خاص : كتبت – نشوى الحفني :
مازالت تداعيات زيارة رئيسة النواب الأميركي؛ “نانسي بيلوسي”، لـ”تايوان”، مستمرة، حيث علّقت “الصين”؛ أمس الجمعة؛ التعاون مع “الولايات المتحدة” في مجموعة من القضايا الأساسية؛ بما في ذلك تغيّر المناخ، في قرار اعتبرته “واشنطن”: “غير مسؤول”، داعية “بكين” إلى وقف المناورات العسكرية في محيط “تايوان” لتهدئة الوضع.
وبعد أيام على زيارة رئيسة “مجلس النواب” الأميركي؛ “نانسي بيلوسي”، لـ”تايوان”، قالت “وزارة الخارجية” الصينية إن: “بكين ستعلّق المفاوضات (الصينية-الأميركية) بشأن التغير المناخي، وتلغي لقاء بين مسؤولين عسكريين، فضلاً عن اجتماعين حول الأمن”.
ولامت “الخارجية الصينية”؛ “بيلوسي” على تعاملها: بـ”إزدراء” مع موقف “الصين” المعارض لزيارتها “تايوان”، وقد تعهّد أكبر بلدين مسببين للتلوث في العالم العام الماضي العمل معًا لتسريع التحرّك من أجل المناخ خلال العقد الحالي، وأكدا بأنهما سيعقدان اجتماعات دورية “للتعامل مع أزمة المناخ”، وكشفت “الخارجية الصينية” أيضًا عن تعليق التعاون القائم في مجال إعادة المهاجرين غير النظاميين والجرائم العابرة للحدود والشؤون القضائية.
خطوة غير مسؤولة..
واعتبر “جون كيربي”؛ الناطق باسم “البيت الأبيض” المعني بالأمن القومي؛ أن تعليق الحوار حول التغير المناخي: “خطوة غير مسؤولة بالكامل”، وقال: “يعتقدون أنهم يُعاقبوننا بإغلاق هذه القناة”، مضيفًا: “إنهم في الواقع يُعاقبون العالم بأسره لأن أزمة المناخ لا تعترف بالحدود الجغرافية”، مشددًا على أنها: “حقًا أزمة عالمية ووجودية”.
وتابع: “أكبر مصدر للانبعاثات في العالم يرفض حاليًا الانخراط في خطوات أساسية ضرورية لمكافحة أزمة المناخ التي تؤثر في الواقع على شركائنا من خلال ارتفاع مستوى مياه البحر في جزر المحيط الهاديء ومن خلال الحرائق في مختلف أنحاء أوروبا”.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة؛ “أنطونيو غوتيريش”، أن: “من المستحيل حلّ المشاكل الأكثر إلحاحًا، على غرار الاحترار المناخي العالمي من دون حوار فاعل بين الصين والولايات المتحدة”، وفق ما صرّح أمس متحدث باسمه.
وقف المناورات العسكرية..
وكذلك دعت “الولايات المتحدة”؛ “الصين”، إلى وقف المناورات العسكرية التي أطلقتها منذ زيارة؛ “بيلوسي”، وقال “جون كيربي”: “يمكن للصينيين القيام بالكثير لخفض التوتر من خلال وقف مناوراتهم العسكرية الاستفزازية وتهدئة اللهجة”.
استدعاء السفير الصيني..
ونظّمت “الصين” أوسع مناورات عسكرية بالقرب من “تايوان”، حاشدة لها طائرات وسفنًا حربية، تواصلت لليوم الثاني على التوالي، وندّدت “تايبيه” بهذه المناورات التي تقوم بها: “جارة تضمر لها الشرّ”، واستدعى “البيت الأبيض” السفير الصيني في “واشنطن” احتجاجًا على السلوك: “غير المسؤول” للصين إزاء “تايوان”، وصرّح “جون كيربي”: “نشجب العمليات التي تُنفذها الصين؛ والتي هي غير مسؤولة ومخالفة لهدفنا القاضي بالحفاظ على السلم والاستقرار في مضيق تايوان”.
وردًّا على هذا الإجراء، قال وزير الخارجية الصيني إنه: “من عادة الولايات المتحدة أن تُحدث مشاكل ثم تسخّر هذه المشاكل لبلوغ مآربها”، وأكّد أن: “هذه الوسيلة لا تؤتي أكلها مع الصين”، ومن المتوّقع أن تتواصل المناورات العسكرية حتّى ظهر غدًا الأحد.
إدانة لعبور الخط الأوسط لـ”مضيق تايوان”..
وقالت “وزارة الدفاع” التايوانية في بيان: “منذ الساعة الحادية عشرة، أجرت مجموعات عدة من طائرات حربية وسفن حربية صينية تدريبات حول مضيق تايوان وعبرت الخط الأوسط للمضيق”، وأوضحت في بيان لاحق بأن: 68 طائرة صينية مقاتلة و13 سفينة حربية عبرت؛ (الخط الأوسط)، الواقع على طول “مضيق تايوان”؛ خلال مناورات أمس.
وقالت الوزارة: “نُدين الجيش الشيوعي لعبوره المتعمّد الخط الأوسط للمضيق وقيامه بمضايقات في البحر والجو في محيط تايوان”، وذكرت شبكة (سي. سي. تي. في) الرسمية؛ أن الصواريخ الصينية حلّقت مباشرة فوق “تايوان”، ولم تؤكّد “تايبيه” هذا الخبر.
وقال رئيس الوزراء التايواني؛ “سو تسينغ-تشانغ”، للصحافيين: “لم نتوقع أن يستعرض الجار الخبيث قوّته على عتبتنا وبأن يعرّض إلى الخطر بشكل تعسفي الممرات المائية الأكثر انشغالاً في العالم عبر تدريباته العسكرية”.
احتجاج دبلوماسي ياباني..
وتقدّمت “اليابان” باحتجاج دبلوماسي رسمي ضد “بكين”؛ إذ يُعتقد أن: 05 من الصواريخ سقطت في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة إليها، وقالت “بيلوسي”؛ من “طوكيو”، المحطّة الأخيرة من جولتها الآسيوية التي أثارت ضجّة كبيرة، إن: “الولايات المتحدة لن تسمح للصين بعزل تايوان”، مؤكّدة أن زيارتها: “لا ترمي إلى تغيير الوضع القائم هنا في آسيا عمومًا؛ وفي تايوان خصوصًا”.
انتهاك لسيادة “الصين”.. فرض عقوبات على “بيلوسي” وأسرتها..
وبالنسبة إلى “الصين”؛ التي تعتبر “تايوان” جزءًا من أراضيها، شكّلت زيارة “بيلوسي”؛ التي تتبوّأ ثالث أعلى منصب في الدولة الأميركية، استفزازًا كبيرًا، وقالت “الخارجية الصينية” إن: “بيلوسي؛ تدّخلت تدّخلاً فاضحًا في الشؤون الداخلية الصينية، منتهكة سيادة الصين ووحدة أراضيها”.
وأضافت: “هذا يقوض بشكل خطير سيادة الصين وسلامة أراضيها؛ ويخالف بشكلٍ خطير مبدأ الصين واحدة ويُهدد بشدة السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان”، وتابعت: “ردًا على استفزاز بيلوسي الفاضح، تقرر الصين فرض عقوبات على بيلوسي وأفراد أسرتها المقربين، بما يتماشى مع القوانين ذات الصلة بجمهورية الصين الشعبية”.
وتجري المناورات في منطقة تُعد من أكثر طرق الشحن نشاطًا في العالم، وتستخدم في توريد أشباه الموصلات والمعدات الإلكترونية المنتجة في مصانع في “شرق آسيا”، ويجمع محللون على القول إن “الصين”، بالرغم من قيامها بهذه المناورات العسكرية، لا تسعى إلى مواجهة مسلّحة.
وقال “تيتوس تشن”؛ الأستاذ المحاضر في العلوم السياسية في جامعة “سون يات-سن” الوطنية في “تايوان”؛ إن: “آخر ما يُريده؛ شي، هو اندلاع حرب عرضية”.
تستهدف إخضاع شرق تايوان وقناة “باشي” الجنوبية الغربية..
ويرى المحلل العسكري؛ “جلال الطويل”، أن: “بكين تُكثف مناوراتها في لعبة حرب غير مسبوقة تعُتبر حصارًا فعليًا لتايوان”.
وعن هدف “الصين” من ذلك، يقول “الطويل”؛ لـ (سكاي نيوز عربية)، إن “بكين” وجدت في زيارة “نانسي بيلوسي”: “فرصة سانحة” لتجاوز الخط البحري بـ”مضيق تايوان”، الفاصل بين الجزيرة وساحل البر الرئيس الصيني، وتستعرض قوتها العسكرية، كما توجه رسالة للغرب بأنها لن تتنازل عن إستراتيجية: “الصين الواحدة”.
من جهته؛ يُعلق الخبير العسكري التايواني، “تشي لي يي”، بأن المناورات هدفها إخضاع “شرق تايوان” و”قناة باشي الجنوبية الغربية”، لمنع دخول السفن والطائرات من “الولايات المتحدة واليابان”؛ إلى “تايوان”، في حالة الطواريء، إضافة لاستعراض تقدمها التكنولوجي.
وبحسب “وزارة الدفاع” التايوانية، فإن: 68 طائرة صينية مقاتلة و13 سفينة حربية عبرت “الخط الأوسط” على طول “مضيق تايوان”؛ خلال مناورات الجمعة، وردت الوزارة بأنها دفعت بطائرات مقاتلة لتحذير الطائرات التي دخلت منطقة دفاعها الجوي.
ونقلت صحيفة (South China Morning Post)؛ عن “تشو تشينمينغ”، الباحث في مركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا العسكرية في “بكين”، أن “الصين” تنقل لـ”تايوان” أنها قد تُحاصرها لمدة 03 أيام، وربما أكثر، معتبرًا أن: “المناورات غير مسبوقة ومعقدة، وبكين تستخدمها لتقليل مخاطر تحدي مبدأ: (صين موحدة)”.