تخوفًا من ذكرى اغتيال “سليماني” و”زاده” .. واشنطن تُقرر تخفيض عدد دبلوماسييها في العراق !

تخوفًا من ذكرى اغتيال “سليماني” و”زاده” .. واشنطن تُقرر تخفيض عدد دبلوماسييها في العراق !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال، الجنرال “قاسم سليماني”، وتزامنًا مع اغتيال عالم النووي الإيراني، “محسن فخري زاده”، أفاد مسؤولان عراقيان كبيران بأن “الولايات المتحدة” بصدد خفض عدد دبلوماسييها العاملين في سفارتها ببغداد: “في إجراء أمني موقت”، حيث دائمًا ما استهدفت السفارة ومواقع عسكرية أميركية أخرى في العراق بعشرات الصواريخ، خلال العام الحالي.

وعزا مسؤول عراقي كبير، في تصريح لـ (فرانس برس)؛ قرار خفض عدد الطاقم الدبلوماسي الأميركي، إلى مخاوف أمنية.

وقال؛ طالبًا عدم نشر اسمه: “إنه خفض بسيط بناءً على تحفظات أمنية من الجانب الأميركي. يمكن أن يعودوا – إنه إجراء أمني موقّت”، مضيفًا: “كنا نعلم بذلك سلفًا وسيبقى طاقم دبلوماسي رفيع المستوى من بينه السفير. هذا ليس قطعًا للروابط الدبلوماسية”.

وأكد مسؤول عراقي كبير ثان؛ أن الإجراء الأميركي يهدف إلى: “تقليص المخاطر”.

فيما لم يُحدد أي من المسؤولين العراقيين عدد المعنيين بقرار سحبهم من “بغداد”، علمًا بأن مئات الدبلوماسيين الأميركيين يعملون في السفارة.

من أجل سلامة المواطنين الأميركيين..

بينما رفض متحدث باسم “وزارة الخارجية” الأميركية التعليق على الموضوع، لكنه شدد على أن سلامة دبلوماسيي الولايات المتحدة ومواطنيها ومنشآتها في العراق: “تظل أولويتنا القصوى”.

من جهته؛ أوضح مسؤول في “الخارجية الأميركية”، لـ (الحرة): “الوزارة تعمل باستمرار على تعديل موقفها في السفارات والقنصليات حول العالم؛ بما يتماشى مع مهمتها والبيئة الأمنية المحلية والوضع الصحي وحتى أيام العطلات”.

وأضاف إن: “ضمان سلامة موظفي الحكومة الأميركية والمواطنين الأميركيين وأمن منشآتنا؛ يبقى على رأس أولوياتنا”، و”لا نُعلق على تفاصيل أي تعديلات، لكننا نبقى ملتزمين بشراكة دبلوماسية قوية مع العراق”.

وأكد المسؤول في “الخارجية” أن السفير الأميركي، “تولر”، ما زال في العراق، كما أن السفارة الأميركية في “بغداد” تواصل عملها.

مخاوف من أعمال العنف..

صحيفة (بوليتيكو) أوضحت أن المسؤولين الأميركيين أكدوا لها قرار تخفيض عدد الموظفين، مشيرةً إلى أن الأمر من المفترض أن يكون مؤقتًا وليس من الواضح متى سيستأنف الدبلوماسيون عملهم.

ونقلت الصحيفة، عن أحد المسؤولين؛ أن ما يصل إلى نصف عدد الموظفين الأميركيين في السفارة والمنشآت الدبلوماسية الأخرى في العراق سيغادرون، مرجحًا أن يكون عددهم بـ”العشرات”.

بدورها؛ قالت صحيفة (واشنطن بوست)؛ إن مسؤولاً قال لها إن إدارة “ترامب” تعتزم خفض عدد موظفيها بالسفارة الأميركية في “بغداد”، بشكل مؤقت.

وأوضح المسؤول؛ أن الدافع وراء هذا القرار هو الخوف من حدوث أعمال عنف تستهدف الدبلوماسيين الأميركييين بالتزامن مع الذكرى الأولى لاغتيال، “سليماني”.

وفيما لم تُصدر “وزارة الخارجية” الأميركية بيانًا رسميًا بهذا الخصوص، قال بحسب (واشنطن بوست)، إن: “حماية دبلوماسيينا في مختلف أنحاء العالم؛ هو هدفنا الرئيس دائمًا”.

مواجهات “أميركية-إيرانية” مستمرة !

وكانت “واشنطن” قد اغتالت، مطلع العام الجاري، القيادي البارز في (الحرس الثوري) الإيراني، الجنرال “قاسم سليماني”، بضربة جوية قرب “مطار بغداد الدولي”، وردت “إيران” بعدها بأيام قليلة؛ باستهداف قاعدتين عسكريتين في العراق تضمان جنودًا أميركيين.

وتعتمد إيران على ميليشياتها في المنطقة، بما فيها “العراق”، لتصفية حساباتها مع إدارة “ترامب”.

كما يأتي القرار بعد أيام من اغتيال العالم النووي الإيراني، “محسن فخري زاده”، حيث حمّلت إيران، “إسرائيل”، مسؤولية العملية التي وصفتها بالمعقدة.

