تركيا تكمل ملء سد “إليسو” .. فكيف سيواجه “الكاظمي” تلك الكارثة ؟

تركيا تكمل ملء سد “إليسو” .. فكيف سيواجه “الكاظمي” تلك الكارثة ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة تُشكل تهديدًا للأمن القومي المائي للعراق، من شأنها تعطيش وتجويع العراقيين والتأثير بشكل مباشر على كافة المجالات، خاصة الزراعية والحيوانية، ورغم الزيارات الرسمية والودية بين البلدين، أعلنت الحكومة التركية، أمس، بدء تشغيل سد على “نهر دجلة”.

وزير الزراعة التركي، “بكير باكديميرلي”، قال إن سد “إليسو”، في جنوب شرقي البلاد، اشتغل بكامل طاقته، بحسب (رويترز).

وأوضح الوزير التركي أنه من المتوقع أن يساهم إنتاج السد من الطاقة، في ضخ نحو 2.8 مليار ليرة، (366 مليون دولار)، سنويًا في الاقتصاد.

وكانت السلطات التركية، قد وافقت على بناء السد قبل 23 عامًا من أجل توفير الكهرباء في المنطقة التي أقيم بها.

غير أن تشغيل أول توربين في السد بدأ، في آيار/مايو، من العام الجاري، وذلك إثر سنوات من التأجيل، والتعثر.

مشروع إقامة السد واجه بمعارضة من بعض الأوساط التركية، وذلك لأنه تسبب في رحيل نحو 80 ألف شخص عن 199 قرية في المنطقة.

وتتخوف السلطات في “العراق”، المجاور، من أن تؤثر إقامة السد على إمدادات المياه من النهر.

وقبل عامين أدى نقص المياه في “العراق”؛ إلى اتخاذ إجراءات مثل حظر زراعة الأرز، ودفع مزارعين لهجر أراضيهم. وشهدت مدينة “البصرة” احتجاجات استمرت شهورًا بسبب عدم وجود مياه صالحة للشرب.

ويُعد “نهر دجلة”، إلى جانب “نهر الفرات”، شريان الحياة بالنسبة للكثير من العراقيين، إذ يغذي النهران الكثير من محطات المياه، وتُستخدم مياههما لري الحقول على طول ضفتيهما.

ويعاني العراق، منذ سنوات، من انخفاض منسوب مياه نهري “دجلة” و”الفرات”، من جراء قلة تساقط الأمطار في فصل الشتاء.

أكبر سدود “نهر دجلة”..

ويُعد سد “إليسو” من أكبر السدود المقامة على “نهر دجلة”، بطول 1820 مترًا وارتفاع 135 مترًا وعرض كيلومترين، وتُقدر مساحة حوضه بـ 300 كيلومتر مربع.

ويستوعب سد “إليسو”، في حالة امتلائه كليًا بالمياه، ما يقرب من 20.93 بليون متر مكعب، وسيولد 1200 ميغاوات من الكهرباء، ليصبح رابع أكبر سد في “تركيا” من حيث الطاقة الإنتاجية.

تأثير سلبي بعد إكتمال عملية الملء..

وكان وزير الموارد المائية العراقي، “مهدي رشيد مهدي”، قال في تصريحات سابقة، بأن سد “إليسو” التركي سيكون له تأثير سلبي كبير على “نهر دجلة”؛ بعد إكتمال عملية الملء خلال المواسم المقبلة، موضحًا أن السد لن يكون له تأثير خلال الوقت الحالي لوجود خزان مائي كبير من المياه.

والسبت الماضي، أصدرت وحدة الأبحاث والدراسات بـ”التحالف المصري للتنمية وحقوق الإنسان”؛ تقريرًا بعنوان: “انتهاكات تركيا لسيادة الأمن المائي للعراق وسوريا”.

أكدت فيه أن سد “إليسو”، الذي تم افتتاحه في العام 2018، على “نهر دجلة”، أدى إلى انخفاض حصة “العراق” من مياه النهر بنسبة 60%.

ولفت التقرير إلى أن “تركيا” رفضت اعتبار “الفرات” و”دجلة” نهرين ذات طابع دولي، إذ صممت على أنهما نهرين عابران للحدود ومخالفين للقوانين الدولية المنظمة، الأمر الذي يعتبر أحد أبرز نقاط الخلاف بين “سوريا” و”تركيا”، قبل أن يوقع البلدان اتفاقية 1987؛ اتفاقًا مؤقتًا بعد صراع أمني شكلت قضية الأكراد أحد أبرز عناصره.

لن تكفي المياه للاستهلاك المنزلي..

ومسبقًا، قال الدكتور “عبدالرحمن المشهداني”، الخبير الاقتصادي العراقي، إن تشغيل “تركيا” لأول التوربينات في سد “إليسو” على “نهر دجلة”، الممتد من تركيا إلى العراق، ليس هو المشكلة، المشكلة ليست في التشغيل؛ وإنما في ملء السد وقطع المياه القادمة إلى العراق.

مضيفًا أن الاتفاقات السابقة بين البلدين تتحدث عن الملء الجزئي، فإذا كان تشغيل التوربين يتم وفق الاتفاقات السابقة، أعتقد هنا أن العراق لن يتضرر كثيرًا، لكن كل الخوف من قطع مياه “نهر دجلة” من أجل ملء السد لتشغيل التوربينات، هنا سيكون الضرر كبير على الاقتصاد العراقي.

مؤكدًا “المشهداني” أنه من الصعب جدًا تقليل الٱثار السلبية لملء السد على الاقتصاد العراقي، الأمر الٱخر أن العراق ما زال حتى اللحظة يستخدم الأساليب التقليدية في الري وتبديد المياه بشكل غير اقتصادي سواء في الزراعة أو في الاستهلاك المنزلي، وكان يجب على الحكومات السابقة في العراق أن تبدأ خطة طويلة الأمد لتدريب الفلاحين على أساليب وطرق الزراعة الحديثة، وفي حالة تقلصت حصة العراق فإن المياه القادمة قد لا تكفي حتى للاستهلاك المنزلي.

فشل السياسة المائية في العراق..

من جانبه؛ قال “عبدالقادر النايل”، المحلل السياسي العراقي: “من المعلوم أن السياسة المائية في العراق فاشلة طوال سبعة عشر عامًا، ولم يكن هناك أي خطة للسلطات الحكومية لتأهيل  السدود وإنشاء خزانات ماء يمكن أن تكون رافدًا مهمًا لنهري دجلة والفرات، الذي يعتمد عليهما العراق بشكل أساس بنسبة 100%، من حيث مياه الشرب ومياه الزراعة، وما يخدم استمرار الحياة”.

موضحًا أن الأمر لم يقف عند فشل السياسات المائية، بل تعدى ذلك إلى استهداف نهري “دجلة” و”الفرات” بتصريف مياه الصرف الصحي بشكل مباشر فيهما، فضلاً عن تضييق الأنهار والروافد التي تصب فيه، وكذلك بعض السياسين استغلوا الفوضى وعدم تفعيل قوانين الموارد المائية؛ مما دفعهم لدفن أجزاء من نهر “الفرات” ونهر “دجلة” وبناء منازل كبيرة لأطراف سياسية متنفذة، وإنشاء مطاعم وكازينوهات على ضفافه بعد دفن أجزاء كبيرة، مما تسبب بتضييق نهري “دجلة” و”الفرات”.

جرائم تم إرتكابها ضد النهر..

مشيرًا إلى أن هناك جريمة أخرى أرتكبت بحق “نهر دجلة”، أن أغلب الأنهار والروافد التي وصل عددها إلى 42 نهر ورافد؛ تصب بـ”نهر دجلة” من الحدود المشتركة مع “طهران”، وبالتالي تحول تلك المياه إلى الداخل الإيراني، بسبب تواطؤ السلطات الحاكمة وميليشياتها، وهي إنتهاك للقانون الدولي الخاص بمصادر الماء المشترك.

وأوضح المحلل السياسي، أنه للأسف الحكومة لا تملك أي خطط لتجنيب العراق كل تلك الآثار الكارثية المتوقعة، أعلم أن هناك شحة بالماء لدى أبناء الشعب العراقي رغم وجود النهرين، بسبب عدم ايصال خدمة المياه بشكل مؤسسي لمنازل المواطنين، فكيف إذا أصبح “نهر دجلة” فارغًا من الماء، وتضرر “نهر الفرات”، لا سيما أن المحافظات الجنوبية، ومنها “البصرة والناصرية وميسان”، إذا أنقطع الماء عنها فإن هناك أزمة صحية كبيرة جدًا ستحدث، بسبب “النفط” وحرارة الأرض، حيث يساهم الماء في إخماد الأضرار البيئة على السكان، لذلك نحن أمام كارثة قادمة، ربما سنشهد فيها العطش والجوع، وإنهيار الصحة في ظل عجز حكومي واقتصاد منهار، وعدم وجود الحلول، ولا يوجد حل إلا إذا أجلت “تركيا” قرارها بملء السد رحمة بالشعب العراقي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة