خاص : كتبت – نشوى الحفني :
كعادته يفعل ما يراه مربحاً بالنسبة له، ففي النهاية هو تاجر لا أكثر، يبحث عن طريقة يأتي من خلالها بالربح غير مكترث لما سيحدث من عواقب جراء قراراته على غيره، معتقداً أن ما يفعله هو الصواب، حيث قال الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، الخميس 2 آذار/مارس 2018، إن الولايات المتحدة ستفرض الأسبوع القادم تعريفة جمركية قدرها 25 بالمئة على واردات الصلب و10 بالمئة على الألومنيوم المستورد.
متعهداً، في اجتماع مع مسؤولين صناعيين أميركيين، بإعادة بناء صناعتي “الصلب والألومنيوم”، قائلاً إنه حان الوقت لإتخاذ إجراء حاسم لوقف فيض المنتجات إلى الولايات المتحدة.
وأشاد الرئيس الأميركي، بالحرب التجارية ردًا على الغضب الدولي الذي أثاره إعلان قراره، في حين أشاعت الأنباء قلقًا في الأسواق.
وكتب “ترامب”، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر): “عندما تخسر دولة، (الولايات المتحدة)، مليارات الدولارات في التجارة مع كل الدول التي تتعامل معها تقريبًا، فإن الحروب التجارية جيدة ومن السهل كسبها”.
موضحاً أنه يخطط لفرض “رسوم جمركية تبادلية” على الواردات القادمة من كافة الشركاء التجاريين من أجل خفض العجز التجاري الأميركي.
وأضاف “ترامب”، غداة إعلان عزمه فرض رسوم مرتفعة على واردات الفولاذ والألومنيوم، هددت الدول المعنية بالرد عليها، “عندما يفرض بلد على منتجاتنا رسوماً، لنقل 50%، وتكون الرسوم التي نفرضها نحن صفراً على المنتج نفسه الداخل إلى بلدنا، فهذا ليس عادلاً ولا ذكياً”.
وتابع: “سنبدأ قريباً فرض رسوم تبادلية، وسنفرض الأمر نفسه، مثلما يفرضون علينا، لا خيار مع عجز تجاري من 800 مليار دولار”.
وأثار إعلان “ترامب”، العديد من ردود الفعل الغاضبة داخل وخارج الولايات المتحدة.
عواقب وخيمة على التجارة الدولية..
قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية في بكين: “إذا حذت جميع الدول حذو الولايات المتحدة، فإن هذا سيترتب عليه عواقب وخيمة على التجارة الدولية دون شك”.
ولم تعلن “الصين”، التي يمثل نصيبها حوالي 2% من واردات الصلب الأميركية، عن أي إجراءات لمواجهة هذه الخطوة، ودعت الولايات المتحدة إلى ضبط النفس في استخدام إجراءات الحمائية التجارية والإلتزام بقواعد التجارة الدولية.
نشوب حرب تجارية ليس في مصلحة أحد..
عبر “روبرتو أزيفيدو”، المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، عن قلقه، بشأن خطة “ترامب”، وقال في بيان مقتضب: “تشعر منظمة التجارة العالمية بقلق واضح إزاء الإعلان عن خطط أميركية لفرض تعريفات جمركية على الصلب والألومنيوم. احتمال التصعيد حقيقي، مثلما رأينا من ردود الفعل الأولية للآخرين”.
وأضاف أن نشوب “حرب تجارية ليس في مصلحة أحد. منظمة التجارة العالمية ستتابع الوضع بشكل وثيق للغاية”.
أوروبا سترد بشكل مشترك..
كذلك قال وزير المالية الفرنسي، “برونو لومير”، إن أوروبا سترد بشكل مشترك وقوي إذا مضت إدارة “ترامب” قدماً في خطط لفرض تعرفات جمركية على واردات الصلب والألومنيوم.
وأبلغ “لومير”، الصحافيين، “جميع الخيارات على الطاولة”، مضيفاً أن واشنطن يجب أن تتوقع رداً “قوياً وأحادي الجانب ومنسقاً” من الاتحاد الأوروبي.
وقال “لومير”: “تلك الإجراءات الأحادية الجانب غير مقبولة. سيكون لها تأثير كبير على الاقتصاد الأوروبي والشركات الأوروبية مثل (فالوريك) و(أرسيلور)”، في إشارة إلى “أرسيلور ميتال” الأوروبية لإنتاج الصلب ومقرها لوكسمبورغ.
سترد بإجراءات مضادة..
كما أعلن رئيس المفوضية الأوروبية، “جان كلود يونكر”، الخميس، أن الاتحاد الأوروبي “سيرد بقوة وبشكل متكافئ دفاعاً عن مصالحه”.
وقال “يونكر”، في بيان: “نأسف بشدة” للقرار الأميركي، مضيفاً أن المفوضية ستقدم “في الأيام المقبلة اقتراحاً بإجراءات مضادة ضد الولايات المتحدة، تنسجم مع قواعد منظمة التجارة العالمية، لإعادة التوازن إلى الوضع”.
واعتبر “يونكر”، أن الخطوة الأميركية هي “إجراء صارخ لحماية الصناعة” الوطنية في الولايات المتحدة، لكنها “لا تستند إلى تبرير مرتبط بالأمن القومي”.
وأضاف: “بدلاً من تقديم حل، فإن هذا القرار سيفاقم الأمور، ولن نبقى مكتوفي الأيدي في وقت تتعرض فيه صناعتنا لإجراءات ظالمة”.
ستبدأ مشاورات في جنيف لتسوية الوضع..
في البيان ذاته، أسفت المفوضة الأوروبية للتجارة، “سيسيليا مالستروم”، للإجراءات الأميركية، “التي سيكون لها تأثير سلبي على العلاقات بين ضفتي الأطلسي وعلى الأسواق العالمية”.
وأكدت “مالستروم”، على أن هذه التدابير “ستزيد التكاليف وستقلص خيارات المستهلكين الأميركيين للصلب والألومنيوم، وهذا يشمل الصناعات التي تستورد هذه السلع”.
وأضافت: أن “الاتحاد الأوروبي سيبدأ، في أسرع وقت، مشاورات حول تسوية الخلافات مع الولايات المتحدة في جنيف”، موضحة أن “المفوضية ستراقب تطور الأسواق وستقترح – إذا كان ذلك ضرورياً – إجراءات حماية تنسجم مع منظمة التجارة العالمية بهدف الحفاظ على استقرار سوق الاتحاد الأوروبي”.
عواقب وخيمة..
في السياق ذاته، عبر رئيس مجلس النواب الأميركي، “بول رايان”، الخميس، عن أمله بأن يتدبر الرئيس ترامب “العواقب غير المقصودة” لقراره فرض تعرفات جمركية على واردات الصلب والألومنيوم.
وقال “دود أندرس”، المتحدث باسم “رايان”، في بيان، إن رئيس مجلس النواب “يأمل بأن يتدبر الرئيس العواقب غير المقصودة لهذه الفكرة، وأن يدرس مقاربات أخرى قبل السير قدماً”.
غير مقبولة..
كما أن في إطار الرفض أيضاً لتصريحات “ترامب”، قال وزير التجارة الكندي، إن أي تعريفات أو حصص أميركية على الصلب الكندي ستكون “غير مقبولة”.
ينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية..
كذلك قال “الاتحاد الألماني للصلب”، الخميس، إن قرار الرئيس الأميركي فرض تعريفات جمركية على واردات الصلب ينتهك قواعد “منظمة التجارة العالمية”.
وقال رئيس الاتحاد، “هانز يورغن كيرخوف”: “الولايات المتحدة تقيم حاجزاً جمركياً لحماية نفسها من واردات الصلب من مختلف أرجاء العالم، هذا إجراء ينتهك بوضوح قواعد منظمة التجارة العالمية”.
وأضاف: “الآن يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتحرك ضد هذا باستخدام الأدوات التي تتيحها منظمة التجارة العالمية”.
ألمانيا ترفض التعريفات..
كما قال متحدث باسم الحكومة الألمانية، الجمعة، “إن ألمانيا ترفض التعريفات المزمعة التي يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضها على واردات الصلب والألومنيوم”، مضيفاً أن اندلاع حرب تجارية لن يكون فى مصلحة أحد.
وقال “فولكر ترير”، من اتحاد غرف التجارة والصناعة في ألمانيا: “إن أوروبا ستضطر للرد لأن الجانب الأميركي لا يفهم أي لغة أخرى”.
تؤثر على الصادرات الألمانية وعلى فرص العمل..
من جانبه، أعلـن “زيغمار غابريل”، وزير الخارجية الألماني، عن قلقه من رفع الولايات المتحدة الأميركية للتعريفة الجمركية على المعادن.. وصرح في بيان له، الجمعة، “أنا قلق جداً من إعلان الرئيس الأميركي ترامب رفع التعريفة ضد واردات الصلب بنسبة 25٪ والألومنيوم 10٪”، مضيفاً أن مثل هذه التغيرات تؤثر بشكل مباشر على صادراتنا وفرص العمل.
وذكر “غابريل” أن اعتبار هذا التدبير يدعم المصالح الأمنية الوطنية للولايات المتحدة الأميركية أمر غير مفهوم، لاسيما تجاه شركاء الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي.
وشدد وزير الخارجية الألماني بقوله: “لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يستجيب بشكل حاسم للتعريفات الأميركية العقابية التي تعرض آلاف الوظائف في أوروبا للخطر، ولا يصح أن يكون هناك شك في ذلك من جانب واشنطن”.
وأكد على أن هذا التخويف يمثل خلافاً تجارياً خطيراً أوضح بين الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ليس في مصلحة الجانبين .
وخلص “غابريل” بقوله: “آمل أن الرئيس ترامب يعيد التفكير في إعلانه، وعلينا أن نبذل قصارى جهدنا لتجنب نشوب صراع تجاري دولي”.
تشوه التجارة العالمية..
كما قالت وزيرة الاقتصاد الألمانية، “بريغيته تسيبريس”، الجمعة، إن الرسوم الجمركية التي يخطط الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، لفرضها على الصلب والألومنيوم ستشوه التجارة العالمية، مضيفة أن أوروبا سترد الرد الملائم إذا مضت واشنطن قدماً في تنفيذ الخطة.
العزلة الأميركية خطأ..
قال “ديتير كيمبف”، رئيس اتحاد الصناعات الألمانية، (بي. دي. آي)، بشكل منفصل إن الرسوم المزمعة تنذر بخطر نشوب حروب تجارة عالمية.
وأردف “كيمبف” قائلاً، في بيان: “سياسة العزلة الأميركية خطأ… الرئيس الأميركي دونالد ترامب يخاطر بحروب تجارية دولية وموجة من الحمائية التي ستكلف في النهاية وظائف أميركية”.
وحذّرت شركة “تويوتا” بدورها من “الزيادة الكبيرة في أسعار السيارات والشاحنات المباعة في أميركا” إذا اضطرت شركة السيارات اليابانية إلى استيراد الفولاذ بأسعار مكلفة.
ليست الطريقة الأمثل..
أعرب رئيس البنك المركزي الأميركي، “غيروم باول”، عن تحفظاته إزاء سلاح العقوبات التجارية، قائلًا: إن “الرسوم الجمركية ليست الطريقة الأمثل”، وإن المبادلات التجارية لها “تأثير إيجابي” بصورة عامة على الاقتصاد.
المحلل لدى مصرف (آي. إن. جي)، “أوليفر نوغنت”، يرى أن هذه الخطة ستزيد من غلاء الألومنيوم، وهي إجمالي التكلفة التي يدفعها المستهلكون الأميركيون من أجل استيراد المعدن وتسليمه للمصانع المحلية، والتي وصلت بالفعل إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاث سنوات.
يجب متابعة تحركات الإنتقام..
أشار مصرف “سوسيتيه جنرال” إلى أن أهم ما يجب متابعته لاحقًا هو تحركات الإنتقام التجاري، وخاصة من “الصين”، ومن المحتمل أن يتسبب ذلك في أضرار لصناعات أخرى غير الصلب والألومنيوم.
وأوضح محللو “سوسيتيه جنرال” أن الإجراء سيكون له أضرار جانبية ستظهر في صناعات المعادن الأخرى، وأنها ستؤدي إلى زيادة التضخم بالنسبة لمشتري المعادن الأميركيين، مشيرين إلى أن الواردات تمثل 55% من الطلب الأميركي على الألومنيوم و35% من الصلب.
وقالت المديرة العامة لـ”موديز إنفستورز سرفيس” في نيويورك، “أتسي شيث”، إن هذه القيود من شأنها الضغط على مستهلكي المعادن في الولايات المتحدة، نظرًا لارتفاع تكاليف الاستيراد التي سيواجهونها، خاصة في قطاعات مثل صناعة الطائرات والسيارات والمعادن الثقيلة ومصافي النفط.
تفرض تهديد أمني على أميركا..
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأميركية تستورد الصلب والألومنيوم من عدة دول بينها “البرازيل والصين وكوستاريكا ومصر والهند وماليزيا وروسيا وكوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا وتايلاند وتركيا وفيتنام”.
وذكر وزير التجارة الأميركي، “ويلبور روس”، في شباط/فبراير الماضي، إلى أن واشنطن ترى أن واردات الصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة تفرض تهديداً أمنياً على البلاد.
وكان على “ترامب” أن يقرر بشأن واردات الفولاذ بحلول 11 من شهر نيسان/إبريل بالنسبة، والألومنيوم بحلول 19 من شهر نيسان/إبريل، علمًا أنه يتهم الدول المنتجة بدعمها وبيعها بأسعار تقل عن كلفتها عبر ممارسة “الإغراق”.
انخفاض البورصات..
أثار إعلان “ترامب” المفاجئ قلق البورصات، فانخفضت بورصة “وول ستريت” 1,72%، يوم الخميس، و”طوكيو” 2,5% عند الإقفال، وشهدت بورصات “هونغ كونغ” و”الصين” تراجعًا، وبالمثل تراجعت البورصات الأوروبية من باريس إلى لندن، وسجلت بورصة “فرانكفورت” تراجعًا بنسبة 2% إضافية بسبب القلق على الاقتصاد الألماني.
كشفت إدارة “ترامب”، في منتصف شهر شباط/فبراير الماضي، عن 3 سيناريوهات لفرض رسوم على واردات الفولاذ والألومنيوم، بذريعة حماية الأمن القومي والوظائف، علمًا بأن الولايات المتحدة هي أكبر مستوردي الفولاذ في العالم.
وتضمن السيناريو الأول فرض رسوم على كل واردات القطاعين الإستراتيجيين، ويقترح الثاني فرض رسوم أغلظ على بعض الدول، والثالث اعتماد حصص وفق ما شرح وزير التجارة، “ويلبر روس”.
وهناك تفكير في فرض رسوم تقل عن 24% على كافة واردات الفولاذ أيًا كان مصدرها، أو رسوم تقل عن 53% على تلك القادمة من 12 بلدًا، بينها “الصين وروسيا والبرازيل وكوريا الجنوبية وتركيا”، أو حصة توازي 63% على الواردات القادمة من كل بلد على أساس كميات عام 2017.
ولا تختلف المقترحات المتعلقة بواردات الألومنيوم عنها مع رسوم عامة من 7,7% على الأقل، أو 23,6% على الأقل على تلك القادمة من “الصين، وهونغ كونغ وروسيا وفنزويلا وفيتنام”. وسيكون خيار الحصة 86,7% من الواردات على أساس أحجام عام 2017.