تحت النار .. شهادة حية لمراسل إسباني يرافق القوات العراقية في معركة “المثنى”

تحت النار .. شهادة حية لمراسل إسباني يرافق القوات العراقية في معركة “المثنى”

كتبت – آية حسين علي :

أبرزت صحيفة “الموندو” الإسبانية صعوبة المواجهات الدائرة بين القوات العراقية وعناصر تنظيم “داعش” الإرهابي، في مدينة الموصل شمالي العراق.

ويقول مراسل الصحيفة “بابلو كوبوس”، الذي رافق القوات العراقية أثناء المعارك في حي المثنى بمدينة الموصل، إن رائحة الجثث كانت تفوح في كل مكان.

وقد شاهد “كوبوس” طفلاً يلعب ويلهو مع كلاب كانت قبل قليل تنهش في جثة مقاتل تابع لداعش.

كانت الجثث المتناثرة بين الحطام تتحلل وتنتفخ بسرعة.. كان ذلك كل ما تبقى من ليلة عصيبة شهدت معركة ضارية بين القوات والعناصر المتشددة. مشيراً إلى أنه كان يظن أن جولته مع القوات الخاصة العراقية ستكون هادئة، لكنه “أدرك أن في الموصل لا تستطيع التنبؤ بما سوف يحدث”.

لافتاً إلى أن أحد الجنود قام بإبعاد الطيور التي كانت تلتهم جثة أخرى ملقاة على الأرض، وقال له: “أحياناً نترك الجثث هكذا لأيام كي لا ينسى الناس ما حدث”، وفي أوقات أخرى “نرفعها على الخازوق أو نعلقها في مشانق حتى تتحلل.. ولا يبقى منها سوى الهيكل العظمي”، إنها طريقة نحذر بها الجواسيس “الذئاب النائمة” الذين يختبئون في المناطق المحررة.

تغطية المعركة

لم يكن سهلاً أن نكون شهود على المعركة، فبعد قيام الصحافيين بنشر صور للجنود العراقيين أثناء الاحتضار بعد تنفيذ “داعش” عملية إرهابية باستخدام قذائف الهاون، أغلق الجيش العراقي أبوابه أمام الصحافة، لكن الحظ كان حليفنا، ووافقت القوات على منحنا فرصة لتسجيل هذه اللحظات.

وتمكنا من حضور مؤتمر صحافي حيث استعرضت القوات العراقية خلاله إنجازاتها وإعلان آخر التطورات في المعركة الدائرة للسيطرة على الموصل، لكننا لم ننصرف بعد انتهاء المؤتمر، وبعد الانتظار لساعات وشرب الكثير من الشاي، تمكن المترجم الوسيط بيننا ببراعة من مصاحبة أحد القيادات الكردية الذي سمح لنا بقضاء الليلة معهم.

فرحة الأهالي بانتصار القوات

بدأت الجولة مبكراً، عبرت كثير من سيارات “الهامفي” العسكرية الأميركية الصحراء.. مررنا بمنازل مهجورة ومدمرة في طريقنا إلى منطقة “المثنى” التي انتهت فيها المعارك منذ ساعات.

ترجل الفريق الركن “عبد الوهاب الساعدي”، قائد الكتيبة الثالثة، يملأه شعور بالنصر، بينما قابله السكان بالأحضان ويبدو عليهم الفرح الشديد بانتصار القوات على الإرهابيين، الذين هربوا تاركين خلفهم أعلامهم السوداء ملقاة على الأرض.

يشار إلى أن القوات الخاصة العراقية المختصة بمحاربة الإرهاب شكلت في 2005، وحصلت على التدريب في الأردن مع القوات الخاصة في الجيش الأردني والولايات المتحدة، وكان تعداد هذه القوة 1440 من الرجال المدربين، وتتألف من أربع كتائب.. اثنين منها قتالية واثنين لشؤون الدعم.

وبعد ما حدث في 2014 واضطرارهم للتقهقر وترك أسلحتهم في الموصل، تولت قوات النخبة العراقية مهمة إعادة تشكيل اللواءات وبدأت عملياتها من جديد في تشرين أول/أكتوبر الماضي.

وأضاف مراسل “الموندو” أن أحد القيادات استعد للقيام بجولة تفقدية في المنطقة ودعاه لكي يذهب برفقته، “وامتطينا السيارة التي كان على متنها الـ(دوشكا) وهي رشاش سوفييتي ثقيل مضاد للطائرات يطلق رصاص عيار 12.7×108 ملم، كي أتمكن من تسجيل ما سيحدث بدقة، وخلال 15 دقيقة سمعنا دوي طلقات الرصاص، فصرخ أحد الجنود أن النار تأتي من قِبل الإرهابين ويجب علينا العودة”.

معركة المثنى

وبينما كان الجو حاراً خانقاً داخل السيارة، بدأ السائق يتناقش مع زميله وتبدو عليهما الحيرة، ثم صرخا فجأة: “إنهم دواعش.. إنهم دواعش!”، واستطعنا رؤية رؤوسهم تحوم فوق التل.

بداية المعركة

كانوا يتحركون بسرعة، وغيروا أماكنهم وشكلوا كميناً، ثم تقدموا نحو الأمام وبدأوا في تصويب رشاشاتهم تجاه سيارات “الهومفي” حتى توقفت تماماً، فأطلقوا الأعيرة على شكل نصف دائرة فكانت الطلقات تسقط عند أرجلنا، متسببة في تصاعد الدخان ووقوع إصابات.

وقال “كوبوس” إنه أصيب في قدمه بطلقة “فأخذت أحركها بشدة دون توقف بسبب الألم.. كانت لحظات لم استطع فيها أن أحدد إذا ما كانت عناصر داعش هي من تطلق الرصاص أم أن الجيش يرد عليها بالنار.. بسبب الصوت العالي الذي سببته الطلقات حتى أن الزجاج تهشم”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة