خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
وضعت الحكومة الرابعة عشر؛ (في إطار الاستمرار في سياسات الحكومات السابقة)، على جدول أعمالها تطوير العلاقات مع “مصر”، وقد قيل إن العلاقات بين “طهران” و”القاهرة” سوف تتحسّن سريعًا بشكلٍ ملحوظ وستصل إلى مرحلة فتح السفارات، الذي سيَّمثل منعطفًا دبلوماسيًا بالنظر إلى قطع العلاقات السياسية بين البلدين قبل نحو أربعة عقود؛ إذ من المؤكد أن كلا الطرفين يبّنى حساباته على حقيقة أن تطوير العلاقات، ينطوي على مزايا ومكاسب للبلدين والمنطقة. بحسّب ما استهل “عبدالأمير نبوي”؛ عضو مركز (الشرق الأوسط) للدراسات الاستراتيجية، تحليله المنشور بصحيفة (دنياي اقتصادي) الإيرانية.
عوائق في طريق تقدم العلاقات “الإيرانية-المصرية”..
وتحظى “مصر”؛ بشكلٍ طبيعي، بمكانة هامة بالشرق الأوسط وأحيانًا حصّرية، من المنظور السياسي، والتاريخي، والثقافي، والعسكري، لكن السؤال: هل ستفتح هذه العلاقات المتنامية؛ (من منظور أطول وأعمق)، بابًا لحل مشاكل “إيران” في المنطقة، وربما في النظام الدولي أم لا ؟!.
وفي هذا الصدّد ومع ضرورة عدم تجاهل أهمية مكانة “مصر”، يبدو أن “إيران” تواجه مشاكل كبيرة. وهناك أسباب كثيرة لذلك نجملها فيما يلي:
01 – ترى “مصر” العلاقات مع “إيران” من المنظور العربي، وحاليًا تُريد تطوير العلاقات مع “إيران” بعدما تحسّن علاقات “طهران-الرياض”؛ بوسّاطة “بكين”.
لذلك فإن “مصر” لم تتجاهل مطلقًا مخاوف وحساسية ومصالح دول هامة كـ”المملكة العربية السعودية، والإمارات، والبحرين”.
في الإطار نفسه؛ لـ”القاهرة” علاقات استراتيجية وهامة مع جميع الأطراف الإقليمية وفوق الإقليمية المهمة؛ كـ”الكيان الإسرائيلي، والاتحاد الأوربي، والولايات المتحدة الأميركية، والصين، وروسيا”، وسوف تُراعي مصالح، ومخاوف، وحساسية هذه الأطراف عند تطوير العلاقات مع “طهران”.
02 – مخاوف “مصر” الدائمة من مخطط “إيران” لتطوير نفوذها أو طبيعة عملها في الملف الفلسطيني.
وتتبع “مصر” سياسات واضحة وتجاه المشكلة الفلسطينية، وسوف تتابع مسّارها المعتاد، الذي لا يتوافق بالضرورة مع سياسة “إيران”. لذلك تتخوف “مصر” من استغلال “إيران” جهود تحسّين علاقاتها مع دول المنطقة، في تقوية (جبهة المقاومة).
03 – ما هي فوائد ومكاسب “مصر” الاقتصادية من تطبيع العلاقات مع “إيران” ؟. يجب أن نعلم أن مشاكل وصعوبات اقتصاد “إيران”؛ (التي تواجه من جهة مشكلة الاقصاد بسبب الممرات والتفاعلات الاقتصادية الإقليمية، وتخضع من جهة أخرى لعقوبات مصرفية شديدة)، لا تخلق جاذبية كبيرة للدول الأخرى.
هذا السوق الاقتصادي المهم الذي يضم: (85) مليون نسمة يُصبح جذابًا فقط عندما تُرفع العقوبات وغيرها من العوائق أمام الاستثمار والعلاقات التجارية.
والخلاصة أن الاقتصاد الإيراني قد يكون وجهة للسلع المصرية، أو ربما يتسع نطاق مناقشات التبادل السياحي على أساس تطبيع علاقات البلدين، كما أن المصريين يميلون إلى تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع “إيران”، لكن مشاكل الاقتصاد الإيراني؛ ومنها العقوبات المصرفية، لن تسمح بتطوير كبير وملحوظ في العلاقات التجارية والاقتصادية.
عوامل مساعدة..
ونتيجة لذلك؛ سوف تتابع “القاهرة” تطبيع العلاقات السياسية مع “طهران” بحذر وبخطوات هادئة، وسوف تسعى للاستفادة من الورقة الإيرانية في تفاعلاتها مع الأطراف الإقليمية وفوق الإقليمية الأخرى.
بالوقت نفسه؛ وبالنظر إلى أهمية مسألة (الإخوان المسلمين) بالنسبة للدولة المصرية ومعارضة الحكام الحاليين في هذا البلد لـ (الإخوان)، يمكن أن يكون لهذا العامل أيضًا أهمية في التفاعلات بين “طهران” و”القاهرة”.
فلقد كانت سياسة “مصر”؛ بعد 2013م، حيال (الإخوان المسلمين) وجميع المؤسسات والأجهزة المتعاطفة معها أو المرتبطة بها واضحة، وهي الحيلولة دون أي خطوة من شأنها تقوية (الإخوان). حتى “تركيا”؛ التي كانت في فترة أكبر أطراف المنطقة تعاطفًا مع (الإخوان)، لم تتجاهل هذا المتغيَّر في تطوير علاقاتها مع “مصر”، وفرضت قيود على أنشطة (الإخوان)؛ لا سيّما الإعلامية.
وأخيرًا يبدو أن الاتجاهات الإقليمية تُشير إلى تراجع مكانة “إيران” الاقتصادية والسياسية. ومن ثم لا تملك “إيران”؛ كما في العقد السابق، القدرة على الفعل بما يتجاوز التطورات الإقليمية.
والمنافسة الجديدة بين “تركيا وإسرائيل، ومصر، والسعودية، والإمارات”؛ التي تتوافق أحيانًا في بعض الملفات، وبالنظر إلى مكانة “إيران” الجديدة، يجعل من الصعوبة بالنسبة لـ”الجمهورية الإيرانية” القيام بإجراء مُلفت من المنظور الدبلوماسي والاقتصادي.
وإحياء قدرة “إيران” على الفعل، يتطلب إعادة النظر في بعض السياسات تجاه المنطقة والنظام الدولي. وإلا يمكن تحديد التوجهات الأساسية بالشرق الأوسط دون مشاركة “إيران”.