تحاول تغيير جلدها .. إستراتيجية السياسة الخارجية الإيرانية في ميزان القوى الإقليمية !

تحاول تغيير جلدها .. إستراتيجية السياسة الخارجية الإيرانية في ميزان القوى الإقليمية !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

ما هي إستراتيجية السياسية الخارجية الإيرانية في تقوية مكانة “الجمهورية الإيرانية” في ميزان القوى الإقليمية ؟.. وكيف تمكنت بمرور الوقت من التكامل والتناغم مع المحيط الإقليمي ؟..

يحاول “كيهان برزگر”، رئيس مركز أبحاث الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية، الإجابة على تلك التساؤلات، لافتًا بداية إلى أنه تعتقد النخبة “السياسية-الأمنية” الإيرانية، في العلاقة المباشرة بين تقوية القوة الوطنية الإيرانية والمحافظة على مكانة هذا البلد في ميزان القوى الإقليمية.

وهي مسألة “أمن قومي”، سواءً من حيث الاستفادة من إمتيازات الجغرافيا السياسية الإيرانية في قالب دمج الاقتصاد الإيراني بالمنطقة، أو بالتخلص من التهديدات المتماثلة، (أميركا وإسرائيل وأخيرًا السعودية)، أو غير المتماثلة (داعش والقاعدة)..

كيهان برزگر

ردع قوي وناعم..

وفي هذا الصدد؛ مهما كانت الرغبة في تقوية “التعاون الإقليمي” قوية في إستراتيجية السياسية الخارجية الإيرانية، لكنها في الوقت نفسه حققت نوعًا من الموازنة فيما يتعلق بالمبدأ الآخر، وهو “ردع (قوي وناعم) التهديد النابع من المنطقة “.

فالردع القوي يعني التواجد العسكري والاستشاري المباشر في “العراق” و”سوريا” و”لبنان”؛ للوقاية من تهديدات التيارات الإرهابية المباشرة للأمن القومي الإيراني.

والردع الناعم؛ إنما يعني تقوية التحالفات السياسية والعلاقات مع النخبة المحلية بغرض تقوية العلاقات الإيرانية على مستوى الحكومات الصديقة وملء الفراغ السياسي الحالي في المنطقة، لاسيما بعد تطورات “الربيع العربي”.

وهذه المسألة بالتحديد كانت سبب تعاطي المنافسين السياسيين مع “إيران”، على المستويات الإقليمية وفوق الإقليمية، في ضوء الوجود الإيراني بالمنطقة باعتبارها “دولة توسعية”.. بينما تعتبر “إيران” وجودها ضروريًا في إطار دفع “المشكلات الإقليمية”، ورفع مستويات “الأمن النسبي”..

لكن المخاطر الجديدة، التي تتهدد الأمن القومي الإيراني، مثل تنظيم (داعش)، “الإرهابي-التكفيري”، في العام 2014، وكذلك تشكيل تحالفات “ضد إيرانية” بمشاركة “السعودية” و”إسرائيل” و”أميركا” بعد انسحاب إدارة “دونالد ترامب”، عام 2017، من “الاتفاق النووي” بغية تهميش الدور والقوة الإقليمية الإيرانية؛ تسبب في رجحان كفة مبدأ الردع القوي في إستراتيجية السياسة الخارجية الإيرانية.

إيران.. دولة خاصة..

وقد طُرحت كيفية المحافظة على المكانية الإيرانية، بعد الثورة، في ميزان القوى الإقليمية بشكلين.. الأول: “إيران”، باعتبارها الأقوى في المنطقة. والثاني: “إيران” في منطقة قوية..

وككل الدول ذات السوابق التاريخية، فـ”إيران” دولة خاصة تتبنى نهج تنمية خاص وإستراتيجية سياسة خارجية في محيطها الجيوسياسي؛ استنادًا إلى خصوصيات الدولة وهيكل الحكومة، والمطالب التاريخية للأمة الإيرانية، وتصورات النخبة الحاكمة لكيفية التخلص من التهديدات وسبل تلبية المصالح الوطنية وتوفير الأمن القومي، والموقع الجغرافي، وأخيرًا نظرة الآخرين.

والموقع الجغرافي في مركز النظم الفرعية الإقليمية والطاقة الدولية؛ لفت إنتباه النظام الدولي لـ”إيران”، وأتاح بالتوازي مع المكانة “التاريخية-الاجتماعية” الإيرانية، (أي وقوع الفرس والشيعة في محيط سُني ومختلف)، الفرصة لـ”الجمهورية الإيرانية” للقيام بدور بناء في محيطها الجيوسياسي، وفرض بالوقت نفسه بعض القيود الإستراتيجية تتعلق مسألة المحافظة على توازن قوى المنطقة، من حيث مساعي جميع الأطراف للقضاء على الدور والقوة الإقليمية الإيرانية.

وهذه المسألة سلبت “إيران” القوة الكاملة على تنظيم إستراتيجيتها وفق مبدأ “العمومية”..  وعليه، ووفق التناغم مع التطورات الجديدة في المحيط الجوسياسي، إنتهت “إيران” إلى مسألة أن إستراتيجية السياسة الخارجية الأكثر فاعلية هي التي تقدم مجموعة مباديء عامة، يليها، (مع الأخذ في الاعتبار للخصوصيات الجيوسياسي المحلية والإقليمية)، تسيير عربة السياسة الخارجية بما يتناغم وأجواء الانتقال السياسي في المنطقة.

وفي ضوء هذه الأجواء، كان لابد من الموازنة بين المباديء الثابتة في السياسية الخارجية الإيرانية، وهي “التعاون الإقليمي” و”ردع التهديدات”؛ حتى يمكن المحافظة على مكانة “الجمهورية الإيرانية” في ميزان القوى الإقليمية.

وإزاء ديناميكية التطورات الراهنة في المنطقة، كان لابد من التركيب التدريجي لكلا الإستراتيجيتين في السياسة الخارجية وتقديم إستراتيجية ثالثة يمكن وصفها بإستراتيجية “إيران القوية من الداخل”.

وتقوم هذه الإستراتيجية الجديدة على تطوير القوة الوطنية الإيرانية عبر التنويع وتقوية الاقتصادي الإستراتيجي والاتصال مع الدول المحيطة، وكذلك الاستفادة من إمتيازات الجغرافيا السياسية في تنمية قيمة ودور “إيران” الإستراتيجي بغرض دفع التهديدات الأمنية الراهنة والمتعلقة بمكافحة الإرهاب في الدول المحيطة، وهو ما يحوز الأهمية بالنسبة للأطراف الإقليمية وفوق الإقليمية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة