ترقب حذر في تونس .. الأحزاب السياسية تنتظر قرار “سعيد” المقبل .. هل يصدر حكم بإعدامها ؟

ترقب حذر في تونس .. الأحزاب السياسية تنتظر قرار “سعيد” المقبل .. هل يصدر حكم بإعدامها ؟

وكالات – كتابات :

صرح رئيس (جبهة الخلاص الوطني)؛ “أحمد نجيب الشابي”، في ندوة صحافية عقدت بالعاصمة؛ “تونس”، يوم الخميس 05 آيار/مايو 2022، أن: “قيس سعيد؛ ينوي إعلان حل الأحزاب السياسية وإيقاف قياداتها ووضعهم تحت الإقامة الجبرية”.

وقال “الشابي” إنه: “أراد إعلام الرأي العام بهذا الخبر الذي يضرب مكتسبات الثورة التونسية”، مضيفًا أن: “من المؤشرات التي تُعزز هذا الخبر، هو تنظيم مسيرة تابعة لمؤيدي الرئيس التونسي، يوم الأحد 08 آيار/مايو 2022 سيجري من خلالها استهداف مقرات الأحزاب، وبناء على ما قد يحدث من اشتباكات سيجري حل الأحزاب وإيقاف قياداتها”. وقال “الشابي”: إن نية حل الأحزاب السياسية كانت مبرمجة عند الرئيس؛ “سعيد”، في خطاب ليلة “عيد الفطر”، ولكنه تراجع.

في السياق نفسه؛ أكد “أحمد نجيب الشابي”؛ رئيس (جبهة الخلاص الوطني)، في تصريح لإحدى المواقع الصحافية العربية: أن “مصادر عديدة موثوقة ومتقاطعة أعلمته نية الرئيس؛ قيس سعيد، حل الأحزاب”، وأضاف “الشابي”، بأن: “هذه المعطيات جعلته يُسارع بتنبيه الرأي العام من مخاطر هذه الخطوة على الديمقراطية والسلم الأهلي في تونس، حال الإقدام عليها من قبل رئيس الجمهورية”.

وتٌجدر الإشارة إلى أن (حركة 25 يوليو)؛ الداعمة للرئيس التونسي، تُنظم مسيرة يوم الأحد 08 آيار/مايو 2022، من أهم مطالبها حل أحزاب سياسية ومحاسبة قياداتها، وقد علق وزير الصحة السابق ورئيس (مبادرة تونسيون من أجل الديمقراطية)؛ “عبداللطيف المكي”، على هذه الدعوة قائلًا: “أشتم رائحة العنف والاعتداءات ضد مقرات أحزاب خلال مسيرة الثامن من آيار/مايو”.

“قيس سعيد” في مواجهة الأحزاب السياسية..

بالعودة إلى تصريحات الرئيس التونسي – قبل سنوات – وقبل توليه منصب رئيس الجمهورية، سنجد أنه يرى أن دور الأحزاب السياسية قد انتهى، وكان قد صرح خلال الحملة الإنتخابية الرئاسية؛ سنة 2019، أن الأحزاب السياسية: “جاءت في وقت معين من تاريخ البشرية؛ وقد بلغت أوجها في القرن 19، ثم في القرن 20″، مضيفًا أنها: “صارت على هامش الدنيا في حالة احتضار. ربما يطول الاحتضار، لكن بالتأكيد بعد سنوات قليلة سينتهي دورها”.

وعلى امتداد فترة حكمه منذ وصوله “قصر قرطاج”؛ سنة 2019، اتجه “سعيد” نحو تجنب التعامل مع الأحزاب السياسية باستثناء لقاء “وحيد” عقده مع ممثلي الأحزاب، وبعض الكتل النيابية قبل المصادقة على حكومة؛ “هشام المشيشي”، بالإضافة إلى بعض اللقاءات الثنائية التي جمعته بحركة (الشعب) وحزب (التيار الديمقراطي) المساندة له حينها.

كما عرفت مفاوضات اختيار رؤساء الحكومات، سابقة لم تحدث من قبل في تعامل الرئيس والأحزاب السياسية، إذ لم تكن المفاوضات تجري بشكل مباشر بينهما، بل اقتصرت على مراسلات كتابية من الأحزاب، دون التقيد بما ورد فيها في تعيين رئيس الحكومة !

وأثر “انقلاب 25 تموز/يوليو”؛ تواصل استهداف السلطة للأحزاب السياسية، من خلال خطابات الرئيس أو عبر بعض الإجراءات المتخذة من قبله، فقد ورد في تصريح لنقيب الصحافيين التونسيين؛ “محمد ياسين الجلاصي”: “إن هناك قرارًا سياسيًا يمنع ممثلي الأحزاب من دخول مبنى التلفزيون الحكومي والمشاركة في برامجه !”. وكانت أطراف عديدة قد أشارت إلى فكرة إقصاء الأحزاب السياسية، استنادًا إلى فكرة البناء القاعدي التي يتبناها رئيس الجمهورية وأنصاره.

وفي هذا الصدد؛ يقول “نزار الحبوبي”، عضو المكتب التنفيذي بحركة (النهضة)؛ أن: “خلاف قيس سعيد؛ مع الأحزاب السياسية، هو خلاف فكري بالأساس، فقد أعلن رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة سابقة إنتهاء مرحلة الأحزاب ومعارضته للديمقراطية التمثيلية، مقابل تبشيره بالديمقراطية الشعبية القائمة على إقصاء الوسائط التنظيمية، وخاصة الأحزاب”.

على الجانب الآخر؛ يرى “أسامة عويدات”؛ مسؤول الإعلام بـ (حركة الشعب) الموالية لرئيس الجمهورية، أن: “رئيس الجمهورية لا يرفض التعامل مع الأحزاب السياسية، وإنما يُريد التعامل فقط مع الأحرار والصادقين والداعمين لمسار 25 تموز/يوليو”.

وذكر “عويدات”؛ بأن: “سعيد؛ قد استقبل ممثلين عن (حركة الشعب) في أكثر من مناسبة قبل 25 تموز/يوليو”. ويُرجح مسؤول الإعلام في (حركة الشعب) بأن “سعيد” سيوجه الدعوة للأحزاب الداعمة له للمشاركة في الحوار الوطني، على حد تعبيره.

تُجدر الإشارة إلى أن الأحزاب السياسية في “تونس” تحتل المرتبة الأخيرة من حيث ثقة التونسيين في مؤسسات الدولة؛ ضمن استطلاعات رأي أنجزتها مؤسسة (سيقما كونساي) المتخصصة في استطلاعات الرأي في “تونس”؛ خلال شهر آذار/مارس 2022، بنسبة ثقة لا تتجاوز: 17%.

“قنبلة موقوتة”: إقصاء وحل الأحزاب خطوة نحو تفكيك مؤسسات الدولة..

يقابل فكرة إقصاء وحل الأحزاب السياسية في “تونس”؛ رفض دولي ومحلي، إذ تُطالب الأطراف الدولية وآخرها الرئيس الفرنسي المعاد انتخابه؛ “إيمانويل ماكرون”، بعقد حوار جامع وموحد. وفي السياق نفسه جددت “وزارة الخارجية” الأميركية في تعليق لها، على قرار حل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات؛ دعوتها لإطلاق: “عمليّة إصلاح سياسي واقتصادي شفّافة تشمل الجميع يُشارك فيها المجتمع المدني والنقابات العمّالية والأحزاب السياسية”. كذلك ترفض مختلف الأطراف التونسية؛ بما في ذلك بعض الداعمين لرئيس التونسي، فكرة تهميش الأحزاب السياسية وحلها.

فقد عبر عميد المحامين؛ “إبراهيم بودربالة”، أحد الداعمين للرئيس؛ “قيس سعيد”، عن رفض “الهيئة الوطنية للمحامين” في “تونس”، إقصاء الأحزاب السياسية، بينما صرح نائب رئيس (الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) المستقلة؛ “بسام الطريفي”، بأن: “تغييب الأحزاب أمر خطير”.

وفي السياق نفسه؛ صدر عن (حركة النهضة) بيان؛ قالت فيه أنها: “ترفض منهج القطيعة مع تجربة بناء الدولة الحديثة بعد الاستقلال وبعد الثورة”، وأن الحركة: “تُحذر بشدة من مشروع تفكيك مؤسسات الدولة تمهيدًا لتركيز منظومة البناء القاعدي وتداعياتها الخطيرة على الاستقرار السياسي والمجتمعي لتونس، وتعتبر هذا التوجه اعتداء على هيئة الدولة وتغييرًا لها”.

تُجدر الإشارة هنا إلى أن حل الأحزاب السياسية، وفقًا للقانون التونسي، لا يكون إلا من خلال قرار قضائي في حال مخالفة الحزب لأحكام المرسوم عدد 88 لسنة 2011، وذلك بعد التنبيه – على الحزب – في حال ارتكاب المخالفة وتعليق النشاط في حال عدم الاستجابة للتنبيه، وذلك بحسب ما جاء في الفصل (28) من المرسوم: “يجري حل الأحزاب السياسية بحكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتونس بطلب من الوزير الأول، وذلك عند تمادي الحزب في ارتكاب المخالفة رغم التنبيه عليه، وتعليق نشاطه، واستنفاد طرق الطعن في شأن قرار التعليق”.

لا خيار أمام المعارضة سوى النضال السلمي..

وعطفًا على ما سبق، تُرجح المعارضة أن يُصدر قرار حل الأحزاب السياسية في شكل مرسوم رئاسي؛ في حال إقراره من قبل؛ “قيس سعيد”، إذ لا يمكن الاعتراض ولا الطعن على المراسيم الرئاسية، حسب المرسوم (117) الصادر؛ في 22 أيلول/سبتمبر 2021، والذي جاء في فصله السابع: “لا تقبل المراسيم الطعن بالإلغاء”، وهو ما يجعل الاعتراض القانوني على القرار مسألة صورية.

الأمر الذي أكده رئيس (جبهة الخلاص الوطني)؛ “أحمد نجيب الشابي”، بأن: “المرسوم (117) جعل البلاد في حالة (اللا قانون)، وأنه لم يترك لمعارضي؛ قيس سعيد، المجال للاعتراض القانوني على المراسيم الرئاسية، كما أنه بإلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين في 25 تموز/يوليو 2021، جعل من مراسيمه نافذة دون رقابة”.

واستدل “أحمد نجيب الشابي” إلى ذلك بأن: “المحاكم التونسية قد رفضت سابقًا قرارات؛ لقيس سعيد، إلا أنه لم يستجب لها”، وذلك في إشارة إلى “قرار المحكمة الإدارية”؛ بمحافظة “المنستير”، الرافضة المرسوم الرئاسي الخاص بالجواز الصحي الذي فرض من خلاله إيقاف الأعوان العموميين غير الحاملين لجواز يُثبت التلقيح ضد فيروس (كورونا) عن العمل .

وأضاف “الشابي”؛ بأن: “المعارضة التونسية التي قد تقبل مناصرة الدول الصديقة والشريكة لقضية الديمقراطية دون التدخل في الشأن الداخلي، ترفض في الوقت نفسه تدويل الملف التونسي وعرض الخلافات الداخلية أمام المحاكم الدولية”.

ويرى “الشابي” بأن: “قيس سعيد؛ قد يذهب في هذا الخيار كما ذهب سابقًا في قرارات مشابهة على غرار حل المجلس الأعلى للقضاء والهيئة العليا المستقلة للانتخابات”.

ويرى رئيس (جبهة الخلاص الوطني)؛ بأن: “التونسيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا التهديد الذي يستهدف أهم حقوقهم السياسية والدستورية؛ وأن لا خيار أمام المعارضة حينها سوى الصمود أمام هذه القرارات المواجهة الشعبية السلمية والديمقراطية لها إن تمت”، حسب قوله.

أما “أسامة عويدات”؛ مسؤول الإعلام في (حركة الشعب)، الموالية للرئيس، فيقول إن: “قرار حل الأحزاب بقرار سياسي غير مطروح؛ بسبب إلتزام رئيس الجمهورية بالمسألة الديمقراطية، وأيضًا من خلال المراهنة على تشريك الصادقة منها في الحوار الوطني”. لكنه – “عويدات” – لا يستبعد حل الأحزاب المتورطة في الفساد بقرار قضائي.

أخيرًا وتناسقًا مع مواقف سابقة للرئيس التونسي من الأحزاب السياسية والمنظومة القانونية القائمة؛ فإنه يمكن القول بأنه لا يوجد ما يمنع؛ “قيس سعيد”، من الإقدام على خطوة حل الأحزاب بقرار سياسي، أو من خلال المطالبة بحلها قضائيًا، ليبقى السؤال المطروح ما هي إمكانية الأحزاب في مواجهة مثل هذا القرار في حالة التشتت التي تعيشها وضعف منسوب الثقة فيها من قبل التونسيين ؟

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة