خاص : حاورته – آية حسين علي :
يطرح البعض سؤالاً، هل الوضع في “فنزويلا” من الممكن أن يؤثر على الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط ؟.. وما هي السيناريوهات المطروحة لإنهاء الأزمة التي قتلت وشردت الآلاف ؟.. وهل في صالح الدول العربية دعم الرئيس الفنزويلي، “نيكولاس مادورو”، أم الوقوف إلى جانب زعيم المعارضة الذي أعلن نفسه رئيسًا مؤقتًا، “خوان غوايدو” ؟
الاضطراب الفنزويلي وتأثيراته على القضايا العربية..
قال المحرر بوكالة الأنباء الإسبانية، (إفي)، والباحث في شؤون أميركا اللاتينية، “محمود عباس زين الدين”، لــ (كتابات)؛ إن الشرق الأوسط سوف يتأثر من الأوضاع الراهنة في “فنزويلا”، وأوضح أن ذلك يعود إلى عدة عوامل أبرزها؛ موقف طرفي النزاع في “فنزويلا”، من “القدس” ووضع الجالية العربية والمسلمة في البلد اللاتيني، خاصة أن النظام السياسي الذي أسسه الزعيم الراحل، “هوغو شافيز”، وتغنى بأنه تلميذًا للزعيم المصري، “جمال عبدالناصر” وبعشقه للعرب، واصل تقديم الدعم التام للقضايا العربية، خاصة “فلسطين”، في كل المحافل الدولية.
وأضاف أنه من المتوقع أن يكون أول قرارات المعارضة، التي تمثل التيارات اليمينية الجزء الأكبر في صفوفها، بعد تولي السلطة، حال نجحت في ذلك، على مستوى السياسة الخارجية، تدشين سفارة لـ”فنزويلا” في “القدس”، وعلى هذا النحو، ستعتبر “القدس” عاصمة لـ”إسرائيل”، لتمضي بذلك على خطى “الولايات المتحدة” و”غواتيمالا”.
وعلى المستوى العربي؛ سوف يمثل سقوط النظام الاشتراكي، الذي أسسه الرئيس الفنزويلي الراحل، “هوغو شافيز”، في البلد اللاتيني، وتبعه على نهجه الرئيس الحالي، “نيكولاس مادورو”، خسارة كبيرة للعرب وعلى العكس، مكسبًا كبيرًا لـ”إسرائيل”، لأن “فنزويلا”، تحت سلطة اليسار، تمكنت من الدفاع وبقوة عن القضايا العربية، و”فلسطين” في القلب منها، بل قادت في ذلك عدة دول أخرى يحكمها اليسار في “أميركا اللاتينية”، مثل “بوليفيا” و”الإكوادور”.
“حماس” تتعلم من أخطاءها..
ويتجلى هذا التأثير بوضوح في موقف كل من “إسرائيل” و”حركة حماس” الفلسطينية، الذي جاء متناقضًا إزاء الوضع في “فنزويلا”، إذ سارعت “إسرائيل” في إعترافها بزعيم المعارضة، “خوان غوايدو”، رئيسًا مؤقتًا لـ”فنزويلا”، وقبله بالطبع كان إعلان الحركة الفلسطينية، دعمها لنظام “مادورو”.
وذكر “زين الدين”؛ أن موقف “حماس” يثير قليلاً من الإستغراب، نظرًا لأن نفس الحركة تبنت موقفًا محايدًا إزاء الرئيس السوري، “بشار الأسد”، حيال الاحتجاجات الشعبية التي خرجت ضده في، 2011، وسرعان ما تحولت إلى مواجهات دامت سنوات، وربما يعود ذلك لتعلم الحركة من أخطاءها.
وأشار إلى أن “فنزويلا” كانت ملاذًا آمنًا للعرب والمسلمين، في القرنين التاسع عشر والعشرين، وعلى هذا النحو، تحظى الجالية في “فنزويلا الاشتراكية” بتقدير ودعم من قِبل الحكومات المتعاقبة لنظام “شافيز”، لكن على العكس، تجد أن التيارات اليمينية بدأت حربها على الجالية المسلمة حتى قبل وصولها للسلطة بشهور، إذ شنت حملات دعائية هائلة هناك ضد الدعاة وأنشطة المساجد.
الدول العربية يمكنها تحقيق مكاسب اقتصادية..
كان “النفط” ثروة “فنزويلا” وطالعها الحسن، لكن بات في نفس الوقت السلاح الذي تسبب في تدهور أوضاعها، إذ اعتمدت حكومات “نظام مادورو” على “النفط” في “فنزويلا”، عضو منظمة البلدان المصدر للنفط، (أوبك)، كأحد الموارد الأساسية للدولة، وسرعان ما أنهارات ميزانياتها بمجرد تهاوي أسعار “النفط”، لتقع فريسة لأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية.
وقال الباحث؛ إنه من المتوقع أن تستفيد بعض الدول العربية ذات الثروات النفطية من إستدامة أمد الأزمة في البلد اللاتيني، بالسيطرة على حصتها في الأسواق العالمية.
وحول ما إذا كانت حكومة “نيكولاس مادور” جديرة بالدعم على المستوى الدولي، من جانب العرب، قال “زين الدين”، إنه لا ثقل تقريبًا للعرب في اللعبة الدولية، إذا كانت هناك في الآفاق كلاً من “الولايات المتحدة” و”روسيا”، لذا فإن موقف “مادورو” يصبح قويًا بدعم “روسيا” و”الصين”، إذ أنه في موقف مماثل للرئيس السوري، “بشار الأسد”.
وأضاف؛ أنه باختصار، “فنزويلا” بلد في طريق الهاوية، لن يتوقف حتى يهوي، ومنع ذلك يحتاج إلى معجزة، لقد دخلت بؤرة التجاذبات الدولية بين الأقطاب العالمية، (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي)، و(روسيا والصين)، كما حدث في “سوريا”، خلال 2011، و”أوكرانيا”، خلال 2014، و”البرازيل” في القريب العاجل؛ إذ تعرضت لحرب باردة منذ سنتين أو ثلاثة، وباتت مدمرة وجاهزة لتصبح وجبة سهلة على مائدة اللئام، ونظام “مادورو” كان مأزومًا إلى أقصى درجة، لذا فإن الأوضاع هناك مأساوية، وملايين المواطنين فروا بالفعل إلى الخارج خلال الشهور الأخيرة جراء نقص الطعام والدواء وفرص العمل وغلاء المعيشة.