خاص : ترجمة – لميس السيد :
أصدرت لجنة الرقابة في “مجلس النواب الأميركي” تقريران، يوم الثلاثاء الماضي، يشرحان الإنذارات حول جهود سرية لإدارة الرئيس، “دونالد ترامب”، لنقل التكنولوجيا النووية إلى “المملكة السعودية”، وهي جهود تعود لما قبل توتر العلاقات مع “السعودية”؛ بعد مقتل الكاتب الصحافي الشهير في (واشنطن بوست)، “جمال خاشقجي”، داخل “القنصلية السعودية” في “إسطنبول”.
ومع ذلك؛ فقد ناقشت الإدارة الخطة، خلال الأسبوع الماضي، رغم اعتراضات مسؤولي الأمن القومي.
وكما يوضح تقرير “لجنة الرقابة”؛ فإن خطة “ترامب” لنقل التكنولوجيا النووية لـ”المملكة”، مختلفة وغير إعتيادية وبها حساسية شديدة، وفقًا للنقاط التالية، التي ذكرتها صحيفة (واشنطن بوست)، في تحليلها لهذا الموضوع…
أولًا: خطة “ترامب” سوف تتحايل على عملية طويلة الآمد تشمل “الكونغرس”..
التكنولوجيا النووية لها أهداف سلمية وعسكرية؛ ويمكن استخدامها لإنتاج الكهرباء أو القنابل. وكما قال الفيزيائي، “هانز ألفين”، الحائز على جائزة (نوبل)، إن الذرّة السلمية والذرة العسكرية هما توأم سيامي.
قد تكون التجارة في التكنولوجيا النووية خطيرة لأن الدول المتلقية تكتسب الأساس لبرنامج الأسلحة النووية. ويقوم الموردون النوويون بتنظيم السوق النووية وفقًا لذلك.
في “الولايات المتحدة”، تبدأ العملية عادة عندما يدفع الرؤساء، أو كبار المسؤولين الآخرين، إلى الحصول على صادرات نووية، على الرغم من المخاطر الأمنية، لأنهم يدرون عائدات للشركات الأميركية؛ وقد يساعدون “واشنطن” على كسب نفوذ سياسي مع الدولة المستقبلة. على سبيل المثال، دعا وزير الخارجية آنذاك، “هنري كيسنغر”، إلى تقديم مساعدة نووية لـ”إيران”، في عام 1974 – عندما كانت “واشنطن” و”طهران” حليفتان – لأنه أعتقد، حينها، أن هذا سيوفر “دليلاً ملموسًا على اهتمامنا … بتطوير علاقات أوثق” ويظهر أننا “نسعى لأعلى قيمة للشراكة” مع “إيران”.
في الخطوة التالية؛ يتفاوض الدبلوماسيون الأميركيون على اتفاقية تعاون نووي مع نظرائهم الأجانب، لضمان أنها سوف تستخدم التكنولوجيا والمواد فقط للأغراض السلمية، وسوف تقبل الضمانات الدولية للتحقق من الإمتثال لهذا التعهد.
ووفقًا للمادة 123 من “قانون الطاقة الذرية”، لعام 1954، يجب تقديم الاتفاق النهائي للدبلوماسيين إلى الرئيس، الذي يتعين عليه بعد ذلك إرساله إلى “الكونغرس”. بدون موافقة “الكونغرس” على ما يسمى “اتفاقية 123″، لا يحق لشركات “الولايات المتحدة” تصدير التكنولوجيا النووية.
لدى “الولايات المتحدة” حوالي 24 اتفاقية مع الدول، التي تشمل “كندا ومصر واليابان والإمارات العربية المتحدة”، لكن ليس من بينها “المملكة العربية السعودية”. وقد أعربت إدارة “ترامب” علنًا عن رغبتها في إبرام مثل هذه الصفقة. ولكن بيع التقنية النووية إلى “الرياض”، قبل توقيع “الكونغرس” على “اتفاقية 123” سيكون غير قانوني.
وفقًا لتقرير لجنة مجلس النواب، تجاهل المسؤولون الأميركيون، الذين يدفعون بإتجاه التعاون النووي مع “السعودية”، الشرط القانوني لموافقة “الكونغرس”.
ثانيًا: خطر انتشار الأسلحة النووية مرتفع في الحالة السعودية..
هل بيع التكنولوجيا النووية السلمية يؤدي إلى انتشار الأسلحة النووية ؟.. اختلف الباحثون في هذا الشأن. ووفقًا لإحدى وجهات النظر، فإن مساعدة الدول الأخرى على تطوير برامج نووية سلمية تزيد من الرغبة في إمتلاك القنابل النووية ومحاولة الحصول عليها. وهذا يحدث عندما تكون الدولة المتلقية نفسها في نزاع عسكري بعد حصولها على التكنولوجيا والمواد والمعرفة النووية.
ومن خلال تقليل المعوقات أمام صناعة القنابل، فإن المساعدات النووية الأجنبية تساعد في الانتشار النووي الأقل تكلفة، وبالتالي تكون صناعة القنابل أمرًا محتملًا بقوة.
على سبيل المثال؛ بعد أن منحت “كندا” و”الولايات المتحدة”، “الهند”، تكنولوجيا ومواد نووية، في الخمسينيات من القرن الماضي، خاضت “الهند” حروبًا مع “الصين” و”باكستان” حول الحدود المتنازع عليها، ثم استخدمت تلك المساعدة لبناء واختبار جهاز تفجير نووي في عام 1974.
ربما كان “صدام حسين” يهدف إلى استخدام مفاعل نووي فرنسي مجهز لنفس الغرض، ولكنه منع من ذلك بعد أن دمرته “إسرائيل”، في هجوم عام 1981.
من المؤكد أن العديد من البلدان – وهي “بلجيكا والمكسيك وهولندا” وغيرها – قد طورت برامج للطاقة النووية دون أن تسعى جديًا إلى إمتلاك أسلحة نووية. وعلى العكس، يرى الباحثان، “ماثيو كرونيغ”، و”ألكسندر مونتغمري”، أن المساعدة النووية السلمية لا تجعل انتشار الأسلحة أكثر احتمالًا إحصائيًا؛ بل قد تقلل هذا الخطر.
في حالة “السعودية”؛ تُعد احتياطيات النفط والغاز الطبيعي هائلة، مما يجعل حاجة “المملكة السعودية” الفورية للطاقة النووية غير حرجة. لكنها تقع جغرافيا في منطقة حروب، وشنت بالفعل حروب بالوكالة مع “إيران” ومنافسين إقليميين آخرين، وهذا من شأنه أن يحث “السعودية” على الرغبة في بناء ترسانة نووية.
ومن شأن الضمانات الدولية أن تزيد من صعوبة استخدام “المملكة السعودية” لأسلحة نووية. لكن “المملكة السعودية”، التي تمتلك برنامجًا نوويًا سلميًا متطورًا جدًا من المرجح أن تتصرف مثل “العراق” أو “الهند”؛ أكثر من “بلجيكا” أو “هولندا”.
ثالثًا: التكنولوجيا النووية إشارة إلى الحلفاء..
إذًا؛ فلماذا تريد إدارة “ترامب” نقل التكنولوجيا النووية إلى “المملكة العربية السعودية” ؟
تتجفف العلاقات “الأميركية-السعودية”، وربما كان على إدارة “ترامب” إبلاغ السعوديين بأنهم ما زالوا حليفًا مهم عن طريق طرح مسألة المساعدة النووية كعلاج مثالي لعلاقة ثنائية بالية.
إن بيع التقنية النووية إلى “المملكة” من شأنه أيضًا أن يملأ جيوب شركاء “ترامب” المقربين، كما يذكر تقرير اللجنة. ومع ذلك، فقد يأتي هذا مع وجود خطر، قد يؤدي إلى صناعة “قنبلة نووية سعودية”.