تتوقف على تفاهمات “سعيد” مع المعارضة .. تنصيب “بودن” يدخل تونس مرحلة جديدة !

تتوقف على تفاهمات “سعيد” مع المعارضة .. تنصيب “بودن” يدخل تونس مرحلة جديدة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة تستهدف إنهاء الانقسام التونسي، بسبب التأخير في اتخاذ خطوات جديدة تساهم في حلحلة الوضع القائم، عين الرئيس، “قيس سعيد”، “نجلاء بودن”، لرئاسة الحكومة الجديدة، مشددًا على أهمية تكوين فريق الحكومة الجديدة بسرعة فائقة.

وكلف الرئيس التونسي، “قيس سعيد”، السيدة “نجلاء بودن رمضان”، بتشكيل الحكومة الجديدة، على أن يتم ذلك في أقرب وقت، وفق بيان صادر عن الرئاسة التونسية.

وقال “سعيد” في كلمته لـ”بودن”: “قررت تكليفكم بتشكيل حكومة جديدة، وسيكون هذا لأول مرة في تاريخ تونس، لأول مرة امرأة تتولى رئاسة حكومة، وسنعمل معًا في المستقبل بإرادة وعزيمة ثابتة، للقضاء على الفساد، وللقضاء على الفوضى التي عمت في المؤسسات”.

وأكد “سعيد”؛ أن: “هناك صادقون يعملون ليلاً ونهارًا، ولكن هناك من هم على نقيض هؤلاء، يعملون على إسقاط الدولة”.

تشكيل حكومة متجانسة تحارب الفساد..

من جهتها؛ أكدت “نجلاء بودن”، المكلفة بتشكيل الحكومة الجديدة، أنها ستعمل على تشكيل حكومة متجانسة، لمواجهة الصعوبات الاقتصادية، ومحاربة الفساد فى البلاد، مشيرة إلى أنها ستعمل على تلبية مطالب التونسيين المتعلقة بحقوقهم الطبيعية فى النقل والصحة.

وتوالت ردود الأفعال ما بين أغلبية مؤيدة، وقلة معارضة لتلك الخطوة، فقال المكلف بالإعلام باتحاد الشغل التونسي، “غسان كسيبي”: “إرتياح لاختيار امرأة كرئيسة حكومة، ولكن الخيارات هي التي تُحدد طبيعة المرحلة المقبلة”.

كما عبّر “سمير الشفي”، الأمين العام المساعد لـ”الاتحاد العام التونسي للشغل”، عن إرتياح المنظمة: ”لتكليف شخصية بتشكيل حكومة، وهو ما يُعدّ مؤشرًا إيجابيًا في حد ذاته”، وفق تعبيره.

وتابع “الشفي”: ”كما نسجل بإرتياح تكليف رئيسة حكومة امرأة.. في ذلك رسالة قوية جدًا للمرأة التونسية في أن تتحمل مسؤولية على رأس الدولة”.

ومن ناحيته؛ أكد رئيس حزب (المسار)، “فوزي الشرفي”، إعتزاز حزبه بتكليف امرأة بقيادة الحكومة الجديدة في “تونس”، وهي سابقة في “تونس” وفي العالم العربي، وفق تعبيره.

وبّين “الشرفي” أن هذه الخطوة، التي أقرها رئيس الجمهورية؛ تُمثل نقطة إيجابية في مجال تكريس حقوق المرأة، وتفعيل الدور الريادي لـ”تونس” في الدفاع عن حقوق المرأة واستثمار كفاءاتها.

وعبر “الشرفي” عن أمله في نجاح رئيسة الحكومة المكلفة، “نجلاء بودن رمضان”، في قيادة الحكومة في هذا الظرف الصعب؛ الذي تمر به البلاد اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا.

حكومة إنقاذ..

ودعا أمين عام حزب (المسار) إلى أن تكون حكومة “بودن”، حكومة إنقاذ؛ تُشكل من كفاءات قادرة على إنقاذ البلاد وتمكينها من تجاوز المشاكل التي تعيشها.

ويقول “أنور بن الشاهد”، عضو حزب (التيار الديمقراطي) والنائب في البرلمان، الذي تم تجميد عمله، إن تعيين رئيس حكومة هو في حد ذاته أمر جيد، وتعيين امرأة هو أمر إيجابي، مضيفًا: “في كل الحالات؛ هذا أفضل من لا شيء”.

وأوضح “بن الشاهد”، لوكالة (سبوتنيك)، أن هناك تشابهًا بين “بودن” والرئيس السابق للوزراء، “هشام المشيشي”، حيث يقول: “السمات العامة لها؛ تشبه لحد كبير السمات العامة للمشيشي”، مضيفًا: “سيكون عليها التحرر من هذا الأداء الإداري للبحث عن حلول غير تقليدية لها بُعد سياسي، وعدم الإكتفاء بإدارة الشؤون اليومية للحكم”.

رسالة للداخل والخارج..

أما “علي الطياشي”، النائب في البرلمان المجمد عن الحزب (الدستوري الحر)، فيرى أن هذا التعيين تأخر كثيرًا، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، مضيفًا: “تعيين امرأة في هذا المنصب أمر جدير بالاهتمام؛ ويُمثل تكريمًا للمرأة واعتراف بكفاءتها لهذا المنصب”.

وعن قدرة رئيس الحكومة الجديدة على تخطي الأزمات الحادة التي تعيشها البلاد، أوضح “الطياشي” أن “بودن”، لا تبدي أي توجه أو ميول سياسية؛ وهو ما يعني أن الحكم عليها سيكون عبر أعضاء حكومتها وطريقة إدارتها للبلاد، خاصة من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية.

وأوضح “الطياشي” أن اختيار “بودن” يُمثل رسالة للداخل والخارج وإلى الدول الغربية، التي تولي اهتمامًا كبيرًا بمثل هذه المسائل.

ويؤكد: “تعيين رئيسة للحكومة؛ وحده ليس أمرًا كافيًا لحل الأزمة السياسية التي تعيشها تونس، فالحل هو: مسار كامل ومتكامل، يتعلق أولاً بمصير البرلمان وبخارطة طريق سياسية واضحة تقود إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة مع تحديد السقف الزمني للأمر (117)، وطرح مسألة التعديلات الدستورية لنقاش واسع لا يتضمن إقصاء أطراف أو منظمات لبحث القانون الانتخابي”.

موضحًا أن: “الرؤية ضبابية؛ خاصة بعد تعليق العمل بثمانية أبواب من الدستور، منها ما يتعلق بالحكومة وما يفهم من الأمر (117)؛ أن الرئيس، قيس سعيد، سيكلف لجنة بصياغة قانون انتخابي جديد، وهو ما يعني أنه لا يمكن الدعوة لانتخابات جديدة قبل الفراغ من إعداده”.

استكمال للانقلاب..

فيما قال النائب بالبرلمان المجمد عن حزب حركة (النهضة)، “ماهر المذيوب”: “أي حكومة ديمقراطية منتخبة؛ يجب أن تحصل على ثقة مجلس النواب طبقًا لأحكام الدستور”.

وقال “المذيوب”: “نريد عودة المؤسسات الدستورية وتجميد كل القرارات اللادستورية وعودة الأمل التونسيين في أقرب وقت ممكن”.

كما هاجم حزب (العمال) التونسي؛ تكليف الرئيس، “قيس سعيد”، أمس، “نجلاء بودن”، لرئاسة الحكومة التونسية الجديدة.

وقال “حمة الهمامي”، أمين عام حزب (العمال): “إن حكومة بودن؛ صنيعة قيس سعيد وهي استكمال للانقلاب”.

وأكد “الهمامي”؛ أن “سعيد”: “تعسّف على الفصل (80)؛ ووضع نظامًا مؤقتًا للسلطة”.

وتعجب أمين عام حزب (العمال) التونسي؛ من جمع رئيس الجمهورية لجميع السلطات، مشددًا على: “أننا ذاهبون من منظومة (النهضة) الفاسدة إلى منظومة الديكتاتورية”.

وتابع: “حكومة بودن؛ هي حكومة الانقلاب وستكون مجرد موظفة لدى رئيس الجمهورية؛ على اعتبار أنه هو من سيعيّن الوزراء وكتّاب الدولة”.

ولفت “حمة الهمامي” إلى أن معارضة قرار، “قيس سعيد”: “لا تعني بالضرورة الوقوف إلى جانب حركة (النهضة)”، مؤكدًا ضرورة تأسيس جبهة معارضة جديدة بعيدًا عن الاستقطاب الثنائي: “قيس سعيد-النهضة”.

نجاحها مرهون بتفاعل الرئيس مع المعارضة..

واعتبر المحلل السياسي التونسي، “كمال بن يونس”، أن هذا القرار هو: “قرار سياسي رمزي؛ ونجاح بودن يبقى رهن تفاعل الرئيس مع مطالب المعارضة والمجتمع المدني والنقابات، التي توجه له اتهامات باحتكار كل السلطات”، مضيفًا: “نجاحها يرتبط بالسماح لها بتنظيم حوارات مع النقابات والأحزاب والمعارضة”.

وعن مصير “مجلس النواب”، قال “بن يونس”: “قيس سعيد؛ قد يضطر للإعلان عن انتخابات مبكرة إذا استمرت الاحتجاجات والضغوط الداخلية والخارجية، خاصة أن المعارضة تطالب بأن تكون الانتخابات برلمانية ورئاسية، بينما يقول البعض إنها يمكن أن تكون برلمانية فقط، بينما يدعو غالبية أعضاء البرلمان لاستئناف عمله”.

يسعى لامتصاص غضب الشارع..

وفي حديثها لـ (سكاي نيوز عربية)؛ تُشير الباحثة التونسية، “رباب علوي”؛ إلى أن اختيار “نجلاء بودن”، يُعتبر اختيارًا إستراتيجيًا لسببين: “السبب الأول يتمثل في رمزية التعيين، فلأول مرة تترأس امرأة الحكومة التونسية، بينما  السبب الثاني يكمن في خلفية، نجلاء بودن، الخالية من السياسة، فطيلة العشر سنوات الأخيرة سئم التونسيون الساسة والأحزاب السياسية، التي لم تنجح في إخراج تونس من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية؛ بل تفاقمت البطالة وعم الفقر وانتشر الفساد، ومن خلال تعيين امرأة أكاديمية، يسعى الرئيس، قيس سعيد، إلى امتصاص غضب الشارع التونسي”.

وتتابع الباحثة التونسية: “تستجيب رئيسة الحكومة الجديدة إلى الشروط التي وضعها الرئيس؛ من حيث الكفاءة والخلو من شبهات الفساد، وربما يعود تعيين امرأة إلى الرغبة في الخروج من حالة الصدمة التي عاشها الرئيس بعد تعيينه لرئيس الحكومة، هشام المشيشي، والذي تحالف مع حركة (النهضة) وحزب (قلب تونس) ضده”، لطالما تحدث الرئيس التونسي عن هذه: “الصدمة”؛ ووعد بتعيين شخص: “صادق يستجيب لتطلعات الشعب التونسي، لذلك سيكون من الصعب على حركة (النهضة) استقطاب رئيسة الحكومة الجديدة، نظرًا لقربها من الرئيس وبُعدها عن عالم السياسة”.

تطهير مؤسسات الدولة..

ويقول الخبير الاقتصادي التونسي، “حسن بالي”، إن “بودن”؛ هي أول سيدة ترأس الحكومة في تاريخ البلاد، مشيرًا إلى أنها أستاذ تعليم عالي بالمدرسة “الوطنية للمهندسين”، كما أنها تشغل حاليًا منصب مكلفة بـ”برنامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي”.

ويوضح “بالي”؛ أن “بودن”؛ باعتبارها رئيسة للحكومة المقبلة، متوقع منها أن تكون على قدر عالي من المسؤولية والكفاءة لمعالجة الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد واختيار مسؤولين من أصحاب الكفاءات لتولي المهام الصعبة.

ويقول “بالي”؛ إن هناك مجموعة من التحديات تواجه الحكومة المقبلة في “تونس”، مشيرًا إلى أن الرئيس قد أوضح هذه المهام في حديثه مع “بودن”؛ عقب قرار تكليفها، موضحًا أن ملف مكافحة الفساد وتطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين، وكذلك اتخاذ إجراءات عاجلة لضبط منظومة الاقتصاد، ستكون بلا شك على رأس أولويات الحكومة.

مرحلة انتقالية مفصلية..

ويُشير “بالي” إلى أن “تونس” تمر بمرحلة انتقالية مفصلية في تاريخها، لكنها يعول في الوقت ذاته على الصلاحيات الممنوحة لرئيسة الوزراء وحكومتها، للتعامل مع الأوضاع الراهنة والبدء بشكل عاجل في إقرار منظومة للإصلاح الاقتصادي والمالي وتنمية الإنتاج المحلي، ومراقبة الفساد وتعقب الفاسدين.

ويؤكد “بالي” على ضرورة أن تلتزم الحكومة باتفاقياتها مع الدول المانحة والمستثمرين و”صندوق النقد الدولي”؛ والإلتزام بالإجراءات الصحيحة لضمان تعافي الاقتصاد بأقصى سرعة ممكنة، لأن منظومة الاقتصاد ستؤثر بدورها على كافة الأوضاع داخل البلاد.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة