10 أغسطس، 2025 11:24 ص

تحدي واشنطن .. أبرز أهداف تسريع تسلم تركيا منظومة “إس-400” من روسيا !

تحدي واشنطن .. أبرز أهداف تسريع تسلم تركيا منظومة “إس-400” من روسيا !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

قبل موعدها المتفق عليه عند إنعقاد الصفقة بثمانية أشهر؛ وافقت “روسيا” على أن تبدأ بتسليم منظومات الدفاع الجوي (إس-400) إلى “تركيا”.. وهو الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة حول أسباب تقديم الموعد  والأهداف المرجوة من وراؤه.

“سكرتارية الصناعة الدفاعية التركية” أعلنت، الأربعاء 4 نيسان/أبريل 2018، أن توريد أنظمة (أس-400 تريومف) الروسية للدفاع الجوي إلى تركيا سيبدأ، في تموز/يوليو 2019، أي قبل 8 أشهر مما كان مخططًا له سابقًا.

تنازل لا سابق له من جانب موسكو..

أفادت صحيفة (كوميرسانت) الروسية، بأن هذا القرار أصبح تنازلًا لا سابق له من جانب موسكو، مضيفة أن القرار بهذا الشأن تم إتخاذه أثناء المباحثات الأخيرة في أنقرة بين الرئيسين الروسي، “فلاديمير بوتين”، والتركي، “رجب طيب إردوغان”. وأشارت إلى أن موعد التسليم الجديد لن يشكل مشكلة بالنسبة للشركة الروسية المصنعة لهذه الأنظمة.

ونقلت الصحيفة عن مصادر، مقربة من دائرة التعاون العسكري التقني، أن مسألة تسريع تنفيذ العقد حول توريد أنظمة (أس-400) كانت من أهم محاور المباحثات التي أجراها الرئيس “بوتين” في تركيا. فقد أكد “بوتين”، في كلمته خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع “إردوغان” بعد المباحثات، على أن مواعيد توريد المنظومات إلى تركيا ستسرع “بطلب من شركائنا الأتراك”، دون ذكر المواعيد المحددة.

من جهته؛ صرح مستشار الصناعات الدفاعية التركي، “إسماعيل دمير”، بأن توريد الدفعة الأولى من هذه الأنظمة إلى تركيا يجب أن يتم في تموز/يوليو عام 2019.

أما الإدارة الفيدرالية للتعاون العسكري التقني الروسي؛ فامتنعت عن التعليق على هذه المعلومات، في حين أعلن رئيس شركة “روس أوبورون أكسبورت”، “ألكسندر ميخييف”: أن “موسكو ستعمل ما بوسعها لتنفيذ طلب الجانب التركي”.

مشروع رمزي لتحدي الولايات المتحدة..

عبر رئيس تحرير مجلة (Moscow Defense Brief)، “ميخائيل بارانوف”، عن إعتقاده أن “العقد حول توريد أنظمة (اس-400) تحول، بالنسبة للرئيس “إردوغان”، إلى نوع من المشروع الرمزي لتحدي الولايات المتحدة التي تعارض هذه الصفقة”.

من جهته؛ أشار رئيس تحرير مجلة (تصدير الأسلحة)، “أندريه فرولوف”، إلى أنه من المهم بالنسبة لتركيا الحصول على هذه الأنظمة لعرض “استقلالها في المجال الدفاعي”.

أول دولة من حلف “الناتو” تشتري هذا النوع من الأسلحة..

في الوقت ذاته أعتقد مدير مركز تحليل الإستراتيجيات والتكنولوجيات، “رسلان بوغوف”، أن موسكو لم تواجه أي صعوبات في “الإصغاء” لطلب أنقرة، إذ أنه سيساعد فيما بعد في تعزيز المواقع الروسية في سوق السلاح العالمية، إذ أن تركيا أصبحت رسميًا أول دولة من حلف (الناتو) تشتري مثل هذه المنظومة الصاروخية الجدية.

أما مساعد الرئيس الروسي في مجال التعاون العسكري التقني، “فلاديمير كوغين”، فقال إن المصالح الجيوسياسية لروسيا في هذه الصفقة واضحة تمامًا، إذ أنها تهتم بوجود وضع سياسي مستقر يمكن التنبؤ به في هذه الدولة المجاورة.

وكان العقد حول توريد 4 كتائب من أنظمة (أس-400 تريومف)؛ بمبلغ نحو 2.5 مليار دولار إلى تركيا، قد تم توقيعه في تموز/يوليو عام 2017.

العقوبات الأميركية لن تؤثر على الصفقة..

بسبب العقوابات الأميركية، ضد شركة “روس أوبورون إكسبورت” الروسية، ترددت تساؤلات حول ما إذا كانت ستؤثر على توريد (إس-400)، قالت وزارة الخارجية التركية: إن “الاتفاق نهائي والموضوع أغلق”.

وأعلن الناطق باسم الخارجية التركية؛ أن الموقف الذي أعرب عنه رئيس تركيا، والذي بموجبه يتم إغلاق مسألة توريد روسيا لمنظومة (إس-400) إلى تركيا، لن يتغير على الرغم من العقوبات الأميركية على “روس أبورون إكسبورت”.

وقال الناطق ردًا على سؤال: إن كانت العقوبات الأميركية ضد “روس أوبورون إكسبورت” ستؤثر على توريد (إس-400): “رئيسنا أعطى جوابًا واضحًا حيال الموضوع”.

يذكر أن شركة، “روس أوبورون إكسبورت”، تعد الشركة الحكومية الوحيدة في روسيا، وهي المسؤولة عن تصدير كافة المنتجات والخدمات والتكنولوجيات العسكرية وذات الاستخدام المزدوج. وتعمل هذه الشركة ضمن تشكيل شركة “روستيخ”.

هذا وتم تأسيس هذه الشركة يوم 4 تشرين ثان/نوفمبر عام 2000. وأصبحت بعد ذلك إحدى كبريات الشركات التي تعمل في سوق الأسلحة، حيث تبلغ حصتها في مجال تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية نسبة تزيد عن 85 في المئة.

وفي هذا الإطار، تتعاون هذه الشركة مع ما يزيد عن 700 مصنع ومؤسسة في مجمع التصنيع الحربي الروسي. بالإضافة إلى أنه لدى روسيا علاقات تعاون في المجال العسكري التقتني مع ما يزيد عن 70 دولة من دول العالم.

يشكل خطراً على “الناتو”..

انتقد عدد من المسؤولين والمراقبين قيام تركيا بشراء منظومة عسكريّة من خارج الحلف، وتحديداً من “روسيا”؛ التي يرى فيها الغربيّون خطراً أساسيّاً على (الناتو)، للاتّفاق بدايةً تداعيات على المستوى التكنولوجيّ والعسكريّ للتعاون “التركيّ-الأطلسي”.

في مقابلة مع موقع (ديفنس نيوز) الأميركي، أواسط تشرين ثان/نوفمبر الماضي، قالت نائب وكيل القوات الجوية للشؤون الدولية، “هايدي غرانت”، إنّ تشغيل نظام (أس-400) ومقاتلات (أف-35) معاً يمكن أن يشكل خطراً على أمن تلك المقاتلات. فحصول النظام الدفاعيّ على أي قاعدة بيانات وتحويلها إلى روسيا سيعرض الـ (أف-35) لنقاط ضعف؛ وسيكون الأمر عبارة عن “كارثة”.

وإلى جانب إصرار “واشنطن” على حماية تكنولوجيا الجيل الخامس، تشرح “هايدي” أن هذا الموضوع لا يشكل قلقاً بارزاً لبلادها وحسب؛ بل لجميع شركائها وحلفائها الذين حصلوا على تلك المقاتلات.

بسبب تأجيل خروج القوات الأميركية من سوريا..

كما يرى الخبير في الشؤون الجيو-إسترايتجية، “رياض عيد”، أن “تقديم موعد تسليم منظومة (إس-400) إلى تركيا، في الوقت الذي كان يتواجد فيه وفد أميركي لمفاوضة “إردوغان” على إعطائه نسخة مطوّرة من نظام (الباتريوت)، يحمل رمزية كبيرة، لكونه يشكل صفعة كبيرة على وجه الأطلسيين”.

ورجّح “عيد”، أن يكون تقديم موعد تسليم منظومة (إس-400) الروسية لتركيا “سبباً مباشراً في إعادة تأجيل خروج القوات الأميركية من سوريا، بعدما كان الرئيس الأميركي أعلن عن هذا التوجّه”.

أنقرة تواجه صعوبات في عدد من مشاريعها الطموحة..

تحت عنوان: (إردوغان سيوجّه “إس-400” ضد ترامب)، كتب “أندريه بولونين”، في (سفوبودنايا بريسا)، عن تخطيط تركيا لتوسيع علاقات التعاون التقني العسكري مع روسيا، وآفاق علاقاتها مع الولايات المتحدة.

وجاء في المقال: “يمكن لأنقرة أن تتفاوض مع موسكو حول عدد من مشاريع الصناعة الدفاعية، بالإضافة إلى شراء منظومة الدفاع الجوي (S-400). أعلن ذلك الرئيس التركي إردوغان في مؤتمر صحافي مشترك مع بوتين، 3 نيسان/أبريل الجاري”.

وأضاف؛ أنه هنا يجب أن نفهم أن شركات الدفاع التركية على استعداد لاستخدام الخبرة الأجنبية لصناعة أسلحة خاصة بها. فأنقرة تواجه الآن صعوبات في عدد من مشاريعها الطموحة.

تروج لمشاريعها بسياسة خارجية طموحة..

في هذا الصدد؛ التقت (سفوبودنايا بريسا)؛ الخبير في المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية، “سيرغي يرماكوف”، فقال: “اليوم تجد تركيا نفسها في وضع صعب للغاية. كما تُلاحظ التناقضات العميقة بين أنقرة وحلفائها الأوروبيين في (الناتو)، والخلافات مع الولايات المتحدة، حول الكيفية التي ينبغي أن تبدو عليها خريطة الشرق الأوسط. وفي هذا الوضع، تروج تركيا، تحت حكم إردوغان، لمشاريعها الخاصة بسياسة خارجية طموحة، على المستوى الإستراتيجي الإقليمي. وهنا، من المهم للغاية بالنسبة لها أن تجد التوازن الصحيح بين مراكز القوة.عند هذه النقطة، تتلاقى مصالح روسيا الإستراتيجية مع مصالح تركيا على المستوى العملي – في مجال تجارة الأسلحة ووسائل إنتاجها. وفي الوقت نفسه، هناك عدد من النقاط التي لها بالفعل تأثير سلبي على آفاق التقارب بين موسكو وأنقرة، وفي مقدمتها الضغط السياسي على تركيا من الولايات المتحدة”.

الاتحاد مع تركيا ضد أحد غير ممكن..

حول احتمالية أن تتخلى أنقرة عن واشنطن؛ قال: “مهمتنا الرئيسة هي الاستقرار الإقليمي. وتركيا ليست مجرد جارة لنا، إنما هي دولة رئيسة تربط أوروبا بالشرق الأوسط، وبالنسبة لموسكو، مسألة مبدئية، عدم النظر إلى أنقرة من زاوية المنافسة الجيوسياسية”.

فما نريده طرح جدول أعمال جديد – التعاون في إطار عالم متعدد المراكز. لذلك، لا نريد أن نفصل تركيا عن شيء ما ونضمها إلى مكان ما، ونخلق تكتلاً جديداً معها. ناهيكم بأن اتحادًا مع تركيا – ضد أحد ما – غير ممكن. هذا ما يجب فهمه.

وأضاف؛ في الجوهر، نحن فقط ضد فكرة أن تندفع التناقضات بين الدول إلى الواجهة مع مخاطر تحولها إلى صراعات في المنطقة. في هذا الإتجاه يمكننا المضي قدمًا، نحو إقامة علاقات طبيعية مع أنقرة.

يوجد تنسيق بينهما في توزيع النفوذ داخل سوريا..

فيما يرى البعض؛ أن للأمر علاقة بتطورات الأوضاع في سوريا، وتقاسم النفوذ بين البلدين وإيران هناك، وهو ما ظهر جليًا في القمة التي جمعت رؤساء البلدان الثلاثة في “أنقرة”، الأربعاء الماضي، لإنهاء الأزمة السورية حسب رؤاهم.

وتوترت العلاقات بين روسيا وتركيا في عام 2015، حين أسقط الجيش التركي طائرة روسية على الحدود “التركية-السورية”، وإتخذت موسكو عدة إجراءات عقابية ضد أنقرة، منها تخفيض التعاون الاقتصادي والسياحي، إلا أن العلاقات عادت أقوى مما كانت عليه على خلفية التنسيق بين البلدين حول سوريا.

فعلى الرغم من تناقض المصالح الظاهر بين الجانبين، لقيام روسيا بدعم الرئيس السوري، “بشار الأسد”، في مقابل دعم تركيا لفصائل المعارضة المسلحة، فإن السنوات الأخيرة تشهد تنسيقًا بينهما في توزيع النفوذ داخل سوريا، وهو ما ظهر في عدم إتخاذ روسيا خطوات جادة لمنع التوغل التركي في “إدلب” و”جرابلس” و”عفرين”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة