خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن “تركيا” في طريقها نحو اشعال حرب شاملة في “ليبيا”؛ متحدية بذلك قرارات المجتمع الدولي بالتهدئة ومحاولات حل الأزمة الليبية، فلم تكن الزيارة المفاجئة لوزير الدفاع التركي، “خلوصي آكار”، إلى العاصمة الليبية، “طرابلس”، لتفقد القوات التركية في ليبيا، مجرد تحرك بروتوكولي، لكن يحمل بين طياته العديد من المؤشرات التي تُنذر بتفجير متوقع للوضع في البلاد.
وزير الدفاع التركي، “خلوصي أكار”، أطلق اليوم الأحد، سلسلة من التهديدات ضد “الجيش الوطني الليبي”، بقيادة المشير “خليفة حفتر”، محذرًا بأن قواته وداعموه باتو: “هدفًا مشروعًا”؛ في جميع الأماكن بعد كل محاولة اعتداء على القوات التركية.
وقال “أكار”، بحسب بيان وزارة الدفاع: “ليعلم، حفتر وداعموه، أننا سنعتبرهم أهدافًا مشروعة؛ إن اعتدوا على قواتنا. لن يكون أمامهم مكان يفرون إليه، إذا هاجموا القوات التركية، وقال إن تركيا ستستهدفهم في كل مكان”.
وكان وزير الدفاع التركي، “خلوصي آكار”، قد وصل، ظهر أمس السبت، إلى بلدية “طرابلس”، على رأس وفد عسكري، وكان في استقباله وزير الدفاع بـ”حكومة الوفاق”، غير الدستورية، “صلاح الدين النمروش”.
وتعتبر “تركيا” هي الداعم الخارجي الرئيس لـ”حكومة الوفاق الوطني” الليبية، التي تتخذ من “طرابلس” مقرًا لها.
ووقعت “حكومة الوفاق” و”الجيش الوطني الليبي”، في تشرين أول/أكتوبر الماضي، اتفاقًا لوقف إطلاق النار، وتدفع “الأمم المتحدة” من أجل حوار سياسي بهدف إجراء انتخابات العام المقبل لتسوية الأزمة.
قرع طبول الحرب..
واعتبر وزير الخارجية بالحكومة الليبية، “عبدالهادي الحويج”، إن زيارة وزير الدفاع التركي، “خلوصي آكار”، لطرابلس، هي قرع طبول الحرب؛ بعد التقدم في المسار العسكري (5+5).
وكتب “الحويج”، على (تويتر): “وزير الحرب التركي يناقش الأوضاع السياسية؛ أمر يدعو للضحك على الليبيين واستغلالهم لتأجيج طبول الحرب، رغم التقدم المحرز في المسار العسكري، وهي محاولة لعرقلة أي تقارب (ليبي-ليبي)، وعلى الليبيين تفويت الفرصة على المستعمر التركي الغاشم الحالم بعودة حكم الإستانة”.
وأضاف “الحويج”: “عدوكم وعدونا، هو استلاب القرار الليبي وهيمنة الأجنبي وتغول الميليشيات والإرهابيين والخارجين عن القانون، عدونا المشترك العدوان التركي الغاشم، صححوا بوصلتكم ودعونا نذهب لسلام الشجعان والمصالحة الوطنية الشاملة ونفوت الفرصة على الأجنبي الغاشم”.
لتعزيز الوجود الجوي..
وكانت مصادر ليبية قد كشفت، لـ (سكاي نيوز عربية)؛ أن زيارة “أكار” تهدف إلى تعزيز “أنقرة” لوجودها جويًا، بعدما أكتفت طوال الشهور الماضية بإرسال الطائرات المُسيرة من نوع (بيرقدار)، التي استخدمتها بكثافة ضد الجيش الليبي.
وأكدت المصادر؛ أن زيارة “الوطية” ستكشف عن عمليات إعادة تأهيل الهناجر؛ بما يمكنها من استقبال الطائرات المقاتلة من طراز (إف-4)، والتي تُعرف بـ”النعوش الطائرة”.
أنقرة تمتلك 210 طائرة “إف-16“..
إحصاءات موقع (غلوبال فاير)؛ تكشف امتلاك “تركيا” أسطول كبير من مقاتلات (إف-16) متعددة المهام، بما يُقدر بنحو 210 طائرة، لكنها لن تتمكن من الدفع بأي منها إلى “ليبيا”، في ظل موقفها المتأزم شرقي البحر المتوسط، وحاجتها إليها ضمن أراضيها، حيث تدور يوميًا اعتراضات متبادلة بين الطائرات التركية ونظيرتها اليونانية.
ومع فشلها في الحصول على طائرات (إف-35) الأميركية، أبقت “أنقرة” على طائراتها المتقادمة، (إف-4)، حيث تمتلك عددًا كبيرًا منها، والتي ستلجأ إليها في “ليبيا”، خصوصًا 52 طائرة بينها، جرى تطويرها إلى معيار (فانتوم 2000)، عبر شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، “آي. إيه. آي”، التي دمجت بها أنظمة إلكترونيات الطيران الجديدة، ورادار (إيلتا) وأنظمة حرب إلكترونية نشطة، بالإضافة إلى إلكترونيات طيران إسرائيلية أخرى، حسب ما جاء في موقع (فلايت غلوبال)، المتخصص في الشؤون العسكرية.
وسبق أن تعاونت “تركيا” مع الشركة نفسها، من خلال إنفاق 150 مليون دولار لإنتاج صواريخ (أرض-جو) طراز (بوباي)، وكان ذلك ضمن صفقة مكبرة لتطوير طائرات مقاتلة ودبابات وصناعة طائرات استطلاع بدون طيار، وطائرة إنذار محمولة جوًا، ونظام “السهم (آرو)”، المضاد للصواريخ، حسب دراسة سابقة لمدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في “معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى”، “مايكل آيزنشتات”.
مقاتلات “إف-4” سيئة السمعة..
ورغم ما خصصته “تركيا” لتحديث أسطولها من مقاتلات (إف-4)؛ إلا أنها تظل “سيئة السمعة”، بحسب ما كشف تقرير سابق لموقع (مونيتور) الأميركي، الذي سلط الضوء في تقرير سابق، على كثرة حوادث السقوط التي تعرضت لها، وأشهرها ما وقع، في آذار/مارس العام 2015، حين تحطمت 3 طائرات من هذا الطراز، خلال أسبوع واحد، ما أودى بحياة 6 طائرين في حينها، مفجرة حالة غضب داخلية، حيث وصفت بـ”النعوش الطائرة”.
اليونان تسعى لمنع تركيا من إقامة قاعدة عسكرية..
وكانت “اليونان” على علم بالمخططات التركية لتعزيز وجودها في “ليبيا”، وهو ما تناقلته وسائل إعلامها على لسان وزير خارجيتها، “نيكوس دندياس”، الذي أكد سعي “آثينا” إلى إحباط مخطط “تركيا” الرامي إلى إقامة قاعدة عسكرية على ساحل ليبيا في منطقة قريبة من “جزيرة كريت” اليونانية.
وقال “دندياس”، إن بلاده: “تسعى لمنع إقامة قاعدة عسكرية تركية في ليبيا”، مضيفًا أنه: “يجب ضمان أن تكون الشواطيء الليبية المقابلة لجزيرة كريت اليونانية آمنة عبر سيطرة قوى نظامية عليها؛ وليس مجموعات من الميليشيات والمرتزقة”، في إشارة إلى المجموعات الإرهابية التي تدعمها “أنقرة”، في “طرابلس”، ومحيطها.
مخاوف من تهديدات “حفتر”..
وفي خطابه بمناسبة عيد استقلال ليبيا، أمام حشد كبير من القوات، منذ يومان، بعث القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير “خليفة حفتر”، رسالة واضحة للأتراك؛ قائلاً إنه لا خيار أمامهم سوى مغادرة البلاد “سلمًا أو حربًا”.
ودعا “حفتر”، قوات الجيش، إلى التأهب استعدادًا لطرد القوات التركية وميليشياتها من الأراضي الليبية، مضيفًا: “يجب أن نصوب نيران أسلحتنا نحو تركيا”، كما أكد أنه على الليبيين: “رفع راية التحرير من جديد ضد العدو التركي المتغطرس”، مشيرًا إلى أن: “الحرب بدأت تلوح في الأفق”.
وفي تعليقه على التحرك التركي الأخير؛ يرى أستاذ القانون الدولي، الليبي، “محمد الزبيدي”، أن خطاب المشير “حفتر”، الذي أكد فيه إصرار الجيش الليبي لخوض المعركة ضد “المحتل التركي”، دفع “خلوصي أكار” للتواجد حاليًا في ليبيا، كنوع من الرد بأنهم سيبقون فيها، كما تأتي تلك الزيارة بالتزامن مع تمديد “البرلمان التركي” لمهمة القوات التركية في ليبيا، وكأنهم يبعثون رسالة استخفاف بالمؤسسات القانونية في البلاد، وعلى رأسها “مجلس النواب”.
مضيفًا أن زيارة “أكار” هدفها أيضًا؛ إفشال اللجنة العسكرية المشتركة، (5+5)، التي حققت نجاحات متتالية الفترة الماضية، منها التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، وأخيرًا اتفاق تبادل أسرى.
لتحقيق مكاسب في الحوار السياسي..
ويتفق الكاتب والمحلل الليبي، “الحسين الميسوري”، مع وجهة النظر التي تربط الزيارة بخطاب المشير “حفتر”، الذي أثار قلقهم، مرجحًا ألا تقدم “تركيا” على تحريك الجبهات وبدء حرب مع الجيش الليبي، الذي أكد مرارًا إلتزامه بوقف إطلاق النار، لكن يبقى الأمر في إطار ممارسة الضغط السياسي من أجل تحقيق مكاسب في الحوار السياسي الدائر حاليًا في بين الأطراف الليبية.
ونبه إلى إغفال الكثيرين خطر الاتفاقية الأمنية التركية مع حكومة الغرب، والتي تمثل اختراقًا غير مسبوقًا لمؤسسات الدولة، حيث بمقتضاها ستحصل شركات تركية على عقود لتأمين المطارات والمنظومات الإلكترونية بها والأمن السيبراني.
استغلالاً لرفع “ترامب” يده عن ليبيا !
فينا حذر المحلل السياسي الليبي، “عزالدين عقيل”، من إجراءات تركية متلاحقة لاستغلال رفع الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، يده عن “ليبيا” كليًا، وتركها لمصير مختلف.
مضيفًا أن الإدارة الأميركية سعت، عبر سفيرها في طرابلس، “ريتشارد نورلاد”، وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة لدى ليبيا، “ستيفاني وليامز”، إلى فرض هيمنة أميركية على ليبيا، لكن المشروع انتهى بعدما لم ينتخب “ترامب” لفترة رئاسية جديدة.