تتصاعد خلافات القوى السياسية العراقية حول قانون اعادة ترسيم حدود المحافظات العراقية الثمانية عشر المقدم من الرئيس طالباني وسط تحذيرات من ان تشريعه سيلغي عددا منها ويعيد رسم الخارطة الادارية للبلاد..
وتقر لجنة الأقاليم في البرلمان العراقي أن قانون ترسيم الحدود بين المحافظات المعروض حاليا على مجلس النواب تواجهه قرارات اتخذها النظام السابق الأمر الذي يعوق تطبيقه. وفي وقت يؤكد التحالف الكردستاني ان هذا القانون سيخلص المحافظات من مشكلات كثيرة فقد حذرت القائمة العراقية من ان تمريره سيربك الوضع الأمني ويمزق النسيج الاجتماعي .
وكان الرئيس العراقي جلال طالباني قدم مشروع هذا القانون في تشرين الاول (أكتوبر) عام 2011 الى مجلس النواب بهدف اعادة ترسيم محافظات البلاد بزعم تطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها ومنها محافظة كركوك لكنه جوبه بتحفظ من رئيس الحكومة نوري المالكي فيما لم تثمر الاجتماعات المتواصلة بين زعماء الكتل النيابية حتى الآن عن نتيجية توافقية لحسم هذا الموضوع الشائك في وجود مناطق متنازع عليها بين المركز والاقليم وخلافات بين بعض المحافظات على الحدود الادارية.
وينص قانون ترسيم الحدود على ان تعاد المحافظات الى حدودها السابقة قبل حكم النظام السابق اواخر ستينات القرن الماضي لكن هذا الموضوع قد يلغي بعض المحافظات التي لم تكن موجودة وقت ذاك .
الاكراد يدعمون ترسيم الحدود ويتهمون معارضيه بالشوفينية
واليوم اكد القيادي الكردي نائب رئيس مجلس النواب عارف طيفـور ان “قرار قانون ترسيم حدود المحافظات سيساعد على استقرار الاوضاع ولايقسم العراق كما يدعي العرب في كركوك بل يعيد جميع المناطق المستقطعة كما ان قانون اعادة ترسيم الحدود الادارية يشمل محافظات اخرى من العراق”. واتهم المجلس السياسي العربي في كركوك بالعنصرية ومحاولة اثارة الفتن لرفضه القانون . واضاف
في بيان صحافي اليوم “ان الشوفينيين من عرب كركوك يدلون بين الحين والآخر بتصريحات استفزازية لاثارة الفتن وخلق المشاكل بهدف تعكير الاجواء بين مكونات المحافظة ” بحسب قوله. واشار الى ان “المجلس السياسي العربي وبعض نواب عرب كركوك اعلنوا في الاونة الاخيرة رفضهم اقرار قانون اعادة ترسيم الحدود الادارية بين المحافظات وذلك لمنع عودة الحقوق الى اصحابها الشرعيين ومن اجل الحفاظ على آثار الماضي المقيت للبعث المقبور والاستمرار في سياسة التعريب والتغيير الديموغرافي الذي اتبعه ازلام النظام البائد في المدن والقرى الكردستانية ” وطالب المجلس السياسي العربي بالكف عن “ممارساته العنصرية والابتعاد عن تنفيذ الاجندات الخارجية التي تخدم مصالحه الشخصية فقط “، بحسب قوله.
وجاءت اتهامات طيفور هذه ردا على تحذير نواب المكون العربي في محافظة كركوك مما سموه من ”مؤامرة تحاك لتقسيم العراق وإلغاء محافظات مهمة أبرزها صلاح الدين والنجف في حال تشريع قانون إعادة ترسيم الحدود الإدارية للمحافظات”.
وقال النائب العربي عن كركوك عمر الجبوري في مؤتمر صحافي إن النظام السابق قام بترسيم حدود محافظات العراق من خلال أكثر من 239 قانونا ومرسوما وأمرا ديوانيا وبيانا وإن تم إلغاء كل هذه القوانين والأوامر وتشريع القانون الجديد سيئ الصيت فهذا يعني إلغاء محافظتي النجف وصلاح الدين بالكامل وأكثر من 12 وحدة إدارية في الموصل وأجزاء كبيرة من الأنبار وكربلاء وديالى، إضافة إلى اختفاء أقضية ونواحٍ بالكامل.
ومن جهتها قالت لجنة الاقاليم والمحافظات البرلمانية أنها ستتولى دراسة مشروع قانون ترسيم الحدود الادارية للمحافظات المقترح موضحة أن خلافات كثيرة اثيرت حول القانون الى جانب غياب التوافق عليه داخل اللجنة. وقال نائب رئيس اللجنة منصور التميمي إن “الخلافات كثيرة على مشروع قانون ترسم الحدود الادارية للمحافظات وهو غير منسجم ومختلف عليه حتى داخل اللجنة وتتم دراسته على اعتباره مقدما من قبل رئيس الجمهورية”. واوضح اأن “اللجنة وبعد دراستها لمشروع القانون ستبدي ملاحظاتها بشأنه وسترفعها الى رئاسة مجلس النواب”.
اما رئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي فقد اكد أنه من غير الممكن تمرير قانون ترسيم الحدود إذا لم يكن هناك تشريع قانون آخر، وهو قانون استحداث محافظات . وأوضح في بيان أن مناطق الزبير في محافظة البصرة الجنوبية وطوزخرماتو في محافظة صلاح الدين الغربية والنخيب في محافظة الانبار الغربية من الممكن أن تكون محافظات مستقلة ضمن قانون استحداث المحافظات .
تحذير من تعريض السلم الاهلي في العراق للخطر
وحذرت القائمة العراقية من ان القانون يعرض السلم الأهلي للخطر واوضحت ان مشروع القانون يحتاج الى إعادة نظر والتأني في اقراره ورجح تأجيله إلى الدورة البرلمانية المقبلة. واشار النائب عن كتلة العراقية رعد الدهلكي الى ان انه بصرف النظر عن دستورية مشروع القانون من عدمها فإن الآثار الديموغرافية التي سيخلفها خطيرة من حيث انه سيؤدي الى اقتطاع اجزاء من محافظات وضمها الى أخرى وكذلك إلغاء بعض المحافظات.
اما التيار الصدري فقد حذر من ان عملية ترسيم الحدود ستسبب مشاكل في الوقت الحالي للبلاد. وقال النائب عن كتلة الاحرار الصدرية حاكم الزاملي في تصريح نقله “وكالة الفرات نيوز” اليوم ان “قانون ترسيم الحدود فية مشاكل وبعضها متوارثة منذ زمن النظام السابق وعلى سبيل المثال كان النخيب تابعا لمحافظة كربلاء المقدسة وتمت نسبته لمحافظة الانبار”. واشار الى ان “مناطق العراق مثل ديالى وكركوك وصلاح الدين متنازع عليها والبعض الاخر توجد فيها مشاكل مع اقليم كردستان “.
واضاف ان “عملية ترسيم الحدود في الوقت الحالي ووضعها في الاطر الصحيحة للمحافظات تسبب مشاكل كبيرة للبلاد بالتالي نحتاج الى جلسات حقيقية لتغليب مصلحة العراق على جميع المصالح من اجل ترسيم الحدود والتخلص من هذه المشكلة”.
يذكر ان قانون تعديل الحدود الادارية للمحافظات يمكن ان يطال محافظات وسط وجنوب العراق ايضا من ابرزها مناطق النخيب والرحالية التي هي محل خلاف بين محافظتي الانبار وكربلاء اضافة الى مناطق اخرى بين محافظتي ذي قار والمثنى والقادسية وواسط وغيرها. ويؤكد مراقبون انه في حال تطبيق القانون فإن محافظات مثل صلاح الدين غربا والنجف والمثنى جنوبا ودهوك في اقليم كردستان سيتم الغاؤها وسيتم توزيع مناطقها وأقضيتها على بغداد وكركوك وديالى فيما سيتم إلحاق محافظة النجف بكربلاء وتوزيع مدن المثنى على الناصرية والديوانية ودهوك الى الموصل وأربيل والسليمانية.