمية التي يمكن أن تُقيد قدرة الدول الأجنبية على تأمين سلاسل التوريد. وبحلول عام 2019؛ استثمرت “الصين” في: 101 مشروع ميناء على مستوى العالم.

وتمتلك “بكين” ثلاث شركات تشغيل موانيء صينية، هي: “كوسكو شيبنغ بورتس”، و”تشينا ميرشانت بورت”، و”تشينغداو بورت إنترناشيونال ديفلوبمنت”، بالفعل حصصًا في: 16 ميناءً أوروبيًّا، اعتبارًا من 2018.

ويخلص الكاتب في ختام مقاله إلى أن كل هذه الإستراتيجيات تأتي مع مخاطرها الخاصة. وفي حين يتعين على إدارة “بايدن” أن تسعى إلى تحدي “الصين” والتعايش معها من خلال إستراتيجية: “الاستثمار والمواءمة والمنافسة”، يجب عليها أيضًا مقاومة إغراء إما المبالغة في تقدير قدرة “الصين” وشيطنة “بكين”، أو إنكار قدرة “الصين” بسذاجة على تحدي القيادة العالمية الأميركية وهيمنة “الدولار”.

ويمكن لـ”واشنطن” تهميش محاولة “الصين” تحييد القوة الجيواقتصادية الأميركية؛ من خلال تعزيز جاذبية القيادة الأميركية وجاذبية النظام العالمي الحالي. وقد حان الوقت لـ”الولايات المتحدة” لتُنصت وتتعاطف مع البلدان التي تتوق إلى دعم التنمية، أو تطالب بالتمثيل في النظام العالمي الحالي قبل أن تسمع تلك البلدان نداءات “الصين” عوضًا عن “واشنطن”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة