خاص : ترجمة – محمد بناية :
أوقفت السلطات السعودية عشرة أمراء وأربعة وزراء حاليين وعشرات الوزراء السابقين، بعد ساعات على تشكيل الملك السعودي “سلمان بن عبد العزيز” لجنة مكافحة الفساد برئاسة نجله ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”.
في حين تتوالى التقارير عن إلقاء القبض على المزيد من الأمراء والمسؤولين السعوديين.. واستناداً إلى التقارير الإخبارية تجاوز عدد المقبوض عليهم، حتى الآن، أكثر من 40 شخصاً.
والجدير بالتأمل، بحسب مقال الكاتب الإيراني “رامین حسین آبادیان” والمنشور على موقع وكالة أنباء “مهر” الإيرانية، أن الملك “سلمان” عهد إلى نجله وولى عهده “محمد بن سلمان” المغرور الباحث عن السلطة برئاسة “لجنة مكافحة الفساد”.
لغز اعتقال كبار رجال الأعمال ومشروع “نيوم”..
من أبرز الوجوه التي تم إلقاء القبض عليها؛ وزير الحرس الوطني السابق “متعب بن عبد الله”، نجل الملك السعودي السابق، ورجل الأعمال الملياردير “الوليد بن طلال”. وعزا بعض الخبراء أسباب اعتقال “الوليد بن طلال” إلى معارضته مشروع (نيوم)، فيما أعلنت وسائل إعلام محسوبة على السلطة السعودية القبض على “الوليد بن طلال” على خلفية تهم فساد مالي.
من بين المقبوض عليهم أيضاً؛ “خالد التویجري” الرئیس السابق للدیوان الملكي، و”بکر بن لادن” مدير عام ورئيس مجلس إدارة مجموعة “بن لادن”، شیخ “ولید الإبراهیم” مالک مجموعة قنوات (أي. أم. بي. سي)، “فهد بن عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن” نائب وزير الدفاع وقائد القوات البحرية السابق، “خالد الملحم” رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية السابق، “محمد الطبیشي” رئيس المراسم الملكية السابق، “إبراهیم العساف” وزير المالية السابق، “ترکی بن عبدالله بن عبدالعزیز” أمير مدينة الرياض السابق، رجل الأعمال “صالح کامل”، “عمرو الدباغ” العضو السابق لهيئة الاستثمار السعودية وآخرين.
تأتي هذه الإجراءات ضد الوزراء والأمراء السعوديين في ظل صمت “هيئة كبار علماء السعودية”.. تلك الهيئة التي أعلنت في بيان مقتضب، على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، عن ضرورة “محاربة الفساد، وأن الشريعة الإسلامية تأمر به”.. ورأى بيان الهيئة أن هذه الإجراءات تأتي في إطار المصالح القومية السعودية، وأثنى على الملك السعودي وولي عهده على خلفية القيام بهذه الإجراءات.
إخلاء الميدان السياسي من المنافسين باسم محاربة الفساد..
يبدو في تقدير “رامین حسین آبادیان”، أن إجراءات “محمد بن سلمان”، ولي العهد السعودي المغرور – بحسب وصف الكاتب الإيراني – لا تهدف إلى مكافحة الفساد بقدر ما تهدف إلى إخلاء الميدان من منافسيه المحتملين على السلطة، ولذا اتخذ قراراً بالمضي قدماً في مسلسل القبض على الأمراء والوزراء السابقين. ويجب القول إن “محمد بن سلمان”، بهذا الإجراء الأخير فقد خطا خطوة كبيرة في طريقه إلى السلطة والجلوس على العرش.
إن سلسلة الاعتقالات المعدة سلفاً تأتي في إطار تهيئة الأجواء المناسبة على طريق صعود “محمد بن سلمان” إلى السلطة.. والواقع أن “سلمان” وابنه كانا قد اتخذا قبل فترة قراراً بالمواجهة قدر الإمكان ضد التحديات والعقبات أمام وصول ولى العهد، الشاب عديم الخبرة، إلى السلطة في السعودية. ومفتاح التنفيذ هو تطبيق “رؤية 2030” وتدشين عملية إصلاح كبيرة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالمملكة. ويسعى “بن سلمان” بعد الجلوس على العرش إلى عدم مواجهة أي مشكلات قد تهدد أركان حكومته. ولذا دشن قبل فترة عملية مكافحة العقبات المحتملة. في غضون ذلك بدا واضحاً أن أصحاب النفوذ والسلطة، وبينهم بعض الأمراء والوزراء السابقين والحالين يمثلون تهديداً كبيراً بالنسبة لخطة “محمد بن سلمان”.
من جهة أخرى يبدو أن “محمد بن سلمان” يطمع في ثروات الأمراء والوزراء السابقين، وبالتالي نقل أموالهم الطائلة إلى حسابه الشخصي بعد اتهامهم بالتورط في عمليات فساد مالي.
في حين يعلم “بن سلمان” نفسه أن الفساد المالي والإداري بالسعودية قد تأسس على مدى قرن من سلطة الأسرة السعودية، وأن الفساد ليس شخصي وإنما ممنهج ويتورط فيها الجزء الرئيس من الأمراء والوزراء. وبالتالي تتضح رغبة بين “سلمان” جراء اتهام بعض الأمراء والوزراء السابقين بالفساد المالي، وهي سيطرته الشخصية على أموالهم الطائلة.
في السياق ذاته، صنف النشاط السعودي “مجتهد” حملة الاعتقالات الأخيرة ضمن مساعي “محمد بن سلمان” لملئ خزنته الشخصية على حساب هؤلاء الأمراء والوزراء. وهذا يعني أن “سلمان” وابنه بصدد اقتلاع سلاح أصحاب الثروة بالسعودية ممن تم تسكينهم على مدى عقود في مناصب سياسية واقتصادية مختلفة بأوامر ملكية. والآن ومع الأخذ في الاعتبار لسيطرة هؤلاء على جزء كبير من مصادر الثروة السعودية فقد استحالوا خطراً كبيراً على مسار “بن سلمان” للوصول إلى السلطة ولم تعد لهم قيمة إلا أن يتحولوا إلى كبش فداء لقيادات الرياض.