ترقب غربي .. توسع شركات الأمن الصينية الخاصة بـ”إفريقيا” يقلق مضجع “واشنطن” !

ترقب غربي .. توسع شركات الأمن الصينية الخاصة بـ”إفريقيا” يقلق مضجع “واشنطن” !

وكالات – كتابات :

منذ سنوات عديدة، عملت “الصين” على توسيع نفوذها الاقتصادي والعسكري في “إفريقيا” بسرعة كبيرة، وتصاعد الدور الأمني بعد أن دشنت “بكين”؛ (مبادرة الحزام والطريق)، وأنشأت قواعد عسكرية في منطقة مثل تلك التي بنتها في “جيبوتي”. وفي خضم ذلك، عثرت شركات الأمن الصينية الخاصة على سوقٍ متخصصة مُربحة في “إفريقيا”، حيث تعمل على حماية الرؤساء التنفيذيين ومواقع البناء الصينية، كما تحمي السفن الصينية في البحر من القرصنة.

شركات الأمن الصينية توسِّع وجودها في “إفريقيا”.. ما أهمية ذلك ؟

يأتي توسع وجود شركات الأمن الخاصة الصينية في “إفريقيا” على هامش المرحلة الانتقالية التي تشهدها بنية الأمن العالمية، كما يقول تقرير موقع (The Conversation) الأسترالي.

وتعكس هذه التحديات إبتعاد “الولايات المتحدة” عن دور القيادة العالمية، وانتقالها إلى دور موازنة الأمن في الخارج. حيث أصبحت “أميركا” تعتمد على تحالفاتها الإستراتيجية، وتتدخل لحماية مصالحها في الخارج عند الضرورة فقط.

بينما أصبحت إعادة المعايرة الإقليمية هي سمة المنافسة في العصر الحالي. وإزداد الطلب على الخدمات الأمنية الصينية في “إفريقيا” بشكلٍ كبير بعد إطلاق “مبادرة الحزام والطريق”؛ عام 2013، التي تُمثل جزءًا من خطة “الصين” للتفاعل مع القارة.

في ما يأتي نمو شركات الأمن الخاصة الصينية بالتزامن مع زيادة “بكين” لاستثماراتها في مشروعات البنية التحتية الكبرى داخل “إفريقيا”. وتستثمر “الصين” كذلك في مشروعات التعدين بجميع أنحاء القارة.

لكن الاضطرابات السياسية المستمرة في دول مثل: “جمهورية الكونغو الديمقراطية، والسودان، وجنوب السودان” وغيرها؛ تُشير إلى حاجة الأجهزة الأمنية الحكومية للمساعدة.

ويمكن القول إن اعتماد “الصين” على موارد تلك الدول يُفسر قلقها إزاء الأمن في “إفريقيا”. مما يُسلط الضوء على الحاجة إلى توقيع اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف حول قطاع الأمن الخاص بين “الصين” وبين الدول الإفريقية، بحسب (The Conversation).

إذ يجب الاتفاق على قواعد السلوك الخاصة بالرقابة، والتنظيم، والتعاون. وستُساعد زيادة التدقيق في القطاع، بناءً على أفضل الممارسات، في الحيلولة دون نمو شركات أمن خاصة غير منظمة.

بينما سيؤدي الفشل في وضع هذه اللوائح إلى تداعيات سلبية. إذ يمكن أن تُسيء شركات الأمن الخاصة استخدام سلطتها، أو أن تفشل في العمل بموجب توجيهات واضحة. وربما يؤدي ذلك إلى ظهور مرتزقة وميليشيات أجنبية مارقة لا تخضع للمساءلة. مما سيؤثر بالتبعية على الشعوب الإفريقية وعلى جدوى “مبادرة الحزام والطريق” في آنٍ واحد؛ كما يزعم التقرير الأسترالي.

الشركات الأمنية الصينية نشطت في “إفريقيا” منذ وقت طويل..

يتمتع قطاع الأمن الخاص في “إفريقيا” بثلاث خصائص: الأولى هي أن القارة لا تزال تحمل الوصمة المرتبطة بأفعال المرتزقة إبان نزاعات ما بعد الاستعمار. ولم يُعد انتشار الجنود المدججين بالسلاح؛ ليعيثوا في الأرض فسادًا على مدار العقود الثلاثة الماضية أمرًا شائعًا. لكن الوصمة الاجتماعية لا تزال موجودة.

ثانيًا؛ نظمت الشركات الصينية العاملة داخل “إفريقيا” نوعًا من الميليشيات المسلحة قبل إطلاق “مبادرة الحزام والطريق” بوقتٍ طويل، وقبل أن تُركز “بكين” على شركات الأمن الخاصة. وتأسست تلك الميليشيات بغرض حماية المصالح الصينية من العنف الإجرامي أو السياسي. وتراوح دورها بين حماية عمليات استخراج الموارد الطبيعية، وبين حماية الشركات الصغيرة.

ثالثًا؛ تشهد “إفريقيا” عودةً لجماعات جيدة الهيكلة من الشركات العسكرية الخاصة الدولية. وتدعم هذه الشركات الحكومات المحلية والمصالح الدولية على حدٍّ سواء، بما في ذلك عودة “موسكو” القوية إلى القارة الإفريقية.

ولم يجذب توسع شركات الأمن الخاصة الصينية الكثير من التدقيق نتيجة هذه الخصائص الثلاث، وتداعياتها على المشهد الأمني للقارة.

وليست شركات الأمن الخاصة بجديدة على القارة الإفريقية. لكن الشركات الصينية لا تزال تُثبّت أقدامها. ويتوسع دورها حاليًا من تأمين البنايات الثابتة إلى تقديم خدمات المراقبة عالية التقنية، استجابةً لزيادة العنف الإجرامي والعسكري ضد الأفراد والمنشآت الصينية في الخارج.

وأدركت “الصين”؛ على مدار العقد المنصرم، أن اعتمادها الحصري على التنمية الاقتصادية للدول الإفريقية لن يكفي لحماية موظفيها ومشروعاتها. إذ إن توسع موجات العنف والإرهاب من “الساحل” وحتى “الصومال” يُعّرض العاملين والاستثمارات الصينية للخطر.

الاستجابة التنظيمية الصينية لشركات الأمن الخاصة..

بحسب موقع (The Conversation)، وضعت الحكومة الصينية مجموعةً من اللوائح الأمنية للشركات العاملة خارج البلاد؛ عام 2018. وترد تلك اللوائح بالتفصيل في: “دليل الإدارة الأمنية للأفراد، والمؤسسات، والشركات صينية التمويل في الخارج”.

وتُحدد الوثيقة متطلبات التدريب، والتقييمات الأمنية، وإجراءات تخفيف المخاطر. إذ يتعين على الشركات مثلاً تقديم تقييمات المخاطر إلى الحكومة الصينية من أجل الحصول على تراخيص الاستثمار في الخارج. كما تتطرق الوثيقة إلى إجراءات مشاركة البيانات والإبلاغ عن التطورات الأمنية المحلية.

وحظيت هذه التوجيهات بإستحسان عشرات شركات الأمن الخاص الصينية التي تعمل في الخارج بكفاءة.

من الضروري النظر إلى كيفية تفاعل شركات الأمن الخاصة الصينية مع قوات أمن الحكومات المحلية، بالإضافة إلى الوجود الكبير لقوات حفظ السلام الصينية في القارة.

إذ إن التكامل المناسب مع خدمات الأمن الخاص الأجنبية سيعود بالنفع على غالبية الحكومات المُضّيفة، وخاصةً في ظل تصاعد التهديدات الأمنية. لكن تحديد الفارق بين العام والخاص في “الصين” ليس أمرًا سهلاً. ولهذا تحتاج الحكومات المُضّيفة إلى الضوابط والموازين من أجل منع شركات الأمن الخاص من التحول إلى أدوات ضغط سياسي.

ولا تزال شركات الأمن الخاص الصينية تتطور في الوقت الحالي. مما يُزيد احتمالية انتقال الشركات الخاصة إلى العمل خارج البلاد دون تدريبٍ مناسب، أو قدرات تشغيلية، أو فهم للأخطار.

وبغض النظر عن مدى الجاهزية، تستكشف الشركات الصينية الدول الإفريقية من أجل تأسيس شراكات تجارية وأمنية. وشهدنا هذا الأمر في: “مالي، وجيبوتي، ومصر، وإثيوبيا، وجنوب إفريقيا، وتنزانيا”.

ولا يزال التسابق على أرخص العقود طاعونًا يضرب عملية تدويل قطاع الأمن الصيني. ومن الضروري أن يتشارك مقدمو الخدمات الأمنية المحليين مع شركات أمن خاص صينية تتمتع بالكفاءة حتى يتصدوا لهذه المشكلة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة