خاص: كتبت- نشوى الحفني:
في خطوة تأخرت كثيرًا؛ تبّنى “مجلس الأمن الدولي” مشروع قرار أميركي يدعو لوقف إطلاق النار في “غزة”؛ وتطبيق غير مشّروط للصفقة بين قوات الاحتلال الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية، لتبادل الأسرى والرهائن.
واعتمد “مجلس الأمن”؛ القرار الأميركي، بموافقة: (14) دولة وامتناع دولة واحدة عن التصّويت.
وامتنعت “روسيا” عن التصّويت على مشروع القرار الأميركي؛ بشأن التهدئة في “قطاع غزة”.
وأعلنت “الولايات المتحدة”؛ أنها طلبت من “مجلس الأمن الدولي” التصّويت على مشروع قرار يدعو “إسرائيل” وحركة (حماس) إلى أن يلتزما: “من دون تأخير”، بتطبيق مقترح لوقف إطلاق النار في “غزة”، من دون أن تُحدد موعدًا لجلسة التصّويت.
وقال المتحدث باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة؛ “نيت إيفانز”، في بيان: “دعّت الولايات المتحدة مجلس الأمن إلى الذهاب للتصّويت على مشروع القرار الأميركي.. الداعم للمقترح”؛ الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، منذ أيام.
وكان الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، قد قدم خطة للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى بين “إسرائيل” و(حماس) وإنهاء الحرب في “قطاع غزة”، وذلك في خطاب ألقاه يوم 31 آيار/مايو الماضي، عرض خلاله مقترحًا إسرائيليًا بهذا الشأن، مكونًا من (03) مراحل.
استعداد للمشاركة..
وتعليقًا على تبنّي المجلس للقرار؛ قالت (حماس)، في بيان، إنها مسّتعدة للمشاركة مع الوسّطاء في مفاوضات غير مباشرة لتنفيذ الإجراءات التي وافق عليها “مجلس الأمن”؛ التابع لـ”الأمم المتحدة”، مثل الانسّحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من “قطاع غزة”، وتبادل المحتجزين وإعادة الإعمار وعودة النازحين إلى مناطق إقامتهم، ورفض أي تغيّير أو تقليّص ديمغرافي في مساحة “قطاع غزة”، وإدخال المساعدات اللازمة إلى سكان القطاع.
الاستمرار في الحرب..
علق الاحتلال الإسرائيلي على موافقة “مجلس الأمن الدولي”، على مشروع القرار الذي قدمته “الولايات المتحدة”؛ بشأن وقف إطلاق النار في “غزة”.
وقالت ممثلة الاحتلال الإسرائيلي في مجلس الأمن؛ “جلعاد أردان”، إذا أطلقت حركة (حماس) سّراح الرهائن فلا حاجة لإطلاق أي رصاصة أخرى.
وأضافت ممثلة “إسرائيل” لدى “مجلس الأمن”، أن (حماس) ترفض إطلاق سراح الرهائن بالطرق الدبلوماسية، لافته إلى أن (حماس) هي التي تمنع التوصل إلى نهاية هذه الحرب؛ ويجب الضغط على (حماس).
وأشارت “أردان” إلى أن “إسرائيل” ستستمر في الحرب؛ حتى إعادة جميع الرهائن وتفكيك القدرات العسكرية لـ (حماس)، مشُّددة على أنه لن نسمح لـ (حماس) بإعادة تجميع قدراتها.
وقالت إن “إسرائيل” لن تدخل في مفاوضات لا معنّى لها يمكن أن تسّتغلها (حماس) في المماطلة.
نوايا أميركية غامضة !
طالما طالبت “روسيا”؛ في مناسباتٍ عديدة، بوقف إطلاق النار في “قطاع غزة”، واستخدمت سياسة الإدانة الواضحة والاستّنكار للسياسة الإسرائيلية في “غزة”، كما أنها لم تُّدن هجمات “المقاومة الفلسطينية” على “إسرائيل” والجيش الإسرائيلي، لكن مع ذلك لم يّرق لها مشروع القرار الذي سّعت له “واشنطن” بشكلٍ استثنائي رُغم استخدامها حق النقض؛ (الفيتو)، في أكثر مناسبة ضد قرار وقف إطلاق النار في المجلس.
جاء تبرير “روسيا” على الامتناع عن التصّويت، بإلماح مندوب “روسيا” الدائم لدى الأمم المتحدة؛ “فاسيلي نيبينزيا”، إلى نوايا أميركية: “غامضة” من القرار، الذي اتهمتها بمحاولة إقراره في وقتٍ خرجت فيه بمقترح: “غير واضح” بشأن صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار.
وقال مندوب “روسيا”؛ إن المقترح الذي قدمه الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، من أجل وقف إطلاق النار في “غزة”، وحاز على قبول “إسرائيل”، لم توضح الإدارة الأميركية بعد ملامحه وبنوده ولا طبيعة البنود التي لاقت قبول “إسرائيل”، رُغم معارضتها سابقًا لجميع المقترحات السابقة لوقف إطلاق النار وإتمام صفقة الأسرى.
وصرح المندوب الروسي؛ أن “موسكو” لديها تساؤلات بشأن القرار الأميركي، الذي لم يحّظ بموافقة رسّمية من “إسرائيل”، مشيرًا إلى أن القرار يأتي في ظل خروج المسؤولين الإسرائيليين بتصريحات أكدوا فيها علانية على استمرار الحرب لحين القضاء على حركة (حماس) بشكلٍ كامل.
ولم تتضح بعد كافة تفاصيل صفقة الأسرى التي قدمتها “واشنطن”، في ظل عدم تضمن المقترح بنودًا واضحة لوقف الحرب وانسّحاب القوات الإسرائيلية من “قطاع غزة”، وهو ما علقت عليه “موسكو” بالقول إن “مجلس الأمن” وأعضائه لا يملكون معلومات عن الشكل النهائي لمقترح تبادل الأسرى، واصفًا الأمر: بـ”السمك في البحر”.
قرار مُلزم للطرفين..
وقال أستاذ القانون الدولي؛ الدكتور “صلاح الطحاوي”، إن قرار “مجلس الأمن”؛ الذي يُعتبر الجهاز التنفيذي لـ”الأمم المتحدة”، بشأن وقف إطلاق النار في “قطاع غزة”، مُلزم للطرفين سواء “إسرائيل” أو حركة (حماس)، وذلك وفقًا للفصل السابع من “ميثاق الأمم المتحدة”.
وأوضح “الطحاوي”؛ لـ (24)، أنه وفقًا لـ”ميثاق الأمم المتحدة”، فإن قرارات “مجلس الأمن” الصادرة بموجب الفصل السابع، تُعد مُلزمة قانونًا لجميع الدول الأعضاء، وأن الامتثال لها يُشكل واجبًا يقع على عاتق الجميع دون استثناء، ولا سيما الأطراف المتنازعة، داعيًا “إسرائيل” وحركة (حماس) والفصائل الفلسطينية الأخرى لتنفيذ القرار، والالتزام الصّارم بوقف شامل لإطلاق النار وكل الأعمال العدائية.
وأوضح الدكتور “صلاح الطحاوي”؛ أن “إسرائيل” ربما تتجه للالتزام بهذا القرار، لأنه مُّقدم من “الولايات المتحدة”، ولكن مع ضمان شروط عدم الهجوم من قبل حركة (حماس) والاتجاه لتحرير باقي الرهائن.
استخدام القوة العسكرية..
وأوضح أستاذ القانون الدولي؛ “الطحاوي”، أنه في حالة امتناع “إسرائيل” عن تنفيذ قرار “مجلس الأمن” سيتم تنفيذ البند السابع من “ميثاق الأمم المتحدة”، ويتم استخدام القوة العسكرية لتنفيذ هذا القرار من خلال إرسال قوات أممية تعمل على تنفيذ القرار في حالة وصول الوضع إلى حالة كارثية.
وأشار “الطحاوي” إلى أن التهدئة؛ وإن كانت ضرورية، إلا أنها تظل حلاً مؤقتًا ما لم تقتّرن بخطوات عملية لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع، وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي وسياساته الاستيّطانية والتوسّعية وممارساته القمعية المنهجية بحق الشعب الفلسطيني.
تكثيف الجهود الدبلوماسية..
وتوقع “الطحاوي”؛ تكثيف الجهود الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة لإيجاد حل سياسي نهائي وشامل لـ”القضية الفلسطينية”، وفق قرارات الشّرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصّير، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيّادة على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967؛ وعاصمتها “القدس الشرقية”، كمدخل رئيس لتحقيق الاستقرار والرخاء لجميع شعوب المنطقة، وذلك بعد اعتراف (03) دول أوروبية بـ”الدولة الفلسطينية”.
منذ اندلاع الحرب في “قطاع غزة”؛ في الـ 07 من تشرين أول/أكتوبر الماضي، أصدر “مجلس الأمن الدولي”: (03) قرارات بشأن الحرب ووقف إطلاق النار في “قطاع غزة”، لكن جميعها لم تدخل حيّز التنفيذ، وكان آخرها قرار رقم (2728)؛ وهو القرار الثالث منذ الحرب، والذي كان لافتًا للنظر فيه عدم استخدام “الولايات المتحدة” لحق النقض الذي استخدمته مِرارًا ضد قرار وقف إطلاق النار، لكنها عوضًا عن ذلك امتنعت عن التصّويت.
وطالما ردت “إسرائيل” على جميع قرارات “مجلس الأمن” بأنها ليست مُلزمة لها، وأن حربها مستمرة من أجل تحقيق أهدافها المُّعلنة متمثلة في القضاء على حركة (حماس)، واستعادة الأسرى المحتجزين، وكان أكثر تلك القرارات إثارة لغضب “تل أبيب”؛ ذلك الذي لم تستخدم فيه “الولايات المتحدة” حق النقض.