خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
كشفت بعض الوسائل الإعلامية والشخصيات السياسية، عن المساعي السعودية الرامية إلى إشراك “الجمهورية التركية”، في الحرب اليمنية لمساندة حكومة، “عبدربه منصور هادي”.
وكان وزير الخارجية السعودي؛ قد زار مؤخرًا دولة “قطر” لإجراء مباحثات بهذا الشأن.
بدورها؛ اتخذت “تركيا” خطوة نادرة تتعلق بإدانة هجمات حركة (أنصار الله) على العميق السعودي. وتنتشر الكثير من التكهنات المختلفة بخصوص تدخل “أنقرة”، في الحرب اليمنية، وإلى الآن يلف الغموض كيفية وحجم القوات التركية التي ستشارك في الأزمة اليمنية. بحسب “علي رضا تقوى نيا”، الخبير الإيراني في الشأن الإقليمي، في تحليله الذي نشر في (قدس) الإيرانية الأصولية.
البحث عن بديل للأميركان..
وكانت “الرياض”؛ قد بدأت في البحث عن بديل مناسب قادر على ملء فراغ الخبراء الأميركيين، بعد مطالب الرئيس الأميركي الجديد، “جو بايدن”، إلى المستشارين العسكريين؛ عدم الإنخراط في عمليات هجومية ضد “اليمن”، ما تسبب في أن تعلق الكثير من المقاتلات وقاذفات القنابل السعودية على الأرض.
وتتطلع في هذا الصدد، إلى دولة تمتلك المعرفة اللازمة بالأنظمة العسكرية الأميركية. وانحصر الخيار السعودي في “الكيان الصهيوني” و”تركيا”، لكن بالنظر إلى المشكلات الناجمة عن تواجد مستشارين يهود على الأراضي السعودية، اتخذت “الرياض” قرارًا بالتوجه صوب “تركيا”.
ولعل نجاح التجربة التركية، في دعم “جمهورية آذربيجان”، في حرب “قره باغ”، من أسباب ميل “بن سلمان” إلى الخبراء الأتراك.
لماذا يلجأ “بن سلمان” لتركيا بالذات ؟
من ناحية أخرى، يتحالف حزب “الإصلاح”، الإخواني، وأسرة “الأحمر”، في “اليمن”، مع “آل سعود” ضد (أنصار الله) وحكومة “الإنقاذ الوطني”، ودعم “الإخوان المسلمين”، في “اليمن”، هو من أسباب دخول “تركيا” على خط الأزمة اليمنية.
واستعانة “بن سلمان”، بالرئيس التركي، هو مؤشر ضعف ويأس “السعودية”. فلقد خيم التنافس على علاقات الطرفين، خلال السنوات الماضية، لدرجة أن “رجب طيب إردوغان”، لم يتوانى في قضية مقتل الصحافي، “جمال خاشقجي”، عن أي جهود من شأنها تشويه ولي العهد السعودي.
لكن عجز “السعودية” القوي، إزاء الجيش اليمني المحاصر، وعزوف إدارة “بايدن” عن دعم العمليات الهجومية السعودية على الجار الجنوبي، اتخذ “بن سلمان” قرار تجرع الذل والمهانة ومد يدع باتجاه الرئيس التركي.
مذلة “آل سعود” !
وسوف تتلقى هيبة “آل سعود” صفعة قوية بهذا المطلب، لأن الدولة التي تعتبر نفسها زعيم العالم الإسلامي، وتنفق على قواتها المسلحة سنويًا، حوالي 70 مليار، لجأت لمد يدها وطلب المساعدة من المنافس، بعد 6 سنوات من الإعتداء على “اليمن”.
في غضون ذلك؛ تهيء الخطوة السعودية المحتملة مجالات الاختلاف، بين “بن سلمان” و”بن زايد”، حيث تعتبر “الإمارات” من ألد أعداء الدولة التركية و”الإخوان المسلمين” و”حزب الإصلاح”، وعارضت سياسات “إردوغان”؛ في الكثير من المواقف، ومنها الأزمة في “ليبيا” و”سوريا”.
كذلك فإن دخول “تركيا” على خط الأزمة اليمنية؛ سوف يتسبب في بروز حالة من عدم الثقة القطرية، تجاه “إردوغان”، إذ لا يمكنها التعويل على التحالف الإستراتيجي معه بسبب سماته الإنتهازية وعدم إلتزامه بمبادئه ومعتقداته.
عمومًا فإن الدعم التركي العسكري، لـ”السعودية”، لن يؤدي إلى تغيير في التوازن العسكري. لأن “الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا”؛ بذلت أقصى جهودها ودعمها لـ”آل سعود”، خلال السنوات الماضية، لكن لم تفشل فقط في التمهيد لهزيمة الجيش اليمني، وإنما بدأت الحرب تأخذ منحى عكسي، خلال العام الماضي.
ولا يمكن مقارنة “تركيا” من المنظور العسكري بالدول الثلاث. والدخول العلني للجيش التركي على خط الأزمة اليمنية، هو بمثابة إعلان واضح للحرب على حكومة “الإنقاذ الوطني”، وهو ما من شأنه إضفاء الشرعية اللازمة لعلميات الجيش واللجان الشعبية اليمنية ضد المصالح التركية.
ولا يبدو أن “إردوغان”، سوف يورط، من المنظور الكمي والكيفي، جيشه في الحرب اليمنية بشكل إستراتيجي. لكن أي خطوة ضد (أنصار الله)، سوف تؤخذ على محمل جاد من جانب “محور المقاومة”، وسوف يؤثر أضلاع هذا المحور بشكل واضح على “تركيا”، لاسيما وأن “حكومة الإنقاذ الوطني” اليمنية حليف إسترايتجي لـ”الجمهورية الإيرانية”، والخطوة التركية المحتملة، سوف تسحب المنافسة بين هاتين القوتين الإقليميتين من “العراق وسوريا” إلى “اليمن”.