23 ديسمبر، 2024 2:30 م

تجاهل الحوثيون .. بـ”اتفاق الرياض” .. هل يجد اليمن طريقه للسلام ؟

تجاهل الحوثيون .. بـ”اتفاق الرياض” .. هل يجد اليمن طريقه للسلام ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة لاقت ترحيبًا دوليًا واسعًا، وقعت الحكومة اليمنية مع المجلس الانتقالي الجنوبي، في العاصمة السعودية، أمس الأول، “اتفاق الرياض”، بحضور ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، وولي عهد “أبوظبي”، الشيخ “محمد بن زايد”، والرئيس اليمني، “عبدربه منصور هادي”.

وأشاد ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، باستجابة الرئيس اليمني لجهود المملكة للتوصل إلى هذا الاتفاق من أجل إحلال السلام في “اليمن”، على حد وصفه، معربًا عن أمله في أن يكون “اتفاق الرياض” بداية الاستقرار والخير في “اليمن”.

وأكد ولي العهد السعودي، الذي تقود بلاده تحالف دعم الحكومة الشرعية في “اليمن”، استمرار جهود بلاده في إحلال السلام في “اليمن”، مشيرًا إلى أهمية التوصل إلى حلول سياسية.

من جانبه؛ اعتبر “أنور قرقاش”، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، “اتفاق الرياض”؛ “يوم تاريخي بمعنى الكلمة”، وعبر عن شكره لـ”الحزم والعزم”، في إشارة إلى العملية العسكرية التي بدأتها “السعودية” بمشاركة بلاده لدعم حكومة “عبدربه منصور هادي”.

ويُمثِّل الاتفاق، الذي أعلن التوصل إليه، قبل أيام، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا، خطوة كبيرة في سبيل إنهاء الصراع المستمر، منذ آب/أغسطس الماضي.

بنود الاتفاق..

وينص الاتفاق على: “توحيد الجهود تحت قيادة تحالف دعم الشرعية، بقيادة السعودية، لإنهاء انقلاب الحوثيين المدعوم من إيران، ومواجهة تنظيمي (القاعدة) و(داعش)”، كما يقضي بـ”مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي”، كما تقرر: “تشكيل حكومة كفاءات لا تتعدى 24 وزيرًا، يعيِّن الرئيس هادي أعضاءها مع رئيس الوزراء والمكوِّنات السياسية، مع منح الجنوبيين 50% من حقائبها، في مدة لا تتجاوز 45 يومًاً من توقيع الاتفاق”.

وبموجب الاتفاق فإن الحكومة اليمنية ستباشر عملها من العاصمة المؤقتة في محافظة “عدن”، جنوبي “اليمن”، خلال مدة لا تتجاوز 7 أيام من توقيع الاتفاق.

وكانت اشتباكات قد وقعت، في آب/أغسطس الماضي، بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيًا، والقوات التابعة للحكومة اليمنية في محافظة “عدن”، وبدأت “السعودية”، التي تقود “تحالف دعم الشرعية” في “اليمن” بمشاركة “الإمارات”، مفاوضات سياسية من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق.

تصحيح العلاقات الداخلية..

وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية، “نبيل عبدالحفيظ”، قال إن: “اتفاق الرياض يحوي نقاط هامة لتصحيح العلاقات الداخلية وترتيب البيت الداخلي؛ فقد أثبتت الفترة الماضية أن هناك خللًا في منهجية عمل الحكومة وقدرتها على إدارة الأطراف الأخرى المساندة لها، والتي كانت تعمل تحت مسمى المقاومة الشعبية، ولكن أتضح أن الكل يعمل بحسب هواه ما أدى إلى تشتت الجهد وهدف استعادة الدولة”.

مضيفًا أنه: “بهذا الاتفاق نكون قد عدنا إلى المسار الصحيح وسيصبح لدينا أمل كبير في إعادة تصحيح العمل من أجل الهدف الرئيس المثمثل في إنهاء الانقلاب الحوثي”.

وأشار إلى أن الاتفاق يشمل إعادة الشراكة بشكل واضح مع المكونات السياسية وترتيب العمل مع الفصائل خارج إطار الحكومة.

المناصفة كانت مطلوبة..

من جهته؛ قال المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، “نزار هيثم”، إن: “كل الأطراف مستعدة لتطبيق بنود اتفاق الرياض في ظل وجود التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات”.

وأشار إلى أن: “هناك ضمانات كافية”، نافيًا: “وجود أي تعقيدات على الاتفاق”.

وأوضح أن: “المناصفة كانت مطلوبة في ظل الحرب التي يشهدها اليمن ووقوعه تحت البند السابع؛ وذلك لوضع الثقة بين الجنوبيين والحكومة اليمنية التي لم تكن جادة في حسم الملفات العسكرية طيلة الأربعة أعوام الماضية”.

الاتفاق على الهيكل معقد..

حول رأي الخبراء، اعتبر “سيرغي سيبروف”، وهو باحث كبير في مركز الدراسات العربية في معهد “الدراسات الشرقية” التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، أن التفاهم المتبادل بين حكومة “هادي” والمجلس الانتقالي هو تقدم كبير لعملية السلام في “اليمن”.

وقال: “الاتفاق على الهيكل معقد إلى حد ما، فهو يتضمن إعادة صياغة الحكومة. ستستند الحكومة الجديدة على الأسهم: 50% للشماليين والجنوبيين. كيف سيتم تحقيق ذلك من الصعب القول الآن. حقيقة أن الأطراف تمكنت من إيجاد التفاهم المتبادل لا يمكن إلا أن نبتهج”.

وأضاف: “بالنظر إلى تفاقم آب/أغسطس، هذا اتفاق رائع”. وقال: “هناك كل الأسباب للإعتقاد بأن السلام سيأتي في اليمن”.

مجرد خطوة أولى..

وقال المستشرق، “يوري زينين”، والباحث في جامعة “إم غي مو”؛ أن: “الحوثيين لم يعترفوا بالاتفاق. والحقيقة هي أن الاتفاق تم توقيعه فقط من قِبل قوى تسيطر على جزء من البلاد. وهو تم بين الحكومة اليمنية في عدن والمجلس الانتقالي. لكن حركة الحوثيين رفضت الإعتراف بهذه المعاهدة ولم توقع عليها. لذلك ، من السابق لأوانه الحديث عن السلام الذي طال انتظاره في اليمن. هذه مجرد خطوة أولى ، إذا جاز التعبير”.

وفي حديثه عن إمكانية الحفاظ على السلامة الإقليمية لـ”اليمن”، أكد “زينين”: “بالتأكيد لن ينفصل الجنوب الآن. وهذا يعني أن الأمل في الحفاظ على السلامة الإقليمية لليمن أصبح حقيقة متزايدة. يبقى أن نتوقع أن يكون الحوثيين جاهزين للمفاوضات وأي إجراءات ملموسة”.

مرحلة جدية فى تاريخ اليمن..

من جهته؛ أكد المحلل السياسي السعودي، “مبارك العاتي”، أن: “اتفاق الرياض يمثل مرحلة جديدة في تاريخ اليمن عنوانها الأمن والاستقرار في ربوع البلاد”.

ولفت إلى أن: “اتفاق الرياض سينقل العمل السياسي في اليمن إلى مرحلة جديدة من الوئام وإيقاف الإقتتال الداخلي وتوحيد الجهود بين كافة الأطراف اليمنية للتفرغ لتحرير باقي الأراضي اليمنية”.

وقال إن: “السعودية تملك القدرة السياسية والعسكرية لضمان تنفيذ الاتفاق في ظل تمتعها بعلاقات تاريخية مع كل الأطراف اليمنية مكنتها من كسب ثقتهم”، مضيفًا أن: “الرياض تملك القدرة على الضغط على كل الأطراف لتنفيذ الاتفاق، بالإضافة إلى قيادتها للتحالف العربي”.

الاتفاق ضمانة بحد ذاته..

كما اهتمت الصحف العربية بذلك الاتفاق، فتقول جريدة (اليوم) السعودية في افتتاحيتها إنه: “بقراءة فاحصة لما جاء في بنود اتفاق الرياض، بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي … يمكن القول بطمأنينة وثقة إنه يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والشراكة وتوحيد كافة الجهود المطروحة والبدء في عمليات التنمية والبناء”.

وتضيف الصحيفة السعودية: “الاتفاق أكد على حقوق المواطنة الكاملة وإحتواء التمييز المذهبي والمناطقي ووقف كافة الحملات الإعلامية التي أساءت للجهود الموضوعة لإنهاء الانقلاب الحوثي ومواجهة التنظيمات الإرهابية، كما أن الاتفاق ينص صراحة على مشاركة المجلس الانتقالي في وفد الحكومة لمشاورات الحل النهائي، وتلك خطوة عملية وفاعلة سوف تفعل عمليات التنمية والبناء في اليمن”.

وتتابع: “اتفاق الرياض يشكل في حد ذاته ضمانًا لتنفيذ الاتفاق الذي تصب تفاصيله وجزئياته في قنوات دعم الشرعية والشروع في بناء مؤسسات الدولة اليمنية وإحتواء الإرهاب المتمثل في الميليشيات الحوثية وأعوانها، ووضع حدود فاصلة لتدخل النظام الإيراني في الشأن اليمني”.

وفي السياق ذاته؛ تقول جريدة (الاتحاد) الإماراتية في افتتاحيتها: “الأهم في (اتفاق الرياض) التاريخي … محافظته على عروبة اليمن، وإجهاضه المشاريع الدخيلة التي تستهدف النيل من الأمن القومي العربي والخليجي”.

وتضيف أن الاتفاق “يفرض على جميع الأطراف اليمنية تغيير منهجها، والإبتعاد عن البحث عن المصالح الذاتية، والعمل الجاد لاستعادة اليمن الذي يتسع لكل أبنائه”.

الحاكم بأمره يوجه مستخدميه..

أما “عبدالله علي صبري”، فيقول في جريدة (الثورة) اليمنية: “لم يعد هناك شرعية ولا قضية جنوبية بين أطراف الاتفاق، والأسوأ أنه لم يعد هناك وطن حر مستقل، وإنما حاكم بأمره يوجه مستخدميه فيطاع، وما أكثر الفراشين على باب أمراء النفط، وإن تدثروا لباس السلطة وزي المسؤولين”.

مضيفًا: “لا يبدو أن الاتفاق قابل للتطبيق على النحو المعلن. وبرغم أن بنوده بدت متوازنة إلا أن التوازن الظاهري كان نتاج تفاهم (سعودي-إماراتي)، وبهدف تحرير النزاع بين دولتي العدوان والاحتلال، أما المرتزقة فلا ضير إن اختلفوا وتصارعوا مجددًا، فذلك هو المطلوب لتفعيل الرعاية والوصاية السعودية”.

ويتابع: “إن عادت الحكومة المرتقبة إلى عدن، فستواجه ذات الإشكاليات القديمة، ولن يلبث الوقت طويلًا حتى نرى تنافسًا محمومًا حول المحاصصة والقرارات الرئاسية، أما حين يطالب المواطن بإنجازات على أرض الواقع، فالرد سيكون جاهزًا على شاكلة أن الحكومة لا تستطيع إنجاز مهامها تحت هراوة سلطة الأمر الواقع، وسيغدو السفير السعودي الحاكم بأمره في عدن يشترط على هذا الطرف ويهدد ذاك ويغازل شخصيات وأطراف أخرى، وكأن اليمن ضيعة من ممتلكاته”.

ويختتم “صبري” بالقول إن: “مسار التفاوض لن يصل غايته إلا إذا فقه السعودي أن لا مناص من سحب وصايته على اليمن، وأن عليه من الآن وصاعدًا أن يتعامل مع يمن مختلف لا مكان فيه لبيع السيادة والتفريط بالكرامة والاستقلال، أما إن أراد أن يبقى شريكًا لليمن الجديد فعليه من الآن أن يستعد لدفع ثمن ما إرتكبه من جرائم وحماقات ظن يومًا أنه بمعزل عن تبعاتها”.

إعادة الإعمار أفضل..

وفي سياق متصل، يقول “نبيل محمد العمودي”، في جريدة (عدن الغد) اليمنية: “تحررت أراضينا وهللنا وكان لكل شيء أن يسير بشكل جميل كما كنا نرغب، لو أن قوات التحالف ساعدت في إعادة إعمار ما حررته من المناطق ولو أنها وفرت كل الخدمات والمتطلبات الإنسانية والمعيشية ولو أنها أقامت نظامًا تعليميًا وأعادت تأهيل الأجيال الذين تشوهت مفاهيمهم بسبب الأزمة في الدولة منذ العام 2011”.

ويتابع: “فحتمًا إن كانت الأوضاع قد تحسنت في المناطق التي حررها التحالف لكان الأهالي الرازحون تحت سيطرة ميليشيات الكهوف والتخلف أفاقوا من رضوخهم وانتفضوا..ولكن ما الذي حدث ؟.. قدمت المناطق المحررة نموذجًا سيئًا للغاية فأصبح الأمر بالنسبة للناس سيان لا فرق أن يعيش الذل تحت متخلف وعدو جاء يغتصب حقه ويعيده إلى قرون سحيقة أو صديق تحت أي سبب خبط عليه أموره وأظهر عجزه وفشله وبدا الصديق إما غير قادر أو غير مهتم بحياة الناس التي تحولت إلى كابوس مرعب وخوف من كل شيء”.

ويقول: “يتم التوقيع بين طرفين تركا الحوثي في مأمن و ذهبا للتنازع والتصادم ضد بعضهما، وبغض النظر عن حقوقية قضية الجنوب وحتمية استعادة الدولة، ولكن الوقت لم ينضج بعد لبحث هذه القضية المصيرية”.

ويضيف: “فعلى عاتق ومسؤولية أولئك الذين ورطونا في حرب بدأت ذات هدف عظيم قدمنا أولادنا إلى مقدمة الجبهات ونحن فخورون بذلك، حرب تحولت عبثية حيث لم يتم حسمها وهم كانوا قادرين على ذلك … [أن] يبدأوا في محاربة الفاسدين”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة