تحليل أخباري : معركة تكريت تهدد أمن بغداد

تحليل أخباري : معركة تكريت تهدد أمن بغداد

تبدو معركة تكريت أول محاولة لطرد تنظيم “الدولة الإسلامية” من مركز حضري رئيسي يسيطر عليه ويحصنه بقوة، وهو ما يعد بمثابة اختبار للعملية المخطط لها لاستعادة مدينة الموصل – العاصمة العراقية لخلافة داعش.
وستخضع عملية تكريت لتدقيق كبير بغية تسليط الضوء على اثنين من الشكوك الرئيسية، وهي: هل تستطيع قوات المتطوعين، وغالبيتهم من الشيعة، أن تلعب دورا قياديا مثمرا في عمليات داخل المجتمعات السنية؟ وهل يتمكن الجيش العراقي من طرد مقاتلي تنظيم الدولة من المناطق الحضرية المحصنة؟.

حضور إيران
وُصف الهجوم بأنه عملية مشتركة تضم الجيش العراقي والشرطة الاتحادية شبه العسكرية، وقوات العمليات الخاصة العراقية، وقوات الحشد الشعبي – وغالبية أفرادها من الشيعة – وكتائب المتطوعين والميليشيات التي دمجت رسميا في قوات الأمن منذ يونيو/ حزيران 2014.
والعنصر الغائب بشكل واضح عن تلك العملية المشتركة هو تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة.
ولم تطلب الحكومة العراقية توجيه ضربات جوية من قبل قوات التحالف، وهي سمة شائعة للعمليات التي تقودها قوات الحشد الشعبي. والواقع أن نحو 18 ألف مقاتل من قوات الحشد الشعبي يمثلون الجزء الأكبر من القوات التي تشن الهجوم.
ويقود قوات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس الذي وصفته الولايات المتحدة في عام 2009 بأنه إرهابي عالمي متمرس لدوره في هجمات على القوات الأمريكية وأهداف أخرى.
ويعمل المهندس والعديد من القادة الآخرين في قوات الحشد الشعبي بشكل مكثف مع الحرس الثوري الايراني، ويستعينون باستمرار بمستشارين إيرانيين ولبنانيين من حزب الله في عملياتهم.
الاستبعاد الواضح لدعم التحالف الدولي من قبل وكلاء إيران تم التأكيد عليه من الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الذي صرح في الثالث من مارس/ آذار بأن المعركة شهدت “دعما إيرانيا صريحا، في شكل مدفعية وغيرها من الأمور”.
وعلى الرغم من أن تكريت نفسها قد خلت من سكانها إلى حد كبير، إلا أن سلوك قوات الحشد الشعبي التي يسيطر عليها الشيعة – والتي لا تخضع للنظام العسكري العراقي – سيُراقب عن كثب لأنهم يطردون مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” من المجتمعات الريفية السنية.
وإذا نجح الهجوم على تكريت فإنه قد يزيد من احتمال قيام العراق بتكرار الهجوم شمالا في الموصل، ونشر وحدات من قوات الحشد الشعبي لدعم الجهود العسكرية العراقية لاستعادة السيطرة على المدينة التي يصل عدد سكانها إلى مليون شخص والتي تعد عاصمة السنة في العراق. وقد يؤدي هذا مرة أخرى إلى استبعاد أو تعقيد الدعم الدولي لهذه العملية.

أمن بغداد
قد تكون استعدادات وحدات الجيش العراقي لمعركة الموصل هي الأبطأ من بين الجهود الرامية إلى تحرير المدينة وقد تمتد إلى فصل الصيف، وهو ما يؤخر البداية الممكنة للعملية إلى نيسان أو أيار المقبلين.
ولا يزال الجيش العراقي في حالة سيئة للغاية، ويضم قوة قتالية في الخطوط الأمامية تصل لنحو 48 ألف جندي مقابل ما يقرب من 210 آلاف في أوج فعاليته عام 2009.
ومن المقرر أن تؤدي معركة الموصل إلى سحب ثلاثة ألوية، على الأقل، من أقوى الألوية المتبقية للجيش شمالا من بغداد، وهو ما يؤدي إلى خفض القوة العسكرية العراقية في العاصمة إلى النصف.
وهذا من شأنه أن يترك مسألة تأمين مركز الحكومة العراقية لقوات الحشد الشعبي الشيعية ووحدات وزارة الداخلية، التي تخضع أيضا لقيادة مقاتلين مدعومين من إيران وعلى علاقة بالحرس الثوري الإيراني تمتد لعقود.
وقد تتمثل إحدى العواقب غير المقصودة للقتال من أجل استعادة السيطرة على الموصل في ضعف سيطرة الدولة على الملف الأمني في بغداد نفسها، وهو الوضع الذي قد يكون من الصعب علاجه في السنوات المقبلة، كما يبين لنا التاريخ في عواصم إقليمية أخرى مثل بيروت وطرابلس بحسب تقرير لبي بي سي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة