8 أبريل، 2024 10:50 م
Search
Close this search box.

تبديل استراتيجية أم اضطرار ؟ .. إيران تمنح أوروبا مهلة إضافية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة لم تكن في الحسبان وتجاوزت كل التوقعات؛ بسبب التصريحات السابقة التي لم تتضمن سوى التهديدات من قِبل النظام الإيراني، ورغم إعلانه بدء رفع نسبة تخصيب (اليورانيوم) لأعلى من 3.6%، تراجعت “إيران” في موقفها من الدول الأوروبية، حيث أعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، أمس، أن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية” تمنح مهلة 60 يومًا أخرى للأطراف الأوروبية في “الاتفاق النووي”، لتنفيذ إلتزاماتها ضمن الاتفاق، وإلا ستتخذ خطوتها الثالثة في تقليص إلتزاماتها النووية.

وفي المؤتمر الصحافي المشترك مع المتحدث باسم الحكومة، “علي ربيعي”، والمتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، “بهروز كمالوندي”، وخلال شرحه لتفاصيل خطوة “إيران” الثانية في إطار بيان “المجلس الأعلى للأمن القومي” في تقليص إلتزاماتها النووية، قال “عباس عراقجي”: “نحن اليوم، في نهاية الـ 60 يومًا للخطوة الأولى في تقليص الإلتزامات في الاتفاق النووي، وبما إن مطالبنا وبيع النفط في مستوى ما قبل الاتفاق، لم يتحقق فإننا نتخذ الخطوة الثانية، حيث نقوم فيها برفع نسبة تخصيب (اليورانيوم) لتتجاوز 3.67 بالمئة”.

مضيفًا أن وزير الخارجية، “محمد جواد ظريف”، يبعث اليوم برسالة إلى “موغريني”، “سيتم فيها الإعلان بصراحة عن فقرات من الاتفاق النووي؛ بشأن عدم إلتزامنا بنسبة تخصيب (اليورانيوم)، وسيعلن مهلة 60 يومًا جديدة”.

قد تؤدي لإنهاء مشاركتنا في الاتفاق النووي..

وبيّن أن: وتيرة تقليص إلتزامات “إيران” تأتي في إطار صيانة “الاتفاق النووي”، وقد تؤدي هذه الوتيرة الى إنهاء مشاركتنا في “الاتفاق النووي”.

وإذا لم يتمكن سائر المشاركين في “الاتفاق النووي” من تنفيذ إلتزاماتهم، إلا أن خطواتنا مستمرة بنحو تمنح الفرصة في فترات 60 يومًا للدبلوماسية والتعامل. ومع ذلك إن لم تتم الاستفادة من هذه الفرص، فلا ينبغي لأحد أن يشك في جدية “إيران”، لأن وتيرة تقليص الإلتزامات سيستمر في هذه الخطوات الستينية.

لافتًا “عراقجي” إلى أننا نعتقد أن “الاتفاق النووي” هو وثيقة دولية هامة ومعتبرة، فـ”الاتفاق النووي” يعترف بـ”إيران” قوة تملك التقنية النووية السلمية؛ بما تشتمل عليه من دورة الوقود وتخصيب (اليورانيوم) وإنتاج الماء الثقيل. فهذه وثيقة هامة جدًا، ونحن نريد استمرار “الاتفاق النووي”، ولكن من المؤكد أنه يجب تلبية مطالبنا في هذه الوثيقة، وإلا فإننا سنعيد النظر في تنفيذ إلتزاماتنا.

وتابع: “هذا هو المنطق الذي أوصلنا إلى هذا الحد اليوم، وإذا لم تتمكن الدول الأوروبية من تلبية مطالبنا، فإن هذه الوتيرة ستستمر، مثلما وعدت هذه الدول في بيانات عديدة”.

الدول الأوروبية لم تتماشى مع المطلب الأميركي..

حول موافقة “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” على طلب “أميركا” بتشكيل اجتماع لـ”مجلس الحكام”، قال “عراقجي”: “هنا نواجه مهزلة، فأميركا التي خرجت من الاتفاق النووي تطالب بعقد اجتماع لمجلس الحكام لدراسة ما يزعمونه إنتهاك إيران للاتفاق. وبالطبع فإن أيًا من أعضاء مجلس الحكام يمكنه أن يطالب بعقد اجتماع طاريء للمجلس. وهذا ليس أمرًا غير عادي كثيرًا”.

وأضاف: “المهم أن الدول الأخرى الأعضاء في الاتفاق النووي؛ الدول الأوروبية وروسيا والصين؛ لم تتماشَ مع هذا المطلب الأميركي، وأميركا أصبحت وحيدة في هذه الخطوة. ونتوقع أن مجلس الحكام سيستمع في اجتماعه إلى منطق إيران، ومن المؤكد سيتقبل الأعضاء أن إيران منحت الفرصة الكافية للدبلوماسية. منحت سنة كاملة فرصة للدبلوماسية وللدول الأعضاء في الاتفاق النووي قبل البدء بخطوات تقليص الإلتزامات”.

ولفت إلى أن “حركتنا حركة مشروعة تمامًا؛ وتمت في صميم الاتفاق النووي. فإن ما تقوم به إيران في تقليص إلتزاماتها، لا يعد إنتهاكًا للاتفاق النووي من وجهة نظرنا، لأننا نستخدم حقنا المدرج داخل الاتفاق النووي وطبقًا للمادتين 26 و36”.

سنشكو أميركا والدول الأوروبية..

وتابع: “إن منطقنا سيطرح في اجتماع مجلس الحكام، وبالتزامن سنطرح هناك كذلك شكوانا ضد أميركا والدول الأوروبية لنقضها الاتفاق النووي. إنهم قصروا في تنفيذ إلتزاماتهم، والذي أدى إلى التقليص في تنفيذ إلتزامات إيران، وأن عليهم أن يتحملوا المسؤولية”.

15 تموز موعد إعلان شروط الحوار الجديدة..

وبسبب إعلان “طهران” زيادة نية تخصيبها لـ (اليورانيوم)، وصف الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، الأمر بالخطير، وقام بالاتصال بالرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، ليحدد موعدًا أقصاه، 15 تموز/يوليو الحالي، لاستكشاف شروط الحوار الجديد بين الأطراف المعنية بـ”الاتفاق النووي”.

وهو ما إشار إليه “عراقجي” ووصفه بـ”البناء”، لافتًا إلى ما تشهده “إيران” من توجهات الدول الأوروبية و”روسيا” و”الصين” نحو إيجاد حل. وقد تم التنويه، خلال اللقاءات والزيارات المتبادلة، بالرغبة لإيجاد الحل، وبالطبع فإن هذا الأمر ليس سهلًا بسبب سياسات “أميركا” في ممارسة الضغط الأقصى.

وقال: “أدلى ماكرون وروحاني، ليلة البارحة، بتصريحات جيدة. وقد تم الاتفاق على تمهيد الأرضيات لإطلاق المحادثات بين الجانبين، وأن ندخل في محادثات نصل من خلالها إلى حل معقول. وقد طرحت خلال اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، الذي عقد يوم الجمعة 28 حزيران/يونيو 2019، مواضيع جيدة، ومن المقرر أن يعقد اجتماع لوزراء الخارجية. إذ أن الباب مفتوح للحوار والدبلوماسية، ومن المهم ان يتم البحث عن حلول تلبي مطالب إيران، وخاصة في المجالين النفطي والمصرفي”.

مفاعل أراك..

وكانت السلطات الإيرانية قد أعلنت جاهزية مفاعل “أراك” لزيادة نسبة تخصيب (اليورانيوم)؛ بحيث تصل كمرحلة أولى إلى 5%، وفي هذا بيّن مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون السياسية، أن رسالة “ظريف” إلى “موغريني”؛ تبين أن موضوع مفاعل “أراك” موضوع منفصل، وفيما إذا لم تتمكن الأطراف الباقية في “الاتفاق النووي” من العودة إلى الجدول الزمني بشأن تحديث مفاعل “أراك”، فإننا سنقوم بإكمال وإنشاء مفاعل “أراك” بناء على الصيغة السابقة.

وتابع: “خلال الشهرين الماضيين؛ تحقق تقدم جيد في مفاعل (أراك)، وقد عقدت مجموعة العمل الخاصة بـ (أراك) اجتماعات عمل جيدة برئاسة الصين وبريطانيا، وتم التوقيع على بعض العقود، وبعضها قيد التفاوض. ومن الناحية التقنية والتخصصية حققنا تقدمًا جيدًا، ونحن نرصد كما في السابق، تقدم الأمور في (أراك)، وإذا تم تنفيذ الجدول الزمني المطلوب، سنواصل تحديث مفاعل (أراك)، وإلا فإننا سنتخذ قرارًا آخر، وسنحدد فترة لنرى هل ستتم تلبية مطالبنا”.

وبيّن “عراقجي”: “أننا بحاجة إلى صوت موحد في التعامل مع المواضيع والقضايا الوطنية”، مضيفًا: “عندما قررت إيران الدخول في مسار تقليص الإلتزامات، حظي القرار بدعم وطني من قِبل الشعب ومختلف الفئات السياسية في البلاد، وهذا أمر ميمون”.

لا مانع من مشاركة أميركا لكن بشرط..

وبشأن موضوع (5+1)؛ والذي طرح خلال المحادثات الهاتفية، ليلة البارحة، بين “روحاني” و”ماكرون”، قال “عراقجي”: إن عجز الأوروبيين عن تلبية مطالبنا، لا يعني أن المشاورات الدبلوماسية تعطلت، وإنعدمت الأفكار. فالمشاورات الدبلوماسية العلنية وغير العلنية موجوة، وتتم الاتصالات على المستويات العليا، ومحادثات ليلة البارحة إحدى أمثلتها، والفكرة التي طرحت تمثلت في المحادثات بيننا وبين (4+1)، وإذا استدعت الحاجة يشارك فيها الأميركان. وبناء على تصريحات “روحاني”، لا مانع لدينا من مشاركة “أميركا” في المفاوضات، ولكن بشرط أن تعود “أميركا” إلى الظروف السابقة، وبالطبع هذا لا يعني إعادة تشكيل (5+1)، فلم يعد لدينا مفهوم باسم (5+1)، لأن “أميركا” خرجت من “الاتفاق النووي”.

وصرح: إن “مفاوضاتنا مع (4+1)، وإذا أرادت أميركا أن تشارك في المفاوضات، فمن وجهة نظرنا لا مانع من ذلك فيما إذا رفعت الحظر، نأمل أن نتوصل إلى التفاهم خلال الأيام القادمة من خلال قرارات الرئيسين الإيراني والفرنسي؛ المبنية على الأفكار والمبادرات الجديدة، الأمر الذي يؤدي إلى إطلاق محادثات جديدة”.

وأكمل: أن “إيران” الآن تتمتع بعزة ومشروعية وأحقية في العالم، وذلك بسبب توقيعها وتنفيذها “الاتفاق النووي” عن حُسن نية، وبعد خروج “أميركا” منه وعدم تلبية مطالبنا برفع الحظر، بقيت “إيران” في “الاتفاق النووي” لسنة كاملة، وقد عملت حركة “إيران” العقلانية بمنح الفرصة للدبلوماسية، على إيجاد موقف محقّ لنا على الساحة الدولية. وبالطبع فإن الضغوط والحظر الأميركي موجود كذلك، إلا أن الدول تسعى للتوصل إلى صيغة للحد من آثار هذا الحظر والضغوط. مضيفًا: “لقد قدمنا أداء جيدًا في السياسة الخارجية. ومن المؤكد سنزرع اليأس لدى أميركا في متابعة سياساتها، ومثلما اضطرت للعودة إلى طاولة المفاوضات بعد اختبارهم كل السبل، ففي هذه المرة سنؤيسهم كذلك، وبالتأكيد سنتجاوز هذه المرحلة بسلامة من خلال الاعتماد على الشعب وقواتنا المسلحة وقدراتنا الدفاعية، ومن المؤكد سنجبر أميركا على الانسحاب من مواقفها”.

المهلة تزعج الأوروبيين..

تعليقًا على التراجع الإيراني بخصوص مد المهلة، قال الباحث في العلاقات الدولية من باريس، “زيدان خوليف”: “إن المهلة التي حددتها إيران تزعج الأوروبيين، لأن فكرة عدم انتشار الأسلحة النووية في العالم ستكون مهمة صعبة للغاية، لأنه كما يعلم الجميع أن ترامب لن يتنازل عن العقوبات التي فرضها على طهران، كما أنه هو المستفيد من هذه الأزمة تزامنًا مع قرب دخوله إلى العهدة الثانية من الانتخابات الأميركية”.

وأشار “خوليف”، إلى أن الإيرانيين أيضًا يستفيدون من هذه المهلة لأنهم سيقلصون إلتزاماتهم النووية طالما استمرت “العقوبات الأميركية” عليهم.

وأردف “خوليف” قائلًا: “إن الموقف الفرنسي هو الموقف الوحيد المختلف عن باقي الدول الأوروبية، فهو يسعى إلى أن يجمع كل الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي على طاولة المفاوضات من جديد”.

لن تترك مائدة المفاوضات..

فيما قال رئيس تحرير صحيفة (كيهان بالعربي)، “جميل الظاهري”، إن: “ما يدور في كواليس السياسة الأوروبية يؤكد أن هذه الدول ما زالت منصاعة إلى الأميركي، وأنها ليست لديها القدرة على الاستقلالية والدخول في صراع مع الجانب الأميركي، وإذا ما فشلت الدول الأوروبية في تنفيذ تعهداتها فإن إيران ستخصب (اليورانيوم) بنسب أعلى كما حدث اليوم”.

وحول أهمية استمرار اجتماعات (4+1)، في ظل “العقوبات الأميركية”، أكد “الظاهري” على أن: “إيران لن تترك مائدة المفاوضات؛ ولذلك منحتهم مهلة ثانية، وهذا من العقل والحكمة، فالمفاوضات ستستمر وكذلك رفع عملية التخصيب في الإطار السلمي، فضلًا عن وجود بنود تمت إضافتها من جانب إيران للاتفاق النووي طوعية،  سيتم حذفها وتنفذ طهران ما نص عليه الاتفاق النووي فقط”.

فرصة جديدة لدول أوروبا..

من جانبه؛ اعتبر أستاذ الجغرافية السياسية في جامعة “السوربون”، الدكتور “بسام الطحان”، أن: “الموقف الأوروبي نابع عن رفض تام لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، لذلك اقترح الرئيس الفرنسي، ماكرون، على إيران إعادة النظر في الاتفاق، وهذا يعكس تجاوبًا أوروبيًا مع الطرفين، فضلًا عن أن مهلة إيران الثانية بمثابة فرصة جديدة لأن تقوم دول أوروبا بدور فعال يثني إيران عن تخصيب (اليورانيوم)”.

متوقعًا أن: “تقترح الدول الأوروبية من جديد نوعًا من التساهل في العقوبات أو المعاملات التجارية مع إيران، مستبعدًا أن تقوم الولايات المتحدة بضربة إستباقية ضد إيران حتى لو دفعت بريطانيا في إتجاه ذلك، فتبقى أوروبا ضد أي تحرك عسكري ضد إيران”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب