خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوات تُعيد الكرة من جديد وكأن شيئًا لم يكن، أعلن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، أمس، أن “العقوبات الأميركية” الجديدة؛ التي تم إعلانها ضد “إيران” بعد استهدافها لقواعد عسكرية في “العراق”، قد بدأ سريانها.
وفي تصريحات صحافية أدلى بها في “البيت الأبيض”، رد “ترامب” على سؤال حول موعد فرض العقوبات الجديدة على “طهران”: “لقد تم فعل ذلك. لقد قمنا بتشديدها.. ومع أنها كانت قاسية جدًا قبل ذلك، إلا أنه جرى تشديدها بشكل ملحوظ”.
وأوضح الرئيس الأميركي أنه وافق، منذ وقت قصير، على فرض التقييدات الجديدة على “إيران” من قِبل “وزارة الخزانة” الأميركية، لكنه رفض الكشف عن طبيعة هذه الإجراءات، قائلًا: “سترون ذلك”.
وذكر “ترامب” أن “الولايات المتحدة” مستعدة لرفع العقوبات عن “إيران” في حال إمتثالها للمطالب الأميركية، قائلًا: “العقوبات تلحق بهم خسائر كبيرة. ويمكن أن ينتهي كل ذلك في وقت وجيز جدًا. لكن الأمر بين أيديهم سواء أعجبهم ذلك أم لا.. بإمكانهم إصلاح الوضع في بلادهم. إيران اليوم تسودها الفوضى. فإمكانهم تقويم الوضع الاقتصادي في بلادهم سريعًا جدًا”. مع ذلك، رفض “ترامب” التنبؤ بشأن احتمال بدء مفاوضات بين “إيران” و”الولايات المتحدة” في هذه المرحلة.
لإرجاع النظام الإيراني للتفاوض..
وفي توضيح لتلك العقوبات، قالت الناطقة الإقليمية باسم “وزارة الخارجية” الأميركية، “غيرالدين غريفيث”، إن هدف “العقوبات الأميركية”، التي ستقوم “واشنطن” بفرضها على “طهران”، هو تشجيع النظام الإيراني على تغيير تصرفاته “الخبيثة”، لافتًة إلى أن “واشنطن” متفائلة أن تؤدي هذه العقوبات إلى إتخاذ النظام الإيراني للقرار الصحيح بالعودة إلى طاولة المفاوضات مع “الولايات المتحدة” والمجتمع الدولي؛ من أجل إعادة صياغة “الاتفاق النووي”.
وأضافت “غيرالدين غريفيث” – في مقابلة مع قناة (الحرة) الإخبارية الأميركية، أمس – أن الإدارة الأميركية تُركز حاليًا على تخفيف حدة النزاع مع “إيران”، عقب مقتل “قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس)؛ التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني؛ من أجل السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لافتًة إلى ما قاله الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، حول أن: “مقتل قاسم سليماني كان شيئًا جيدًا للولايات المتحدة والعالم؛ لأنه طالما كان العقل المدبر للهجمات الإرهابية في العراق والمنطقة”.
استمرار المشاورات الدبلوماسية..
وردًا على سؤال حول تهديدات أذرع “إيران” باستهداف المصالح الأميركية، أكدت، “غيرالدين غريفيث”، أن الجيش الأميركي مستعد لكافة الاحتمالات، لافتة في الوقت ذاته إلى استمرار المشاورات الدبلوماسية بين “واشنطن” وحلفائها لتهدئة الوضع وتجنب أي تصعيد إضافي، مضيفة: “نأمل ألا يزداد الوضع سوءًا”.
وأشارت إلى تواجد “حلف شمال الأطلسي”، (الناتو)، في “العراق”، مؤكدًة سعي “واشنطن”، من خلال مباحثات مع حلفائها في الحلف، إلى تعزيز دوره ووجوده العسكري هناك.
مفاوضات دون شروط مسبقة..
وكانت “الولايات المتحدة” قد أعربت عن استعداد للدخول في مفاوضات جادة مع “إيران” دون شروط مسبقة؛ بهدف منع تعريض السلام والأمن الدوليين للخطر أو التصعيد من قِبل النظام الإيراني، بحسب ما أفادت شبكة (سي. إن. إن) أمس.
وذكرت “واشنطن”، في رسالة موجهة إلى رئيس “مجلس الأمن”، أن استهدافها لـ”قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس) بـ”الحرس الثوري” الإيراني، جاء ردًّا على سلسلة متصاعدة من الهجمات المسلحة في الأشهر الأخيرة من قِبل “إيران” والميليشيات المدعومة إيرانيًّا ضد “الولايات المتحدة” ومصالحها في الشرق الأوسط.
وأضافت أنها على استعداد لإتخاذ إجراءات إضافية في المنطقة، حسب الضرورة، لمواصلة حماية الأفراد والمصالح الأميركية.
هذه التطورات الجديدة؛ والتي أصبحت أكثر هدوءًا من ذي قبل، حيث أقاموا الحرب وأقعدوها، تأتي في أعقاب الضربة الجوية الأميركية التي استهدفت قائد (فيلق القدس) في “الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، والتي أسفرت عن مقتله ونائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”، وثمانية أشخاص آخرين كانوا برفقتهما، بالقرب من مطار العاصمة العراقية، “بغداد”، فجر يوم الجمعة الماضي، وهو ما ردت عليه “طهران” بهجمات صاروخية، الليلة قبل الماضية، استهدفت قاعدة (عين الأسد) في محافظة “الأنبار”، غربي “العراق”، وقاعدة أخرى في “أربيل”، واللتان تستضيفان قوات أميركية وقوات من “التحالف الدولي” لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي في “العراق”، وأسفرت الهجمات عن إصابات بين العراقيين فقط، وفقًا لما أعلنته “وزارة الدفاع الأميركية”، (البنتاغون).
ردت بشكل مباشر..
تعليقًا على ما جاء في كلمة “ترامب”، يقول الدبلوماسي الإيراني السابق، “السيد هادي أفقهي”، أن: “إيران ردت بشكل مباشر على اغتيال قاسم سليماني، فماذا فعلت أميركا ؟.. خرج ترامب وهو يرتجف ووجهه أصفر، وكان يتلعثم في كلامه وبلع الضربة، والآن يقول: مستعدون للتفاوض دون شروط، وهو يكذب، فعلى ماذا يريد أن يتفاوض ترامب ؟.. تفاوضت إيران مع الولايات المتحدة عامين ونصف العام، ولكن ترامب مزق الاتفاق النووي، لذلك هذا كذب ونفاق، ترامب يقول أيضًا نحن مستعدون للتعاون مع إيران لمحاربة (داعش)، لكنهم هم أوجدوهم ويستخدمونهم عند الحاجة”.
يتفادى الدخول في صراع من أجل الانتخابات..
وبحسب (رويترز)؛ قال محللون إن “ترامب” يريد تفادي الدخول في صراع يمتد طويلًا في العام الذي يشهد الانتخابات. وأشاروا إلى أن “إيران”، في المقابل، ستحاول تجنب المواجهة المباشرة مع القوات الأميركية الأكثر تفوقًا، لكن بمقدورها استخدام وكلاء من فصائل مسلحة في أنحاء المنطقة في ظل الضرر الذي تلحقه “العقوبات الأميركية” بها.
مزيد من الردود غير المباشرة..
وقال محللون آخرون أنه على الرغم من التصريحات النارية الإيرانية، إلا أنها أرادت تجنب نشوب حرب مع القوات الأميركية الأكثر تفوقًا؛ رغم أنها قد تلجأ إلى قوات حليفة في المنطقة.
وقال “علي آلفونه”، الزميل في معهد “دول الخليج العربية” في “واشنطن”: “لا أتوقع مزيدًا من الهجمات المباشرة من إيران. سنشهد على الأرجح المزيد من الردود غير المباشرة عبر وكلاء”.
وأضاف أنه ربما تكون هناك فرصة للتوصل إلى حل عبر التفاوض لأحدث أزمة، نظرًا لأن: “إدارة ترامب لا تسعى، على ما يبدو، بشكل فعال إلى حرب وتحتاج إيران لتخفيف العقوبات”.
وكثيرًا ما وجه “ترامب” انتقادات إلى الرؤساء الأميركيين السابقين لإدخالهم “الولايات المتحدة” إلى حروب طويلة ومكلفة في الخارج.
وقالت “واشنطن” إن لديها مؤشرات على أن “طهران” تخبر حلفاءها بالإمتناع عن القيام بتحرك جديد ضد القوات الأميركية.
وقالت مصادر حكومية أميركية وأوروبية؛ إنها تعتقد أن “إيران” سعت عامدة لتجنب سقوط قتلى أو جرحى من الجنود الأميركيين في ضرباتها الصاروخية تلافيًا للتصعيد.