وحمّلت واشنطن، جماعات موالية لإيران، مسؤولية إطلاق الصواريخ والهجمات بعبوات مزروعة على جانب الطريق، وردّت بقصف مقرّين لـ (كتائب حزب الله) العراقي.

ومع تواصل الهجمات، حددت “الولايات المتحدة”؛ مهلة للعراق لإيقافها، وهددت بإغلاق سفارتها في “بغداد”.

وأدى ذلك إلى موافقة الجماعات الموالية لإيران على “هدنة”، في منتصف تشرين أول/أكتوبر 2020، توقفت بعدها الهجمات.

لكن صواريخ سقطت على أحياء عدة في “بغداد”، في 17 تشرين ثان/نوفمبر المنصرم، ما أدى إلى مقتل فتاة.

وحينها؛ قال مسؤولون عراقيون وغربيون إنهم يتوقعون صمود الهدنة، لكنّهم أكدوا على أن “واشنطن” ما زالت ترسم خططًا للانسحاب عسكريًا من العراق.

وصرح مسؤول غربي كبير، نهاية تشرين ثان/نوفمبر 2020، أن الولايات المتحدة تدرس ثلاثة خيارات، من بينها الانسحاب الجزئي، وإنهم يدرسون الإبقاء فقط على السفير والطاقم الدبلوماسي الأساس.

توقعات بأسابيع عصيبة قبل مغادرة “ترامب”..

يأتي هذا؛ في الوقت الذي توقع فيه مسؤولون عراقيون وغربيون أسابيع عصيبة قبل نهاية حكم الرئيس المنتهية ولايته، “دونالد ترامب”، الذي طبق سياسة “ضغوط قصوى”، تجاه إيران، أثرت أيضًا على حلفائها في العراق.

ولم يستبعد هؤلاء المسؤولون أن تبادر إدارة “ترامب” إلى استهداف مصالح إيرانية في “العراق”، في آخر أيامها.

وقال مسؤول غربي: “هناك شعور بأنه لا تزال أمامنا بضعة أسابيع لينتهي الأمر، (بمغادرة ترامب للمنصب)، ومن يعلم ماذا يمكن أن يحدث خلالها”.

استبعاد التصادم في العراق..

وتعليقًا على هذا الموضوع؛ قال النائب عن كتلة (صادقون)، “أحمد الكناني”: إن “سحب واشنطن لهذا العدد من الموظفين؛ هو إجراء وقتي ولا يؤثر علي العلاقات بين البلدين”، متوقعًا: “حدوث تغيير في سياسة الولايات المتحدة الأميركية بعد تولي الرئيس المنتخب، جو بايدن، الرئاسة”، لكنه استبعد: “حدوث صدام بين الولايات المتحدة وإيران في العراق؛ بسبب ما يعاني منه العراق من مشاكل اقتصادية وسياسية”، مؤكدًا أنه: “يوجد خطاب يميل إلى التهدئة من قِبل الفصائل المسلحة، حيث أعطت فرصة للولايات المتحدة لسحب قواتها”.

أعداد الدبلوماسيين غير معروفة..

فيما أوضح المحلل السياسي، “ماهر عبد جودة”، إن: “الإيرانيين لا يريدون التصعيد في هذه الفترة بانتظار نوايا الإدارة الأميركية الجديدة، وحتى لو كان هناك استهداف للمصالح الأميركية فسيكون محدودًا وغير مؤثر”، معربًا عن إعتقاده بأن وجود الأميركيين في العراق لازال كثيفًا، وقال إنه: “لا يثق بالإعلان الأميركي لأن أعداد الدبلوماسيين الأميركيين  بالعراق غير معروفة، ولا أعداد القوات الأمنية الأميركية”.

تنازلات أميركية..

وحول رد الفعل الإيراني المتوقع؛ قال المحلل السياسي، “كريم بدر”؛ إن: “مساحة الضربة الإيرانية المتوقعة؛ ستكون أكبر بكثير من العراق، الأمر الذي دفع الجيشين الأميركي والاسرائيلي لزيادة التنسيق فيما بينهما تحسبًا للانتقام الإيراني”، لافتًا إلى أن: “إيران أيضًا قد تستثمر حادثة اغتيال العالم، محسن فخري زاده، في الحصول على تنازلات أميركية؛ والعودة للاتفاق النووي بشروط إيرانية”.

اتجاه عام بالشرق الأوسط..

فيما مستشار مركز “الخليج” للدراسات السياسية والاستراتيجية، السفير “أشرف حربي”، فيعتقد أن: “خفض عدد الموظفين العاملين في السفارة الأميركية في بغداد؛ يأتي في إطار اتجاه عام للسياسية الخارجية الأميركية نحو تخفيض أعداد الدبلوماسيين والعسكريين في منطقة الشرق الأوسط”، مضيفًا أن: “السفارة الأميركية، في المنطقة الخضراء، تُعتبر من أكثر السفارات الأميركية تحصينًا في العالم كله”.

موضحًا أنه: “لا يوجد أي اتجاه ايراني للرد على اغتيال، محسن فخري زاده”، مشيرًا إلى أن الانسحاب الأميركي هو “انسحاب تكتيكي تقوم به واشنطن في منطقة الشرق الأوسط”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة