19 أبريل، 2024 8:07 م
Search
Close this search box.

تحت ضغط الإبتزاز الدولي .. الحكومة اللبنانية تواجه خلافات داخلية بسبب النازحين السوريين !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة اللبنانية مواجهة أزماتها الداخلية، أشتدد أزمة اللاجئين السوريين التي يرى “لبنان” أنه قد آن آوان عودتهم لبلدهم بعدما أصبحت الحرب على مشارف الإنتهاء الفعلي، حيث أكد رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد “ميشال عون”، على أن “لبنان” يعمل مع المراجع الدولية لتحقيق عودة آمنة للنازحين السوريين إلى المناطق السورية التي تشهد استقرارًا وأمنًا.

وأشار “عون” إلى أن “لبنان يصطدم بمواقف من بعض الدول التي تقدم الحل السياسي للأزمة السورية على عودة النازحين، وهذا ما لا نقبل به لأننا استضفنا النازحين لأسباب إنسانية نتيجة القتال الذي كان دائرًا في سوريا والنقص في المواد الغذائية، إلا أن القتال توقف اليوم على نحو شبه كامل، فيما تداعيات النزوح السوري مستمرة منذ ثماني سنوات على مختلف القطاعات الأمنية والاجتماعية والصحية؛ وخصوصًا الاقتصادية”، وفقًا لـ (الوكالة الوطنية للإعلام).

ونوه الرئيس اللبناني بأن: “التقارير التي ترد؛ والمعطيات المتوافرة لدى مسؤولي المنظمات الدولية، تشير إلى أن النازحين السوريين الذين عادوا إلى بلادهم تتوافر لهم الظروف المناسبة للعودة أمنيًا واجتماعيًا وصحيًا”.

وأكد “عون” على “أهمية دفع المنظمات الدولية المساعدات للنازحين العائدين”، لافتًا إلى أن “مؤتمر القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، الذي عقد في بيروت في شهر كانون ثان/يناير الماضي، إتخذ قرارًا بضرورة دفع المساعدات للنازحين في أماكن عودتهم”.

تمول بقاء النازحين..

في نفس الوقت؛ كان رئيس الحكومة، “سعد الحريري”، يرأس الوفد اللبناني، الذي أثيرت الكثير من التحفظات حوله، إلى “مؤتمر بروكسيل” الخاص بالنازحين السوريين، كان وزير الخارجية، “جبران باسيل”، يصوب على المؤتمر الذي تغيب عنه، عن قصد، قائلًا إن: “هذه المؤتمرات تمول بقاء النازحين في مكانهم، ونحن نريد أن تمول عودتهم لبلدهم بكل بساطة”.

تلفيق يسيء لصورة لبنان..

فيما أبدى وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني، “ريشار قيومجيان”، أسفه لما صدر من حديث عن أن مؤتمر “بروكسل الثالث لدعم سوريا”، الذي إنعقد للبحث في أزمة النزوح السوري، يستهدف توطين النازحين في الدول التي يتواجدون بها ومن بينها “لبنان”، مؤكدًا على أن هذا الحديث “محض تلفيق يسيء إلى صورة لبنان؛ الذي كان ممثلًا في المؤتمر برئيس حكومته ووزيرين”.

وأشار الوزير “قيومجيان”، في حديث، الجمعة، لإذاعة (لبنان الحر)، إلى أن مقررات مؤتمر “بروكسل 3” جاءت في مصلحة “لبنان”، مشددًا على أنها المرة الأولى التي يتم فيها طرح موضوع عودة النازحين السوريين إلى وطنهم.

وقال: “طرح وفد لبنان مشروع عودة النازحين خلال أعمال المؤتمر، ولمسنا قبولًا لهذا الطرح مع عرض إمكانية المساعدة. نحن نطرح موضوع العودة ونعمل عليه، في وقت يقوم غيرنا باستعمال هذا الملف للدعاية السياسية”.

وأضاف أن “لبنان” طرح، مع “الاتحاد الأوروبي” و”الأمم المتحدة” وكافة الدول المانحة والداعمة لبرامج المساعدات الموجودة في “لبنان”، إمكانية مساعدة النازحين عندما يعودون إلى “سوريا”، مشيرًا إلى أن دعم الدول المانحة للنازحين السوريين ودول المجتمعات المضيفة ليس بالجديد، ولافتًا إلى أن “لبنان” تمكن من تأمين تمويل ودعم أكبر.

وتساءل الوزير: “لنتخيل لبنان من دون هذه المساعدات الدولية، كيف سيتمكن من تحمل عبء النازحين السوريين ؟.. نحن بالكاد قادرون على تلبية حاجات شعبنا، فكيف لنا أن نتعاطى مع مليون ونصف مليون نازح سوري؛ إن لم نحصل على مساعدات ؟”، مشددًا على رفضه القاطع الحديث الذي ينطوي على الدعاية والاستغلال السياسي لهذا الملف، ومعتبرًا أنه سيء بحق النازحين السوريين والشعب اللبناني”.

ولفت إلى أنها المرة الأولى التي ستذهب نصف المساعدات الدولية إلى الشعب اللبناني؛ لأنه يعاني بشدة تحت وطأة النزوح السوري على البنى التحتية والمدارس والمستشفيات والطرق والمياه والكهرباء، قائلًا: “هذه المرة الأولى التي يحصل فيها شعب لبنان على مساعدات من هذا النوع؛ لأن الدول المانحة أخذت كل هذه التطورات بعين الاعتبار”.

وأكد على أن المجتمع الدولي يفكر جديًا بآلية إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، مشيرًا إلى أن وفد “لبنان”، المشارك في “مؤتمر بروكسل”، حقق مصلحة البلاد، وأن الأولوية كانت بالنسبة للوفد في العمل على عودة النازحين إلى وطنهم ودعم الشعب اللبناني في وقت واحد.

المجتمع الدولي يستخدم النازحين كورقة ضغط..

عضو تكتل (لبنان القوي) النائب، “روجيه عازار”، يقول في هذا الإطار؛ إن سياسة المجتمع الدولي تنطلق من الضغط على الحكومة السورية بغية عدم الإعتراف بالرئيس، “بشار الأسد”، لافتًا إلى أن جزءًا كبيرًا من المجتمع العالمي أصبح يؤمن بقيادة “سوريا” برئاسة “الأسد”، “غير أن أسباب المجتمع الدولي يجب أن لا تؤثر فينا كلبنانيين، وهذا القرار يجب أن يُتخذ من أجل إعادة النازحين السوريين على نحو آمن إلى بلادهم”.

ويرى “عازار” أنه على الدولة اللبنانية مواجهة قرار المجتمع الدولي والتواصل المباشر مع “سوريا”، مشددًا على ضرورة تكاتف اللبنانيين، كسياسيين ورؤساء كتل ومسؤولين، والذهاب بإتجاه واحد دون انتظار لإتخاذ الإجراءات المناسبة لعودة النازحين، لافتًا إلى أن الباب الأساس لهذه العودة هو التفاهم مع الدولة السورية دون التأثر بالضغوط السياسية الخارجية، مع ما يتبع ذلك من ضغوط دبلوماسية يمكن لـ”لبنان” الرسمي أن يمارسها في هذا الإطار تجاه “الأمم المتحدة” والمجتمع الدولي.

وعلى الرغم من النجاحات التي تحققت على المستوى الأمني في “سوريا”، إلا أن المجتمع الدولي لا يزال يدفع بإتجاه عدم عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، والهدف الواضح ربما هو انتظار الحل السياسي بغية استخدام النازحين كورقة ضغط على الحكومة السورية وإخضاع الدول المضيفة لإبقاء النازحين حيث هم.

مفارقات تبين تآمر المجتمع الدولي..

وعن الاختلاف في مواقف الحكومة اللبنانية من قضية عودة النازحين السوريين، الذي يوحي بأن الحكومة مقبلة على خلافات جديدة تهدد تضامنها، يقول المستشار والباحث في الشؤون الإقليمية، “رفعت البدوي”، أنه: “من المعروف أن الحكومة اللبنانية الحالية تشكلت وهي تضم تناقضات سياسية داخلية وذات أهداف مختلفة، بين الفرقاء داخلها، وقد وصفتها سابقًا، بمثابة قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، لكن الظروف الحالية التي يمر بها لبنان، وكذلك المنطقة برمتها، تفرض على الجميع البقاء على الحد الأدنى من التفاهم”.

ويشير “البدوي” إلى أن “مؤتمر بروكسيل”، بشأن النازحين السوريين، يُظهر مفارقات عدة تبين لنا مدى تآمر المجتمع الدولي، وكل هذه المؤتمرات التي لا طائل منها سوى إطالة الأزمة السورية، والعمل على تفتيت المجتمع السوري، بدل العمل على لملمته، والذي أصبح مشتتًا بين الداخل والخارج، وبين دول أوروبية ودول المنطقة المجاورة لـ”سوريا”.

المفارقة الأولى: الوفد اللبناني لم يضم الوزير المختص بشؤون النازحين السوريين،علمًا بأن الحكومة أنشأت هذه الوزارة المختصة لمعالجة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، بعد أن ضمنت “سوريا” الأمن في مناطق واسعة، وضمنت عودة آمنة لكل النازحين لوطنهم “سوريا”. وعدم أصطحاب الوزير المختص يضع علامات استفهام كبيرة، ربما كي لا يكون هناك مداخلات تعيق عمل المؤتمر الذي لا يُعنى بعودة النازحين؛ بل بإطالة أمد عودتهم وبقائهم حيث هم.

المفارقة الثانية: المليارات التي وعد بها هذا المؤتمر الدول التي تستضيف النازحين، كان يجب إعطاءها للدولة السورية أو للمنظمات التي تؤمن عودتهم إلى بلادهم. لذا فموضوع النازحين أصبح تجارة سياسية، وإبتزاز سياسي للحكومة السورية وللحكومات التي تستضيف النازحين على أراضيها.

خلافات داخل الحكومة اللبنانية..

ولفت “البدوي” إلى أن هناك خلاف داخل الحكومة اللبنانية حول هذا الموضوع بين رؤيتين: الرؤية الأولى تقول بإبقائهم ريثما يتم العمل على حل سياسي في “سوريا”، وهذا الأمر يرتبط بحد كبير بالقرار الدولي، “الأميركي-السعودي”، بإطالة أمد الأزمة في “سوريا”.

والرؤية الأخرى؛ تدعو إلى العمل لعودتهم إلى بلادهم، لذلك هناك خلاف داخلي حول ضرورة عودة النازحين السوريين، لأن “لبنان” لم يعد يحتمل هذا الكم الهائل من النازحين، (مليون و800 ألف نازح)، حسب الإحصائيات الأخيرة. علمًا بأنه تجري في الآونة الأخيرة عمليات تهريب للسوريين من “سوريا” إلى “لبنان”، (لأغراض مبيتة)، وربما سيتفاقم هذا الخلاف مع مرور الوقت، لكن سيبقى في إطاره الطبيعي، ولن يهدد مصير الحكومة التي تم تشكيلها بصعوبة كبيرة.

نظرة أحادية..

فيما قال الخبير اللبناني، “وسيم بزي”، إن “مؤتمر بروكسل الثالث”؛ لا يزال يتعاطى مع قضية النزوح من خلال تأمين الأموال لتثبيت بقاء النازحين في بلدان النزوح.

وأضاف أن نظرة المؤتمر أحادية، ولا تراعي تغير الواقع في “سوريا” من الناحية الأمنية، خاصةً في المناطق التي نزح أهلها، وأن معاناة “لبنان” مع المؤسسات الدولية الضامنة، وكذلك مع الدول المعنية بـ”مؤتمر بروكسل”، أنهم لا ينظرون إلى أولويات التعاطي مع الملف بما يتناسب مع الوضع اللبناني.

وتابع؛ أن أولويات “لبنان”، مع ملف النزوح، تتمثل في ضرورة التنسيق مع الدولة السورية، المسيطرة على ثلثي الأراضي، خاصة أن القسم الأكبر من النزوح من تلك المناطق.

وأوضح أن أحد الأولويات هو الاختلاف التصنيفي حول مفهوم العودة الآمنة والطوعية، الذي تُصر عليه دول “بروكسل”، ووجهة نظر القسم الأوسع من القوى السياسية، وكذلك الموقف الرسمي هو مع العودة الآمنة بالتنسيق مع الدولة السورية.

وأشار إلى أن طرح “لبنان” يتمثل في ضرورة دفع الأموال للنازحين بعد عودتهم إلى “سوريا”، لتشجيعهم على العودة، في حين أن ما يطرحه “مؤتمر بروكسل”، هو تأمين فرص عمل للنازحين وتشجيعهم خفية وعلنًا للبقاء، وتوطيد ذلك إلى مسألة التوطين.

وأضح أن الدول الغربية تلعب لعبة الاستثمار السياسي في الملف، عبر ربطه بالحل السياسي، وإعادة الإعمار، وأنها تسعى للإبقاء عليه كورقه إبتزاز، ربطًا بحلول لم تنضج بعد على مستوى المنطقة.

تعاطف إنتهازي..

وأشار “بزي”؛ إلى أن تعاطف دول “بروكسل” يعد إنتهازيًا، مع حجم المعاناة والثمن الكبير الذي يدفعه “لبنان” على مستويات عدة، ربطًا بالنزوح إلى درجة أن الرئيس “عون” لديه إحصائيات، تشير إلى أن نسبة الولادات السورية في مستشفيات “لبنان” تجاوزت الواحد وخمسين بالمئة لصالح السوريين، فضلًا عن البنية التحتية التي تعاني تحت ثقل النزوح، ومنافسة اللبنانيين حتى في بعض المهن والحرف.

وشدد على أن أحد المخاطر تتمثل في خلل التوازن الحساس الذي أقيم “لبنان” على أساسه، وأنه مصدر قلق كبير على الصيغة اللبنانية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب