خاص: كتبت- نشوى الحفني:
مع اقتراب زيارة “ترمب” إلى الشرق الأوسط؛ تبدو العلاقة بين الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، ورئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، وقد انزلقت إلى منطقة رمادية، تتقاطع فيها المصالح، وتتنافر فيها الرؤى، خصوصًا بشأن “إيران وغزة”.
هذه الزيارة التي تأتي في لحظة مفصلية من تحولات الإقليم؛ لا تختبر فقط ثقة الرجلين ببعضهما، بل تكشف أيضًا مدى قدرتهما على تجاوز خلافات استراتيجية، باتت تُهدّد بانهيار تفاهمات غير مُعلنة بين “واشنطن” و”تل أبيب”، في ظل فتور دبلوماسي آخذ في التعمق.
وقالت مصادر إن الخلافات بين الرجلين تصاعدت مؤخرًا؛ لا سيّما بشأن طريقة معالجة التهديدات الإيرانية والحرب المستمرة في “غزة” والتعامل مع جماعة (الحوثي) اليمنية.
استياء “نتانياهو”..
وأفادت شبكة (إن. بي. سي نيوز) الإخبارية الأميركية؛ نقلًا عن مصادر، أن “ترمب”: “أثار استياء نتانياهو بتعليقات علنية الأسبوع الماضي، مما أضفى مزيدًا من التوتر على علاقات الطرفين”.
وأوضح مسؤولان أميركيان ودبلوماسيان من الشرق الأوسط؛ بالإضافة إلى شخصين آخرين مطلعين على الأوضاع، أن “نتانياهو”: “شعر بالغضب والانزعاج عندما صرح ترمب؛ الأربعاء، أنه لم يتخذ قراره بعد بشأن السماح لإيران بتخصّيب (اليورانيوم) في إطار الاتفاق النووي الذي تتفاوض إدارته عليه حاليًا”.
وكان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي؛ “رون ديرمر”، قد نقل استياء “نتانياهو” إلى المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط؛ “ستيف ويتكوف”، خلال اجتماع في “البيت الأبيض”، الخميس الماضي، وفق (إن. بي. سي).
إحباط “ترمب”..
في المقابل؛ شعر “ترمب” بالإحباط من قرار “نتانياهو” بدء هجوم عسكري جديد في “غزة”، وهو ما يراه الرئيس الأميركي متعارضًا مع خطته لإعادة إعمار المنطقة، وفقًا لمسؤول أميركي آخر وشخص مطلع على التوتر.
وقال مصدران إن “ترمب” عبّر؛ في جلسات خاصة، عن اعتقاده أن الهجوم الإسرائيلي الجديد على “غزة”: “جهد ضائع”، لأنه سيجعل عملية إعادة الإعمار أكثر صعوبة.
وتضغط حاليًا “الولايات المتحدة” على “إسرائيل” و(حماس) للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في “غزة”، وهو أمر كان من المَّقرر أن يُناقشه “ديرمر” مع “ويتكوف”؛ خلال زيارته لـ”البيت الأبيض” هذا الأسبوع، حسّبما أفاد به دبلوماسيان ومصدر كبير في إدارة “ترمب”.
صفعة لـ”نتانياهو” !
ومؤخرًا؛ اعتبرت تقديرات إسرائيلية، المباحثات المباشرة بين (حماس) وإدارة الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، والتي أفضت إلى قرار الحركة الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأميركية؛ “عيدان إلكسندر”، بأنها: “صفعة” لرئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية؛ نقلًا عن مصادر مختلفة أن المباحثات التي جرت بين “واشنطن” و(حماس)، لم تكن الحكومة الإسرائيلية مطلعة عليها في أي من مراحلها، كما تخشى أن تكون مقدمة لضغوط إضافية على “إسرائيل”؛ التي أعلنت أنها ستّوسع العملية العسكرية في “قطاع غزة”.
رفض دعم الضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية..
وعلى جانبٍ آخر؛ ووفقًا للدبلوماسيين والمسؤولين الأميركيين، فإن “نتانياهو” يشعر بالإحباط العميق بسبب رفض “ترمب” دعم الضربات العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، فضلًا عن قراره بالسّعي بدلًا من ذلك إلى التوصل إلى اتفاق مع “طهران” يهدف إلى منعها من تطوير أسلحة نووية.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن الإسرائيليون: “قلقون من أي اتفاق”.
وسبق أن أوضحت “إسرائيل”؛ لـ”الولايات المتحدة”، أنها لا تُريد أن يبَّرم “ترمب” اتفاقًا نوويًا يسمح لـ”إيران” بالاحتفاظ بأي قدرة على تخصّيب (اليورانيوم). لكن “ترمب” عبّر عن انفتاحه على السماح لـ”إيران” ببرنامج نووي مدني.
وقال مسؤول أميركي إن فريق الرئيس “ترمب” يتواصل بانتظام مع المسؤولين الإسرائيليين؛ بشأن سيّر المفاوضات مع “إيران”، ويوفر لهم التحديثات وينسَّق بعض عناصر الاتفاق المحتمل.
وقال المسؤولون الأميركيون إن “نتانياهو” عبّر في جلساتٍ خاصة عن اعتقاده بأن مفاوضات “ترمب” مع “إيران”: “مضيعة للوقت”، لأن “طهران” لن تلتزم بأي اتفاق، وفق اعتقاده.
وقف الحملة العسكرية ضد “أنصار الله”..
من جانبٍ آخر؛ كشفت المصادر أن “نتانياهو” يشعر بالصدمة والغضب بعد إعلان “ترمب” وقف الحملة العسكرية الأميركية ضد (الحوثيين)، وذلك بعد أن وافقت الجماعة المدعومة من “إيران” على وقف الهجمات على السفن الأميركية في “البحر الأحمر”.
والثلاثاء؛ زعم “ترمب” إن (الحوثيين): “استسلموا”، وطلبوا من “الولايات المتحدة” وقف الغارات عليهم، مشيرًا إلى أن القصف الأميركي سيتوقف فورًا.
وأضاف أن “الولايات المتحدة” ستوقف قصف (الحوثيين) في “اليمن”؛ بعد أن وافقت الحركة اليمنية المتحالفة مع “إيران” على التوقف عن تعطيل ممرات الشحن المهمة في “الشرق الأوسط”.
لكن الاتفاق بين “واشنطن” و(جماعة أنصار الله)؛ والذي حاء بعد طلب أميركي عبر وساطة عُمانية وليس كما يدعي “ترمب”، لا يشمل “إسرائيل”، إذ استمرت الجماعة في إطلاق الصواريخ، بينما نفذ الطيران الإسرائيلي هجومًا عنيفًا على “مطار صنعاء” ومحطات كهرباء في “اليمن”؛ الأسبوع الماضي.
تراجع عن دعم “إسرائيل”..
واعتبرت صحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية؛ أنه من الواضح أن الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، يقوم بخطوة غير متوقعة، يتراجع فيها عن دعم “إسرائيل”، وتتسبّب بتعزيز موقف (أنصار الله) في “اليمن”، مضيفة أن هذه التحولات تُشيّر إلى إحباط “ترمب” المتزايد تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، أو ربما تعكس تصميمه على تحقيق اتفاق مع “إيران”.
وقالت (هاآرتس)؛ إن “إسرائيل” تتعرض لتهميش واضح في صنَّع القرار، فعلى مدى شهرين، قام “ترمب” بقصف المدن اليمنية مستهدفًا جماعة (أنصار الله)؛ المدعومين من “إيران”، بأكثر من ألف غارة، وهو عدد يفوق الهجمات التي قام بها سلفه “جو بايدن”، لم تحقق أيًا من أهدافها العسكرية أو السياسية، ما دفع “ترمب”، في السادس من آيار/مايو، أن أعلن عن اتفاق مع (الحوثيين)، حيث تم وقف القصف مقابل امتناعهم عن مهاجمة السفن، مشيرة إلى أن وزير الخارجية العُماني؛ “بدر البوسعيدي”، الذي توسط في الاتفاق، أكد أن هذا سيَّساهم في تحقيق سلامة الملاحة للسفن التجارية في “البحر الأحمر”.
تكلفة العمليات العسكرية وتداعياتها..
وتُعتبر تكلفة العمليات العسكرية ضد (الحوثيين)؛ التي تُقّدر بمليار دولار، باهظة للغاية، وعلى الرُغم من الجهود المبذولة، لم تنجح الهجمات في ردع (الحوثيين)، بل زادت من تعقيّد الصراع، في الوقت الذي كان “ترمب” يستّعد للسفر إلى الشرق الأوسط: لـ”تعزيز عمليات السلام”.
وتُشيّر الصحيفة العبرية إلى أن “إيران” جمدّت المحادثات حول برنامجها النووي بعد تحذيرات من وزير الدفاع الأميركي، وفي الرابع من آيار/مايو، تمكن أحد صواريخ (الحوثيين) من اختراق الدفاعات الإسرائيلية، مما أدى إلى رد إسرائيلي عنيف، حيث دمرت “ميناء الحديدة ومطار صنعاء”، مستّطردة: “هذه الأحداث توضح أن الصراع القديم بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة؛ وإيران ووكلائها من جهة أخرى لا يزال مستمرًا، لكن مع تغيّرات ملحوظة في الديناميكيات”.
تجديد العلاقات الدبلوماسية..
ترى الصحيفة الإسرائيلية؛ أنه من الواضح أن “إيران” هي المستَّفيد الأكبر من هذه التحولات، حيث أعلنت عن استئناف المحادثات النووية مع “الولايات المتحدة”، كما تُشيّر التقارير إلى وجود مشروع اتفاق قد يؤدي إلى تجديد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بعد انقطاع دام (45 عامًا).
وتابعت: “إذا تحقق هذا السيناريو، فإن الفرق الفنية ستبدأ في صياغة اتفاق يسمح لإيران بتخصّيب (اليورانيوم)، في الوقت الذي يستّعد فيه ترمب لزيارة المنطقة”.
خارج دائرة صنع القرار..
ولكن ما اعتبرته الصحيفة: “المفاجأة الكبرى” هو تخلي “ترمب” عن “إسرائيل”، فعلى الرغم من أنه بدأ العمليات العسكرية؛ في آذار/مارس، بعد تجدّد هجمات (الحوثيين)، إلا أن الاتفاق لا يضع أي قيود على هجمات (الحوثيين) ضد “إسرائيل”، مما يفتح الباب لمزيد من التصعيد.
وأكدت الصحيفة أن هذه الديناميكيات تُشير إلى إحباط “ترمب” المتزايد، وتظهر كيف أن “إسرائيل” أصبحت خارج دائرة صنع القرار.