خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد مرور أكثر من عشرة أيام على اندلاع الاحتجاجات العراقية، بدأت تطفو على السطح التأكيدات على تدخل “إيران” في قمع التظاهرات والتصدي لها، خاصة وأن مطالب المحتجين أقرنت الفساد بخروج “إيران” من “العراق” والاتهامات لـ”الحرس الثوري” والميليشيات التابعة له؛ بالتدخل لقمعهم وقتل المحتجين.
وما يدلل على ذلك، أعلان قائد الوحدات الخاصة التابعة لقوى الأمن الداخلي الإيراني، العميد “حسن كرمي”، عن إرسال قوة مكونة من 7500 عنصر إلى “العراق”، مدعيًا أنها لحماية “مراسم أربعين الحسين”.
وقال “كرمي”، الذي تتولى قواته مسؤولية مواجهة الاحتجاجات في “إيران”، في مقابلة مع وكالة (مهر) الحكومية، الإثنين الماضي، إن: “أكثر من 10 آلاف من أفراد القوات الخاصة يتولون مسؤولية حماية مراسم الأربعين بشكل مباشر”.
وأضاف: “7500 منهم يتواجدون بشكل مباشر، وهناك 4000 عنصر احتياط”.
وكشف قائد القوات الخاصة الإيرانية أن 30 ألف شرطي يشاركون في حماية المسيرات الممتدة من “إيران” إلى داخل “العراق” لحماية “مسيرات أربعين الحسين”.
وأكد على أن: “الجزء الأصعب الذي تتولى حمايته القوات الخاصة الإيرانية؛ هو الإكتظاظ بمسافة 10 إلى 15 كلم من الحدود”.
وقال “كرمي”: “نقوم بعمل استخباراتي قوي للغاية، ولدينا عناصر في الحشود للسيطرة على الوضع”.
مسؤولة عن التعامل مع احتجاجات إيران..
ومن المعروف أن الوحدات الخاصة في “إيران” مسؤولة عن التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، حيث شاركت بقوة في احتجاجات كانون أول/ديسمبر 2017، والتي استمرت حتى، كانون ثان/يناير 2018، في أكثر من 100 مدينة ايرانية.
وأقر “كرمي” بأن قواته تدخلت في السيطرة على تلك الاحتجاجات في 79 نقطة، قائلًا: “لم نستخدم العنف وأكتفينا بالأساليب الناعمة والمراقبة الإلكترونية ورش المياه على المتظاهرين والحوار مع المحتجين، وبهذه الطريقة استطعنا القضاء على الاحتجاجات في غضون شهرين”.
هذا بينما سقط 30 قتيلًا في صفوف المتظاهرين الإيرانيين برصاص قوات الأمن خلال تلك المظاهرات، وتم اعتقال أكثر من 5000 شخص، مات 50 منهم تحت التعذيب.
للاستفادة من تجاربها..
المراقبون يقولون إن نقل آلاف العناصر إلى “العراق” تحت ذريعة “حماية مراسم أربعين الحسين”، يأتي بهدف الاستفادة من تجارب هذه القوات من أجل السيطرة على الاحتجاجات الشعبية في “العراق”.
ويأتي تواجد هذه القوات في المدن العراقية، في وقت اتهم فيه بعض المحتجين العراقيين، “الحرس الثوري”، والميليشيات التابعة له في “العراق” بالتدخل في قمع الاحتجاجات.
خريطة التدخل في الشأن العراقي..
وما أكد ذلك ما كشفه “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”؛ خريطة التدخل السافر من جانب ميليشيات “الحرس الثوري”، في الشأن العراقي تحت غطاء دبلوماسي على خلفية الاحتجاجات.
وذكرت المقاومة الإيرانية، التي تمثلها منظمة “مجاهدي خلق”، وتتخذ من “باريس” مقرًا لها، في بيان؛ أن “فيلق القدس”، الذي يمثل الذراع الخارجية لميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني، يسيطر على سفارات وقنصليات النظام الإيراني داخل “العراق” في العاصمة، “بغداد، والبصرة، والنجف، وكربلاء، وأربيل”.
وأوضح البيان؛ أن “فيلق القدس”، الذي يخضع لأوامر “قاسم سليماني”، المدرج على قوائم الإرهاب دوليًا منذ عام 2011، يسهل مهامّ لمسؤولين إيرانيين ينتشرون بتلك المقرات الدبلوماسية في “العراق”.
صدمة للنظام الإيراني..
واعتبرت المقاومة الإيرانية أن الاحتجاجات العراقية كانت صدمة لنظام “طهران”، ولذا بادر إلى حشد ميليشيات موالية له بهدف السيطرة سريعًا على الأوضاع، في ظل رؤيته أراضي “العراق” حديقة خلفية لأنشطته التخريبية.
واتهم بيان “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، نظام “طهران”، بالمشاركة في تفشي الفساد داخل “العراق”، الأمر الذي دعا ملايين المحتجين العراقيين إلى المطالبة بإنهاء تدخلات “إيران” السافرة في بلادهم.
وأشار البيان إلى أن الجزء الأكبر من الضحايا الذين سقطوا خلال الحراك الشعبي في “العراق”، كان بأيدي قناصة تابعين لميليشيا “الحشد الشعبي” العراقية التي تتلقى أوامر من ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني.
وعددت المقاومة الإيرانية أسماء لشخصيات بعينها اعتبرتها ضالعة في إدارة الميليشيات الموالية لنظام “ولاية الفقيه” في “العراق”، أبرزهم “إيرج مسجدي”، السفير الإيراني في “بغداد”، ونائبه “موسى علي طباطبائي”، وهما عنصران رفيعان بميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني.
تتحرك تحت الغطاء الدبلوماسي..
وأوردت في بيانها؛ أن السفارة الإيرانية لدى “بغداد” تضم 9 عسكريين ضمن ميليشيا “الحرس الثوري”، وجميعهم يعملون تحت غطاء دبلوماسي داخل الأراضي العراقية.
كما يتواجد في قنصلية “طهران”، بـ”النجف” العراقية؛ عدد من عناصر “فيلق القدس”، الخاضع لسيطرة “سليماني”، الذي ينظر له كرأس حربة للخطط التخريبية لـ”طهران” في المنطقة.
وأكدت المقاومة الإيرانية أن قنصلية “طهران”، بـ”النجف”، بؤرة نشطة للتواصل مع ميليشيات ومجموعات إرهابية عراقية ترتبط بميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني بغرض تنفيذ خطط عدائية هناك.
مشددة المقاومة الإيرانية، في ختام بيانها، على أن القمع وتصدير الإرهاب إقليميًا هما الركنان الأساسيان لبقاء نظام “ولاية الفقيه”، ويتوجب إقامة أي نوع من الاستقرار والأمن في المنطقة طرد الميليشيات الموالية له في بلدان مثل “العراق” و”سوريا” في البداية.
واندلعت احتجاجات واسعة، مطلع تشرين أول/أكتوبر الجاري، في مختلف المحافظات والمدن العراقية، للمطالبة بالإصلاح وخروج “إيران” وميليشياتها من “العراق”، وتغيير النظام وتشكيل حكومة إنقاذ وطنية لحين إجراء الانتخابات التشريعية.
ولقي 110 أشخاص، على الأقل، حتفهم وأصيب أكثر من 6 آلاف في العاصمة، “بغداد”، وفي الجنوب منذ بدأت قوات الأمن حملة صارمة على المتظاهرين الذين شاركوا في احتجاجات ضد الفساد والبطالة. وكان بين القتلى 9 على الأقل من قوات الأمن.
المسؤولون الإيرانيون وصفوا الاحتجاجات بالمؤامرة..
وكان المرشد الإيراني، “علي خامنئي”، قد وصف احتجاجات “العراق”، في أول تعليق له حولها الإثنين الماضي، بأنها: “مؤامرة من الأعداء”، معتبرًا أنها: “تهدف إلى التفريق بين إيران والعراق”.
وأضاف: “إيران والعراق شعبان ترتبط (…) قلوبهما وأرواحهما (…) وسوف يزداد هذا الإرتباط” قوةً “يومًا بعد يوم”.
وأكدت وكالة أنباء (إرنا) الإيرانية الرسمية؛ أن تصريح المرشد الأعلى يأتي تعليقًا على الأحداث الأخيرة في “العراق”.
وعلقت الوكالة الإيرانية على الأحداث متهمة، “الولايات المتحدة” و”السعودية” و”إسرائيل”، بتحريك التظاهرات في “العراق” بهدف تخريب علاقات “إيران” مع “العراق” و”سوريا”.
وكتبت الوكالة أن التظاهرات، “غير المسبوقة”، في المدن العراقية تظهر أن “بعض القوى الداخلية والخارجية في المنطقة” قلقة بدرجة كبيرة من “التقارب والتعاون” بين “بغداد” و”طهران” و”دمشق”.
وتم إحراق عدد من مقرات الأحزاب في جنوب “العراق،” بينها أحزاب موالية لـ”إيران”. وتمّ التداول بأشرطة فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيها متظاهرين يهتفون: “العراق حرة حرة، إيران برّا برّا”.
ودائمًا ما يتبادل سياسيون عراقيون اتهامات أحيانًا بالتبعية للخارج، لا سيما لـ”إيران” و”الولايات المتحدة”.
وافتتح المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، “علي ربيعي”، مؤتمره الصحافي، الأسبوع الماضي، بتصريح عن الأحداث في “العراق”. وقال إن هناك “مضمري سوء يريدون تخريب أي إنفراج بيننا وبين دول مجاورة”.
ودعا “ربيعي”: “الشعب العراقي العظيم إلى ممارسة المزيد من ضبط النفس والبحث عن حلول ديموقراطية وقانونية لتلبية مطالبهم”.
وتابع: “الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما هي الحال دائمًا، مستعدة للوقوف مع الإخوة والأخوات العراقيين وتقديم أي مساعدة لهم”.
وأكد أنه: “لن يكون بمقدور أي شكل من أشكال الدعايات المزيفة والمسمومة فصل الشعبين الإيراني والعراقي عن بعضهما”.
محاولة للتأثير على ذكرى الأربعين..
واتهمت “إيران” أعداءها بإثارة الاضطرابات في “العراق” عمدًا تزامنًا مع توجه عدد كبير من الزوار إلى العتبات المقدسة في “العراق” لإحياء “أربعينية الحسين”.
أعلن المستشار العسكري للمرشد الأعلى أن من هم خلف الاضطرابات في “العراق” لن يتمكنوا من ردع الإيرانيين عن الزيارة.
ونقلت وكالة (تسنيم)، عن “يحيى رحيم صفوي”؛ قوله: “يريدون أن يخيفوا الناس من التوجه للزيارة، لكن حتى لو أمطرت سهامًا وحجارةً، محبو الحسين لن يخافوا”.
وتوافق ذكرى “أربعينية الحسين”، هذا العام، في 17 تشرين أول/أكتوبر 2019، ويتم إحياؤها عند ضريح “الحسين بن علي” في “كربلاء”، المدينة العراقية الواقعة على بُعد 110 كلم جنوب “بغداد”.
وتُعدّ ذكرى “الأربعينية” أحد أكبر المراسم الدينية في العالم.
وحضت “إيران”، الأسبوع الماضي، مواطنيها الذين يريدون التوجه للزيارة في “العراق” على إرجاء سفرهم.
وأعادت “إيران”، الإثنين الماضي، فتح معبر “خسروي” الحدودي مع “العراق”؛ بعدما أغلق الأسبوع الماضي مع تصاعد حدة التظاهرات في “العراق”.
واعتبرت (إرنا) أن: “الاستفزازات” التي تأتي قبل “أربعينية الحسين” تُبين أن أعداء إيران “خائفون”.
ورأى رئيس السلطة القضائية في إيران، “إبراهيم رئيسي”، أن المسؤولين عن الاضطرابات في “العراق” يهدفون إلى تخريب إحياء ذكرى “الأربعينية”.
ونقل موقع التليفزيون الرسمي، عن “رئيسي”، قوله: “في الأيام الأخيرة، ظهرت فتن في العراق للتأثير على حدث الأربعين العظيم”.
وأعرب عن “إرتياحه ليقظة حكومة وشعب العراق في تهميش هذه الفتنة”، مؤكدًا على: “ضرورة التحلي باليقظة”، معتبرًا أن مثيري الفتنة “يحاولون بأية لحظة” التأثير على “مراسم الأربعين” وحجب الأنظار عنها.
اتهامات بتورط أميركا والسعودية وإسرائيل..
أما صحيفة (كيهان) المحافظة؛ فقد قالت إن: “الأدلة” تشير إلى أن الأميركيين والسعوديين والإسرائيليين متورطون في الاضطرابات في “العراق”.
ورأى كاتب في صحيفة (شرق) الإصلاحية أيضًا أن الأميركيين والإسرائيليين والسعوديين قد يكونون “الأيادي الخفية” خلف تظاهرات “العراق”.
وكتب “عبدالرحمن فتح اللهي”: “حتى ولو لم يكن الأمر كذلك، إلا أن الوضع الفوضوي والمتوتر في العراق اليوم يمكن أن يمهد الطريق لهؤلاء اللاعبين … لكي يحققوا أهدافهم ومطالبهم”.